مصير "سيف القذافي" بعد إطلاق سراحة.. بين قبضة الميلشيات والعودة للمشهد الليبي

الأحد 11/يونيو/2017 - 03:30 م
طباعة مصير سيف القذافي
 
بعد أكثر من 6 أعوام في السجن، أطلق سراح النجل الأصغر لمعمر القذافي، سيف الإسلام، الذي كانت صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية وحكم عليه بالإعدام في ليبيا.

مصير سيف القذافي
وظل القذافي في مدينة الزنتان منذ العام ٢٠١١ وحتي الآن، وقالت كتيبة أبو بكر الصديق وهي إحدى المجموعات المسلحة التي تسيطر على مدينة الزنتان أن سيف الإسلام أطلق سراحه أول أمس الجمعة 9 يونيو 2017 طبقا لقانون العفو العام الصادر عن برلمان شرق ليبيا.
ويحظي برلمان شرق ليبيا بدعم عربي ودولي كبير، حيث يواليه الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يحظي كذلك بدعم عربي وبالأخص في مصر والإمارات.
وتشير المعلومات إلي أن مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي، والإمارات برئاسة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، هما من تدخلا للإفراج عن سيف الإسلام.
يأتي ذلك في أعقاب مقاطعة بعض الدول العربية لدولة قطر باعتبارها تمول الإرهاب وتدعمه، ما يؤكد إلي عودة القذافي للمشهد السياسي الليبي.
وجاء في بيان الكتيبة: قررنا إخلاء سبيل السيد سيف الاسلام معمر القذافي وهو حر طليق ونؤكد على أنه غادر مدينة الزنتان.
وتسيطر على مدينة الزنتان جماعات مسلحة معارضة لحكومة الوفاق الوطني الليبية التي تتخذ من طرابلس مقرا والمعترف بها من المجتمع الدولي.
ولد سيف الاسلام في الخامس والعشرين من يونيو 1972 في طرابلس، ولم يكن يشغل منصبا رسميا غير انه مثّل ليبيا مرارا في مفاوضات دولية، بخاصة تلك المتعلقة باتفاقات التعويض على عائلات ضحايا اعتداء لوكربي وضحايا اعتداء 10 سبتمبر 1989 الذي استهدف رحلة يو تي ايه 772.
كذلك، برز خلال وساطته في قضية الممرضات البلغاريات اللواتي افرج عنهن في يوليو 2007 بعد اعتقالهن في ليبيا لاكثر من ثماني سنوات. وعرض سيف الاسلام في السابق مشروعا لتحديث البلاد، ما اعاد وقتذاك احياء التكهنات حول مسألة خلافته لوالده.
نشط سيف الاسلام بشكل كبير في فبراير 2011 خلال اندلاع الثورة في ليبيا وحاول جاهدا انقاذ النظام الدكتاتوري الذي انشأه والده.
أثناء محاولته الهروب إلى النيجر عبر الحدود الليبية عام 2011، قُبض على سيف الإسلام القذافي، الذي حصل وسط جدل كبير على درجة الدكتواره من كلية لندن للاقتصاد في 2008.
وغالبا ما كانت قوى الغرب ترى فيه راعيا للإصلاح في ليبيا منذ عام 2000، وقد علقت عليه آمالا عريضة لإصلاح نظام القذافي في ذلك الوقت، لكن بعد اندلاع الاحتجاجات الليبية، واجه القذافي الابن اتهامات بالتحريض على العنف، وقتل المتظاهرين.
في يونيو 2011 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف في حقه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية، متهمة اياه بتأدية "دور رئيسي في تنفيذ خطة" وضعها والده وتستهدف "قمع" الانتفاضة الشعبية "بكل الوسائل". واعتُقل في نوفمبر 2011 على أيدي متمردين سابقين في الزنتان.
وفي يوليو 2015 حكمت عليه محكمة في طرابلس بالإعدام بسبب دوره في القمع الدموي لانتفاضة عام 2011، وذلك إثر محاكمة نددت بها الامم المتحدة ومنظمات غير حكومية مدافعة عن حقوق الانسان، وتتنازع السلطات الليبية المعترف بها دوليا والمحكمة الجنائية الدولية صلاحية محاكمته.
وفي يوليو 2016 قال محامو سيف الاسلام إن موكلهم افرج عنه بموجب عفو أصدرته السلطات الليبية في شرق البلاد، وسارعت حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج،  أنذاك إلى التشديد على أن هذا العفو الصادر في أبريل 2016 لا يمكن تطبيقه على اشخاص متهمين بجرائم ضد الانسانية مثل سيف الاسلام القذافي. 
وصدر تقرير للأمم المتحدة في فبراير الماضي يقول إن محاكمة سيف في ليبيا لم تتوفر فيها المعايير الدولية للنزاهة.
وأورد تقرير الأمم المتحدة أن "الحكومة الليبية غير قادرة على ضمان اعتقال (سيف الإسلام) أو تسليمه، وهو ما زال في الزنتان ويُعد خارج سيطرة السلطات الليبية المعترف بها دوليا".

مصير سيف القذافي
يذكر أن الجماعة ذاتها أعلنت في يوليو 2016 إطلاق سراح سيف الإسلام ولكن السلطات في الزنتان نفت ذلك.
وقتل ثلاثة من ابناء القذافي السبعة خلال الثورة، وأحد الناجين من بينهم، الساعدي القذافي، يحاكم في ليبيا بسبب تورطه في القمع الدامي لثورة العام 2011. اما ارملة العقيد الراحل، صفية فركاش، فلجأت مع ثلاثة من ابنائها الى الجزائر ثم سلطنة عمان.
ومنذ سقوط القذافي، وتغرق ليبيا في فوضي عارمة، أدت إلي انتشار الميلشيات المسلحة في مختلف البلاد، بسبب النزاع علي السلطة بين حكومات عديدة بين الشرق والغرب الليبي.
وتسعي حكومة الوفاق التي تحظي بدعم أممي إلي بسط سيطرتها علي البلاد، الأمر الذي ترفضه حكومة الشرق الموالية لجيش حفتر.
ووفق وكالة رويترز، فقد أفادت مصادر ليبية عن توجه سيف القذافي نحو مدينة_البيضاء شرق ليبيا التي يتركز فيها أخواله من قبيلة البراعصة الكبيرة والقوية في برقة شرق ليبيا، فيما رجحت مصادر أخرى توجهه لمدينة بني وليد المؤيدة لعودة رموز النظام السابق للسلطة.
من جانب أخر استبعد مراقبون توجهه لأي من المدينتين نظرا لوجود بوابات وحواجز تفتيش ودوريات مراقبة كثيرة في الطريق تنتمي لقوات معادية لنظام القذافي وتعارض الصفح عن رموز الحكم السابق وعودتهم للواجهة في ليبيا.
إلى ذلك، يستبعد متابعون للشأن الليبي بقاء سيف الإسلام القذافي فترة طويلة في مدينة أوباري إذا ظهر فيها، وقرر أن يخاطب منها أنصاره بالنظر إلى أن الجنوب منطقة غير آمنة ومضطربة وتشهد انقسامات وفوضى دامية وتنشط فيه عصابات التهريب والمافيا والجماعات المسلحة التابعة لتنظيم داعش وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
ويعتقد زعماء سياسيون ليبيون أن الإفراج عن سيف الإسلام القذافي يمكن أن يساهم في بناء مصالحة وطنية تدفع باتجاه التطبيق الكامل لبنود اتفاق السلام الذي وقع عليه ممثلو فرقاء النزاع الليبي في منتجع الصخيرات قرب العاصمة المغربية الرباط قبل سنة ونصف، وفق بوابة الوسط الليبية.

شارك