أمريكا والإخوان.. وقائمة المنظمات الإرهابية

السبت 17/يونيو/2017 - 03:33 م
طباعة أمريكا والإخوان..
 
منذ وقت طويل وتنتظر الإدارة المصرية  قرارًا من الإدارة الأمريكية الجديدة للبيت الأبيض، يعتبر الإخوان منظمة إرهابية، مما أحدث جدلا واسعا في الأوساط السياسية سواء المحلية او الدولية، ورغم محاولات الدبلوماسية المصرية في هذا الاتجاه الا انه مؤخرا أكد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، أن أجنحة متعددة في جماعة "الإخوان المسلمين" باتت تشكل جزءا ضمن حكومات في بعض الدول، محذرا من التعقيدات التي قد تواجه الولايات المتحدة وسياساتها الدولية في حال تصنيف الجماعة على قوائم الإرهاب.

أمريكا والإخوان..
وجاء كلام الوزير تيلرسون في جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، حيث رد على سؤال حول إمكانية تصنيف الجماعة على قوائم الإرهاب بالقول، إن الجماعة تضم ملايين الأعضاء وأجنحة متعددة، ما يجعل وضعها برمتها على قائمة الإرهاب أمراً معقداً. بحسب ما نقلته "سي. إن. إن عربية".
وشرح الوزير الأمريكي وجهة نظره بالقول: "تنظيم الإخوان المسلمين يضم تقريباً خمسة ملايين عضو، وقد بات هناك داخل التنظيم أجنحة متعددة. الأجنحة التي ربطت نفسها بالعنف والإرهاب قد صنفناها على قوائم الإرهاب، ولكن هناك عناصر وأجنحة من جماعة الإخوان باتت جزءاً من الحكومات المحلية في الكويت وتركيا."
وأضاف: "لذلك يمكن تصور مدى تعقيد خطوة تصنيف جماعة بكاملها على قائمة الإرهاب وانعكاساته على علاقتنا مع الحكومات التي باتوا جزءاً منها، والتي لم يدخلوها إلا من خلال نبذ العنف، وهذا يظهر مدى التعقيد المرتبط بتصنيف واسع بهذا القدر".

أمريكا والإخوان..
ويعد ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون القول الفصل في علاقة الإخوان بالأمريكان حيث ان الموضوع ليس بجديد، وبحثه سبق مجيء إدارة ترامب، حين شرع السيناتور الجمهوري، تيد كروز، مع زميليه الجمهوريين، مايكل ماكول وماريو دياز بالارت، بتقديم مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ، تحت شعار "حماية الأمريكيين من الإرهاب الإسلامي المتطرف الموجه ضد أمريكا" بهدف محاسبة "الإخوان المسلمين" باعتبارها جهة تحرض على نشر "الأيديولوجيا الإسلامية العنيفة بهدف تدمير الغرب."
وكان المؤيدون لمشروع القانون ينطلقون من نظرية مفادها أن الجماعة لم تتخلص بعد، من خطاب التحريض والكراهية، الموجهة ضد الولايات المتحدة بخاصة والغرب بعامة، فضلاً عن كونها "الجماعة الأم" التي تطورت عنها وانشقت عليها، جماعات جهادية، من بينها الجماعة المصنفة أممياً كتنظيمات إرهابية... ويستشهد هذا الفريق بما يسميه تورط الجماعة في أعمال إرهابية في بعض الدول والساحات (مصر مثلاً) بوصفه شاهداً على إمكانية انتقال الجماعة بسرعة من العمل السياسي والدعوي السلمي، إلى ممارسة شتى أشكال التطرف العنيف (الإرهاب).
والمعارضون أو المتحفظون على هذا التوجه، يرون أن الجماعة تاريخياً وعلى وجه العموم، لم تظهر ميلاً ثابتاً للعنف والإرهاب، وإنها في الأساس حركة سياسية – اجتماعية – دعوية – سلمية، هدفها المشاركة في الحياة السياسية والوصول إلى السلطة، وإن تورط بعض أجنحتها وأذرعها في أعمال إرهابية، لا يعني تورطها جميعها في مثل هذا النوع من الأنشطة... هذا الفريق يخشى من تداعيات وانعكاسات "حظر الجماعة" وإدراجها على قوائم واشنطن السوداء، على علاقات الأخيرة مع عدد من دول العالمين العربي والإسلامي.
بعض المنظمات الحقوقية الدولية (هيومن رايتس ووتش)، حذرت إدارة ترامب من مخاطر الإقدام على خطوة من هذا النوع، من شأنها أولاً؛ أن تضع أصدقاء الإخوان في المنطقة، وهم في الغالب أصدقاء لواشنطن وحلفاء لها، في أصعب الزوايا، سيما في الدول التي تحظى فيها الجماعة بوجود سياسي – شرعي (الأردن، تركيا، تونس، المغرب، قطر وبعض دول الخليج وغيرها)... وثانياً؛ أن قراراً كهذا، سيشجع دولاً وحكومات مناهضة للإخوان على تشديد حملات القمع والملاحقة لهم ولمن يتعاطف معهم (سوريا، الإمارات ومصر وغيرهم)... في حين سيجد كثيرون من المتعاطفين مع الجماعة وأنصارها، صعوبة في ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية في الولايات المتحدة والدول الغربية، التي قد تجاري واشنطن في مسعاها هذا، وهو أمر سيعد انتهاكاً لحقوق الإنسان وتمييزاً على أساس الدين.
وهذا ما يؤكد بأن واشنطن تُخضع المسألة للدراسة، وحسابات الربح والخسارة، وسط تقديرات تذهب لترجيح اعتماد سياسة التريث، وربما اللجوء إلى عدم وضع جميع الفروع والأذرع الإخوانية في سلة واحدة، الأمر الذي يتيح للإدارة هامش حركة وحرية مناورة، قد لا تستطيع الاستغناء عنها عند التعامل مع أزمات المنطقة المعقدة والمتشابكة والمتداخلة... هنا يقال، أن واشنطن قد تستجيب لمطالب دول عربية بإعلان جماعة الإخوان في مصر والإمارات وربما في ليبيا، جماعة إرهابية، وتغض الطرف عن بقية الجماعات والأذرع في البلدان الأخرى.

أمريكا والإخوان..
فالإخوان في اليمن، شركاء في التحالف السعودي الذي يخوض الحرب على الحوثيين وجماعة صالح، بدعم وغطاء أمريكيين... إخوان سوريا، جزء من المعارضة التي تدعمها قطر وتركيا بالمال والسلاح بضوء أخضر امريكي "ساطع"... إخوان العراق، جزء من الائتلاف الحاكم، ويتولون على نحو متعاقب رئاسة السلطة التشريعية... ومرجعية الإخوان الإقليمية الأولى، أو "بابهم العالي" في أنقرة، ذو هوى إخواني عميق، ولا يخفي دعمه واحتضانه للجماعات الإخوانية في العالم، من قلب الدين حكمتيار في أفغانستان وحتى الدكتور محمد مرسي في مصر، كيف ستتصرف واشنطن مع حلفائها الأقربين، إن أقدمت على خطوة من هذا النوع؟... سؤال برسم مداولات مراكز صنع القرار في واشنطن.
لكن المؤكد أن وضع جميع الجماعات الإخوانية في سلة واحدة، ليس خياراً حكيماً على الإطلاق... فمنها من تورط في أعمال إرهابية، كفعل أو ردة فعل، لا فرق... بيد أن بعضها الآخر، ومن ضمنهم الجماعة الأردنية، لم يسبق له أن تورط في ممارسات عنيفة أو أعمال إرهابية، ولا يجوز بحال، خلط الحابل بالنابل تحت أي ظرف، وهذا ما تشدد عليه المنظمات الحقوقية الدولية.
المفارقة المؤسفة، أن التداول الأمريكي بشأن ادراج الإخوان على اللوائح السوداء، جاء بعد أقل من ستة أشهر على قرار الجماعة الأردنية وذراعها السياسي برفع الحظر عن الحوار والتواصل مع الإدارة الأمريكية، لانتفاء الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرار المقاطعة، وفي الصدارة منها، احتلال العراق... الإخوان ينطبق عليهم المثل الشعبي (جاي والناس مروحين)، وقد يفقد القرار الإخواني قيمته، قبل أن تجري أية لقاءات ثنائية، تتخطى مشاركة دبلوماسية أمريكية لندوة في صحيفة السبيل.... كما أن التداول بـ "القرار التنفيذي" قيد التشكل في واشنطن، يأتي كذلك بعد أيام من شطب اسم قلب الدين حكمتيار، صديق الإخوان الأفغان وحليفهم وشريكهم (برهان الدين رباني) في تأسيس الجماعة الإسلامية، عن القوائم الأممية للشخصيات والمنظمات الإرهابية، وبعد أسابيع قليلة على رفع الكثير من العقوبات عن نظام الرئيس البشير في السودان، الذي بنى إرثاً سياسياً و"شرعية دينية" بالاستناد لعلاقته الوثيقة مع الجماعة الإخوانية والتماهي معها لسنوات طوال.

شارك