مؤتمر بغداد.. سنة العراق بين التحالف الإيراني التركي والغياب العربي

الخميس 06/يوليو/2017 - 03:49 م
طباعة مؤتمر بغداد.. سنة
 
مابين اتهامات لإيران برعاية وتنظيم المؤتمر، وايضا اتهامات لتركيا بالاشراف عليه، يغيب الحضور العربي في ادارة أزمة "سنة  العراق" ويبقي تحالف ايران وتركيا وتنظيم الإخوان اللاعب الأول بمقدرات ومستقبل السنة في العراق في ظل ، البحث عن الدولة العراقية ما بعد تحرير الموصل ودحر تنظيم "داعش".
مؤتمر بغداد.. سنة
مؤتمر سنة العراق:

تعقد القوى السياسية الممثلة للمكون السني في العراق مؤتمر«ممثلو السنّة في العراق»في العاصمة بغداد في الخامس عشر من يوليو الجاري، وذلك بحضور ممثلي منظمات دولية، للخروج برؤية موحدة لمرحلة ما بعد «داعش»، لضمان مبدأ المشاركة في إدارة السلطة، وتعزيز النظام الديمقراطي، وتصحيح أخطاء العملية السياسية خلال السنوات الماضية.
وكان رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، أعلن مؤخرا، أن الأطراف السياسية العراقية توصلوا إلى اتفاق لعقد مؤتمر بمنتصف شهر يوليو المقبل في العاصمة بغداد، لمناقشة أوضاع المكون السني لمرحلة ما بعد تنظيم داعش، كما وأعلن عن شخصيات ستحضر المؤتمر والتي أثيرت حولها قضايا عديدة، إذ تشير التسريبات انه سيكون بديلا عن “مشروع التسوية” الذي طرحه رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم بالشراكة مع بعثة الامم المتحدة (يونامي).
بحسب مراقبين، يكتسب مؤتمر القوى السياسية السنية أهميته بعقده في بغداد، ومشاركة شخصيات سياسية وعشائرية مقيمة في عواصم عربية، فضلا عن ضباط برتب عالية في الجيش العراقي المنحل. 
وكان زعماء اتحاد القوى العراقية عقدوا في بغداد، الأسبوع الماضي، اجتماعا لإعداد جدول أعمال المؤتمر والملفات المطروحة للبحث، واتفقوا على بحث مصير المختطفين من أبناء محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار، والإسراع بتنفيذ قانون العفو العام وإجراءات اجتثاث حزب البعث، والحد من التدخل الخارجي في الشأن العراقي، وحصر السلاح في يد الدولة، وإنهاء كل المظاهر المسلحة في المدن الخاضعة لسيطرة الأجهزة الأمنية.
وتدرس اللجنة التحضيرية عقد المؤتمر في احد فنادق المنطقة الخضراء او القصر الحكومي في المنطقة الخضراء، بمشاركة الرئاسات الثلاث ورؤساء الكتل السياسية، وقادة الحشد الشعبي وشخصيات سنية معارضة وممثلين عن الشخصيات المطلوبة للقضاء التي ستحضر في لقاء متزامن في أربيل
ومن المتوقع ان يشارك الشخصيات في المؤتمر هم: نائب رئيس الجمهورية الأسبق  والقيادي الاخواني طارق الهاشمي، ووزير المالية السباق رافع العيساوي، وأمير عشائر الدليم علي حاتم سليمان، من مقر وجودهم في أربيل عاصمة إقليم كردستان. ويأتي ذلك، فيما قلل الجبوري من أهمية الاعتراضات التي أبدتها عدة وجوه سنية حول أن الشخصيات المشاركة لا تملك المكون الاجتماعي، مؤكدا أن نوري المالكي والميليشيات الموالية له تسعى إلى إفشال المؤتمر، خلال تحريك جهات وشخصيات موازية في بغداد بمشاركة سياسيين وزعماء عشائر عرفوا بموالاتهم للمالكي، لافتا إلى دعم الحكومة والمنظمات الدولية لإنجاح هذا المؤتمر.
واهم جدول أعمال المؤتمر سيتضمن محاور عدة، أبرزها إلغاء مذكرات قضائية صدرت بحق شخصيات سياسية إبان حكومة رئيس الوزراء العراقي السابف نوري المالكي، وقرارات مصادرة ممتلكات مسؤولين في النظام السابق، وتفعيل مشروع المصالحة الوطنية، خلال دور القضاء، في ملاحقة المتورطين في الجرائم الإرهابية، إلى جانب العمل على تحقيق مصالحة مجتمعية في المدن المحررة، ثم الشروع في إعمارها وعودة النازحين إلى مناطقهم.
كما تضم اجندة المؤتمر الدعوة إلي الوحدة العراقية وسيدعو إلى شراكة حقيقية وفتح صفحة جديدة في العلاقة مابين العراقيين، وأيضاً إعادة أعمار المناطق السنية التي تم تدميرها بسبب الإرهاب والعمليات الحربية وسيدعو المؤتمر العرب السنة إلى المشاركة في صناعة القرار العراقي وسيلغي حالة التهميش والاقصاء التي عانى منها المكون خلال الفترة الماضية  بسبب السياسات الاقصائية وخاصة وقت حكومة المالكي.
 كما من المتوقع أن شكل المؤتمر عدد من اللجان لمتابعة الأوضاع الإنسانية في المحافظات الست، ومشاركة حقيقية للعرب السنة في الانتخابات القادمة .
مؤتمر بغداد.. سنة
موقف عربي:

وعلى مدار الأيام الماضية جرت مفاوضات سرية بين رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وكل من تركيا والسعودية والأردن وقطر والإمارات، التي تتبنى فكرة هذا المشروع.
ويكشف القيادي في ائتلاف العربية حيدر الملا لـ(المدى العراقية) عن “وجود مفاوضات أجريت بين رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وتركيا والسعودية والإمارات والأردن وقطر، توصلت للاتفاق على عقد مؤتمر للأطراف السنية في بغداد لدعم المشروع السياسي العراقي في مرحلة ما بعد داعش”.
وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري قد أعلن، نهاية يونيوالماضي، عن اتفاق توصلت إليه الأطراف السياسية لعقد مؤتمر شامل في العاصمة بغداد. وتحدث الجبوري عن مشاركة شخصيات سنية مطلوبة الى القضاء من بينها وزير المالية الاسبق رافع العيساوي، وخميس الخنجر وسعد البزاز.
ويعزو حيدر الملا دخول الدول الخمسة إلى “سعيها لدعم العراق وإعادة إعمار المدن السنية وباقي المحافظات العراقية”. واضاف “هذه الدول استشعرت بالخطر قبل سنة نظرا لعدم تواجدها في الساحة السياسية العراقية ومحاولة الدخول تحت عنوان (عودة العراق لحاضنته العربية) مع التركيز على حل الخلافات بين المكونات”.
وتابع القيادي في اتحاد القوى “هذا المشروع الذي تتبناه الدول الخمس يتكون من عدة مراحل، الأولى تكوين غرفة سنية، والثانية توحيد القوى الشيعية، والثالثة تسعى لتوحيد موقف المكونات والأقليات، أما المرحلة الرابعة والأخيرة فهي توحيد جميع المكونات تحت عنوان (مشروع سياسي وطني)”.
ويقترب هذا المشروع بمراحله الأربعة من مشروع (التسوية التاريخية) الذي طرحه رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم والذي يتكون من خمس مراحل، يتضمن تسلّم أوراق من المكونات العراقية ومن ثم توحيدها في ورقة واحدة.
واشار الملا إلى “سلسلة من الاجتماعات عقدتها أطراف سنية خارج العراق بمشاركة شخصيات مطلوبة للقضاء أنتجت رؤية موحدة للقوى السنية”. واوضح ان “رئيس الحكومة حيدر العبادي ابلغ الدول الخمسة عدم موافقته على عقد هذه الاجتماعات خارج العراق، واقترح عقدها في العاصمة بغداد”.
وعقدت القوى السنية مؤتمرين في العاصمة التركية أنقرة، الاول عقد مطلع آذار، والثاني عقد أواسط يونيو الماضي، في مسعى منها لتشكيل تحالف عربي سنّي لخوض الانتخابات المقبلة.
وحضر الاجتماع كل من رئيس البرلمان سليم الجبوري، وأسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية، بالإضافة الى رافع العيساوي وخميس الخنجر وطارق الهاشمي.
ورغم الانتقادات اللاذعة التي وجهها رئيس الوزراء لعقد المؤتمرين في تركيا، إلا ان أطرافا سنّية أكدت أن الاجتماعات كانت بعلم الحكومة العراقية وبمباركة الجانب الأميركي.
ويؤكد حيدر الملا ان “الدول الخمسة استجابت لمقترح رئيس مجلس الوزراء وتم الاتفاق مع الهيئة الإدارية، المكونة من 25 شخصية سنية، على عقد مؤتمر بغداد منتصف شهر يوليو الحالي بالتنسيق مع العبادي وكتل التحالف الوطني والقوى الكردستانية”.
لكن النائب والقيادي في ائتلاف دولة القانون جاسم محمد جعفر يؤكد ان مؤتمر بغداد لن يقتصر على القوى السنية وانه سيشهد مشاركة جميع المكونات، مبينا ان المؤتمر سيتناول كل المشاكل التي يعاني منها السنة والشيعة وباقي المكونات والأقليات والأطراف العراقية.
وأضاف النائب المقرب من رئيس الوزراء، في تصريح لـ(المدى)، ان “المؤتمر سيكون وطنيا لبحث الحلول للمشاكل والنقاط الخلافية من دون تدخل دول خارجية وإقليمية”، مؤكدا ان “المشاورات ما زالت قائمة بشأن التحضير لعقد المؤتمر في منتصف شهر يوليو الحالي”.
مؤتمر بغداد.. سنة
دور إيراني:

من جانب أخر، أعرب قادة وشيوخ عشائر عربية سنيّة عراقية، أمس، عن رفضهم مؤتمر «ممثلو السنّة في العراق» المقرر تنظيمه منتصف الشهر في بغداد، وعدّوا أن «المؤتمر يُعقد برعاية إيرانية - قطرية لتنفيذ المشروع الإيراني في العراق والمنطقة». وهي اتهامات ينفيها منظمو المؤتمر.
وقال القيادي السُني المستقل ناجح الميزان لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المؤتمر لا يضر ولا ينفع، فهو قد يكون مناسباً للسنّة المشاركين في السلطة في العراق، من أعضاء مجلس النواب والوزراء والمحافظين... أما من يحضر من المعارضين في بغداد فيكون تخلى عن المعارضة وذهب إلى الحكومة بلا أي مطلب».
ورأى أن «المؤتمر كان من المفترض أن يكون دولياً؛ مخرجاته ملزمة لجميع الأطراف، كي يكون هناك توازن... لكن أن يكون المشارك معارضاً ومتهماً بتهم سياسية ويذهب إلى بغداد؛ قطعاً حينها سيكتفي بإعفائه من هذه التهم فقط». وأضاف أن «القائمين على المؤتمر ضمن المشروع الإيراني... وإذا كانت هناك مخرجات للمؤتمر؛ فإنها ستكون لصالح إيران وأتباعها ولصالح ميليشيات (الحشد الشعبي)».
وعدّ المتحدث باسم العشائر العربية في محافظة نينوى الشيخ مزاحم الحويت أن الهدف من المؤتمر «تفريق العرب السنّة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا المؤتمر هو لإثارة الخلافات بين السنة، ومن ثم إشعال فتيل الحرب الأهلية بينهم، ليتقاتلوا ويضعفوا أمام المد الإيراني الذين يحتل العراق». وأوضح أن «غالبية المشاركين في المؤتمر من الشخصيات السياسية المتحالفة مع المالكي التي تسببت في سقوط الموصل بيد (داعش)». ورأى أنه «بدلاً من عقد هذا المؤتمر في هذا التوقيت، كان الأجدر بهم أن ينفقوا الأموال التي ستصرف على المؤتمر في مساعدة العرب السنة الذين تسكن غالبيتهم المخيمات وشردوا بسبب الحرب ودمر (داعش) مدنهم».
ورغم وجود أسمائهم ضمن قائمة المطلوبين قضائياً، فإن الحكومة العراقية وجهت دعوة إلى قادة العرب السنة للحضور إلى بغداد والمشاركة في المؤتمر، وأسقطت عنهم التهم. وأوضح الأمين العام لـ«تجمع القوى العراقية للإنقاذ ورفض التوسع الإيراني» عبد الرزاق الشمري أنه اعتذر عن عدم المشاركة في المؤتمر «لأسباب عدة؛ منها أن هذا المؤتمر يدعو إلى المشاركة في العملية السياسية أو المصالحة من دون تحقيق أي مطلب من مطالبنا أو استعادة أي حق من حقوقنا المغتصبة».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر يدعو إلى تشكيل واجهة لأهل السنة من الوجوه نفسها التي كانت السبب في كل ما حصل لمحافظاتنا منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا... إضافة إلى أن هذا المؤتمر يُعقد بمباركة إيرانية، ولدينا من المعلومات ما يُثبت أن النظام الإيراني دعا بغداد إلى إيقاف مذكرات الاعتقال التي صدرت في وقت سابق ضد السياسيين السنّة وتجميدها من أجل مشاركتهم. وهذا دليل واضح على أن لطهران الكلمة الفصل في هذا المؤتمر».

مؤتمر بغداد.. سنة
رفض قوي سنية للحضور:

من جانبه أكد النائب عن جبهة الإصلاح، مشعان الجبوري، أن الأمين العام للمشروع العربي في العراق، خميس الخنجر، لن يحضر مؤتمر "سنّة العراق" ببغداد، المزمع عقده في منتصف تموز الجاري، مبينا أن الأخير يرفض تبني أو دعم أي اجتماع أو مؤتمر "ذي صيغة طائفية"، على حد قوله.
ووفق ما نشره الجبوري، على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فإنه وبعد اجتماع مطول ومنفرد مع خميس الخنجر، أكد له الأخير عدم حضوره الاجتماع الذي "يريد عقده من قالوا إنهم يريدون تشكيل مرجعية للعرب السنة"، حسب تعبيره.
وذكر الجبوري أنه "تم الاتفاق خلال الاجتماع على أن التخندق الطائفي لم يجلب لأهلنا غير الويلات والدمار والمعاناة لكل العراق وشعبه، وأنه لابد من مراجعة شجاعة لخطاب المرحلة الماضية لأن الأحداث والتجارب القاسية أثبتت أنه لا بديل عن الخطاب الوطني المتمسك بوحدة العراق أرضآ وشعباً، وأن التعايش والسلم الأهلي يجب أن يكونا مصانين ولا يجب المساس بهما أو تعريضهما للخطر".
من جهته أكد الخنجر أنه "لن يتبنى أو يحضر أو يدعم أي اجتماع أو مؤتمر ذو صيغة طائفية، ولا يقبل بأي نشاط يمس التعايش بين المكونات أو يضر بالسلم الأهلي"، بحسب المنشور.
وأضاف الخنجر "إننا من قاتل مع الدولة وقدمنا مئات الشهداء الذي تسبب به الخطاب الطائفي سنتصدى بكل الوسائل لأي جهة أو طرف مهما علا شأنه يريد استجرار الخطاب الطائفي من جديد وأننا سنتصدى لمحاولات الذين يسعون لتشكيل مرجعيات طائفية بكل الوسائل لأنها تشكل استهتارا مرفوضا بحياة الناس ومتجارة رخيصة بمصائرهم".
وقد أعلن رئيس ائتلاف دولة القانون ونائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، في وقت سابق من اليوم الأحد، رفضه حضور من وصفهم بدعاة الفتنة الطائفية والمطلوبين للقضاء في مؤتمر سنّة العراق المزمع عقده في بغداد في منتصف يوليو الجاري، مطالبا إياهم بحسم ملفاتهم مع القضاء بشكل نهائي قبل المشاركة.
المشهد السني:
منذ احتلال الموصل، بذلت القيادات السنّية العراقية جهوداً عديدة من أجل لمّ شمل مختلف القادة السياسيين السنّة بعقد مؤتمرات، بهدف إيجاد أرضية مشتركة وتشكيل جبهة موحّدة. فقد عُقدت مؤتمرات في بغداد وأربيل وعمان والدوحة وبيروت وأماكن أخرى في المنطقة، غير أن الخلافات لاتزال تعرقل إنشاء جبهة موحّدة. ففي مؤتمر عُقِد في بغداد، كان أكثر مالفت الأنظار إليه هو أن خلافاً دفع المشاركين إلى التراشق بالكراسي. 
خلاصة القول، يبدو أن إقناع جميع الكتل السياسية والعشائرية والدينية للعمل معاً لبلورة موقف موحّد للسنّة في العراق مهمة صعبة. وفي ظل عدم وجود سلطة مركزية ولا نظام قوي للأحزاب السياسية، فإن تمثيل السنّة ليس مؤسّسياً بل يتوقّف على الأفراد الذين يتنقلون جيئة وذهاباً بين اللجان وكتل التحالفات على النحو الذي يرونه مناسباً لهم، وفي ظل دور ايرات وتركي وحضور قوي لجماعة الإخوان المسلمين، وتراجع الحضور العربي تشير المؤشرات الي أن مؤتمر بغداد قد يلحق بسابقيه من المؤاتمرات التي تنتهي نتائجه مع انتهاء عقده.



شارك