بعد التهاني بالتحرير ....كل الاسئلة حول مستقبل "الموصل "

الثلاثاء 11/يوليو/2017 - 01:31 م
طباعة بعد التهاني بالتحرير
 
اصدر د. لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان في العالم نص تهنئ الكنيسة الكلدانية الحكومة العراقية والشعب، وأهالي الموصل وخصوصا القوات الأمنية الشجاعة بجميع اصنافها بتحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش الارهابي.وقال ساكو  هذا النصر دليل على ان مواجهة التحديات تتطلب وحدة الجميع. كذلك تعبر الكنيسة الكلدانية في الوقت عينه عن حزنها والمها للتضحيات البشرية من القوات المسلحة والمدنيين والدمار الهائل في ايمن المدينة، ومعربة عن تضامنها معهم ومع كافة ضحايا الارهاب الذي استهدف العراق. لربما حان وقت المصالحة والتسوية وبناء دولة مدنية حديثة وقوية على أسس سليمة.
ان شاء الله تستمر وحدة العراقيين بنفس القوة والشراكة الفاعلة والحقيقية للقضاء على داعش واشباهه لتحصين بلدهم وحماية أبنائه، وتوفير الأمن والأمان لهم.
وحلل البطريرك قصة الموصل قائلا النكبة التي حلت بقساوة على المسيحيين العراقيين وغيرهم في الموصل 10/6/2014 وبلدات سهل نينوى7/8/2014 موجعة جدا، لكن بالرغم من تحريرها بجهود وتضحيات القوات المسلحة العراقية والبيشمركة والحشد الشعبي، لا يزال هناك طريق طويل ومضني للقضاء على داعش وبناء السلام والأمان وما دمر. من الضروري ان يقوم العراقيون وخصوصا المسيحيون بمراجعة الذات والوضع وتقييمه وتعلم الدرس واكتساب وعي جديد. على المسيحيين بدل انتظار مزيد من التراجع والانقسام والتشرذم التحرك السريع من اجل العودة الى أراضيهم ومسكها قبل ان يستولي عليها اخرون. يجب ان يتشبثوا بشكل فاعل بأرض أبائهم وأجدادهم وبهويتهم وتاريخهم وتراثهم. هم أصل البلاد وحضاراتها القديمة. وينتمون الى أقدم كنيسة مسيحية في العالم. هذا ينبغي ان يعيش فيهم. انها لحظة تاريخية واختبار على المحك لتجديد التزامهم عقلانيا واخلاقيا بترسيخ وجودهم واسترجاع ممتلكاتهم والمطالبة بالتعويض عما خسروه، والحصول على نصيبهم العادل من المساعدات وتأمين الحماية لهم بالتعاون مع الحكومة المركزية وحكومة إقليم كوردستان والمجتمع الدولي.
 المطلوب
1. تسخير الجهود لإعادة بناء البيوت واصلاح البنى التحتية من اجل تسهيل رجعة النازحين الى بيوتهم بسلام، والابتعاد عن المواضيع التي قد تربك جهود الاعمار والعودة وخصوصا ان هذه المنطقة عانت من الاهمال على مر التأريخ.
2. تشكيل فريق صغير فعّال من 7-10 من اشخاص حكماء ومقتدرين وشبعانين وسياسيين متزنين ومخلصين ليكونوا ناطقين باسم المسيحيين ويتحملوا المسؤولية بروح الفريق الواحد، ويتصلوا بالمعنيين في الداخل والخارج. فالجوامع المشتركة بينهم لا تزال حية وتتطلب التنازل عن المصالح، والتكاتف والتعاون. والتخلص من العقد، والمشاركة البنّاءة والفاعلة مع المسلمين والاخرين في الحياة العامة. صحيح ان عددهم قد تراجع، لكن حضورهم واداؤهم لا ينبغي ان يتراجعا.
3. فتح مكتب اعلام مركزي واسع الرؤية لإيصال صوتهم ومعاناتهم وتطلعاتهم بشكل مهني سليم سعيا للخروج من تعقيدات الواقع الحالي وتحويل اختلافاتهم التي تكبلهم الى الوحدة البناءة والتلاحم والتضامن والمشاركة الفاعلة لتعزيز وجودهم من جهة وإشاعة ثقافة الانفتاح واللقاء وبناء السلام والاستقرار والعيش الكريم لهم ولمواطنيهم من جهة ثانية.
وبهذه المناسبة أوكد ان الكنيسة ليست بديلاً للسياسيين المخلصين ولا موازية لهم، إنما هي جزء من الوطن والشعب وتسعى لتقول كلمة حق في الشأن العام وخصوصا في مجال بناء السلام وتحقيق العدالة وتأمين حياة كريمة للجميع بغض النظر عن انتماءاتهم، وتبقى تحب الناس وكل الناس وتتفانى في خدمتهم على مثال المسيح مؤسسها.
 اسأل الله ان يحمي العراقيين جميعا وان يمكن المهجرين من العودة والعيش بسلام مع جيرانهم مسلمين وايزيدين وتركمان وشبك… في مسيرة مشتركة من اجل بناء الثقة وخلق واقع جديد أفضل مبني على خبرتنا التاريخية في العيش المشترك.
الموصل في جريدة الفاتيكان 
نشرت هذه المقالة في جريدة الفاتيكان الرسمية (اوسيرفاتوري رومانو – المراقب الروماني) 5بتاريخ /7/2017
بقلم الاباء: ريناتو سكو، كاهن رعية من أبرشية نوفارا – فابيو كورازينا، كاهن من أبرشية بريشا – ايطاليا وقام بترجمتها المطران باسيليوس يلدو وطرحت الاسئلة حول مستقبل الموصل 
 الموصل هي نينوى القديمة. المدينة التي قصدها يونان النبي: "بعد أربعين يوماً ستدمر".
الموصل هي المدينة التي لها مكانة كبيرة في قلوبنا، لا يمكننا التفكير بها الا من خلال الألم، والمأساة التي عاشها سكان تلك المدينة خلال دكتاتورية صدام وعمليات "التحرير" بعده وما يسمى بالديمقراطية؟ ثم تحت قمع داعش المجنون والآن بعد اعلان حرب جديدة لتحرير المدينة، ماذا يحدث لجميع الناس هناك، ماذا يوجد وراء نشرات الأخبار؟
موصل هي مدينة يسكنها 1,500,000 نسمة، لقد زرناها مرات عديدة. قبل وأثناء وبعد حرب التحرير من الدكتاتورية. وقد رحب فينا الكثير من العوائل، شاركنا المائدة والقداس في الرعية مع الاب لويس ساكو، بطريرك الكلدان حالياً في بغداد. التقيناه هناك في الموصل، في خضم شعبه، وكذلك الأسقف فرج رحو الذي خطف ثم قتل في 13 اذار 2008. وزرناها أيضا في حزيران 2003، عندما أعلن الرئيس الامريكي بوش ان الحرب قد انتهت. عدنا اليها في تشرين الثاني من ذلك العام للاشتراك في السيامة الاسقفية لصديقنا المطران لويس ساكو. وكانت في تلك الأيام مجزرة الناصرية. بعد تلك السنوات، بدأت الموصل، بل العراق ككل غير مهم للغرب، إن لم يكن من أجل المصالح الاقتصادية والعسكرية الخاصة. 
الموصل هي مدينة مدمرة
حتى اغسطس 2014، كان العراق خارج اهتمام وسائل الإعلام الدولية وخصوصاً في مجال السياسة والرأي العام. باعتبار كل شيء الى ذلك الوقت كان هادئا، علماً انه كان يفتقر للسلام. ومع الأشهر الأولى من عام 2014 تؤكد التقارير انهم يقتلون حوالي 1000 شخص في العراق شهريا. ثم جاء داعش في أوائل شهر حزيران من عام 2014، واحتلوا المدينة العظيمة الموصل، وفي أوائل اب 2014، هرب حوالي 100,000 شخص من قرى سهل نينوى.
هل الموصل تحررت؟
في هذه الأيام يبدو أن مدينة الموصل هي في قبضة الجيش العراقي. ونحن لا نرى سوى صور الدمار والألم والخوف واليأس. ولكن بعد فترة سوف تسكت وسائل الاعلام عن معاناة الشعب وقصصهم، التي تغطي عليها أمجاد النصر.
 نحن نتساءل:
كيف كان من الممكن أن تسقط الموصل بسرعة كبيرة بأيدي داعش؟ الم يولد داعش بين عشية وضحاها (مثل نبات الظل ايام النبي يونان)؟ من الذي دعمه؟ وسائل الإعلام الرئيسية تتحدث عن التواطؤ الغربي الكبير مع داعش؟ هناك معلومات أكيدة عن الجهات الداعمة لداعش عسكريا وعقائديا وماليا عربيا ودوليا…
والان يقولون: علينا حقاً محاربة داعش؟ لماذا لم يفعلوا ذلك من قبل؟
المصالح الغربية لا تزال على الطاولة والإيطالية ايضاً؟ مع ''عملية اشراف، رئاسة" ايطاليا على سد الموصل: لماذا؟ كيف عاشت هذه السنوات اثناء احتلال داعش؟ كيف دافعت عن المدنيين؟ الصمت! هي الاجابة الكلية. بالحقيقة نحن يهمنا الصالح العام، وحياة العراقيين وخصوصا الأقليات؟
نعتقد أن دعوة النبي يونان ينبغي ان نلبيها من جديد: كل واحد يتخلى عن الطريق السيئ وعن الظلم الموجود في داخله. وإذا لم يتم تغيير الطريق سيكون هناك موصل أخرى، وداعش اخر، وصمت اخر ومجازر جديدة بحق المدنيين في منطق الحرب الجنوني.

شارك