هل دخلت مصر مرحلة عمليات الذئاب المنفردة؟

السبت 15/يوليو/2017 - 07:13 م
طباعة هل دخلت مصر مرحلة
 

 على الرغم من الإجراءات الاستثناية التي تتبعها الدولة المصرية في الوقت الحالي لمواجهة التحديات الأمنية التي فرضها الإرهاب منذ أن صعد من عملياته في أعقاب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي، تعتبر عملية الغردقة الإرهابية التي راح ضحيتها ألمانيتين إلى جانب إصابة 4 سائحين بينهم مصري، تدشين جديد لأول العمليات الإرهابية التي يكون بطلها ذئب منفرد.
والذئاب المنفردة، هم أشخاص موالين للتنظيم او متعاطفون معه يتواجدون في بلدان لا يتواجد فيها التنظيم فينفذون عمليات إرهابية بأبسط الأدوات التي توقع أكبر قدر من الضحايا، ثم تاتي مرحلة التنظيم في تبني العملية. 
والعملية التي وقعت عصر أمس الجمعة، في مدينة الغردقة السياحية استخدم فيها منفذ الهجوم سكيناً وقام بمهاجمة عدد من نزلاء أحد المنتجعات السياحية في المدينة، ليقتل ألمانيتين ويصيب أربعة أخرين. 

هل دخلت مصر مرحلة
وتعتمد استراتجية الذئاب المنفردة على قيام المهاجم باستخدام أدوات القتل المتاحة، التي ربما تكون سكيناً أو سيارة تستخدم في عملية الدهس، ولا أحد يعلم حتى الآن ما إذا كان الذئب المنفرد يتبع الجماعات الإرهابية تنظيمياً أم لا، إذ أنه لو تحقق أن (الذئب المنفؤد) عضو في التنظيم فمن المؤكد ان التنظيم سيقدم له الدعم اللوجستي.
أما إذ لم يكن منفذ الهجوم عضواً في التنظيم فهناك تساءلات تبرز أيضاً عن شكل الدعم الذي يحصل عليه المهاجم لتنفيذ عمليته، أم يكتفي التنظيم بإرشاد العضو، بعد التواصل معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى الأهداف التي من المفترض أن تتسبب في نكاية في الأنظمة الحاكمة، دون مده بادوات تنفيذ الجريمة.
ويمكن ملاحظة أن تبني "داعش" عمليات الذئاب المنفردة، تعزز من أن التنظيم يتواصل مع تلك العناصر ويمدهم بتكتيكات تنفيذ مثل هذه العمليات، ولكون عمليات الذئب المنفردة قد تكون طعناً بالسكين أو دهساً بالسيارة، فربما يقتصر دور التنظيم على توجيه هذه العناصر الإرهابية إلى بعض الأهداف الرخوة، فضلاً عن مد هذا العناصر بمقاطع مصورة تظهر له كيفية القيام بمثل هذه العمليات. 

هل دخلت مصر مرحلة
كان التنظيم نشر خلال الفترة الأخيرة تسجيلاً صوتياً لأحد قيادات "داعش" في سورية، وحث المقطع العناصر المواليه والمتعاطفة مع التنظيم في دول العالم التنظيم بأنظمتهم عبر تنفيذ هجمات من هذه النوعية، وأن القيادي الداعش اعتبر أن ما يسميه جهاداً على هذا النحو مقدم على الهجرة إلى بلاد سورية والعراق. 
واعتمد التنظيم الإرهابي على هذه النوعية من العمليات في دول أوربا، خاصة فرنسا وألمانيا، للتنكيل بهذه الأنظمة، معتبراً أنها إثخان في الدول التي تشارك في التحالف الدولي الذي تقوده أميركا للقضاء على التنظيم الإرهابي في سورية والعراق. 
كانت إحدى إصدارات التنظيم المتطرف حملت عنوان "استراتيجية الذئب المنفرد" لـ"أبو أنس الأندلسي" نشرت في 22 أغسطس 2015، كشف فيها عن حصول الذئاب المنفردة على التوجيهات المباشرة من التنظيم الأم، ووقتها وصف فيها الداعشي محمد مراح بـ"رائد عمليات الذئب المنفرد ومنفذ غزوة تولوز المجيدة".
ويقصد بالغزوة سلسلة العمليات الإرهابية التي وقعت في المدينة الفرنسية تولوز في 11 مارس 2012، حيث قام بقتل شاب مظلي بعد استدراجه في كمين، وفي 15 من الشهر ذاته أطلق النار على ثلاثة مظليين آخرين بالبدلة العسكرية في مونتوبان، وبعد 4 أيام قام بقتل أستاذ وثلاثة أطفال، وقام بتصوير جرائمه بواسطة كاميرا مثبتة على صدره.

هل دخلت مصر مرحلة
وبحسب ما تكشف من خلال التحقيقات لم يكن (مراح) حقا ذئبا منفردا وإنما منضما إلى إحدى الجماعات الأصولية المتطرفة أطلقت على نفسها "جند الخليفة" خلال تنقله في أفغانستان وباكستان في 2011، تمكن خلالها مراح من التقرب من تنظيم القاعدة وحركة طالبان في المناطق القبلية الواقعة شمال غرب باكستان على الحدود الأفغانية متلقيا تدريبا أوليا على استخدام السلاح، وذلك قبل 5 أشهر من ارتكاب جرائم القتل، مؤكدة التحقيقات أن مراد مراح كان له من يتصل به عند عودته إلى فرنسا.
كان أول ظهور لاستراتيجية "الذئب المنفرد" الذي تبناه تنظيم (داعش)، في 2010 من قبل تنظيم (القاعدة) وإنما بوصف "الجهاد الفردي" كما ظهر في أحد فصول كتاب (دعوة المقاومة الإسلامية العالمية) لـ(أبو مصعب السوري) مبتكرا فكرة اللامركزية بحيث يتحول التنظيم إلى فكرة عابرة للحدود يعتنقها ويمارس مقتضياتها من أعلن ولاءه للتنظيم ولخصها بقوله: "إن كل مسلم يجب أن يمثل جيشا من رجل واحد".
في 2014 دعا (أبو محمد العدناني) الناطق باسم تنظيم داعش، في تسجيل صوتي له، المتعاطفين مع التنظيم إلى قتل رعايا دول الائتلاف في أي مكان وبأي وسيلة متاحة.

هل دخلت مصر مرحلة
كما استخدم زعيم تنظيم داعش (أبو بكر البغدادي) مصطلح الذئاب المنفردة في منتصف نوفمبر 2014 خلال دعوته إلى استهداف المواطنين الشيعة في السعودية، كما توعد داعش عبر مؤسسة (دابق) الإعلامية في يوليو 2016 بحرب جديدة تحت عنوان "الذئاب المنفردة"، جاء ذلك في كلمة للعدناني حث فيها على تنفيذ المزيد من الهجمات على المصالح الغربية في كل مكان قائلا إن استهداف من يسمى بالمدنيين أحب إلينا وأنجع" مضيفا: "لا عصمة للدماء ولا وجود للأبرياء (...) وإن لم تجدوا سلاحا فادهسوهم بسياراتكم".
سياسة "الذئب المنفرد" كما دعا إليها داعش في إصدار بعنوان" الأمن والسلامة" مقتبسا مما كتبه أحد عناصر تنظيم القاعدة سابقا، تضمنت بما ورد من نصائح خص بها الذئاب المنفردة "The Lone Wolf", بما يجب فعله منعا لاكتشافهم بمراعاة الاحتياطات الأمنية والحذر.
ومما جاء في الكتاب من نصائح لما يسمى بالذئاب المنفردة: "احلقوا لحاكم وارتدوا الملابس الغربية، واستخدموا العطور العامة والعادية التي تحتوي على الكحول وشفروا هواتفكم".
وأضاف "أي ذئب منفرد يجب أن يحاول الانصهار والاندماج في المجتمع المحلي، بحيث لا يبدو مثل المسلمين، وهذا يعني أن يحلقوا لحاهم ويرتدوا ملابس غربية وكذلك عدم الصلاة في المساجد بشكل منتظم"، منوها كذلك "حاولوا أن تكونوا دائما مثل أي سائح عادي أو مسافر تقليدي وحاولوا أن تكون ألوان الملابس متناسقة، فارتداء القميص الأحمر أو الأصفر مع البنطال الأسود، يجعلكم موضع شبهة ولا داعي لأن ترتدوا ملابس جديدة، لأن ذلك قد يثير الشبهات والبعض من الإخوة يميلون إلى شراء ملابس جديدة بالكامل، وهذا يجلب انتباه الآخرين وبقوة".

هل دخلت مصر مرحلة
ويظهر من خلال عدد من العمليات التي تم توجيهها عن بعد في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، تعدد واختلاف بعض ملامح الهجمات الإرهابية إلا أن التوجيه والإدارة بواسطة عناصر تنفيذية في مناطق خاضعة لسيطرة (داعش) و(القاعدة) يكون فقط من خلال الإنترنت وعبر تطبيقات مشفرة والذي يتم من خلاله كذلك تدريب المنتسبين الجدد أو من يعرفون بـ"الذئاب المنفردة" على تنفيذ أعمال العنف.  

شارك