الإخوان والأزمة القطرية.. سياسة مسك العصا من المنتصف

الأحد 16/يوليو/2017 - 02:02 م
طباعة الإخوان والأزمة القطرية..
 
ان المتابع للشأن الإخواني خصوصا التنظيم الدولي للجماعة يعلم علم اليقين بأن دولة قطر وفرّت على مدار الاعوام الماضية ملاذاً للكثير من قادة الجماعة، وأن للإمارة الخليجية علاقة متميّزة ومتجذّرة بالجماعة شكَّلّت خلال المرحلة الماضية محطة مهمة لرموز "الإخوان" في العالم الإسلامي.
والإخوان في قطر، أسماء تتنوّع ما بينَ الدعاةِ والصِحافيينَ والسياسيينَ والإعلاميين، أبرزها الشيخ يوسف القرضاوي، الأب الروحي لتيار الإسلام السياسي المتنقّل ما بينَ تركيا وقطر، والمرشد العام المؤقت لجماعة الإخوان محمود عزت، وأمين عام الجماعة محمود حسين .
يعود التواجد الاخواني في الامارة الخليجية إلى خمسينياتِ القرنِ العشرين حيث وصلتِ الموجة الأولى من مِصرَ إلى الدوحة وذلك على إثْر الصراعِ بين العهدِ الناصري والجماعة.
 أما الموجة الثانية فجاءت من سوريا بعد الصِدامِ الذي وقع بين الإخوان والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والذي بلغ ذروتَه في ما عرِف بأحداثِ حماة في العام اثنين وثمانين.
بعد ذلك، جاءتِ الموجة الإخوانية الثالثة من السعودية الى قطر في أعقابِ التوترِ بين الإخوان والمملكة في التسعينيات، وقد بلغت تلك الموجة ذروتَها بعد أحداثِ الحادي عشَر من سبتمبر 2001، وسبقتْها هجرة من الجزائر على رأسهم الشيخ عباس مدني رئيس الجبهة الاسلامية للإنقاذ.
أما الموجة الرابعة فكانت بعد طرد قادة حركة "حماس" وعلى رأسهم خالد مشعل من الأردن، إذ أنّ الحركة تنتمي فكرياً للجماعة.
وفي أعقابِ الازمة السورية عام 2011، أغلقَتِ الحركة مكاتبَها في سوريا وغادرت الى الدوحة.
اما الموجة الاخيرة فكانت بعد عزل الرئيس محمد مرسي في أعقابِ ثورةِ الثلاثين من يونيو.
صحيح أنّ الجماعةَ قامت بحلّ نفسِها، ولم تنتقدِ النظامَ القطري، لكنّ عناصرَها نجحوا في التغلغل في شريان الحياةِ القطرية، على المتسوياتِ كافة، دينيا ودَعَويّا وتعليميا واجتماعيا، وصولا إلى النفوذ السياسي.، فكان مثلا للجماعة دور كبير في إنشاء وِزارةِ التربية والتعليم وصياغةِ المناهجِ التربوية والتعليمية في البلاد، واختيارِ أعضاء هيئات التدريس في كل مراحها.
وإلى جانبِ الملجأ وفرّتْ قطر لـ "الجماعة" دعما ماديا وسياسيا وغطاء إعلاميا، ودخلت في خصام معَ أشقائها الخليجيين الذين سحبوا سفراءَهم منها بسبب هذا الدعم.
ويتهم زعماء البيتِ الخليجي قطر باستثمار ورقة الاخوان لمد نفوذِها في المَنطِقة واحتواء نفوذِ الدول المنافسة لها عبر التهديد بالجماعة، ويؤكدون أنّ الإخوانَ بدورهم يستغلون هذا الدعمَ القطري لتحقيق احلامِهم وتطبيقِ أجَنْدَتِهم في المَنطِقة.
الإخوان والأزمة القطرية..
وفي خطوة مفاجأة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية، أصدر التنظيم الدولي ومكتبه في لندن، بيانا على الأزمة القطرية، خلى من أي إعلان لمساندة إمارة قطر، الأمر الذى فسره مراقبون لحركات التيار الإسلامي، بأن التنظيم الدولي للإخوان  يتبرأ من قطر وأميرها تميم. البداية عندما أصدر إبراهيم منير، أمين التنظيم الدولي للإخوان بيانًا قال فيه:" حرصت الجماعة في بيانات متعددة أصدرتها بخصوص الأزمة في الخليج توجه فيها نداءات لرأب الصدع والحفاظ على وحدة الصف العربي، فإن الجماعة تستغرب استمرار الزج باسمها في هذه الأزمة، زاعما أن الجماعة لم تدعو للعنف – على حد زعمه.
وقال أمين التنظيم الدولي للإخوان: "نؤكد على عدة اعتبارات وهى ضرورة استمرار بذل الجهود لرأب الصدع والحفاظ على وحدة الصف ووأد فتنة تمزيق أواصر الأخوة بين الشعوب، كما أن تاريخ الجماعة وموقفها المبدئي يرفض مبدأ التدخل في شئون الدول أو القيام بأي دور يمس سيادتها أو يتجاوز كونها جماعة لها فكر تدعو إليه موقنة بأن فيه الخير لأمتها ومجتمعاتها، كما أن الجماعة تعيد التأكيد على رفضها القاطع للزج باسمها أو استخدامها كورقة ضغط من طرف على آخر في أي خلاف".
يأتي موقف التنظيم الدولي للإخوان، تزامنا مع موقف حركة النهضة الإخوانية التونسية، التي أدارت ظهرها لقطر أيضا، بعد أن تيقنت من أن النيران المشتعلة بين إمارة الإرهاب ودول المنطقة ستنال منها، وبدأت بالفعل تواجه أزمة داخلية واتهامات بعلاقاتها المشبوهة بقطر وتلقيها تمويلات لتنفذ أجندة الدوحة في منطقة شمال أفريقيا.
الإخوان والأزمة القطرية..
وفي هذا السياق قال طارق أبو السعد، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، إن الجماعة لها خطابين خطاب معلن وهو ما تحاول فيه مخاطبة المجتمع الدولي بأنها لا تساند دولة على حساب دولة أخرى، بحيث إذا ثبت للعالم أن قطر تدعم الإرهاب تستطيع الجماعة أن تنجو من العقوبات التي ستفرض على الدوحة.
وأضاف أن الخطاب الخفي للإخوان وهو الدعم الكامل لقطر وحاكمها من خلال تنفيذ حركاتها المسلحة عمليات إرهابية في مصر كرد فعل على العقوبات التي تفرضها الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب ضد قطر.
وأوضح أن الإخوان تحاول أن تتبرأ من قطر ولكن بشكل غير مباشر عبر الحديث حول أنها لا تساند دولة على حساب دولة أخرى، إلا أن ممارسات الإخوان تؤكد عكس ذلك.
فيما اعتبر خالد الزعفراني القيادي الإخوانى المنشق، والخبير بحركات التيار الإسلامي أن التنظيم الدولي للإخوان يحاول إمساك العصا من المنتصف، واللعب مع كل أطراف الأزمة، مضيفًا :" الإخوان تحاول اللعب مع كل الأطراف، حتى تستطيع البقاء حال سقوط نظام تميم".
وأشار "الزعفرانى" إلى أن جماعة الإخوان مقسمة أنفسها داخليا، فريق يجرى اتصالات بالدول المقاطعة لقطر، بينما الجزء الثاني يهاجمها، وجزاء آخر يسعى للاتصال بالدول العربية المحاصرة لقطر".

شارك