مؤتمر في بروكسل يدرس وضع مسيحيو العراق بعد " داعش "

الأربعاء 19/يوليو/2017 - 05:00 م
طباعة مؤتمر في بروكسل
 
ماذا يحمل المستقبل  لمسيحيو العراق بعد طرد تنظيم داعش من الموصل ؟وكيف يمكن الحفاظ  علي المسيحيين  في منطقة امنة اسئلة عديدة نقشها ممثلين سياسين للمسيحين في مؤتمر عقد ببركسل وطالب بتخصيص محافظة سهل نينوي للمسيحيين  كماناقش اجتماع برلماني اوربي رفيع المستوى في بروكسل بعنوان "مستقبل المسيحيين في العراق" امكانية الحفاظ على بقايا المسيحيين الذين صمدوا بوجه واحد من اسوا التهديدات لوجود الايمان منذ نشأته وأصدر ممثلوا الاحزاب السياسية الاشورية والكلدانية والسريانية ورقة موقف تبين رغبتهم اقامة منطقة الحكم الذاتي.
وفي 21 يناير من عام 2014، وافق مجلس الوزراء العراقي على قانون بإنشاء ثلاث محافظات جديدة في العراق. وستكون احدى هذه المحافظات في الفلوجة وسط العراق، والثانية ستكون في شمال العراق في طوز خورماتو، والثالثة ايضا ستكون في شمال العراق في سهل نينوى. وهذه المنطقة الاخيرة ستكون ملاذا امنا للأقليات المضطهدة بما فيها المسيحيون.
بعد عدة اشهر من هذا الاجتماع، غزت منظمة داعش الارهابية مدينة الموصل ثاني اكبر مدن العراق واتخذتها عاصمتها الجديدة في محاولة مضللة لإحياء "الخلافة" التي تم حلها في اوائل القرن العشرين من قبل مصطفى كمال (اتاتورك)، رئيس ومؤسس الدولة التركية الحديثة. ومن المعروف ايضا ان اتاتورك كان مهندس الابادة الجماعية ضد الارمن والتي ذبح فيها مليوني مسيحي بما فيهم عدد كبير من الكاثوليك. ويصف المؤرخون هذا الهجوم بأنه الابادة الجماعية الاولى في القرن العشرين.
وبعد اسابيع من هذا الاجتماع المشؤوم، تم ايضا غزو منطقة سهل نينوى، التي كانت تضم اكبر عدد من الاشوريين /الكلدان /السريان. وهدد داعش بمحو المسيحيين من العراق وكذلك باقي الاقليات الدينية والاثنية كالايزيديين والشبك والتركمان. 
القوات العراقية والبيشمركة الكردية قامت بالتخلي عن سهل نينوى. وهرب مئات الالاف من المنطقة التي افرغت بشكل كامل خلال ايام قليلة، اخرون اختطفوا. اطفال (من الاولاد والبنات) تم بيعهم كرقيق جنس. اما المسنين وغير المقاتلين والأطفال والنساء الحوامل تم اغتصابهم واستعبادهم واجبارهم على التحول الى الاسلام وذبحهم بدون رحمة باسم دين السلام، بينما نظر العلمانيون في العالم بلامبالاة. ومن المسلم به ان العديد من الحكومات في جميع انحاء العالم، بما في ذلك الكونغرس الامريكي والاوربي والبريطاني، قد اقرت بأن الاضطهاد هذا يستوفي معايير قرار الامم المتحدة المتعلقة بالإبادة الجماعية.
وقام تشارلي ويميرز من الحزب المسيحي السويدي، ولارس اداكتوسون العضو السويدي في الاتحاد الاوربي، قاموا بتنظيم المؤتمر الاخير، كما قادوا لجنة استكشافية الى بعض البلدات والقرى المحررة حديثا في سهل نينوى، وعاد الوفد الى مدينة عنكاوا في اربيل لمقابلة ممثلي الاحزاب السياسية الاشورية /الكلدانية/السريانية.
واوضح ويمير "لقد دعموا القرار الذي اعتمده البرلمان الاوربي وطلبوا منا استضافة مؤتمر دولي لتسليط الضوء على محنة ضحايا الابادة الجماعية، جميعهم وقعوا على رسالة: جميع الاحزاب المسيحية العشرة الرئيسية".
وقبل المؤتمر بأسبوع، انسحبت الحركة الديمقراطية الاشورية مع حزبين سياسيين اخرين وكنيستين من المؤتمر. واتهمت الاحزاب المنظمة للمؤتمر بتنفيذ "اجندة كردية" وبمحاولة الحاق سهل نينوى بأقليم كردستان. واستندت هذه الاتهامات الى مشروع ورقة موقف السياسة العامة.
الاغلبية الساحقة من الحاضرين في المؤتمر وافقوا بكل اخلاص على ان الحل الوحيد القابل للتطبيق بالنسبة للمسيحيين في المنطقة كان اقليم الحكم الذاتي. واشاروا الى الدستور العراقي وحقهم في اقامة اقليم سهل نينوى مع قوات شرطة وامن خاصة بهم بالإضافة الى الرعاية الصحية والتعليم والعدل.
وقال ممثل حكومة اقليم كردستان في المؤتمر هوشيار سيويلي والذي يرأس ايضا مكتب العلاقات الخارجية للحزب الديمقراطي الكردستاني، قال في خطابه ان الامر متعلق كليا بالناس ليقرروا اما الانضمام الى اقليم كردستان او الحكم الذاتي مع العراق.
واعلن اداكتوسون في ختام عرضه "اليوم اعلنت حكومة العراق هزيمة داعش. وهذه اضافة لهذه اللحظة التاريخية".
وبعد ان وقعت الاحزاب السياسية المشاركة بالمؤتمر على ورقة الاتفاق السياسي، دعا ممثلون عراقيون النائب اداكتوسون لزيارة بغداد في الخريف وقدموا له شكرهم على نجاحه في جعلهم يتعاونون فيما بينهم وتعديل مطالبهم النهائية لسهل نينوى. كما اعربوا عن قلقهم المشترك تجاه الاحزاب السياسية التي انسحبت من المؤتمر على امل ان تتعاون في المستقبل.
وحضر المؤتمر ممثلون عن الحكومة العراقية والبعثة الاوربية في العراق.
وتحدث تشارلي ويميرز ولارس اداكتوسون الى صحيفة ريجيستر الكاثوليكية  حول التاثيرالمنتظر للمؤتمر الاخير.
 وقال انه واقع قاس جدا بالنسبة لمعظم المسيحيين في الشرق الاوسط. في بعض الحالات يجدون انفسهم عالقين في وسط الصراعات بين الجهات الفاعلة الاكثر قوة. بالاضافة الى اضطهاد الجماعات الاسلامية مثل داعش وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة التي تشكل تهديدا خطيرا. في العراق انخفضت اعداد الكلدان /السريان /الاشوريين (المسيحيين) من 1.5 مليون في عام 2003 الى حوالي 300 الف اليوم.
واضاف لقد حضرت قداسا الهيا في كاتدرائية السريان في بغديدا قرقوش في سهل نينوى بعد تحريرها من داعش مباشرة. كنت على وشك البكاء عندما رأيت الكنيسة مدمرة ومحترقة واتذكر رؤية  التماثيل تستخدم كاهداف للرمي لمقاتلي داعش. لقد كسروا التماثيل ومزقوا عيون الملائكة والقديسين. لقد الامر مريعا.
لقد حقق داعش فكرته التي حوالت منذ عقود محو الوجود الديني والاثني للاشوريين /الكلدان /السريان. دمروا الكنائس والاديرة والمدن الاشورية ومدن بابل القديمة في الموصل وسهل نينوى. كما ودمروا المساجد ( السنية والشيعية) والمعابد الايزيدية. لقد حدثت ابادة جماعية وعلى نطاق واسع. والخلفية التي نعتمد عليها هي ان البرلمان الاوربي قرر في الخريف الماضي دعم الحكم الذاتي للكلدان /السريان /الاشوريين والجنسيات والقوميات الاخرى في سهل نينوى شمال العراق. منذ ذلك الحين ونحن (مكتب النائب في البرلمان الاوربي لارس اداكتوسون مع شركائنا) نعمل سوية لدعم الاحزاب المسيحية العراقية والمنظمات الغير حكومية لوضع خارطة طريق خاصة لاعادة الاعمار والامن والحكم الذاتي. اسمحو لي ان اؤكد ان هذا الامر اكير بكثير من مجرد مجموعة مناقشة، هذا جهد سياسي جدي يدعمه اكبر حزب سياسي اوربي (حزب الشعب الاوربي EPP) بالاضافة الى اعضاء من البرلمان الاوربي من كل المجموعات السياسية الكبرى والمنظمات الغير حكومية الكبرى في هذا المجال. و اود  ان اضيف ايضا انه في الولايات المتحدة كانت هناك ايضا جهود من اجل الحكم الذاتي مثل القرار المتعلق بموضوع محافظة سهل نينوى والذي قدمه عضو الكونجرس جيف فورتنبيري بدعم من مشروع فيلوس، ومنظمة في الدفاع عن المسيحيين ومعهد المشاركة العالمية. وفي المؤتمر الذي استضافه عضو البرلمان الاوربي لارس اداكتوسون بالتعاون مع جميع المجموعات السياسية الاوربية الرئيسية، تفاوضت جميع الاحزاب المسيحية العراقية على ورقة الموقف التي توضح كيف انه بأمكانهم ان يسهموا في تحقيق قرار الحكومة العراقية الصادر في 21\1\2014 من اجل انشاء محافظة سهل نينوى. وهم مستعدون لتشكيل مجلس مؤقت، وقد قادت المنظمات الغير حكومية بتوثيق وتقييم حجم الضرر والدمار الذي لحق بسكان المنطقة.
وبالنسبة للحل المقترح قال ان ورقة الموقف من قبل الاحزاب السياسية العراقية السبعة الموجودة في مؤتمر بروكسل، تتماشى تماما مع الدستور العراقي. الدستور يقر النظام الفدرالي، وهناك طريقة قانونية لسهل نينوى ليس فقط ان تصبح محافظة، وهو ما وعدت به الحكومة العراقية مؤخرا، بل يمكن ان تصبح اقليما في حال اراد سكانها ذلك. واكد السفير العراقي لدى الاتحاد الاوربي الدكتور جواد الهنداوي والذي كان حاضرا في المؤتمر بناءا على طلب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اكد في خطابه على فدرالية الدستور العراقي وان نزع المركزية يمكن ان يذهب ابعد من من انشاء محافظة. ويمكن للاتحاد الاوربي والولايات المتحدة ان يلعبا دورا ايجابيا من حيث دفع المساواة في المعاملة بين جميع الجنسيات في العراق، ما قد يمكن من اجراء حوار بين اصحاب المصلحة في شمال العراق، فضلا عن دعم القدرات للادارات المحلية والدعم المالي لاعادة الاعمار.
وقد انتهى المؤتمر بتبادل دائم للممثلين الذين وقعوا على ورقة الموقف السياسي. هؤلاء هم الذين ساعدوا في تنفيذ طلب عقد مؤتمر دولي، الحكومات التي دعمت ذلك والبرلماني اداكتوسون. الاحزاب السياسية اوضحت ايضا انها لاتريد جدار برلين في سهل نينوى، وهذا يعني ان الاطراف التي وقعت لن تقبل بتقسيم المنطقة بين بغداد واربيل. ومن المسلم به ان فوزي الحريري، الممثل الخاص لرئيس حكومة اقليم كردستان العراق البارزاني، عارض البيان الصحفي الذي تم قرائته.وادعى انه شعر بخيبة امل لانه لم يتم توجيه شكر خاص لحكومة اقليمم كردستان قائلا: "لن تفعل الحكومة العراقية اي شئ بالنسبة لكم، لذلك نم نحن نشعر بخيبة امل من صياغة البيان، واذا كنتم على استعداد للإدلاء ببيان وشكر الحكومة العراقية فعليكم ايضا ان تشكروا حكومة اقليم كردستان.ومن اجل تجنب اي التباس، من الضروري التاكيد على ان الدستور العراقي ينص على انشاء محافظات جغرافية (وليس عرقية – دينية) يمكن مقارنتها مع الولايات المتحدة. وهكذا فان جميع الجنسيات في سهل نينوى مثل الكلدان /السريان /الاشوريين والارمن والايزيديين والكاكائيون والشبك وغيرهم سيكونوا جزءا من منطقة الحكم الذاتي. المستوى الاعلى هو انشاء المحافظة والتي يمكن مقارنتها مع الولايات المتحدة. وتقع على عاتق المنطقة مسؤولية دستورية عن الشرطة وقوات الامن، الامر الذي من شأنه ان يتيح للوقميات في سهل نينوى تنظيم عملية الدفاع عن النفس في اطار الجيش العراقي. اسمحوا لي ان اوضح ان كلمة الدولة" تعني بالنسبة للجمهور الامريكي شيئا اخر مختلف عن الجمهور العراقي. وفي اي مكان فان ورقة الموقف الموقعة تدعو الى بلد جديد. انها تدعو لمحافظة جديدة في العراق مع امكانية التطور الى اقليم على النحو المحدد في الدستور العراقي. في الواقع قبل غزو داعش كانت الحكومة العراقية قد اتخذت بالفعل قرار انشاء هذا المحافظة في سهل نينوى.
بالرغم من عودة اللاجئين والنازحين الى بعض القرى المسيحية، الا انه من الواضح ايضا ان الكثيرين يريدون ضمانات امنية من اجل اادة اسرهم الى منازلهم. واعتقد ان الكثيرين سيكونو اكثر تشجعا على العودة اذا كان من الممكن توفير الامن للناس من  قبل اهالي سهل نينوى في اطار الدستور العراقي. والاسم المستخدم في ورقة الموقف المقدمة من الاحزاب السياسية هو "محافظة سهل نينوى"
هل هناك دعم من الامم المتحدة لمثل هكذا مشروع؟ هل هناك منظمات دولية اخرى مثل الناتو او الاتحاد الاوربي او غيرها اعربت عن اهتمامها بدعم مثل هذا المشروع؟ هل هناك اي جهات ترفض المشروع مثل منظمة اوبك او جامعة الدول العربية؟
ورقة الموقف حديثة جدا بحيث لم يتم بعد رؤية ردود الافعال لرسمية من الهيئات والمجموعات المذكورة اعلاه. من جانبنا سندعم ورقة الموقف بمحاولة جمع اكبر قدر ممكن من الائتلاف الدولي دعما لذلك. ونعتقد اننا كأصدقاء لشعب سهل نينوى بحاجة لدفع كل الدعم المالي العاجل لإعادة الاعمار وحل طويل الاجل يضمن حقوق متساوية لجميع قوميات العراق.
والان  هل تتحق هذه المطالب  ؟ ام ماذا يخفي المستقبل للاقليات الدينية بالعراق 
 

شارك