أزمة الحصار.. بين التمسك الخليجي والتعنت القطري

الجمعة 28/يوليو/2017 - 02:25 م
طباعة أزمة الحصار.. بين
 
لا زال الغموض يسيطر علي الأزمة الخليجية القطرية، التي بدأت منذ 60 يومًا، في 5 يونيو الماضي، حيث أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع العلاقات مع الدوحة لدعمها وآويها للإرهاب.
أزمة الحصار.. بين
وقدمت الدول الأربع لائحة مطالب إلى قطر في 22 يونيو الماضي، شريطة عودة العلاقات، بينها تقليص العلاقات مع إيران وإغلاق قناة الجزيرة، كشروط لرفع الحصار، وقد رفضت قطر تلك المطالب معتبرة إياها انتهاكا لسيادتها، ولقيت في ذلك دعما من حليفتها تركيا.
ووقعت الدوحة اتفاقا في وقت سابق من الشهر الجاري مع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون يهدف إلى مكافجة تمويل الارهاب، ضمن مساع أمريكية لإنهاء الأزمة.
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية  أول أمس الأربعاء، أن الرباعي العربي لن يتراجع عن مطالبه المقدمة للدوحة التي ترفض وقف دعمها ومساندتها لجماعات مصنفة إرهابية في السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وقال بيان لوزارة الخارجية إن الوزير سامح شكري قدم عرضا متكاملا للأسباب التي على أساسها تم قطع العلاقات مع قطر" لنظيره الفرنسي جان إيف لو دريان خلال لقائهما أمس الأربعاء في العاصمة باريس، مضيفًا أن مصر لا يمكنها أن تتسامح مع من يعبث بأمنها واستقرارها.
ووجه وزير الخارجية انتقادات لمواقف دول غربية تجاه قطر التي تلعب دورا هداما في المنطقة، بدعمها لتنظيمات إرهابية وعلاقتها ببعض الدول المثيرة للجدل مثل إيران.
وقال شكري إن مصر تحركت سويا مع شركائها في الدول العربية الثلاث للضغط على قطر لتصحيح مواقفها، وقدم شكري شرحا مفصلا عن طبيعة التدخلات القطرية في مصر على وجه الخصوص والتي بدأت في العام 1996 وتعززت مع انطلاقة ما سمي بالربيع العربي، حيث دعمت الدوحة تيار الإسلام السياسي الممثل في جماعة الإخوان، ومع فشل الأخيرة في إدارة الوضع بالبلاد خلال حكم الرئيس محمد مرسي الذي أطيح به شعبيا في العام 2013، اتجهت الدوحة لدعم تنظيمات مسلحة بغرض زعزعة استقرار مصر وضرب وحدتها.
وأبدى شكري الأسف من بعض المواقف الغربية (لم يحددها) التي تأبى أن تدرك مخاطر المواقف والتصرفات القطرية وتأثيرها السلبي على استقرار المنطقة.
ويعتبر هذا أول انتقاد من نوعه توجهه إحدى الدول الأربع المقاطعة لقطر لمواقف دول غربية من الأزمة الخليجية.
ولم تحدد دول الغرب موقفها صراحة من هذا التطور غير المسبوق في العلاقة بين قطر والدول العربية الأربع، رغم أن الأخيرة حرصت على تقديم كل المستندات والأدلة التي تكشف بما يقطع الشك تورط الدوحة في أكثر من ملف.
وكشفت مصادر أن مصر بصدد إطلاق حزمة جديدة من العقوبات ضد أشخاص وكيانات مرتبطة بالدوحة.
من جانبه اتهم وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أمس الخميس، دولا عربية بانتهاك القانون الدولي عبر مقاطعتها لبلاده ووصف الأمم المتحدة بأنها المكان المناسب لتبحث فيه الدوحة عن خيارات للتغلب على الإجراءات التي فرضت عليها.
أزمة الحصار.. بين
قال وزير خارجية قطر أمس بعد الاجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن الحملة برمتها تمثل سلسلة انتهاكات للقانون الدولي، وفقا لـ"رويترز".
وأضاف أن دولة قطر لن تدخر جهدا للتغلب على تلك الانتهاكات ومحاولة حلها من خلال القنوات السليمة مشيرا إلى أن الأمم المتحدة هي المنبر المناسب للبدء منه. 
وقالت سفيرة الإمارات بالأمم المتحدة لانا نسيبة إن الإجراءات التي اتخذت قانونية تماما ومبررة ومتناسبة واتهمت قطر بارتكاب انتهاكات صارخة، قائلة: "نأمل أن نرى حلا دبلوماسيا على المستوى الإقليمي من خلال المشاركة الحقيقية من جانبهم"، مضيفة أن للأمم المتحدة دورا مهما لتلعبه في مكافحة الإرهاب وأن الدول المقاطعة ستطلع غوتيريس ومجلس الأمن الدولي على التطورات أولا بأول.
وقال آل ثاني ، إن قطر تريد حل المسألة من خلال الحوار ولا تريد التصعيد.
كانت دول المقاطعة قد قررت إضافة 18 شخصا وكيانا على صلة بالدوحة على قوائم الإرهاب، حيث أدرجت السعودية ومصر والإمارات والبحرين تسعة كيانات أخرى تعمل في اليمن وليبيا وتسعة أشخاص يحملون جنسيات عربية على القائمة السوداء وقالت إنهم جميعا على صلة بقطر.
ويرى مراقبون أن الموقف المصري التصعيدي يؤكد أن الأزمة ليست في طريقها إلى الانفراج، كما يحاول البعض الإيحاء بذلك.
وطرحت الدول الأربع المقاطعة، عدة مطالب لعودة العلاقات مجددًا، لكن قطر ظلت متعنته  وتمسكت بعدم التدخل في شأنها الداخلي وأنها لا تدعم الإرهاب بأي شكل، وقال أمير قطر تميم بن آل حمد في أول خطاب ألقاه بعد خمسين يومًا من الصمت التام، إن الوقت قد حان لحل الخلافات مع الدول الأربع المقاطعة لبلاده ولكنه اشترط في الوقت ذاته أن أي حل للأزمة يجب أن يحترم سيادة الدول وألا يكون على شكل املاءات، مشيرًا إلى أن الحياة سارت في بلاده بشكل طبيعي رغم الإجراءات التي اتخذتها هذه الدول ضدها.
وفرضت هذه الدول قيودا على قطر، شملت إغلاق حدودها البرية والبحرية ومجالاتها الجوية، كذلك وقف دعمها وآويها للإرهاب.
ولم تفلح جهود وساطة، قامت بها الكويت في تحقيق تقدم يذكر حتى الآن، حيث أشارت تصريحات لوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إلى أن تسوية الأزمة لا تلوح في الأفق.
كان موقع "فوكس نيوز" الأمريكي، أكد في تقرير له أنه على الرغم من التصوير بأن قطر متماسكة وثباتها على موقفها يخفي وراءه مأساة اقتصادية قد تصيب البلد الخليجي، لأن الاقتصاد القطري متداخل بقوة مع اقتصادات سائر الدول التي أعلنت المقاطعة.
ويبدو أن الأزمة ستظل مستمرة بين التمسك الخليجي بالمطالب، والتعنت القطري، ما قد يؤدي إلي تصعيد جديد ودخول الدوحة في نفق مظلم ما لم تستجب للمطالب الخليجية.

شارك