الأزهر ومتابعات التطرف في أوروبا

الإثنين 31/يوليو/2017 - 05:20 م
طباعة الأزهر ومتابعات التطرف
 
يتابع مرصد الأزهر باللغات الأجنبية العديد من الدول الأوروبية وحركات الإرهاب والتطرف فيها بجانب رصده للإسلاموفوبيا وقد أصدر المرصد اليوم الاثنين 31 يوليو أحدث تقاريره والتي تحدث فيها عن مشكلة في منتهى الخطورة وهي "المسلمون الجدد وخطر التطرف والإرهاب"، هذا بجانب تقرير أخر عن "الاعتداءات في ألمانيا بين الإجرام والتطرف الديني".

المسلمون الجدد وخطر التطرف والإرهاب:

المسلمون الجدد وخطر
يؤكد مرصد الأزهر في تقريره أنه بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي أصبح واحدًا من التساؤلات المهمة هو البحث عن سبب انضمام الشباب الأوروبي بكثرة إلى هذا التنظيم؛ شباب يفترض أنه يعيش في أفضل مستويات التقدم العلمي والازدهار الاقتصادي، ومع ذلك يهاجر من أرضه لحياة لم يعهدها ولم يألفها. لكن من خلال تتبع السير الذاتية لهؤلاء المتطرفين نجد أن هناك سمة مشتركة بين كثير من هؤلاء الأفراد. عدد كبير من هؤلاء الأفراد من المتحولين للإسلام. أي أنهم لم يولدوا مسلمين وإنما تلقوا الإسلام من جهات معينة، نقلت لهم صورة مشوهة للدين وأوقعتهم في براثنها.
وقد لاحظ ذلك موقع صحيفة "The algemeiner" التي تناولت موضوع الجهاد، وذكرت أن الخطر يتمثل في المتحولين إلى الإسلام وعمليات التجنيد التي يقوم بها الجهاديون. 
وقد أوضحت كاتبة المقال أن معظم ما يرتبط بأذهان الناس حول الجهاديين المحتملين– من أنهم أوروبيين أو أمريكيين مهاجرين جاؤوا من الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا، أو أطفالهم في سن العشرين أو أقل، ممن يتحدثون العربية يحتمل انضمامهم لداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية في سوريا– هو خطأ، وأن الحقيقة هي ما قرره مركز أبحاث "Henry Jackson Society" من أن "المتحولين إلى الإسلام أكثر عرضة ليصبحوا إرهابيين بمقدار أربع مرات ممن ولدوا مسلمين"، وما ورد كذلك في صحيفة "The Washington Post" عام 2015 من أن "المتحولين إلى الإسلام هم من أكثر أتباع الإسلام الراديكالي تشددًا وخطورةً". هذا أيضًا بالإضافة إلى الدراسة الأخيرة التي أُجريت في هولندا والتي أظهرت بأن "نصيب المتحولين إلى الإسلام في التطرف الإسلامي يميل لأن يكون أكبر بصورة ملفتة للنظر" من هؤلاء المولودين مسلمين.
ولعل ما يؤكد هذا المعنى هو استعراض الهجمات الأخيرة؛ حيث نجد أن المتحولين إلى الإسلام قد ارتكبوا العديد من الهجمات منها في محاولة هجوم غارلاند 2015 بتكساس، ومقتل 4 أشخاص خارج مبنى البرلمان بلندن. 
وبحسب موقع The algemeiner فقد نقل عن موبين شيخ، متطرف مسلم سابق وخبير في مكافحة الإرهاب حاليًا وله كتاب بعنوان "Undercover Jihadi: Inside the Toronto 18". قوله: "كانت داعش في أيامها الأولى تمنح مكافئات وعلاوات للقائمين على عمليات التجنيد في حالة قدرتهم على تجنيد نساء؛ وكانت هناك وحدات مخصصة لتجنيد النساء الغربيات واستخدامهن في الدعاية لاسيما في استهداف المتحولين إلى الإسلام". 
إن المشكلة، كما يقول موبين شيخ، تكمن في أن معظم هؤلاء الشباب المتحولين إلى الإسلام "لم يتحولوا إلى الإسلام، ولكنهم تحولوا إلى التطرف". لذلك ينبغي على أسرهم أن تكون يقظة وتدرك ما الذي يتحولون إليه ومن الذين يستقبلونهم في بداية رحلتهم تلك، أهم السلفيون أم السنيون أم الصوفيون. ويرى موبين شيخ أيضًا أن هذا ليس كافيًا، لأنهم مضوا في طريق التطرف والإرهاب بالفعل، كما أن معظمهم معروفون لدى الشرطة؟ فاثنان من المهاجمين الثلاثة المتورطين في حادث لندن كانت هناك بلاغات بشأنهم؛ وهذا يعني أنه لا مفر من اللجوء إلى "الاستخبارات البشرية".
إذً تفتح هذه الأخبار الباب على موضوع في غاية الأهمية وهو من الذي يتولى أمور الدعوة في الغرب؟ فقد حذر الأزهر مرارا وتكرارًا من هذا الأمر ولا يزال فضيلة الإمام الأكبر في كل المحافل الدولية يعلن ترحيب الأزهر الشريف بالتعاون مع الهيئات المختصة في كل البلدان على إرسال دعاة من الأزهر الشريف وتقديم دورات للأمة في الغرب من أجل ضبط لغة الخطاب الإسلامي في الغرب والتأكد من أن الإسلام الذي يقدم لهذا الجمهور هو الإسلام الحقيقي بعيدًا عن تشويش المحرفين أو استغلال المتطرفين.

الاعتداءات في ألمانيا بين الإجرام والتطرف الديني:

الاعتداءات في ألمانيا
وقد تابع "المرصد" الأحداث الأخيرة المؤسفة في ألمانيا، والتي شهدتها مدينتا "هامبورج" و"كنستانس"، وراح ضحيتها أرواحٌ بريئةٌ، وأصيب فيها عددٌ كبيرٌ من الأشخاص، و كانت الشرطة الألمانية قد أعلنت يوم الجمعة عن هجومٍ بسكين في أحد المتاجر، أسفر عن مقتل شخص وإصابة أربعةٍ آخَرين، حسَب ما ذَكرت الشرطةُ ووسائل الإعلام.  هذا؛ وقد أَعلنت الشرطة في مدينة "هامبورج" أنّ الجانيَ البالغَ من العمر 26 عامًا، والذي قام بعملية الطعن هو من أصولٍ عربيّةٍ فلسطينيّةٍ، وقد صاح: "الله أكبر" عدّةَ مرّاتٍ، قبل أن ينهال بالسكين على أحد الأشخاص طعنًا، هذا ما أَخبر به أحد شهود العِيان، وكان عمدةُ المدينة السيد "أولاف شولتس" قد صرّح: أنّ الجانيَ هو أحد اللاجئين، وكان من المفترض أن يتمّ ترحيلُه إلى بلاده لولا عدمُ اكتمالِ أوراقه. وأشارت التحريات الأولى؛ أنّ الشاب كان يرتدي ملابسَ عربيّةً، وأنه على صلةٍ بعددٍ من الإسلاميين السلفيين، وهو يُعاني -طِبقًا لبعض الأخبار- من اضطراباتٍ نفسيّةٍ، وكان يَتعاطى المخدراتِ بشكلٍ مُنتظمٍ، وعلى الرغم مِن أنها أخبارٌ لم تؤكدها الشرطة التي تتولى التحقيقاتِ حتى الآنَ ولم تَنفِها؛ إلّا أن الحيطةَ والحذرَ مطلوبان في مثلِ هذه الحوادث التي قد يَتسبّب فيها أحدُ اللاجئين، بينما تُسارعُ بعضُ الصحف بين الحين والآخَر إلى التلميح بمُنطلقاتٍ دينيّةٍ إسلاميّةٍ؛ الأمر الذي يثير حفيظةَ كثيرٍ من المسلمين القاطنين في ألمانيا، ويؤجّج من مشاعر الكراهية، وفي هذا الصدد؛ يُشيد "المرصد" بالتدابير التي اتخذتها الشرطة بعد الحادث، والتريّث قبل الإدلاء بأيِّ تصريحاتٍ مسئولة، والتأكيد على أن جميع ما ورد في الصحف مجرد أقاويلَ لبعض الشهود الذين لم يُدلوا بذلك في التحقيقات الرسمية. 
وفيما يتعلق بتصريح عمدة المدينة السيد "أولاف شولتس"؛ مِن أنّ الجانيَ كان من المفترض أن يتمّ ترحيلُه إلى بلاده لولا عدمُ اكتمال أوراقه، فهو أمرٌ جدير بالنظر ومحل تساؤلٍ في الوقت نفسِه، فماذا تفعل الدولةُ إذًا حيالَ هذه المواقفِ التي نتج عنها قبل ذلك الكثيرُ من العمليات الإجرامية التي لا تتسبّب في إرباك الحالة الأمنية فحسب، بل أيضًا في زعزعة الثقة بين المجتمع الألماني وعموم اللاجئين؟ إضافةً إلى ما يَرِدُ في وسائل الإعلام من تَعاطٍ يَغلب عليه أسلوبُ التعميم وكَيْل الاتهامات ضدَّ كلِّ ما هو عربيٌّ إسلاميٌّ؛ ألَا يعني ذلك أن على الدولة المسارعةَ في إيجاد حلولٍ عمليّةٍ تُجاهَ الأجانب الذين لا يحق لهم البقاء في ألمانيا؟ ويقومون في الوقت نفسِه بممارساتٍ تُعلن عنها الدوائر الرسمية فيما بعدُ بأنها محلُّ ريبة؟!
وفي مدينة  "كونستانس"؛ أَعلنت الشرطة الألمانية مقتل شخصين وإصابةَ عددٍ من المواطنين في حادثِ إطلاقِ نارٍ في أحد الملاهي الليلية بالمدينة، وأَوضحت الشرطة أنّ شخصًا لقي حتفه إثرَ إطلاقِ أعيرة نارية في الملهى، كما لقي الجاني المشتبَهُ فيه حتفَه بعد تبادُل إطلاقِ النار مع الشرطة، وأصيب عددٌ من الأشخاص، ولم تؤكد الشرطة حتى الآنَ أيَّ ملابساتٍ حول الحادث.
وقد استبعدت الشرطة الألمانية، الأحد، وجودَ دافعٍ "إرهابيٍّ" خلفَ عملية إطلاق النار؛ حيث قال المتحدث باسم الشرطة في المدينة "فريتز بيزيكوفر"، لشبكة "ان تي في" التلفزيونية: "نحن لا نفترض أنّ هذا عملُ عنفٍ إرهابي"، وقال المتحدث: "إنّ مَسار الأحداث في الملهى الليلي بات أكثرَ وضوحًا، وهو يَستبعد في الواقع دافعًا إرهابيًّا". وأَوضحت الشرطة المحلية أنّ الجانيَ عراقيٌّ عمره 34 عامًا، يُقيم في المنطقة "منذ وقتٍ طويل"، قام في بادئ الأمرِ بقتْل شخصٍ بالرصاص وإصابة ثلاثةٍ آخَرين بجروحٍ بالغةٍ داخلَ الملهى الليلي، ثم جَرَح شرطيًّا في الخارج، قبل أنْ تُرديَه قوّاتُ الأمن قتيلًا عند محاولته الفرارَ، وأكّد المتحدث أنّ المعتديَ ليس من طالبي اللجوء، وأنّ ثمّةَ مشاكلَ شخصيّةً ربما تكون دافعًا خلف عملية إطلاق النار.
     كانت ألمانيا قد رَفعت مستوى الإنذار من وقوع اعتداءاتٍ إرهابيّةٍ، وخصوصًا بعد الهجوم الدامي دهْسًا بشاحنةٍ في سوق لعيدِ الميلاد في "برلين"، في ديسمبر الفائت، والذي قُتل فيه 12 شخصًا. لكنها تعرضت أيضًا لاعتداءاتٍ دمويّةٍ غيرِ مرتبطة بمنطلقاتٍ دينيّةٍ أو أيدلوجيّةٍ؛ ومن هذه الهجمات الدموية: قيامُ شابٍّ ألماني إيراني (18 عامًا) يعاني من اضطراباتٍ عقليّةٍ ومهووسٍ بعملياتِ القتل الجماعيّ بتنفيذِ مجزرةٍ في مركزٍ للتسوّق في "ميونيخ"، أَودت بحياةِ تسعةِ أشخاصٍ قبل أن يَنتحرَ مُطلِقًا النارَ على نفسه.
وإذ يتابع "المرصد" جميعَ التطورات على الساحة الإسلامية في ألمانيا والأخبار المتعلقة بها؛ فإنه يأسَف لوقوع هذه الأحداث التي يَصِفُها بالإرهابية؛ حيث أَدّت إلى مقتل وإصابة المواطنين، ويُدين جميعَ هذه الممارسات التي يقع ضحيتها أبرياءُ يأمُلون في سلامِ بلادهم وأمْنِها، ويُهيب "المرصد" بالسلطات الألمانية اتّخاذَ جميع التدابير الاحتياطية التي تَحول دونَ وقوعِ أيِّ أعمالٍ متطرفة من جانبِ أيِّ مجرمٍ، سواء كان من العرب اللاجئين أو غيرهم؛ لأنهم لا يُسيئون لدينهم أو مَنشأهم فحسب، بل يُسيئون إلى الإنسانية التي أَمر الله بصَوْنها وإعلاء قيمتها، كما يناشد "المرصد" وسائلَ الإعلام توخّي الحذر في التعامل مع هذه الأخبار وعدم التسرع في نشْرِ أيِّ معلوماتٍ قد تتسبّب في توجيهِ أصابعِ الاتّهام إلى الأديان أو الحضارات بصورةٍ عامّةٍ، بينما يتضح الأمرُ بعد ذلك؛ أنّها مُمارَساتٌ فرديّةٌ.

شارك