الاخوان.. وتناقضات المواقف عربيا من المغرب إلى الأردن

الأحد 20/أغسطس/2017 - 02:03 م
طباعة الاخوان.. وتناقضات
 
الأزمة الداخلية، أو أزمة التنظيم الدولي ان شئنا الدقة، هكذا يبدو العنوان أكثر وضوحا، بعد صراعات داخلية مستمرة بين قيادات ومجموعات داخل جماعة الاخوان وتنظيمها الدولي، الصراع على القيادة والتحكم في الموارد المالية للتنظيم الدولي والذي يعد المحرك الرئيس للجماعة وأفرعها على مستوى العالم.
هناك من ينادي بفك الارتباط مع التنظيم الدولي بداية من اتحاد المنظمات الاسلامية في اوروبا والذي يعد أكبر وأضخم مؤسسة إخوانية في أوروبا والذي يندرج تحت قيادته أكثر من 130 منظمة اجتماعية وفكرية واقتصادية، مرورا بحزب النهضة التونس وزعيمة الغنوشي الذي يعد أحد أعضاء شورى التنظيم الدولي والذي له باع كبير في التنسيق بين قطر والجماعة من ناحية ومن ناحية أخرى علاقاته بتنظيم الدولة "داعش"، الى بنكيران في المغرب الذي أعلن مؤخرا تبرأه من الجماعة حيث قال في 13 أغسطس الجاري رئيس الحكومة السابق و الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الاله بنكيران، في كلمته ضمن فعاليات مخيم شباب المؤتمر القومي العربي "أنه ليس من الإخوان المسلمين لكنه لن يتبرأ منهم، قائلا إن “ملاحظاتي عن الإخوان المسلمين كثيرة لكنني لا أريد التحدث عن الناس حين يكونون في محنة”.
الاخوان.. وتناقضات
وأضاف ابن كيران خلال لقاء جمعه بالمشاركين في مخيم الشباب القومي العربي: “المدرسة الأولى التي تعلمنا منها والثقافة الأولى التي رضعنا منها هي مدرسة الإخوان المسلمين وكتابات حسن البنا وسيد قطب وغيرهم، ولهم الفضل في ذلك”.وأكد ابن كيران، أنه لا علاقة تجمع حزبه وحركته بالإخوان المسلمين، وقال: “سبب ذاك تاريخي فقد نشأنا بدون قيادتنا التي كانت بالخارج ولم نكن نعرف مع من كانوا يتواصلون، وقطعنا الصلة بهم ونشأنا بأنفسنا”، على حد تعبيره. وخطاب بنكيران هذا انما يدل على تمسكه بخطاب الجماعة وآلياتها في التعامل حيث مسك العصا من المنتصف فهو يقوم بمحاولة فك الارتباط مع الجماعة على المستوى التنظيمي لكنه كغيره ممن قاموا بمثل هذا العمل لا يستطيع فك الارتباط الفكري او المنهجي، مما يؤكد على استحالة تصديق من يتشدقون بفك الارتباط مع الاخوان سواء كانوا في الداخل او الخارج.
وعلى صعيد أخر قد رصد الكاتب بشير البكر في "العربي الجديد" تأثير جماعة الاخوان على الثورة السورية وكيف كانت الجماعة السبب الرئيس في افشال محاولات ما اطلق عليه الربيع العربي للوصول الى الديمقراطية متخذا من سوريا مثال للدراسة حيث يقول "يتحمّل الإخوان المسلمون قسطا أساسيا من مسؤولية الفشل الذي وصلت إليه الثورة السورية، بل هناك من يحمّلهم القسم الرئيسي، ويعتبر أنهم تصدّروا الواجهة، من دون أن يرتقوا إلى مقام الثورة باعتبارها مشروعا تاريخيا.
وحين يجري التطرّق إلى موقف “الإخوان” اليوم، يتم التوقف عند ثلاث محطات مفصلية. تتمثل الأولى في الرهان عليهم في بداية الثورة لتشكيل قطب إسلامي معتدل، وخصوصا في عامي 2011 و2012، حين بدأت الجيوب الإسلامية الأصولية بالتشكل، والتي تطورت لاحقا إلى تنظيمي داعش وجبهة النصرة."
الاخوان.. وتناقضات
ويستطرد قائلا "كان الأمل معقودا على الإخوان المسلمين من أجل قطع الطريق على التطرّف الأصولي الذي أخذ يستشري في الساحة السورية بسرعة، ويعبّر عن نفسه من خلال تشكيل كتائب إسلامية مسلحة، الأمر الذي سمح لأطراف خارجية بالتسلل إلى الثورة من الأبواب الخلفية. وسبب هذا الرهان أن “الإخوان” كانوا قبل الثورة قد أجروا مراجعةً لتجربة الثمانينات المأساوية، وقدّموا أنفسهم حركة تنبذ العنف وتحتكم إلى الديموقراطية، وتؤمن بالتعدّدية والانتقال السياسي السلمي.
ربما حاول “الإخوان” الوقوف أمام مهمة احتواء موجات التطرّف والشرذمة الإسلامية، ولكن معاينة دقيقة لمجريات الموقف في ذروة التشكيلات الإسلامية العسكرية في عام 2013، والتي تجاوزت مائة، لا توحي بذلك، بل هناك من يعتبر أن مواقف “الإخوان” الضبابية شكلت مولدا لفلتان الساحة السورية، وولادة الدكاكين تحت مسمياتٍ إسلامية، وبداية ظاهرة أمراء الحرب في مطلع عام 2013 تحت راية الإسلام.
على العموم، كان على الإخوان المسلمين المبادرة للوقوف في وجه الطفح الأصولي، ليس من أجل المصلحة الوطنية فقط، بل من أجل تمييز أنفسهم عن الموجة الأصولية العارمة، لا سيما وأن هناك من حسب الكتائب والرايات السوداء على الإسلام، وأن أصحابها تأثروا بالأطروحات الفكرية لـ “الإخوان”، ولديهم المرجعيات نفسها.
تتمثل المحطة الثانية في الدور الذي لعبه الإخوان المسلمون على صعيد حرف بوصلة الثورة، فهم وضعوا ثقلهم، منذ الأسابيع الأولى، من أجل صبغ الثورة بصبغةٍ إسلامية، وتجلى ذلك من خلال إطلاق أسماء الجمع، فبعد أن كان الحراك يركّز على الحرية والسلمية والمدنية، جاءت مسميات “الإخوان” إسلامية الطابع، وقد لعبت بعض وسائل الإعلام، مثل قناة الجزيرة، دورا في ترويج هذه المسألة. وأدى هذا التوجه إلى تهميش الألوان الأخرى في الثورة، حتى اختفت التعدّدية بالتدريج. وقد ترافق ذلك مع تصدر “الإخوان” المشهد السياسي، ولعبوا الدور الأساسي في تشكيل أول مجلس وطني سوري، وتمكّنوا من حيازة نسبةٍ عاليةٍ من مقاعد المجلس لا تتناسب مع حجم الحركة السياسية على الأرض داخل سورية، وظهر في صورةٍ واضحةٍ أن لعبتهم الرئيسية تدور من حول السلطة. ولذا، دخلوا لعبة التحالفات والكواليس، بما فيها من تسوياتٍ ومساوماتٍ، أدت إلى نتائج عكسية وضارة على الثورة.
المحطة الثالثة هي القيام بوقفة ومراجعة لمسيرة أعوام الثورة، من أجل المساهمة في وقف قاطرة التدهور التي تزداد سرعتها كل يوم. وتكتسي المراجعة أهميةً من عدة اعتبارات. الأول ذاتي في ما يخص تصليب موقفهم باعتبارهم حركة سياسية، بما يفيد العملية الديموقراطية، وإعادة بناء صف وطني في وجه النظام والاحتلالين الإيراني والروسي. والثاني على صعيد وضع الفصائل الإسلامية التي بدأت تأكل بعضها وزاد ضررها، وتحولت إلى وبالٍ على السوريين، كما هو حاصل اليوم في إدلب التي تؤكد المؤشرات أن مصيرا أسود ينتظرها، بسبب أن جبهة النصرة تختطفها.
ليس قيام الإخوان المسلمين بالمراجعة تمرينا سياسيا يتطلبه التكتيك المرحلي، في فترة التراجع الكبير، وإنما هو حق للسوريين عليهم، يتعدّى السياسة إلى الأخلاق، ولا يسقط بالتقادم.
الاخوان.. وتناقضات
وكان الباحث الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية إبراهيم الغرايبة رأي في نجاح اخوان الأردن في الانتخابات الاخيرة أن الرسالة الاستراتيجية التي ودّ الأردن إرسالها للداخل والخارج، في النجاح الذي حققه الاخوان المسلمون في الانتخابات اللامركزية يوم أمس الثلاثاء 15 أغسطس 2017، تتلخص في أن الإخوان ليسوا أعداء النظام، لكنهم أيضاً ليسوا حلفاءه، وأن الأردن ليست كمصر أو الإمارات، كما أنها ليست قطر أو تركيا.
وقال الغرايبة، في مقابلة مع 'سبوتنيك' يوم الأربعاء 16 أغسطس 2017، إن 'الرسالة الاستراتيجية التي أرادت أن ترسلها الدولة، هي أنها لا تريد المضي في المواجهة مع الاخوان إلى النهاية، وأنها تريد وضعهم في السياق الملائم.. لا عداوة ولا تحالف كبير'، مبيناً أن هذه الرسالة تصاغ عندما تتوجه إلى العالم بأبجدية أخرى، تقول 'الأردن ليست مصر ولا الإمارات ولا هي قطر وتركيا'.
هذه بعض المواقف المحيطة بجماعة الاخوان وتنظيمها الدولي بين الرفض والقبول مما يوضح ان هناك بعض الدول ما زالت تتعامل مع الجماعة وتنظيمها الدولي على اعتبار قوتها التنظيمية في الشارع مما يؤثر على اتخاذ خطوات واضحة في مواجهتها وكذلك استراتيجية الاخوان في التلون والتخفي والعيش في كنف الانظمة التي يريدون اسقاطها ببعض من اساليب المواربة او ما يسمى بالمراجعات او تعديل المواقف، كل هذا يضعنا امام تنظيم لديه مرونة تكتيكية هائلة في التعامل مع المواقف الصعبة خصوصا الخوف من الاتهام الدولي او تصنيفه عالميا كمنظمة ارهابية.

شارك