كشاف د. رفعت السعيد عن إرهاب الإخوان المتأسلم

الخميس 18/أكتوبر/2018 - 03:06 م
طباعة كشاف  د. رفعت السعيد حسام الحداد
 
المعزي لكل محبي الراحل الكبير المفكر اليساري الدكتور رفعت السعيد هو بقاء كتبه لتمد الاجيال القادمة بكشاف وافي عن جماعات التاسلم السياسي تكشفهم وتفضحهم  فطوال هذه الإصدارات المتميزة لم يستطيع اخواني واحد ان يقدم ردا علي افكارها وسطورها وفي هذه الدراسة نقدم زبدة هذه الكتب التى سوف تظل زاد ضد جماعات الارهاب 
 حسن البنا متى وكيف ولماذا ؟
 أسس حسن البنا (جماعة الإخوان المسلمين) عام 1928 كجمعية دينية صرفة ذات أهداف خيرية... "جمعية الدعوة إلى كتاب الطريق الأول الذي لا يصلح أمر الناس إلا عليه... كتاب الله وسنة رسوله" حسب حسن البنا.
وعام 1929 كان للجماعة 4 شعب، وصارت 300 عام 1938 و400 عام 1940 و2000 في 1948
 وقال البنـّا أثناء محاكمته إن عدد الأعضاء عام 1945 وصل إلى نصف مليون عضو. وفي تصريح له لمجلة "آخر ساعة" قال إنهم مليون ونصف المليون عضو، وهناك شهادة أمام محكمة أخرى أن عددهم وصل إلى ما يقرب من 200 ألف عضو من غير الطلبة.
واختار البنا لدعوته في البداية مجلة (النذير) 1938 وفي افتتاحيتها كتب انه وجماعته سينتقلون : "من دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال" (النذير ماي 1938).
وعند البنا (المرشد العام) "الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه ويعتمد على التنفيذ كما يعتمد على الإرشاد. وقد جعل النبي الحكم عروة من عرى الإسلام، والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول، لا من الفقهيات والفروع؛ فالإسلام حكم وتنفيذ كما هو تشريع وتعليم، كما هو قانون وقضاء، لا ينفك واحد منهما على الآخر" (مذكرات الدعوة والداعي).
ويضيف: "الذين يظنون أن تعاليم الإسلام إنما تتناول الناحية العبادية أوالروحية دون غيرها من النواحي، مخطئون في هذا الظن، فالإسلام عبادة وقيادة ودين ودواء، وروحانية وعمل، وصلاة وجهاد ومصحف وسيف، ولا ينفك واحد من هذين عن الآخر" (المذكرات).
ومعلوم أن حسن البنا وجماعته وفكرهم كانوا في حالة تفاعل مع فكر ورؤى أبي الأعلى المودودي الذي يقول: "الإسلام نظام جامع، محكم أسس على مبادئ حكيمة متقنة، ومن أركانه الكثيرة المهمة إلى الجزئيات الصغيرة الدقيقة، كلها ترتبط بتلك المبادئ ارتباطا منطقيا...".
ويقول المودودي حسب تفكيره : "كلمة الدين في الإسلام تقوم مقام نظام بأكمله، يتركب من أجزاء أربعة هي : 1( الحاكمية والسلطة العليا 2)و( الطاعة والإذعان لتلك الحاكمية والسلطة 3)و( النظام الفكري والعلمي المتكون تحت سلطان تلك الحاكمية 4)و(المكافأة التي تكافئها السلطة العليا على أتباع ذلك النظام والإخلاص"= (كتاب : المصطلحات الأربعة في القرآن).
ويقول الباحث رفعت السعيد (الذي استفدنا كثيرا من تجميعه لمادة ثرية وموثقة عن البنا وجماعته) أن حسن البنا كان حذرا من السياسة في السنوات العشرالأولى ثم انه صرّح: "أستطيع أن أجهر في صراحة بأن المسلم لا يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيا بعيد النظرفي شؤون أمته مهتما بها غيورا عليها..." في( الإخوان المسلمون 16/4/1946)
 ويقول البنا: "الإسلام فكرة وعقيدة ونظام ومنهاج لا يحده موضع ولا يقيده جنس ولا يقف دونه حاجز جغرافي ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها" (الإخوان المسلمون تحت راية القرآن).
وفي نص آخر يتساءل البنا عن طبيعة جماعته لكي يوحي بما يريده أن يبقى غامضا أوعاما فيقول متسائلا: "هل نحن طريقة صوفية،جمعية خيرية، مؤسسة اجتماعية، حزب سياسي؟ نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة... نحن نجمع بين كل خير" "الإخوان دعوة سلفية، طريقة صوفية، هيئة سياسية، جماعة رياضية، رابطة علمية ثقافية، شركة اقتصادية وفكرة اجتماعية" (في أنورالجندي، الإخوان المسلمون في ميزان الحق...)
لكن البنا يقول في مكان آخر لإخوانه: " انتم لستم جمعية خيرية، ولا حزبا سياسيا، ولا هيئة موضعية الأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد ونور جديد وصوت داو" (نفس المرجع).
ونفى البنا الفصل بين الدين والسياسة "ليس هناك شيء اسمه دين وشيء اسمه سياسة هذه بدعة أوروبية" (النذير ع10/1938).
وحين كبر تنظيم الجماعة ظهرهدفها السياسي كشيء أساسي. يقول البنا: "لقد آن الأوان أن ترتفع الأصوات بالقضاء على نظام الحزبية في مصر، وأن يستبدل به نظام تجتمع فيه كلمة وتتوفر جهود الأمة حول منهاج قومي إسلامي صالح" فالأحزاب في نظره يجب أن تزول ويمكن أن تقوم حكومة تمثل الشعب من غيرأحزاب لأن الأحزاب في نظره تقسم الأمة ولا تتفق مع المنهاج الإسلامي... (البنا: مشكلاتنا في ضوء نظام الإسلامي، وفي: الرسائل الثلاث) وحل الأحزاب الذي يطالب به "سيتلوه قيام حزب على أساس برنامج إسلامي إصلاحي" (الرسائل الثلاث) ويضيف "نحن لا نسعى للحكم ولكن هو الذي سيسعى إلينا فيما نعتقد ..." (المصور 1/3/1946).
يقول البنـّا: "نحن مسلمون وكفى، ومنهاجنا منهاج رسول الله... وكفى، وعقيدتنا مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله وكفى..." و"الإسلام طاعة وحكم ومصحف وسيف" (المذكرات).
وفي "نحوالنور" 1938 يقول البنا: "لا بد من جديد في هذه الأمة... الجديد هو تغييرالنظم المرقعة والمهلهلة التي لم تجن منها الأمة غيرالانشقاق والفرقة... هو تعديل الدستور المصري تعديلا جوهريا توحّد فيه السلطات" "فإذا أبوا فجاهدوهم به جهادا كبيرا".
 ويتراجع البنا حين يخشى ردود الفعل فيقول:" إن الدستور بروحه وأهدافه العامة، لا يتناقض مع القرآن من حيث الشورى وتقرير سلطة الأمة وكفالة الحريات.. وأما ما يحتاج إلى تعديل منه يمكن أن يعدل بالطريقة التي رسمها الدستورذاته" (في"نحوالنور"وفي أنورالجندي، الإخوان...) ويضيف حسن البنا: "الجماعة... مؤمنة مخلصة... لا تنكر الاحترام الواجب للدستور باعتباره نظام الحكم في مصر، وهي تعلم أن إهاجة العامة ثورة، وان الثورة فتنة، وان الفتنة في النار"(النذير ع 33) ومع ذلك يقول البنا : وعند المودودي "الشعب ليس حرّا في اختيار نظام الحكم الذي يريد فإنهم معرضون للخطيئة ما لم يلزموا أنفسهم بحكومة تقوم على أسس دينية" (المودودي، في (الحجاب) ويقول المودودي "المبدأ الرئيسي للديمقراطية الجديدة أن الناس بأيديهم أنفسهم، حكمهم وتشريعهم، والى أنفسهم كل التصرف في القوانين، يضعونها كما يشاءون" "ومن البديهي انه إذا كانت قوانين الحياة الجماعية كلها تابعة للرأي العام وكانت الحكومة كالعبد لإلاه هذه الديمقراطية الجديدة، فلا يمكن لسلطات القانون والسياسة أن تصون المجتمع من الانحلال الخلقي" (في : محمد عشماوي، تاريخ الفكر السياسي المصري 45-1952).
وفي 1948 أدخل في النظام الأساسي لتنظيم الجماعة ما يلي: "يعتمد الإخوان في تحقيق أغراضهم على وسائل الدعوة والتربية والتوجيه والعمل وكل وسيلة أخرى مشروعة..." (البنـّا : إلى أي شيء ندعو الناس).
 -لقد قدم حسن البنا في تنظيرة لفكر الجماعة "القرآن دستورنا" بدلا عن دستور مصر لسنة 1923، و "الرسول زعيمنا" بالضد من زعامات مصرالسياسية في زمنه ومنهم النحاس باشا زعيم الوفد، (العدو للبنـّا)، و "الخلافة الإسلامية" بديلا عن الوطنية المصرية...(في : نحو النور) .
ويرى حسن البنا أن جماعته "تحب الإجماع" وتكره الشذوذ.. ! ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" (الرسائل الثلاث) ونادى بان "لا مناص بعد الآن من أن تحل هذه الاحزاب جميعا" (مشكلاتنا في ضوء الإسلام) لذلك رد النحاس باشا زعيم الوفد ورئيس الحكومة على البنا المتحالف مع الملك ضمنيا، وصرح النحاس انه ضد "إقحام الدين في ما ليس من شؤونه وإيجاد سلطة دينية خاصة بجانب السلطة المدنية" "الإسلام لا يعرف سلطة روحية، وليس بعد الرسل وساطة بين الله وبين عباده" . 
وينسب المخالفون للبنا ولجماعته تهما سياسية كثيرة حول علاقات سرية أوتواطئ بين بعض قيادات الإخوان، بما في ذلك حسن البنا نفسه مع القصر ومع الملك، ومع إسماعيل صدقي ومع علي ماهر، وهما قد ترأسا الوزارة المصرية، وهناك من نسب للإخوان صلات مع البريطانيين، ومع الايطاليين الخ ...بل إن بعض رموز الإخوان ومنهم محمود أبو زيد عثمان قد كتب في "النـّذير" وهي مجلة الإخوان، عند احتدام الصراع بين الأجنحة، كتب بأنّ حسن البنـّا موال للقصر ولعلي ماهر ويتلاعب بأموال الجماعة ويرفض تطبيق مبدإ الشورى ويحمي بعض الشخصيات غيرالأخلاقية مثل صهره الشيخ عبد الحكيم عابدين. (آمال السبكي، التيارات السياسية في مصر 45-1952 رسالة ماجستير غير منشورة مصر.)
اعتمد تنظيم "الإخوان المسلمون" قاعدة "بيعة" حسن البنا بصفة "الإمام المرشد" لـ "جماعة المسلمين" وليس لـ "جماعة من المسلمين" واعتبارتلك الجماعة نفسها بمنزلة "أولى الأمر" و"أصحاب الحل والعقد" وان للجماعة فكرة ودعوة "للجهاد" أنيط تنفيذها "للجهاز السري" (العسكري) الذي نظم بشكل سري في الظاهر، يمارس الرياضة بما يشبه العمل الكشفي، وفي الواقع يتدرب تعبويا وفنيا وقتاليا على عمليات "جهادية" وهكذا كان انتقال الإخوان من المسك بالمصحف إلى المسك بالمسدس وذلك ما عناه حسن البنا بقوله : "نحن حرب على كل زعيم أو رئيس أو هيئة لا تقوم على نصرة الإسلام، ولا تسير في الطريق إلى استعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام" "النذير ع1" 1357 هـ والجهاد عند البنـّا يقع في 3 مراحل : التعريف ثم التكوين ثم التنفيذ.
أقام حسن البنـّا لغرض مجاهدة أعداء الجماعة "الجهاز السري الخاص" واختار قيادته من فرق الجوالة التي كان يوظفها مع الملك والحكومة ضد معارضيها من الوفديين والليبراليين واليساريين وكان عدد المتدربين 45 (خمسة وأربعين ألفا) عام 1945، والمرشح للانتماء للجهاز الخاص والسري عليه أن يبايع في غرفة مظلمة ويؤدي القسم على مصحف ومسدس، وذلك الجهاز أنشئ منذ العام 1930 وهناك من يجعل عام 1942 بداية لإنشائه والقسم يؤدّي أمام حسن البنا المؤدلج للجهاد وخاصة عبر ما كتبه في "صناعة الموت" وفي "فن الموت" (الإخوان المسلمون 16/8/1946). 
وفي العام 1948 اكتشفت الشرطة مخابئ سلاح ومفرقعات للجهاز الخاص... وتحدث انفجاريات واغتيالات متبادلة بين الإخوان ورجالات الدولة (46-47 و1948) منها اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي باشا...
واضطر حسن البنا ليبلع الزعاف حين اصدر بلاغه الذي يدين فيه رفاقه وتلامذته ويدين نفسه وفكره بنفسه "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" لعله ينقذ بعض ما بقي من التنظيم ومن الفكرة ومن الإخوان. 
ودارت لعبة الدين والسياسة دورتها بين الإخوان وبين الدولة، ومرة أخرى كتب البنا آخر كتاباته : "القول الفصل" برّر فيه ما حدث ثم انه كتب "بيان للناس" الذي استنكر فيه مرة أخرى جرائم رفاقه ولكن بعد أن فات الأوان، وحلت الجماعة والقي القبض على الآلاف من الإخوان، أما حسن البنـّا فقد بقي طليقا ووحيدا وكان ذلك أتعس عليه من التعذيب الوحشي الذي تعرض له رفاقه الموقوفون بالآلاف.. ويسجل رفعت السعيد مؤلف أعمق دراسة عن الإخوان المسلمين في لعبة السياسة" (1978) والصفحات السابقة مقتبسة منها) بأنّ حسن البنـّا وقع استدراجه واغتياله في 12 فيفري 1949 لكن الاغتيال الحقيقي أي تاريخيا أو بمعنى "الانتحار السياسي" للبنا قد كان يوم كتب "بيان للناس" أو يوم كتب "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" أم هو يوم "تأسيس الجهاز الخاص السري والحربي" باسم "الجهاد" الذي تحول إلى جهاز جريمة.
ومن بين ما أورده رفعت السعيد رأيا لطه حسين مضمونه "ما هذه الأسلحة وما هذه الذخيرة التي تخبـّأ في بيوت الأحياء وفي قبورالموتى ؟ ما هذا المكر الذي يكمن، وما هذه الخطط التي تدبّر، وما هذا الكيد الذي يكاد لمّ كل هذا الشر، ولمّ كل هذا الكفر وقد رخصت حياة المصريين على المصريين.. يقال إنها إنما رخصت بأمر الإسلام الذي لم يحرّم شيئا كما حرّم القتل ولم ينه عن شيء كما التعاون على الإثم والعدوان".
الإخوان المسلمون وطبيعة معارضتهم
في كتاب مجرد ذكريا ت يقول السعيد لقد كان رد الفعل الإخواني على العدوان الثلاثي عام 1956م غريباً !ففي حين كان الشيوعيون يرفعون شعار «الدفاع عن الوطن» رفع الإخوان شعار «لا عدوان إلاّ على الظالمين » يتحول السياسي ،إذ يطلق شعاراته إلى ممثل يتلبسه الدور المسرحي ،فيفعل المستحيل كي يتقن أداء الدور،ومن هنا...فأنت قد ترفع شعاراً سياسياً لا يلبث أن يتلبسك فيستبد بك»172ص. لهذا كانت عاطفة الشيوعيين مشدودة إلى الوطن ،ومواجهة العدو،وكان الإخوان المسلمون بين منشق ،وأكثرهم ضباط سابقون في الجيش في الجيش» فؤاد جاسر –حسين حمودة – جمال ربيع » أوجعتهم عقيدتهم العسكرية إذ وجدوا قيادتهم الإخوانية تمتلىء سروراً بالعدوان على جيشهم ووطنهم »172ص.وانقسم الإخوان إلى جماعة ترى نفسها «جماعة المسلمين”وأخرى ترى نفسها “جماعة من المسلمين»،وفسّر شيخ الجماعة «شريت» مناماً يبشر فيه بسقوط عبد الناصر في عدوان 1956م. التعبير الطبقي لجماعة الإخوان:
كان السجن صورة مصغرة للمواقف الطبقية لكلا التيارين السياسيين ،الشيوعيين والإخوان المسلمين ، ففي حين كان الشيوعيون في مأكلهم وعلاقتهم قائمة على إلغاء التمايزات بينهم ،ليس انعكاساً لتنظير وإنما حالة فطرية طبيعية تفرضها ظروف السجن – كان الإخوان يبنون مجتمعاً طبقياً داخل السجن. فرأس المال الذي كان يأتي إلى السجناء الشيوعيين من أهاليهم كان يجري تأميمه «ليس قسراً ،ولا إعمالاً لما في الكتب من نصوص ،وإنما لنوازع فطرية/ففي مكان كهذا هل يطاوعك قلبك أن تنزوي في ركن خيمة يعيش فيها عشرة أشخاص لتأكل منفرداً ،أو تشرب شاي وحدك ، أو تدخن سيجارة دون غيرك»180ص.لكن الإخوان في الطرف الآخر ، استندوا إلى فهمهم الخاص للحلال والحرام ،وخصصوا زكاة للجماعة وليس للفقراء ، أقاموا مجتمعاً غريباً أساسه التمايز بين الأغنياء والفقراء، وسادة وخدماً نفقد وصل المر بالأستاذ حامد أبو النصر ،المرشد العام للإخوان فيما بعد «بأن اكترى خادماً من بين إخوته السجناء، ألبسه طربوشاً أحمر ،وحزاماً أحمر وأوقفه بباب خيمته،ليلبي كل ما يأمر به (أليس هذا حلال في الإسلام ؟) ونبت في داخل المجتمع الجديد (مجتمع «الإخوان» شوك مستسلم يعمل في كل المهن المفترضة وغير المفترضة ،حتى من يغسل الملابس بأجر وآخر يكويها ،وثالث يعد الطعام للسادة.. باختصار أقام الإخوان متسلحين بمنطق الحلال والحرام مجتمعاً طبقياً وحشياً.. وقد ساد منطق الحلال والحرام افتقدت بعض التصرفات إمكانية التلاؤم حتى مع القيم. فواحد من قادتهم زارته زوجته ،وبجوار غرفة المأمور، أي بجوارنا جميعاً أقاموا خيمة مستعجلة، وأوقفوا أمامها حارساً كي يختلي الرجل بزوجته، أليس هذا حلالاً؟.. وككل المجتمعات الطبقية احتاج الأمر إلى جهاز أمن ورجال الجهاز السري لجماعة الإخوان جاهزون ،يراقبون الحاجز الممتد بيننا وبينهم»181ص.وبسبب الخلاف حول موضوع: هل هم جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين، فقد قام جهاز الأمن الذي شكلوه داخل السجن بتنفيذ الحد على الشيخ فارس ،وهو من مؤسسي الجماعة ،ولأنه يقول برأي «إنهم جماعة من المسلمين» فلقد «تولى الأخ مهدي عاكف (أحد قادة الجهاز السري ،ولم يزل قائداً في صفوف الجماعة حتى الآن ) إقامة الحد. لا يوجد سيف كي يضرب بحده، فانتزع من الأرض وتداً من ذلك الذي يثبتون فيها الخيام ، وشج به رأس المارق الشيخ فارس»183ص. لقد كان العدوان الثلاثي مؤلماً على الشيوعيين خوفاً على الوطن ،فقرروا المشاركة الوجدانية، ولو بأسلحة من خشب ،مع تمارين يومية داخل السجن ، أما الإخوان باستثناء من شق عصا الطاعة وخرج عن الجماعة فقد« كانوا يعولون بهتافات مدوية كلما استمعوا عبر الراديو(الذي يملكونه سراً مثلنا)ما يفيد بانتصار العدو، وكانوا سعداء بهزيمة الوطن ،ويهتفون من أعماقهم في سرور فاضح «الله أكبر ،ولا عدون إلاّ على الظالمين» وهذا الفعل الفاضح ضد الوطن كان إيذاناً بانقسامهم إلى مؤيدين ومعارضين «تذكرت هذا الفعل الفاضح عندما قرر متأسلم آخر في حديث تلفزيزني ،ودون خجل أنه سجد لله شكراً عند سماعه هزيمة عبد الناصر في 1967م)»183ص. عبد الناصر وموقف السعيد منه:
لم يكن موقف والد رفعت السعيد من ثورة يوليو إيجابياً، وكان يراها انقلاباً عسكرياً ، على الفترة الذهبية للعصر الملكي ،وكانت ورشته تدر أرباحاً عالية، فجاء عهد الثورة لتنمو كائنات الفساد ،التي رفض الأب أن يتعامل معه بأعمال مزيفة غرضها سرقة المال العام ،من خلال شراء قطع غيار على الورق وليس في الواقع ،ومع ذلك استمر الأب ميسور الحال ،بل أحد أغنياء الطبقة الوسطى ،ولم يكن موقف الابن «رفعت السعيد» من ثورة يوليو طيلة المذكرات سوى أنها «حركة الجيش، وديكتاتورية لجمال عبد الناصر ،وان التحولات الاجتماعية كانت شكلية ،ومجرد أرقام يضخها الإعلام دون سند من الواقع! لهذا يورد السعيد كل قصة، سواء عن المعتقلات أو الصحافة،أو السفراء أو التحولات الاجتماعية لترتد على جمال عبد الناصر كنموذج على ديكتاتوريته وتنكره لأقرب الناس إليه. ففي قصة السجين «علي حنيطر» الذي كان عبد الناصر يقضي إجازته الأسبوعية عندهم ،حين كان في القاهرة طالباً في الكلية الحربية، فأبوه صديق لعبد الناصر حسين ،أبو جمال، ويعمل مديراً لمكتب بريد، وكانت أم علي حنيطر ، ألست أم علي تعامله كأحد أبنائها ،وحين أصبح جمال ضابطاً تنكر لهذه الأسرة حسب رواية السعيد ،وعندما اعتقل ابنها علي حنيطر، حاولت الأم الاتصال بمكتب الرئاسة ،لتخبر الرئيس جمال عبد الناصر بقضية ابنها ،لكن الرد من مكتب الرئاسة كان صداً لها ، ولم تجد أذناً صاغية! يتساءل رفعت السعيد وهو يورد أساليب التعذيب والقمع قائلاً «هل كان عبد الناصر أو الناصرية بحاجة إلى ذلك بينما كان التفاف الناس حولهما كافياً.. وموحياً ، وقادراً على القيام بهذه التنقية؟ إن وجد أحد من خبراء الناصرية أو أنصارها أو خصومها إجابة ممكنة الفهم سأكون ممتناً له» وكان الأجدر به أن تتسع رؤيته ليستقرىء نماذج الحكم اليسارية في الوطن العربي، ناهيك عن الدول الاشتراكية الأخرى ،وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي، ليحلل مشكلة الديمقراطية لدى أحزاب اليسار بشكل عام. هل كانوا بحاجة إلى سلوك طريق الخصي والإقصاء للمختلف معهم طالما أن التحولات الاجتماعية التي تبنوها قد أوجدت لهم جمهوراً مستفيداً من هذه التحولات أم بناء هذه التحولات ،والمخاطر الخارجية قد دفعت الأنظمة اليسارية أن تشدد من قبضتها الحديدية لتلغي حق الناس بالحرية الذي لا يقل عن حقهم برغيف الخبز؟.
الارهاب المتاسلم 
وفي هذا الكتاب “الارهاب المتأسلم” يحذر السعيد من فكر جماعة الإخوان المسلمين، من حيث توجهاتها الشاذة وتأسلمها الخاصة بها، مشيرا إلى أن هذا الفكر المتأسلم تبلور في آليات الجهاز السري الإرهابي الذي أسسه حسن البنا واختار رجاله بنفسه بعد أن تلقى بيعتهم بنفسه أيضا.
لم يكن حسن البنا ذلك الوديع الهادئ، ولا كان ذلك “الرجل الرباني” كما أسماه أصحابه، ولا مجرد داعية للخلافة باعتبارها وراثة النبوة، ولا كان مجرد سياسي متلون بتملق الحكام، وينتقل بولائه من حاكم لحاكم.. فماذا كان إذن؟
يجيب الكاتب: في كتاب “مذكرات الدعوة والداعية للبنا” تحدث فيه عن “منهاج” (برنامج) الجماعة فقال نصا: على كل مسلم أن يعتقد أن هذا المنهاج كله من الإسلام، وأن كل نقص منه نقص من الفكرة الإسلامية الصحيحة (ص 183) وتفسير هذه العبارة مخيف، فبرنامج الإخوان كما يقول البنا كله من الإسلام، فهل يجرؤ أي إنسان أن يعترض على عبارة أو رأي أو فكرة أو حتى حرف من “الإسلام”، ونأتي إلى شخصية أصبحت ولم تزل من أهم شخصيات الإرهابي المتأسلم، نأتي إلى أمير المؤمنين في جماعة القاعدة أيمن محمد ربيع الظواهري.
ويشير الكاتب إلى اعترافات أيمن الظواهري وما كتبه عن نفسه كاذبا، وما كتبه عن منتصر الزيات وتصفيته لحسابات غير معلومة ومتناسيا أنه هو أيضا اعترف فور القبض عليه.
ويحكي الظواهري عن بدء خلافه مع الإخوان، فبعد الإفراج عن الإخوان في عهد السادات اتصل بهم زميله يحيى هاشم (وكيل النيابة) باعتبارهم هم القادة الشرعيون للحركة الإسلامية وعرض عليهم مشروعه الجهادي، وكان ردهم أن تكون لهم القيادة، ولكنهم لا يتحملون مسؤولية أية مشكلة قد تحدث.
وفي قضية الفنية العسكرية حاول يحيى هاشم تهريبهم من السجن، وهرب يحيى هاشم هو وعدد من رفاقه إلى منطقة جبلية في محافظة المنيا وتمركزوا تحت غطاء أنهم وحدة عسكرية، لكن الشرطة هاجمت الموقع، وقتل هاشم الذي وصفه أيمن الظواهري أنه رائد في جهاد النظام المعادي للإسلام في مصر.
وبعد ذلك بدأ الظواهري في هجوم عنيف على الإخوان الذين لم يتحركوا لإثارة قضية السنانيري، ثم يهاجمهم لأنهم امتدحوا مبارك لأن في زعمهم لم يعذب الإخوان، ولأنه فتح باب الحريات واسعا، بل وأرسلوا برقيات تهنئة لحسن أبو باشا قاتل السنانيري على نجاته من محاولة اغتياله ويمضي الظواهري ليروي حكايات غير موثقة ولم يقل بها غيره مدعيا لنفسه ولإخوانه بطولات بعضها صحيح وكثير منها مبالغ فيها.
وفي هذا الجزء من الكتاب المعنون بـ “شهود يستدرجون شهودا” يقول الكاتب: قد أدلى بشهادته من رجال الشرطة سواء أمام النيابة أو أمام المحكمة ثمانية وعشرون ضابطا من رتبة لواء إلى ملازم أول، ويشير إلى شهادة فؤاد علام أخطر لواء أمن دولة، يقول علام في شهادته: “القدر وحده هو الذي أنقذ مصر بعد اغتيال السادات فلو نفذت خطة الجاتوه لكان من الصعب وقف عمليات التخريب، ففي الوقت الذي اتجه فيه السادات إلى مكان العرض العسكري، وأرسل عبود الزمر بعض رجاله إلى كتيبة الحراسات، حيث يوجد أحد أعضاء الجماعة الذي أوهم حرس السلاحليك أنه رزق بطفل ووزع عليهم جاتوه، وكان الجاتوه محشوا بالمخدرات، وتمضي شهادة فؤاد علام: شاء القدر أن تكون كمية المخدر كبيرة مما جعل مذاق الجاتوه مرا، ولم يستطع أكله، وفشلت عملية الاستيلاء على أسلحة هذه الكتيبة، وفشلت محاولة الاستيلاء على مبنى ماسبيرو.
وينتقل الكاتب إلى موضوع معقد بعض الشيء وهو ما أعلنه بعض المحكومين في قضية اغتيال السادات وما سبقها وما تلاها ما أسمى “بالمراجعات”، ثم التراجع عن المراجعات أو محاولة إثبات بعض من حسن النيات انتهت عند البعض منهم بما يسفر عن سوء النيات.
وتأتي الصعوبة من أن البعض أراد يقول بالتراجع دون تراجع متلاعبا بالألفاظ ومحاولا الإيحاء بفكر جديد بينما هو على الطريق القديم لم يزل، ويستخدم البعض المفردات ويتلاعب بها محاولا الإيهام بما هو وهمي في واقع الأمر.
وكنموذج للتلاعب الفج بالمفردات، فإن سيد قطب وبعده جماعته ومن تبعه يقصرون معنى الجهاد على مجرد التقاتل بين المسلمين، وعدم النظر إلى آيات القرآن التي تأمر المسلم بجهاد النفس في طاعة الله، والابتعاد عن المعاصي والمخالفات، والالتزام بمكارم الأخلاق. والاكتفاء بالانحراف بالمقصود من هذه الكلمة إلى إشعال قتال بين المسلمين في المجتمعات الإسلامية بعد تكفيرها.
كما لا يتورع سيد قطب ومن تبعه الذين تواصلوا من بعده في تقطيع سياق الآيات ترويجا لفتنة التقاتل بين المسلمين، ففي كتابه “معالم على الطريق” يقطع سياق الآية ويكتفي بإيراد نصفها، فنقرأ في كتاب المعالم: وقاتلوا المشركين في كل الأحوال وحتى لو كانوا مسالمين أو موالين بينما النص الكامل للآية “وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة” التوبة – 36.
يذكر أن كتاب “الإرهاب المتأسلم” للدكتور رفعت السعيد ، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، في طبعة جديدة ، ويقع في نحو 285 صفحة من القطع المتوسط.

شارك