برلين تعرقل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي...وخطوات تصعيدية فى الطريق

الثلاثاء 05/سبتمبر/2017 - 10:43 م
طباعة برلين تعرقل انضمام
 
فرضت التصريحات الألمانية الأخيرة بشأن تركيا نفسها على ملف انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي، ويري متابعون أن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي  خاصة وأن المرشحان للمستشارية فى برلين يتطلعان إلى وقف للمفاوضات، فى ظل تراجع دولة القانون في تركيا خلال الأشهر الاثني عشر الأخيرة منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة أدت أولا في صفوف الاشتراكيين الديمقراطيين إلى مراجعة في المواقف.

برلين تعرقل انضمام
وسبق وأن عبر وزير الخارجية الألمانى زيجمار جابريل عن الأمل في أن تبقى تركيا مرشحة للانضمام، لكن بعد الانتكاسات القوية من أنقرة في أغسطس الماضي تخلى جابريل عن جميع الجهود للحفاظ على أفق الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى تركيا. والمرشح لمنصب المستشارية مارتين شولتس الذي يعد مدافعا شغوفا عن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي قام بالخطوة مطالبا بوقف مفاوضات الانضمام مع الرئيس العنيد اردوغان. 
ولاحظ رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أن تركيا تبتعد بخطى كبيرة عن أوروبا، وحذر من أن اردوغان يحصل بذلك على ذريعة لتحميل الاتحاد الأوروبي مسؤولية الفشل، ويمكن نظريا لمجلس وزراء الاتحاد الأوروبي خلال لقاء وزراء الخارجية في نهاية الأسبوع أو خلال لقاء القمة نهاية أكتوبر أن يقرر ما لا يمكن تفاديه: أي أنه بعد 12 عاما يغلق الاتحاد الأوروبي مجددا الباب في وجه تركيا. وسيكون ممكنا شطب الإعانات التي تحصل عليها تركيا بموجب تقاربها من الاتحاد الأوروبي، وهذا الأمر لم يكن ممكنا لأسباب قانونية، مع الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يدفع منذ 2013 إلا جزءا صغيرا من تلك المستحقات.
وحتى الآن تركيا لم تستوفي أبدا شروط الانضمام المدونة في الاتفاقيات الأوروبية. كما ليس لها الفرصة في المستقبل المنظور في تحقيق تلك الشروطن فتغيير الدولة التركية إلى نظام استبدادي تقرر بعد الاستفتاء على الدستور في أبريل يجعل من المستحيل الانضمام إلى المجموعة الأوروبية، ووقف محادثات الانضمام من جانب الاتحاد الأوروبي الذي سيكون شيئا جديدا في التاريخ لن يكون إلا خطوة رمزية، لأن المفاوضات من الناحية العملية مجمدة منذ ديسمبر الماضي عندما قرر مجلس الوزراء عدم فتح ملفات جديدة للتفاوض، والمفاوضات لم تؤدي في الحقيقة في الأشهر الاثني عشر الأخيرة لأية نتيجة، ولم يتم إتمام فصل تفاوضي واحد، لأن تركيا رفضت طوال اثني عشر عاما الاعتراف بعضو الاتحاد الأوروبي قبرص التي تحتل شطرها الشمالي عسكريا.

برلين تعرقل انضمام
و مع نهاية مفاوضات الانضمام سيبقى الاتحاد الأوروبي وتركيا مرتبطين سياسيا واقتصاديا. فالاتحاد الأوروبي يريد على كل حال مواصلة تطبيق اتفاقية اللاجئين مع تركيا. وحتى الحكومة الألمانية تحتاج إلى قنوات تحادث مع أنقرة فقط للاعتناء بخمسين مواطنا ألمانيا يقبعون في السجون التركية، من جانبها تريد تركيا الحفاظ على الاتحاد الجمركي المهم بالنسبة إليها مع أوروبا. وحتى في القضايا الأمنية ـ مثلا في مكافحة الإرهاب وضمن حلف شمال الأطلسي ـ يريد بل يجب على الدول الأوروبية وتركيا التعاون.
وتبحث تركيا منذ مدة عن بدائل مثلا في السياسة الأمنية: فالروس يمكن أن يزودوا تركيا إلى جانب الطاقة بالأسلحة مثل أنظمة الدفاع الصاروخي، كما يخشى خبراء في بروكسل. اردوغان لم يدخل أي تعديل على عضوية بلاده في حلف شمال الأطلسي، إلا أن علاقته مع حكومة ترامب في واشنطن متوترة، فالتخلي عن مباحثات الانضمام مع الاتحاد الأوروبي لا يعني نهاية سياسة تركيا، بل فقط تراجعا مؤلما. والواضح الآن هو أن تركيا ليست دولة أوروبية طبقا للمادة 49 في اتفاقية الاتحاد الأوروبي. والموقف الصارم تجاه تركيا قد يشكل عبرة بالنسبة إلى دول أخرى في البلقان مرشحة للانضمام. فإذا لم تتقيد البوسنة والهرسك ومقدونيا وصربيا أو كوسوفو بالقواعد، فإن عملية اقترابها من الاتحاد الأوروبي قابلة للتوقف.

برلين تعرقل انضمام
من ناحية أخري قال وزير الخارجية الألماني، زيجمار جابرييل إنه ليست هناك حتى الآن تحذيرات رسمية صادرة عن الخارجية من السفر لتركيا، ولكن الوزارة حددت إرشادات السفر لتركيا بشكل أكثر دقة وأشارت إلى أن هناك أخطاراً تحدق حتى بمثل هذه الوجهات السياحية، مشددا على ضرورة أن يتأكد الألمان مما إذا كانوا فعلا يستطيعون السفر لتركيا أم لا ولكن لا يمكن أن يحرم أحد من حرية اتخاذ هذا القرار. 
أضاف وزير الخارجية الألماني: "تبرهن الحالات التي رأيناها الآن أنه من الممكن دائماً أن يعتبر شخص ما مشتبها بالانتماء لحركة غولن أو دعمها قبل أن يدخل بين طواحين الشرطة أو القضاء في تركيا".
كانت السلطات التركية ألقت يوم الجمعة الماضي القبض على زوجين ألمانيين من أصول تركية في مطار مدينة أنطاليا الساحلية لأسباب سياسية. وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية الاثنين في برلين أن محامي الألماني المعتقل ذكر أنه قد تم الإفراج عن المرأة بدون شروط. وتعالت في ألمانيا في أعقاب ذلك أصوات منادية بمزيد من التشدد في التعامل مع تركيا، ولا يزال 11 ألمانيا يقبعون في السجون التركية. وكانت الحكومة الألمانية أعلنت تغيير سياستها تجاه تركيا عقب القبض على الناشط الحقوقي الألماني، بيتر شتويتنر، في منتصف يوليو الماضي، وشددت إجراءات السفر إلى تركيا، التي يفضل الكثير من الألمان قضاء عطلاتهم فيها.
وتدرس الحكومة الألمانية اتخاذ المزيد من الإجراءات لممارسة ضغوط على تركيا للإفراج عن الألمان المعتقلين هناك،وحتى يتم الإفراج عن الألمان المعتقلين هناك لأسباب سياسية.

شارك