ضد هجمات الظلاميين على الفن وتهديدهم للأدباء الليبيين

الأربعاء 06/سبتمبر/2017 - 01:30 م
طباعة ضد هجمات الظلاميين
 
أصدر عدد من الكتاب والمبدعين العرب بيانا خلال اليومين الماضيين لجمع التوقيعات ضد هجمات الظلاميين الوهابيين على الابداع والفن وتهديدهم للأدباء الليبيين، في شكل تضامني معهم بعدما وصل التهديد لهم بسلب الحياة. 
وللتنويه فقط فليس الأمر مقصورا على الظلاميين في ليبيا وحدها بل في مصر أيضا فمن وقت لأخر تخرج علينا بعض الفتاوى لأصحاب الدعوة السلفية في تحريم وتحليل أشياء كثيرة، كان في مقدمتها الفن بشكل عام، وكل أنواعه من غناء وموسيقى وأفلام وغير ذلك، إذ يلقون بفتاوى وتصريحات لهم يؤكدون فيها تحريم كل ذلك، حيث إن تلك الفتاوى أثارت تخبطًا في الشارع المصري في الآونة الأخيرة، فقد ظهر من السلفيين فريقان، فريق قال بالتحريم والآخر قال بالجواز.
ضد هجمات الظلاميين
وأفتى بعض دعاة التيار السلفي المتمثلين في الدعوة السلفية - أحيانا بدون علم أو وعى للأمور، وبدون أدلة من القرآن الكريم أو السنة النبوية، ولا أقوال العلماء، لمجرد الانتصار لآرائهم فقط والقول في كثير من الأمور التي لا تتوافق معهم، وأن ذلك الأمر فيه خلاف من ناحية جوازه أم لا، ودون استناد إلى أدلة أو مصادر بنى عليها من أفتى بالحل أو الجواز أو المنع - ببعض الفتاوى المتعلقة بالفن وأقسامه «الغناء، الموسيقى، الشعر، الإنشاد، الدف».
وهذه الفتاوى تأتى على رأسها الدعوة السلفية وعملت بها، مطالبة الشعب بالعمل بها أيضا، فقد ظهرت تناقضات كبيرة بين أقطاب الدعوة السلفية سواء بتحريمها أم لا، فتارة نرى أن دعاة التيار السلفي يتفقون على أن سماع الأغاني حرام شرعًا، وآخرين يؤكدون أنها حلال وأن سماعها لا حرمة فيه.
تخاصم السلفيون ببعض الفتاوى التي أصدروها، فرأينا البعض من الذين يستشهدون بأحاديث للرسول الكريم وبأقوال بعض العلماء بتحريم الموسيقى والغناء والسماع لهما، وآخرون أباحوا سماع الموسيقى والغناء مستشهدين بأقوال العلماء الذين يجيزون ذلك، مؤكدين أنه لا يوجد نص شرعي على التحريم أو الوجوب، تاركين الأمر للشخص نفسه ولقناعته بذلك.
وكان الداعية السلفي الشيخ أبو إسحاق الحوينى من أول دعاة التيار السلفي الذين حرموا الموسيقى والغناء، إذ أكد أن السنة تحرم كل أشكال الغناء والموسيقى وأنواعهما، وشدد على ذلك في العديد من لقاءاته.
أما عبدالمنعم الشحات، المتحدث الرسمي للدعوة السلفية، أثار تلك الأمور وفتح النار على نفسه وعلى جماعته من حيث لا يدرى، إذ قال إن المعازف «الموسيقى والغناء» على اختلاف أنواعها وأشكالها من جملة الأمور المحرمة، واستدل على ذلك بأحد أحاديث الرسول: «ليكونن من أمتى أقوام، يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف»، وقد استشهد الشيخ محمود المصري بذلك الحديث أيضًا، معللا مدى تحريم سماع الأغاني والموسيقى، قائلا: الموسيقى حرام ولا اجتهاد مع وجود النص، فاتخذ السلفيون هذا الحديث ذريعة لهم ليحرموا الغناء والموسيقى، حتى يتخبط الشعب بين حرمة الشيء وجوازه.
ضد هجمات الظلاميين
وقد جاء في بيان الكتاب والمبدعين:
طالعتنا صفحات التواصل الاجتماعي ومحطات التلفزيون ووسائل الإعلام، الأيام القليلة الماضية، بهجوم غير مسبوق على الكتاب والأدباء مثّل شكلا عنيفا من أشكال الوصاية على الفكر والإبداع.
فقد أدى نشر كتاب، يعد إنجازا متميزا ومهما في الحركة الثقافية الوطنية الليبية، هو كتاب "شمس على نوافذ مغلقة" ضم كتابات شباب ليبيين في مجالات الشعر والقصة والرواية كتبت بعد سنة 2011 إلى حالة من الاعتراض والغضب، وجرى التشهير بأسماء كاتبات صاحبات نصوص في الكتاب، ومحرري الكتاب كما تم اتهام كاتب رواية "كاشان" بتهم متفرقة وصلت لحد تكفيره، بل بلغ الأمر حد التهديد والتحقيق مع البعض منهم، ووسط انتقاد عنيف على كل المستويات الرسمية والشعبية. بل تعدى الأمر ذلك، إلى المطالبة بمحاكمة أصحاب النصوص المنشورة في الكتاب ووصفهم بالعمالة والمطالبة بإنزال أشد العقوبات عليهم، وآخر هذه التطوّرات الخطيرة، هو إقدام مجموعة مسلّحة على إغلاق دار حسن الفقيه حسن التاريخية التي شهدت حفل التوقيع على كتاب "شمس على نوافذ مغلقة".
كل هذا حدث بسبب ورود بعض الكلمات في كتاب تبلغ صفحاته ( 543 صفحة)، وعدد كتابه ( 25) كاتبا وكاتبة، ضمن نص مجتزأ من رواية "كاشان" التي كانت قد صدرت سنة 2012 بإذن وموافقة الجهات الرقابية المعنية في ليبيا.
وكما أنه من حق الجميع تكوين الرأي حول ما ورد في هذا النص، والنقاش حوله، إلا أن الأمر قد جاوز الاعتراض الهادئ الرصين واختلاف الرؤى والأفكار، واتخاذ ما من شأنه نزع فتيل العنف وتهدئة الرأي العام، وهو ظاهرة صحية ومطلوبة وحق مكفول، ليتخذ وجهة خطيرة تهدد مصائر هؤلاء الكتاب ومن تضامن معهم ويطال التهديد أسرهم فيما يعتبر إرهابا فكريا، ، يتعرض له الكتاب الليبيون بمباركة أو صمت وتجاهل كثير من المؤسسات الرسمية، حيث أصدرت بعض هذه الجهات بيانات تدين أولئك الكتاب أو تشجع على استهدافهم. في حين كان يمكن لها اللجوء للطرق المعتادة والمتعارف عليها قانونا في مثل هذه الحالات كشطب الألفاظ التي قد تخدش الحياء العام، وأن يُتخذ ما يمكن أن يشكل حماية للكتاب ومحرري الكتاب.
وفي ظل ما تمر به ليبيا من فقدان الأمن وانتشار الميليشيات المسلحة تصبح مثل تلك التهديدات ذات خطورة ماثلة تستلزم الوقوف ضدها من قبل كل من يتخذ موقفا مبدئيا لصالح حرية الفكر والإبداع ويعارض الإرهاب الفكري. لذا يندد الموقعون على هذا البيان بهذه الحملة الضارية ويدينونها ويطالبون بإيقافها العلني والفعلي، كما يطالبون الجهات الرسمية ذات العلاقة بالثقافة والسلطات القائمة تحمل المسؤولية في حماية الكُتاب والمحررين ودار النشر والمنظمين لحفلات التوقيع. كذلك على هذه الجهات تَحمُّل مسؤوليتها كاملة إزاء ما قد يحدث من ضرر لهم. كما عليها أن تضع حدا لإغلاق المراكز الثقافية وتكميم الأفواه وهي المسؤولة على حرية الفكر والنشر والإبداع وحماية الكتاب والمبدعين.
كما ندعو زملاءنا الأدباء في الوطن العربي والعالم إلى التضامن معنا من أجل هذا الهدف.

شارك