الإخوان المسلمون وصناعة الإرهاب من أرض اللواء إلى النمسا

الأربعاء 13/سبتمبر/2017 - 06:39 م
طباعة الإخوان المسلمون
 
الإخوان المسلمون
كثيرة هي التقارير الأمنية والاستخباراتية والأكاديمية التي تدور حول جماعة الاخوان الإرهابية، وخصوصا ضلوع هذه الجماعة في صناعة الإرهاب والترويج  له وتدعيمه حول العالم، خصوصا بعد تأكد وجود تنسيق على مستوى متقدم بين خلايا «اللجان النوعية» التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، ومسلحين تابعين لتنظيم «داعش» في شمال سيناء، والذي ظهر جلياً من المعلومات التي كشفتها أجهزة الأمن المصرية بعد كشف بؤرة إرهابية تضم عناصر من الطرفين في منطقة «أرض اللواء» في الجيزة جنوب القاهرة.
وقتلت قوات الأمن تكفيريين فارين من شمال سيناء في مداهمة لشقتين في «أرض اللواء»، وقتلت 10 أشخاص أعلنت هوية 6 منهم بينهم نجل قيادي كبير في جماعة «الإخوان»، وضبطت أسلحة وذخائر في حوزة المسلحين.
ومن بين القتلى عمر إبراهيم الديب، نجل القيادي في «الإخوان» إبراهيم الديب، الفار إلى تركيا والمطلوب ضبطه على ذمة قضية «اللجان النوعية» التابعة للجماعة، كما قُتل في المداهمة 3 من شباب «الإخوان».
وأفيد بأن المعلومات الأمنية دلت على أن اثنين على الأقل من المجموعة التي قتلت انخرطا في القتال في شمال سيناء لفترة وتلقيا تدريبات من قبل مسلحي تنظيم «داعش» هناك، ثم عادا إلى القاهرة.
الإخوان المسلمون
وقال مصدر أمني إن التنسيق بين «داعش» و»الإخوان» أمر لا شك فيه، فهو «مؤكد بأدلة قاطعة ترقى إلى القرائن، وليس مجرد تحليل يمكن استنتاجه من خلال وجود أفراد منخرطين في العمل الإرهابي في الجماعتين في وكر واحد في منطقة أرض اللواء». وأضاف المصدر أن «الجماعتين الإرهابيتين (داعش والإخوان) تحتفظان بشخصيات تمثل همزة وصل بينهما طوال الوقت»، لافتاً إلى أن «أجهزة الأمن ألقت القبض منذ أكثر من عام على شخص يُدعى أحمد شحاتة، وهو مسؤول الاتصال بين العناصر المسلحة في شمال سيناء والجماعات المسلحة التابعة للإخوان في العمق المصري»، موضحاً أن «شحاتة اعتقل أثناء نقل أسلحة وذخائر من جماعة أنصار بيت المقدس، التي بايعت داعش، في شمال سيناء إلى الخلايا النوعية التابعة للإخوان في الوادي». وأضاف أن «مسلحين يتبعون داعش ساعدوا شحاتة في الفرار من محبسه خلال هجوم على سجن المستقبل رُتب له جيداً العام الماضي، وتم توقيفه مجدداً مطلع العام الجاري بعد فراره بشهور».
وقال الباحث في شؤون الأمن والإرهاب في مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد كامل البحيري، إن «خلية أرض اللواء ضمت عناصر من اللجان النوعية لجماعة الإخوان بينهم عمر الديب وبعض زملائه»، لافتاً إلى أن «قتل عناصر من مسلحي سيناء واللجان النوعية يشير إلى أحد احتمالين، أولهما أن عناصر من داعش فرت من شمال سيناء وانخرطت في اللجان النوعية التابعة لجماعة الإخوان، أو أن عناصر من تلك اللجان من سكان القاهرة ذهبت إلى شمال سيناء لتلقي تدريب متقدم في صفوف داعش ثم العودة إلى القاهرة لتنفيذ هجمات، لكن أجهزة الأمن رصدتهم وأحبطت خططهم»، موضحاً أن «القراءة الدقيقة للاحتمالين تؤكد أن هناك تقارباً الآن يتم بين التنظيمات الإرهابية الجديدة ممثلة في اللجان النوعية التابعة لفصيل في الإخوان مع التنظيمات التقليدية ممثلة في أنصار بيت المقدس الذي بايع داعش».
وأضاف ان «المعلومة التي لا يُظهرها التحليل هو مستوى هذا التنسيق، وهل يتوقف عند حدود التدريب أو التسليح أو شن هجمات مشتركة» مشيراً الى انه «يمكن القول إن التنسيق وصل على الأقل عند حد تدريب عناصر اللجان النوعية في معسكرات داعش في شمال سيناء»، لافتاً الى ان «هذا التنسيق يمثل خطراً بالغاً، إذ يُمكن أن يتطور إلى علاقات بين التنظيمين أو أفرادهما تؤدي إلى تنسيق عملياتي، وفي ظل غموض مصير تنظيم داعش الأم، والاحتمالات المتزايدة لحصول انشقاقات في أفرع التنظيم بعد تهاوي مركزه، يُمكن أن يتراجع «أنصار بيت المقدس» عن بيعة «داعش»، ويحدث اندماج بين تلك التنظيمات المتطرفة، ما يشكل خطراً كبيراً، في ظل تغلغل عناصر «اللجان النوعية» في العمق المصري».
وعلى الصعيد الاكاديمي نشر البروفيسور لورينزو فيدينو المتخصص في دراسات مكافحة التطرف بجامعة جورج واشنطن الأميركية بحثا معمقا، حول نشاط جماعة "الإخوان المسلمين" في النمسا، تم بتكليف من وزارة الخارجية والاستخبارات النمساوية، خلص فيه إلى أن الجماعة كانت وماتزال تخلق بيئة خصبة للتطرف في النمسا والمجتمعات الغربية بشكل عام.
وقال فيدينيو في دراسته التي تمت بجهد مشترك بين جامعة فيينا في النمسا وجامعة جورج واشنطن الأميركية، إن الإخوان المسلمين تعمدوا تضخيم الأحداث المعادية للمسلمين وتعزيز الحصار العقلي داخل المجتمعات الإسلامية بتكرار نغمة أن الحكومات والمجتمعات الغربية معادية للمسلمين والإسلام بشكل عام، كما أن الجماعة تشرع أعمال العنف في الحالات التي ترى فيها أن المسلمين تحت التهديد.
الإخوان المسلمون
وأوضح الباحث الإيطالي الحاصل على الجنسية الأميركية، أن قيادات وأفرع جماعة الإخوان في النمسا وحول العالم جمعوا الأموال لحركة حماس، كما عملوا على نشر خطاب الضحية الممتزج بتبرير العنف، وهو ما يرى الباحث أنه أمر يبعث على القلق بالنظر إلى تزايد التيار المتطرف في أوروبا خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ويشير دكتور فيدينو في دراسته التي كشف عنها في مؤمر صحفي في العاصمة النمساوية فيينا، إلى أن خطاب جماعة الإخوان المسلمين متغاير ومتعارض من زاوية أن المتحدثين باسم الجماعة في أوروبا يميلون إلى تبني خطاب عام غير جدلي، في حين أن ممثلي الجماعة في الشرق الأوسط يدينون المجتمعات الغربية ويصفونها بأنها فاسدة ومنحلة وظالمة بل وأدني منزلة من المجتمعات المسلمة.
ويضيف الباحث أن مواقف الجماعة من قضايا الحريات الدينية وحقوق المرأة وقضايا أخرى، تصطدم مع القيم الأوروبية والغربية.
وتشير الدراسة التي تزيد عن ٦٠ صفحة إلى أن فهم وإدراك السياسيين وممثلي الحكومة في النمسا متباين إلى حد بعيد، ففي حين توجد أصوات ناقدة لجماعة الإخوان في الإعلام والنخبة السياسية والأكاديمية، فضلًا عن أن الأجهزة الأمنية النمساوية وصفت وبشكل علني جماعة الإخوان بأنها تشكل تهديدا للتماسك الاجتماعي في المجتمع النمساوي، إلا أن هناك منظمات وأشخاص على صلة قريبة بجماعة الإخوان يعتمدون على شبكة داعمين لهم داخل الدوائر السياسية والإعلامية النمساوية، كما أن التحليل العلمي للدراسة يظهر أن الصلات التنظيمية والشخصية والمالية والفكرية تتداخل وتتقاطع بين أفراد ومنظمات جماعة الإخوان المسلمين في النمسا والتي يعمل كثير منها تحت أسماء متعددة لا تحمل اسم الجماعة ولا تسير وفقا لبنائها وهياكلها التنظيمية.
ونشرت الدراسة مقاطع من وثائق خاصة بالاستخبارات النمساوية تقول، إنها تنشر للمرة الأولى حيث تشير هذه الوثائق إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لا تحتفظ بسجلات لأعضائها، وأن أعضاء الجماعة يعملون سرا في جميع البلاد لحمايتهم من الرصد والملاحقة من قبل السلطات الأمنية، ومع ذلك فإن هناك قواعد دقيقة داخل الجماعة تحدد المسموح به والممنوع، وطالما أنه تم التعهد بالولاء فإن جميع التعليمات الصادرة من قيادة الجماعة يجب الالتزام بها.
وتمضي الوثيقة للقول بان النظام السياسي للجماعة هو نظام سلطوي لا يتيح أن تكون السيادة للشعب ولا لمبادئ الحرية والمساواة، وأن هذه المواقف الأساسية من جماعة الإخوان تتعارض وتتصادم مع الأنماط الاجتماعية والنظام القانوني لجمهورية النمسا.
وتذهب الوثيقة الى أن إحدى الجماعات التابعة لجماعة الإخوان في النمسا يسمح لها بنشر عقيدتها والتي هي في جوهرها تتصادم مع فهم الديمقراطية الغربية للتعايش والمساواة والنظام السياسي والمبادئ الأساسية لدستور جمهورية النمسا.

شارك