اللاجئون..قنبلة موقوتة تهدد حظوظ ميركل فى الانتخابات الألمانية

الخميس 14/سبتمبر/2017 - 06:52 م
طباعة اللاجئون..قنبلة موقوتة
 
من يحسم سباق الانتخابات
من يحسم سباق الانتخابات
تتجه الأنظار إلى الانتخابات البرلمانية الألمانية المقرر اقامتها الأسبوع القادم، وسط توقعات بحسم أنجيلا ميركل للسباق، إلا أنه بعد مع مرور سنتين على موجة اللجوء الكبرى إلى ألمانيا، صعدت المعارضة  والأحزاب السياسية من مواقفها اونتقاداتها لأزمة اللاجئين، وهيمن ملف اللجوء، إلى جانب الإسلام والإرهاب، على المناظرة التلفزيونية الوحيدة بين المتنافسين على مرشحة "الحزب المسيحي الديمقراطي" أنجيلا ميركل ومرشح "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" مارتن شولتس.
وهاجم شولتس سياسة ميركل في ملف اللجوء "كان سيكون من الأفضل لو تم إشراك جيراننا الأوروبيين" في معالجة أزمة الهجرة واللاجئين في عام 2015، واعتبر شولتس أن "هذا الخطأ أدى إلى تخلي شركاء في الاتحاد الأوروبي كالمجر عن ألمانيا". وقد دافعت ميركل عن نفسها بأننا "آنذاك كنا في مواجهة وضع دراماتيكي". 
وقال عضو "مجلس شؤون اللاجئين في ولاية سكسونيا السفلى"، كريم الواسطي، أن المناظرة لم تأتِ بـ"جديد" فيما يخص ملف اللجوء، ويعني هنا أن الطرفيين عادا وأكدا مواقفهما السابقة، وأضحى ملف اللاجئين موضوعاً رئيساً يتصدر أجندة الأحزاب ويحتل حيزاً كبيراً في المشهد السياسي ويشغل الرأي العام.
ميركل
ميركل
ويري محللون انه قبل سنتين بالضبط ساد مناخ ودي تجاه اللاجئين، الذين اُستقبلوا بالورود والترحاب في إطار ما أطلق عليه "ثقافة الترحيب". غير أن إجراءات حكومية منذ مطلع العام 2016 أدت إلى تراجع تدريجي عن تلك الثقافة. على سبيل المثال لا الحصر، تم منح عدد أكبر من اللاجئين "الحماية المؤقتة" بدلاً من حق اللجوء الكامل وفق "اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين لعام 1951"، كما تم تقييد لمّ الشمل للحاصلين على تلك الحماية. ولا تحوز القرارات الأخيرة للحكومة الألمانية على رضا الناشطة النسوية السورية، دينا أبو الحسن، وتستشهد هنا بـ"صعوبات في تجديد إقامات اللاجئين".
ويخشى الصحفي السوري سليمان عبدالله، الذي لجأ إلى ألمانيا منذ سنوات والذي يصف نفسه بأنه "متابع ممتاز" لملف اللجوء، من "استمرار استخدام اللاجئين كوسيلة لإرضاء الناخبين". ويستشهد بالكثير من المواقف الحكومية والإجراءات التي "تؤكد مخاوفه". ويضرب هنا مثالاً، "شرعت الحكومة الألمانية وباقي الدول الأوروبية بعقد اتفاقات مع حكومات ديكتاتورية وميليشيات في شمال إفريقيا لإبعاد المهاجرين واللاجئين".
ويوافقه الرأي كريم الواسطي: "الاتحاد الأوروبي نقل حدوده إلى عمق إفريقيا" ويتمنى الواسطي على الأحزاب الديمقراطية عدم الاستجابة لتحريضات الأحزاب الشعبوية وأن يكون الرد عليها بإجراءات "عملية على الأرض" وليس مجرد "تصريحات" والعودة عن "ثقافة الإبعاد" إلى "ثقافة الترحيب".
ويتوجس الغالبية العظمى من اللاجئين شعور بأنهم تحولوا لمادة للمساومات بين الأحزاب السياسية وكرة تتقاذفها وسائل الإعلام، حيث تعتقد دينا أبو الحسن أن "الجميع يريد لعبها صح (كسب المعركة) بغض النظر عن الصحيح"، وتسترسل أكثر: "الجميع يريد احتواء الشعبويين واليمين بأي ثمن".
اللاجئون كلمة السر
اللاجئون كلمة السر فى الانتخابات
وكشف استطلاع للرأي، نشرت نتيجته صحيفة "بيلد" أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي والمعادي للأجانب واللاجئين، يزداد شعبية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في الرابع والعشرين من سبتمبر الجاري، وحل الحزب ثالثاً بعد "التحالف المسيحي الديمقراطي" الذي تتزعمه المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، و"الحزب الاشتراكي الديمقراطي".
تابع الصحفي عبدالله: "سأكون سعيداً أيضاً، إذا لم يكن الحزب الديمقراطي الحر جزءا من الحكومة المقبلة؛ "لأن موقف زعيمه كرستيان ليندنر بات قاسياً جداً على اللاجئين، خاصة السوريين منهم". والجدير بالذكر أنه وفي سلسلة مقابلات رئيسة التحرير في مؤسسة دي دبليو الإعلامية، إينيس بول، ومقدم البرامج جعفر عبد الكريم، مع كبار مرشحي الأحزاب الألمانية للانتخابات قلل زعيم "الحزب "الديمقراطي الحر الليبرالي من حصيلة الاتفاق الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تركيا، منتقداً في الوقت ذاته عدم سعي ميركل لإغلاق طريق البحر المتوسط الذي يشهد نشاطاً متزايداً في الهجرة غير الشرعية. ووفق استطلاع رأي صحيفة "بيلد"، ارتفعت شعبية "الحزب الديمقراطي الحر" الليبرالي بواقع نصف نقطة ليحصل على8.5 بالمائة من الأصوات.
وبدورها  تتمنى عضو "اللوبي النسوي السوري"، دينا أبو الحسن، فوز ميركل ليس من منظور "نسوي"، بل لإيمانها بـ"جدارتها وخبرتها مقارنة بغيرها". وترى الناشطة السورية أن "المعركة الانتخابية ولدت ضغطاً كبيراً على اللاجئين". وتتمنى أن يخرج منها اللاجئون بأقل الخسائر الممكنة.
الانتخابات الألمانية
الانتخابات الألمانية على صفيح ساخن
ودافع "مجلس شؤون اللاجئين في ولاية سكسونيا السفلى"، عن حقوق اللاجئين، يقدر كريم الواسطي لميركل عدم ابتعادها عن ثقافة الترحيب "بشكل نهائي"، ومنها رفضها وضع حد أعلى للاجئين الذين يمكن أن تستقبلهم ألمانيا سنوياً، كما يطالب شريكها في الاتحاد الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، غير أنه عاد وتمنى عليها أن تكون مسألة ضمان حق اللجوء وحقوق الإنسان من أولوية أولوياتها وألا تكون مادة للتفاوض والمقايضة.
وجدد مرشح "الحزب المسيحي الاجتماعي" البافاري، يواخيم هيرمن، موقف حزبه من ضرورة وضع سقف أعلى لعدد اللاجئين، الذين تستقبلهم ألمانيا سنوياً. ويطالب هيرمان وحزبه بأن يكون السقف الأعلى لعدد اللاجئين حوالي 200 ألف سنوياً.
ويري محللون انه حتى هذه اللحظة لم تظهر أية مفاجآت من شأنها تغيير النتائج المتوقعة، التي رصدتها استطلاعات الرأي، نظرًا لانحسار المنافسة بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بقيادة أنجيلا ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة مايكل شولتز، لكن لاعبًا جديدًا بدأ يخرج من وراء ستار أزمة اللاجئين، التي لا يدور أي حديث انتخابي إلا وكانت هذه الأزمة في القلب منه، هذا اللاعب القادم من بعيد هو حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي يتبنى سياسات مناهضة للهجرة واللاجئين، وينتمي إلى ما يعرف باليمين الشعبوي، وقد تأسس في فبراير 2013 كرد فعل على سياسة إنقاذ اليورو، حيث يرفض الحزب الذي يتخذ من برلين مقرًّا رئيسيًّا لنشاطه، سياسة الاستمرار في الاتحاد الأوروبي، وأن يكون الإسلام جزءًا من المجتمع الألماني، وهو الحزب الوحيد في ألمانيا الذي رحب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفوز دونالد ترامب بمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية. في مارس 2016 أعلن الحزب إدراج منع الحجاب في الجامعات والمؤسسات العامة ضمن برنامجه الانتخابي، وهو ما كشف بشكل واضح توجهات الحزب، الذي يرفع في هذه الانتخابات شعار "ألمانيا، ثِقي بنفسك".

شارك