أوروبا ومعركة "الفضاء الإلكتروني" بين "براعة" داعش وتشريعات التجريم

الثلاثاء 19/سبتمبر/2017 - 10:06 م
طباعة أوروبا ومعركة الفضاء
 
كثيرة هي الدراسات والأبحاث التي تقوم بها المراكز المعنية بالحركات الارهابية على مستوى العالم ومن بين هذه الدراسات توصلت دراسة بريطانية إلى أن مواقع الدعاية الجهادية على الإنترنت تجذب أكثر التفاعلات في بريطانيا، مقارنة بأي دولة أخرى في أوروبا.
وتعد بريطانيا خامس جمهور في العالم يشاهد المحتويات المتطرفة بعد تركيا، والولايات المتحدة، والسعودية، والعراق، حسبما ذكرت دراسة لمؤسسة بوليسي إكستشاينج البحثية.
ورجح المركز البحثي أن يؤيد الشعب البريطاني استصدار قوانين جديدة تجرم قراءة المحتويات التي تمجد الإرهاب. وطلبت الحكومة البريطانية من شركات الإنترنت، مثل فيسبوك وجوجل، بذل مزيد من الجهد لإزالة المواد المتطرفة. وقال قائد الجيش الأمريكي السابق، الجنرال ديفيد بيترإيوس، الذي كتب مقدمة الدراسة، إن جهود مكافحة التطرف على الإنترنت "غير كافية "وقال بيترإيوس إن تفجيرات مترو لندن، التي وقعت الأسبوع الماضي، "تسلط الضوء مرة أخرى بوضوح على الطبيعة الآنية والواسعة لذلك التهديد". وأضاف: "ليس هناك شك في أهمية هذا الموضوع وإلحاحه. الوضع الراهن غير مقبول بالمرة".
    واقترحت الدراسة سن تشريعات جديدة تجرم "الامتلاك المتعمد أو الاستخدام المستمر" للأفكار المتطرفة، لكن دون تجريم أي شخص "يمر بالمصادفة على" محتويات متطرفة. وقالت الدراسة إن الصور التي تجسد انتهاكات للأطفال عوملت بطريقة مشابهة، وبعقوبات أقسى في أخطر القضايا.
ووفقا للمادة 58 من قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000، فإن امتلاك معلومة يمكن أن تساعد إرهابي محتمل يعد جريمة، لكن ذلك لا يشمل المواد التي تمجد الإرهاب. واستطلعت مؤسسة بوليسي إكستشاينج آراء ألفي شخص بالغ في بريطانيا، ووجدت أن 74 في المئة منهم يؤيدون سن قوانين جديدة تجرم "الاستخدام المستمر" للمواد المتطرفة على الإنترنت.
كما كشفت الدراسة، وهي من 130 صفحة، أن تنظيم الدولة الإسلامية ينتج أكثر من مئة مادة جديدة وفيديو وصحيفة أسبوعيا، مشيرة إلى أن أي تراجع للجماعة الإرهابية في الفضاء الإلكتروني "مبالغ فيه إلى حد كبير".
وقالت الدراسة: "خلال عام مضى على الأقل، استمر التنظيم في إنتاج محتويات على الإنترنت، على الرغم من مقتل قيادات بارزة في التنظيم، وخسارته أراضي، والقتال المستمر". وتوصلت الدراسة إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية نشر دعايته على الإنترنت عبر مجموعة كبيرة من المنصات الإلكترونية، بما فيها خدمات مشاركة الملفات ومنصات الرسائل المشفرة، ومواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وجوجل وتويتر.
وتقول شركات الإنترنت العملاقة إنها بذلت جهودا لمكافحة المحتويات المتطرفة، ووصفت شركة جوجل التطرف عبر الإنترنت بأنه "تحدٍ خطير لنا جميعا". وقالت شركة فيسبوك إنها تعمل "بقوة لإزالة المحتويات الإرهابية" من على موقعها، وإنها طورت قاعدة بيانات تشاركية لصناعة الإنترنت من "دالات التجزئة"، وهي بصمة رقمية فريدة، تصنف الفيديوهات والصور المتطرفة والعنيفة.
كما تقول شركة تويتر إن المحتويات الإرهابية ليس لها مكان على منصتها. وقالت وزيرة الداخلية البريطانية أمبر رود: "نعلم أن داعش يمثل خطرا على الإنترنت، وتساعد هذه الدراسة على تسليط الضوء على حجم المشكلة". وأضافت: "لقد أعلنتها بوضوح الشمس لرؤساء شركات الإنترنت، أنهم بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد، وبشكل أسرع، لإزالة المحتويات الإرهابية من على مواقعهم، ومنع تحميلها بالأساس".
واقترحت الدراسة على الحكومة البريطانية سن اجراءات "متدرجة"، للضغط على شركات الإنترنت، بما فيها منح اللجنة الجديدة المقترحة لمكافحة الإرهاب صلاحيات للإشراف على إزالة المحتويات المتطرفة من على الإنترنت.
وقالت مؤسسة بوليسي إكستشاينج إن 74 في المئة من البريطانيين، الذين خضعوا للبحث، يعتقدون أن شركات الإنترنت يجب أن تكون أكثر استباقية في تحديد مكان وحذف المحتويات المتطرفة. وقال مارتن فرامبتون، الرئيس المشارك لإدارة دراسات الأمن والتطرف في مؤسسة بوليسي إكستشاينج: "إذا لم تفعل شركات الإنترنت ما يريده عملاؤها، وتتحمل مزيدا من المسؤولية عن إزالة هذه المحتويات، فإن الحكومة يجب أن تتخذ تحركا عبر تشريعات وقواعد إضافية".
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية أمبر رود: "لا يجب أن يُستخدم الإنترنت كفضاء آمن للإرهابيين والمجرمين، وصناعة الإنترنت بحاجة إلى ضمان أن الخدمات التي توفرها لا تُستغل من جانب هؤلاء الذين يرغبون في إيذائنا".

مطاردة مؤيدي "داعش" عبر مواقع التواصل الاجتماعي:

مطاردة مؤيدي داعش
يمثل تواجد تنظيم الدولة الإسلامية ومؤيديهم على المواقع الاجتماعية مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي في الحرب ضد التنظيمات الجهادية. وقد لاقى نشاط التنظيم على الانترنت اهتمام كل من الحكومات ومجموعة قراصنة انترنت يعرفون باسم "أنونيموس" والذين يقال إنهم استهدفوا صفحات للتنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونجحوا في تعطيلها الشهر الماضي. وتقول السلطات البريطانية إن المقاتلين يتجهون بشكل متزايد إلى مواقع أصغر وأقل شهره بسبب استهدافهم على مواقع الشبكات الاجتماعية الرئيسية.
ويقول مخبر في شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية "نتابع ظهور مواقع جديدة ونقوم بالتواصل معهم أسبوعيا". واضاف "نرى بعض النتائج الجيدة في ملاحقتنا لجماعات معينة والتي تترك موقعا وتذهب إلى آخر، ونعرف أن هذا الأسلوب فعال لأن هذه الجماعات تترك رسائل على صفحاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنهم سيذهبون إلى مكان آخر."
يستخدم تنظيما الدولة "داعش" والقاعدة وسائل التواصل الاجتماعي ليشغلا مساحة غير محكومة" يقول البرتو فرنانديز، الذي كان حتى وقت قريب يشغل منصب منسق لمكتب استراتيجية الاتصالات لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية – وهي وحدة تستهدف متشددين اسلاميين على وسائل التواصل الاجتماعي. "نحاول ملاحقة خصومنا في المساحات التي يشغلوها" وفي وقت سابق من هذا الأسبوع جذب موقع "خلافة بوك" – والذي يشبه موقع فيسبوك الاجتماعي- اهتمام وسائل الإعلام. ولكن الموقع استمر يوما واحدا فقط قبل أن يتم إيقافه واغلاق حسابات مرتبطة به على تويتر وفيسبوك. 
ويقول صاحب موقع justpasteit.com ان المشكلة التى يواجهها تكمن في مدى صعوبة ازالة هذه المحتويات من الانترنت، حيث يستطيع أي شخص أن يكون مجهولا على الانترنت، حتى المواقع الكبيرة مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب تواجه مشكلة مع التنظيم وليس لديهم سلطة كافية لحجب جميع محتوياتهم – انها مشكلة في تصميم الانترنت" 

تنظيم الدولة يدشن حسابا على موقع باز للتواصل الاجتماعي

تنظيم الدولة يدشن
وفي الآونة الاخيرة بدأت مجموعة إعلامية مرتبطة بمسلحي تنظيم الدولة بتبادل المشاركات المنشورة في الإنترنت عن طريق موقع باز  (Bazz) للتواصل الاجتماعي. وتسمح خدمة باز، التي أُنشئت في عام 2015 في مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، للمستخدمين بإدماج التحديثات من عشرات التطبيقات والمواقع الأخرى في خاصية واحدة، تتيح إضافة المعلومات الجديدة بدون الحاجة إلى زيارة الموقع الأصلي، وذلك من أجل تبسيط الاستخدام.
وبدأ الذراع الدعائي لتنظيم الدولة، المتمثل في وكالة "ناشر نيوز"، في نشر مواد في نظام باز في الساعات الأولى من يوم 12 يونيو2017، وتضمنت المحتويات الخاصة بتنظيم الدولة مزاعم بشن هجمات، وصور متعلقة بتمجيد أنشطته، وروّج الذراع الدعائي لتنظيم الدولة لحسابه الجديد في باز عن طريق عدة قنوات للتنظيم في تطبيق تلجرام الخاص بالتراسل الفوري، والذي حاول هو الآخر تقييد أنشطة وكالة ناشر نيوز على هذه المنصة، كما أنشأت وكالة أعماق التابعة للتنظيم حسابا خاصا على باز بغية نشر مواد إخبارية ودعائية خاصة بها، وذلك بدءا من يوم 5 من يونيو2017.
وانتشرت وكالة ناشر نيوز، التي توزع على نطاق واسع المواد الرسمية الصادرة عن تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك وكالة أعماق، على تطبيق تلجرام، بعدما أصبحت القنوات الرسمية للمجموعة التي تسمى "ناشر" تعمل بطريقة سرية في شهر أغسطس الماضي.
ومنذ شهر مارس الماضي، عمد الذراع الدعائي لتنظيم الدولة إلى تنويع محتوياته بشكل طفيف، ليشمل دعوة مؤيدي التنظيم بمضاعفة جهودهم المتعلقة بنشر رسائل التنظيم في منصات التواصل الإعلامي الأكثر شعبية مثل تويتر، وفيسبوك، وإنستجرام،  وأنشأ التنظيم حسابات خاصة به في هذه المنصات، لكنها أُلغيت، وظهرت وكالة أعماق بشكل متقطع في منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، مثل تمبلر ويوتيوب، كما تبادل مؤيدو التنظيم في الآونة الأخيرة الروابط مع إحدى مجموعات أعماق في خدمة التراسل الفوري لواتس آب.
ويذكر موقع باز أنه بإمكان المستخدمين أن يبلِّغوا عن المحتويات المسيئة، أو غير القانونية، أو العدائية المنشورة على منصته، عن طريق خاصية متوفرة حاليا في تطبيقات نظام التشغيل آي فون (iOS) والأندريود. لكن هذه الخاصية غير متاحة في تطبيق باز على الإنترنت.
يتبين من المعركة القائمة بين "داعش" من ناحية ومواقع التواصل الاجتماعي ومحاولات المشرع الأوروبي السيطرة على تحركات داعشن بسن تشريعات جديدة انها معركة ربما تطول كثيرا، حيث تتنوع المواقع التي تستخدمها داعش من ناحية وقوانين الديمقراطية والاهتمام بالحرية الشخصية في هذه الدول من ناحية اخرى والأهم في الموضوع صعوبة تتبع التنظيم على شبكة الانترنت.
وتستخدم داعش شبكة الانترنت للتجنيد والدعاية والتكليف و"تثقيف" اعضائها ومدهم بالمعلومات حول تركيب وصناعة العبوات المتفجرة والأحزمة الناسفة، مما يسبب خطرة كبيرة على المجتمعات ليس فقط الأوروبية ولكن على مستوى العالم، ورغم ذلك تظل التخوفات من سن تشريعات جديدة لغلق المواقع الإلكترونية أو صفحات التواصل الاجتماعي، من استخدام هذه التشريعات في مواجهة المعارضة للأنظمة خصوصا في المجتمعات أو الأنظمة غير الأوروبية، حيث يمثل تواجد تنظيم الدولة الإسلامية ومؤيديهم على المواقع الاجتماعية مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي في الحرب ضد التنظيمات الجهادية

شارك