قوات سوريا الديمقراطية "تشعل" الصراع بين وأشنطن وموسكو فى الشمال السوري

الإثنين 25/سبتمبر/2017 - 01:39 م
طباعة قوات سوريا الديمقراطية
 
 يبدو ان قوات سوريا الديمقراطية سوف  "تشعل" الصراع بين وأشنطن وموسكو فى الشمال السوري وذلك بعد ما وجهت موسكو  تحذيراً صارماً إلى واشنطن وهددت  باستهدافها . 
قوات سوريا الديمقراطية
 واتهمت روسيا  "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تشكل ميليشيا "الوحدات" الكردية عمودها، والمدعومة من واشنطن بإطلاق النار على قوات الأسد بالقرب من دير الزور شرقي البلاد، محذرة الجيش الأميركي بالرد على أي حادث جديد من هذا النوع.
وصرح الجنرال، إيغور كوناشينكوف، من الجيش الروسي في بيان بأن "قوات النظام السوري تعرضت مرتين لقصف كثيف من مدافع ومدافع هاون انطلاقاً من مواقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات حيث ينتشر مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية والقوات الخاصة الأميركية وان أي محاولة جديدة من هذا النوع ستستتبع ردا على الأماكن التي ينطلق منها إطلاق النار و أن عسكريين من القوات الخاصة الروسية موجودون حالياً مع قوات الأسد في المناطق التي تعرضت لإطلاق النار.
وأبلغت موسكو مسؤولاً رفيعاً في الجيش الأميركي بأن "أي محاولات لإطلاق النار من مناطق ينتشر فيها عناصر قوات سوريا الديمقراطية سيتم وضع حد لها على الفور"وجاء في بيان الجيش الروسي: "ستتعرض المواقع التي ينطلق منها إطلاق النار في هذه المناطق على الفور للضرب بكل التجهيزات العسكرية المتوافرة".
قوات سوريا الديمقراطية
وكانت روسيا اتهمت فى وقت سابق ، قوات سوريا الديمقراطية باستهداف قوات الأسد وعرقلة تقدمه عند نهر الفرات باتجاه مناطق سيطرة تنظيم داعش في مدينة دير الزور الحدودية هذا وتشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحاً لعمليتين عسكريتين: الأولى تقودها ميليشيا الأسد وميليشيات إيران بدعم روسي في مدينة دير الزور وريفها الغربي، والثانية تشنها ميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" بدعم من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في الريف الشرقي. وكانت مستشارة بشار الأسد للشؤون السياسية والإعلامية "بثينة شعبان"، قد لوّحت قبل نحو أسبوع بمحاربة ما تسمى "قوات سوريا الديمقراطية"، مؤكدة أن " قوات نظامها ستقاتل أي قوة عسكرية، ومنها التي تدعمها الولايات المتحدة وتقاتل أيضا تنظيم "داعش"، في سبيل "تحرير كامل البلاد" بحسب زعمهاوأشارت مستشارة الأسد وقتها إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية تحاول السيطرة على أراض في الأيام الأخيرة لاحظنا أنها حلت محل داعش في كثير من الأماكن بدون أي قتال".
وكانت "قوات سوريا الديمقراطية" قد أطلقت مؤخراً حملة "عاصفة الجزيرة"، بهدف الاستيلاء على مناطق في محافظة دير الزور، أكبر وأخر معاقل تنظيم داعش في شرقي سوريا، وتمكنت تلك القوات التي تتزعمها ميليشيا "الوحدات" الكردية، من السيطرة على دوار المعامل والمدينة الصناعية بريف دير الزور الشمالي، واقترابها من السيطرة على عدة حقول نفطية شمال نهر الفرات.
يشار أن المتحدث الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية "طلال سلو"، قال خلال الإعلان عن انطلاق حملة "عاصفة الجزيرة" إنهم سيردون على مصدر نيران قوات الأسد إذا تعرضت مناطقهم للقصف  كما يذكر أن صحيفة تايمز البريطانية حذرت من اشتباكات محتملة بين قوات الأسد وقوات سوريا الديمقراطية التي تحظى بدعم أميركي وبريطاني في مقاتلة تنظيم الدولة، مشيرة إلى أن الجانبين يسعيان للسيطرة على الطرق المؤدية إلى الحدود العراقية، وبأن قوات النظام السوري تستعد لعبور نهر الفرات الذي يفصلها عن المنطقة التي تنتشر فيها قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية.
قوات سوريا الديمقراطية
وكانت قناعة قد سادت في الفترة الماضية أن نهر الفرات سيشكل خط فصل بين مناطق سيطرة موسكو وواشنطن في الشرق السوري، بل إن بعض المتابعين أكدوا وجود اتفاق بين العاصمتين بحيث تلتزم موسكو بمنع نظام الأسد وإيران من التقدم إلى الضفة الشرقية، ولكن موسكو  قامت فى وقت سابق  بالسماح لبعض عناصر ما يعرف بميليشيا "الفيلق الخامس"، التي تستخدم اسماً دعائياً "صائدو الدواعش"، بعبور الفرات والتهليل لهذه الخطوة عبر إعلامها أسقط عملياً تلك النظرية وأظهرت موسكو مرة أخرى أنه لا يمكن الوثوق بتعهداتها كما قال الباحث "تشارلز ليستر" في حسابه على تويتر.
ويقول ليستر في سلسلة تغريدات أعقبت عبور عناصر الأسد للفرات إن "الولايات المتحدة اعتقدت أنها حصلت على صفقة جيدة مع روسيا تمنع الأسد من الوصول إلى مناطق شرق الفرات الغنية" ويعتبر هذا الاتفاق هو الأحدث بين سلسة من الاتفاقيات التي عقدتها واشنطن وتعتمد بشكل أساسي على ثقتها بأن الثلاثي "روسيا وإيران والأسد" سيحترمون هذه الاتفاقيات، ويذكر ليستر بأن الغارة التي شنتها مقاتلات روسية ضد أهداف لميليشيات "قسد" التابعة لواشنطن لم تكن الأولى ضمن الاختراقات الروسية والإيرانية للاتفاقيات والتفاهمات المعقودة مع واشنطن، ويعتبر أن التجاوز الأخير الذي قامت به ميليشيات الأسد بعبور الفرات يشكل تحدياً لواشنطن وقسد، ويختم ليستر تغريداته بأن "موسكو وطهران ودمشق يضحكون الآن من الاستراتيجية الأمريكية التي تبين أنها ساذجة وقصيرة النظر".
قوات سوريا الديمقراطية
من جانبه يرى الباحث الأمريكي " أندرو جيه. تابلر" في معهد واشنطن للدراسات أن هذه الخطوة قضت على الفكرة القائلة بأن نهر الفرات يمكن أن يكون بمثابة خط تجنّب المواجهة قابل للتطبيق في الوقت الذي ينهار فيه تنظيم "داعش"، مثلما فَصَل نهر إلْبيه (Elbe) القوات الروسية والأمريكية في أوروبا في ختام الحرب العالمية الثانية.
وعبور الفرات سيزيد من احتمال المواجهة بين الوكلاء أو حتى بين القوات الأمريكية والروسية، كما يرى تابلر الذي يضيف بأن الخطورة الكبرى في سيطرة وكلاء إيران، على حقول النفط والغاز المحلية، التي يمكن استخدامها لتمويل إعادة الإعمار.
كما أن حصول القوات الروسية والقوات الموالية للأسد على رأس جسر على الضفة الشرقية، يعني احتمال اغلاق الطريق الرئيسي الواصل بين الشمال والجنوب على ذلك الجانب من النهر، مما يجبر قسد على الاستمرار في الضغط على "وادي نهر الخابور" الخاضع لسيطرة تنظيم "داعش" من أجل الوصول إلى حقول النفط إلى الجنوب.
ويحذر تابلر من أن فرص استيلاء قسد، وواشنطن بالتالي، على مناطق الطاقة والزراعة الكبرى جنوب دير الزور ستصبح ضعيفة بحال عبور روسيا للفرات، وهذا يعني، بحسب تابلر، فقدان الكثير من نفوذهما على نظام الأسد وإيران وروسيا في أي تسوية سياسية في سوريا.
كما أن استيلاء وكلاء موسكو على الضفة الشرقية سيؤدي إلى جلب إيران خطوة أقرب نحو هدفها المعلن المتمثل في إنشاء جسر بري بين العراق وسوريا، مما يمنح خامنئي وسيلة أخرى يتمكن من خلالها نشر القوات والأسلحة في المناطق المحاذية لتلك التي يسيطر عليها حلفاء الولايات المتحدة.
كان الضعف الأقرب للتواطؤ هو السمة العامة لردات الفعل الأمريكية على خرق الاتفاقيات في سوريا من قبل روسيا وإيران، حيث تراجعت واشنطن بشكل مستمر عن تهديداتها وسمحت للرعونة الروسية بالإثمار دون عقاب، ويبدو سيناريو التنف حالياً هو الأقرب للحصول في دير الزور، حيث استولت الميليشيات الإيرانية بدعم روسي في التنف على المناطق المحاذية للقاعدة الأمريكية هناك ووصلت إلى الحدود العراقية دون أي ردة فعل من واشنطن.
قوات سوريا الديمقراطية
اتضح في الشهور القليلة بحسب مراقبين أن استمرار تنظيم داعش طيلة الفترة السابقة كان مقصوداً لمنع تحرير هذه المناطق من قبل الجيش الحر السوري، فعملية الاستلام والتسليم التي تتم الآن تظهر بوضوح الدور الوظيفي للتنظيم، فهو حافظ على آبار النفط بعيداً عن السوريين، أصحابها، ومنعهم من الاستفادة من ثروات بلادهم، فيما حافظ عليها سليمة ليعيد تسليمها الآن لنظام الأسد.
مما سبق نستطيع التأكيد على انه يبدو ان قوات سوريا الديمقراطية سوف  "تشعل" الصراع بين وأشنطن وموسكو فى الشمال السوري وذلك بعد ما وجهت موسكو  تحذيراً صارماً إلى واشنطن وهددت  باستهدافها وهو الامر الذى يبدو انه سيتطور الى الأسو خلال الفترة القادمة  . 

شارك