حظر النقاب في أوروبا صراع الحريات والأمن

الثلاثاء 03/أكتوبر/2017 - 02:06 م
طباعة حظر النقاب في أوروبا
 
تشهد أوروبا موجة من رفض النقاب في ظل ارتفاع موجة العمليات الارهابية في القارة العجوزة واتساع موجة الاسلام فوبيا في ظل ارتفاع شعبية  الاحزاب اليمينية أو الحركات المتطرفة فأمس الاثنين، طالب حزب الماني، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تحلق ألمانيا بعدة دول اوربية حظرت وتسن قوانين لحظر النقاب "البرقع".
المانيا وحظر النقاب:
فقد طالب الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، الشقيق الأصغر لحزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، بحظر النقاب في ألمانيا على غرار النمسا.
وقال الأمين العام للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، أندرياس شوير، في تصريحات لصحيفة "باساور نويه بريسه" الألمانية الصادرة الاثنين 3 اكتوبر 2017"الحظر ممكن تنفيذه ومن الضروري أن يُنفذ. الحظر الألماني المحدود للنقاب يتعين أن يتسع نطاقه مثلما هو الحال في دول أوروبية أخرى... لن نتخلى عن هويتنا، بل مستعدون للمكافحة من أجلها. النقاب لا ينتمي لألمانيا".
تجدر الإشارة إلى أن خبراء في الشؤون الداخلية بالكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي يرون أن تطبيق حظر للنقاب في ألمانيا غير ممكن من الناحية القانونية. ودخل حظر إخفاء الوجه في الأماكن العامة حيز التنفيذ في النمسا أمس الأحد، حيث يشمل ذلك ارتداء البرقع الذي يغطى الوجه بأكمله أو النقاب، الذي يظهر العينين فقط، وكذلك ارتداء أقنعة التنفس بصورة مبدئية.
وتم سن قانون حظر النقاب في النمسا لاعتبارات أمنية ولحماية المسلمات من القمع. وتواجه النساء ممن يخالفن الحظر عقوبة دفع غرامة تقدر بـ 150 يورو (176 دولار). يذكر أن البرلمان الألماني (بوندستاج) ألزم الموظفات والجنديات فقط بعدم ارتداء النقاب خلال ممارسة مهنتهن أو خلال "القيام بأنشطة لها صلة مباشرة بعملهن". كما تم إجراء تعديلات على قانون إثبات الهوية، حيث يتعين حاليا التحقق من هوية الفرد عبر المطابقة بين صورته في بطاقة الهوية والوجه.
ومن جانبه، قال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، شتيفان هاربارت، في تصريحات لنفس الصحيفة: "بالحظر الجزئي الذي تمّ إقراره الربيع الماضي نكون قد بلغنا حد ما هو جائز في الدستور"، وأضاف مؤكدا: "البرقع والنقاب يتعارضان بوضوح مع قيمنا وتصورنا عن الفرد. إنه لا ينتمي إلى ألمانيا بالنسبة لي". كما أكد خبير الشؤون السياسية في الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، شتيفان ماير، أنه لا مجال أمام الحكومة الإتحادية لتوسيع حظر النقاب في ألمانيا، وقال: "فيما يتعلق بحظر النقاب فقد أقررنا قبل أشهر قليلة قانونا يحظر ارتداء النقاب عند أي تعامل مع السلطات الاتحادية والمحاكم الاتحادية".
فوبيا النقاب:
الي جانب النمسا والمساعي الألمانية  لحظر النقاب هناك عدة دول اوربية اتخذت خطوات حظر النقاب في مقدمتها الحكومة البلجيكية فقد أصدرت بلجيكا قرارًا في 2011 والذي يحرم الخروج للعلن بوجه مغطى، بشكل جزئي أو كلي لدرجة أنه يصبح من الصعب التعرف على الشخص، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للغرامة أو السجن لمدة سبعة أيام.
كما نظم كانتون تيتشينو جنوب سويسرا استفتاءً حول حظر النقاب في الأماكن العامة في 2013، وتمت الموافقة عليه، وتوقّع على المخالفات غرامة تصل إلى 90 يورو. 
و أصدرت الحكومة الهولندية قرارا يمنع النساء المسلمات من ارتداء النقاب في المدارس والمستشفيات ووسائل المواصلات العامة في 2015، كما يمنع ارتداءه في بعض المواقف الخاصة، التي من الضروري فيها أن يكون الوجه ظاهرًا، أو لأسباب أمنية. وفي التاسع والعشرين من نوفمبر 2016 صدق البرلمان الهولندي على قانون يحظر ارتداء البرقع والنقاب على وجه الخصوص، بالإضافة إلى أقنعة الوجه وخوذات الدراجات النارية في الأماكن العامة.
كما يحظر عدد من المناطق في إقليم كتالونيا الاسباني ارتداء النقاب في الأماكن العامة، إلا أنه في 2013 أصدرت المحكمة الإسبانية العليا قرارًا بوقف هذا الحظر بعد اعتباره حدًّا للحرية الدينية. 
من جانبه أصدر البرلمان البلغاري في سبتمبر 2017 قرارًا يحظر على النساء ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه في الأماكن العامة، ومنع القانون ارتداء جميع أنواع الأقمشة السميكة أو شبه الشفافة التي تغطي الوجه جزئيا أو بالكامل بما فيها أغطية الرأس والأقنعة وغيرها. ويغرم 100 يورو كل من يخالف هذا القانون، وفي حالة تكرار المخالفة تصل إلى 750 يورو.
الموقف الاوروبي
موقف محكمة حقوق الإنسان الأوروبية جاء مؤيدا للقانونين الفرنسي والهولندي لحظر البرقع على أراضيهما منذ عدة سنوات. 
وأيدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في يوليو 2017، قرار بلجيكا بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وأشارت المحكمة إلى أن القرار جاء لضمان التماسك الاجتماعي، وحماية حقوق الآخرين وحرياتهم، مضيفة أن هذا الأمر مهم في مجتمع ديمقراطي. 
يذكر أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعد محكمة دولية وقد أنشئت عام 1959 وتنظر في القضايا التي يرفعها أفراد أو حكومات بدعوى انتهاك حقوقهم المدنية والسياسية المنصوص عليها في ميثاق حقوق الإنسان الأوروبية.
موقف المنظمات الاسلامية
أما عن تفاعل الجهات والمنظمات العربية والإسلامية في هذا الشأن فإن رابطة العالم الإسلامي، قالت في تغريدة لها على تويتر “إن على المسلم احترام دساتير وقوانين وثقافة البلدان التي يعيش فيها كما هو عهده عندما دخلها، وعليه المطالبة بخصوصيته كالحجاب وفق المتاح قانونا”، وتفهمت حكومات بلدان إسلامية هذه القرارات واحترمتها، فقد سبق للسفارة السعودية في النمسا أن أعلمت مواطنيها بصدور إقرار البرلمان النمساوي لقانون الاندماج في ما يتعلق بحظر تغطية الوجه (البرقع والنقاب)، والذي ينص على أن كل من يخفي تقاطيع أو ملامح وجهه في الأماكن العامة معرض لدفع غرامة مالية، وشددت السفارة على المواطنين مراعاة القانون عند زيارة النمسا التي انضمت إلى سويسرا وبلجيكا وبعض المناطق الإسبانية وفرنسا التي كانت أول بلد أوروبي يمنع النقاب في الأماكن العامة.
ويبقي تزايد قرارات حظر البرقع والنقاب وحتى الحجاب في الكثير من الدول الأوروبية، يعيد طرح نفس الأسئلة المتعلقة بالجدل القائم حول الحريات الشخصية والخصوصيات الثقافية من ناحية، والضرورات الأمنية والطبيعة المجتمعية من الناحية المقابلة، لكنه يحيل إلى نقاش أكثر تعقيدا وإشكالية، وهو فكرة الاندماج ومدى تأثرها سلبا أو إيجابا بهذه القرارات التي أخذت طابعا قانونيا ورسميا معمولا به في العديد من البلدان الأوروبية.

شارك