المهاجرون واللاجئون يتجهون بالنمسا إلى اليمين المتطرف

الثلاثاء 17/أكتوبر/2017 - 08:03 م
طباعة المهاجرون واللاجئون
 
النمسا إلى أين
النمسا إلى أين
كشفت الانتخابات البرلمانية فى النمسا على أن هذا البلد الذى يعد من  أغنى وأسعد البلدان الأوروبية يميل إلى اليمين مطارداً بأشباح الخوف المنسوج ذاتياً، والآن يمكن للبلاد أن تبتعد عن بروكسل وتقترب من وارسو وبودابست والتقوقع في الدائرة الأنانية الأوروبية المتحدة تحت اسم "مجموعة فيزجراد" أي بلدان أوروبا الوسطى الصغيرة المتآخية في رفض روحي وسياسي للعالم المتغير،  فالبلد الذي تفرزه صناديق الاقتراع يبدو مهووساً بشبح الهجرة والرغبة الخيالية في إغلاق الحدود الوطنية والانتقال إلى العزلة الذهبية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى حصل فيه حزب الحرية الميني المتطرف على أكثر من 26 في المائة من الأصوات، وهي أفضل نتيجة لهذا الحزب منذ 1999، وهو ما  يكشف عن احتمال دخول حزب الحرية في مفاوضات ائتلاف مع المنتصر حزب الشعب بزعامة سيباستيان كورتس؟، ويري محللون  أن حزب الشعب بقيادة الشاب سيباستيان كورتس تحول بوضوح إلى اليمين في سياسة اللجوء والأجانب، فهذا لم يؤثر على حزب الحرية.
من جانبه قال هاينتس حيرتنير أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيينا، أن كورتس وحزبه المحافظ كانوا أكثر تشددا في المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية فيما يتعلق بالهجرة أكثر من حزب الحرية اليميني المتطرف، وأكد كورتس أكثر من حزب الحرية على موقف متشدد تجاه الإسلام والإسلاموية. والكثير من الناخبين الذين يدعمون هذا الموقف كانوا سينتقلون في العادة إلى معسكر حزب الحرية، إلا أن تصريحات كورتس المتشددة أدت إلى أن أحرز مرشح الحزب الشاب على نقاط.
وناخبو حزب الحرية التقليديون الذين ظلوا أوفياء للحزب. وهذا ما تؤكده النتيجة الإيجابية التي حققها الحزب. ويجب علي القول بأن حزب الحرية ليس مجرد حزبٍ معادٍ للهجرة.فحزب الحرية كبر في العقود الأخيرة عندما لم يكن موضوع اللاجئين والهجرة موضوعا سياسيا كبيرا. وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن حزب الحرية يشهد نوعا من الانتعاش "الطبيعي". وهذا يميزه بالطبع عن الأحزاب اليمينية الأخرى في أوروبا مثل حزب البديل لأجل ألمانيا حديث العهد.
نوه إلى أنه سيحصل تقارب مع دول فيزا غراد، وأنا متأكد من ذلك. وهذا بالنسبة إلي مبدئيا ليس أمرا سلبيا لاسيما عندما تربطنا علاقات جيدة مع دول الجوار، ولكن لدينا بالطبع أوربان في المجر الذي بادر بتقديم تهانيه. ومن المستبعد أن يطرأ تحول في النمسا يشبه ظاهرة أوربان، لكننا سنتجه نحو ديمقراطية خالصة.
تقدم المحافظين في
تقدم المحافظين في الانتخابات النمساوية
أضاف بقوله: حزب الحرية اليميني سبق وأن شارك مرتين في حكومة نمساوية. وفي تلك اللحظة كانت هناك احتجاجات أوروبية ضد اليمينيين الشعبويين، وبالنظر إلى النظام السياسي فإن النمسا لها نظام حزبي ثلاثي، فالنمسا كان لها لفترة طويلة نظام من حزبين اثنين مع الاشتراكيين الديمقراطيين وحزب الشعب، وبنمو حزب الحرية بات النظام الحزبي ثلاثيا، وسيبقى على هذا النحو، ولا أعتقد أن حزب الحرية سيختفي، لأن له جذور داخل المجتمع النمساوي، وحتى لو أن موضوع الهجرة فقد من أهميته، فإن حزب الحرية سيبقى، في كثير من الأحوال يبقى حزب الحرية مكونا متجذرا في المجتمع النمساوي، وسيبقى على هذه الحال.
شدد على أن القاسم المشترك هو أنها جميعها شعبوية يمينية وتتعاون داخل البرلمان الأوروبي للحصول داخله على نوع من التأثير وطرح مقترحات، ولكن هذا لا يعني بأنها متشابهة إيديولوجيا، وما يميزها أكثر هو أن حزب الحرية النمساوي يريد البقاء في الاتحاد الأوروبي، فحزب الحرية النمساوي لا يريد ترك الاتحاد الأوروبي والنمسا ستتولى في السنة المقبلة رئاسة الاتحاد الأوروبي. ولكن في حال وجود وزير خارجية من حزب الحرية، فإنني أفترض أن حزب الحرية والنمسا سيواجهان العزلة في البرلمان الأوروبي، وما يميزه أيضا هو أن حزب الحرية له تاريخ في النمسا. وحزب البديل من أجل ألمانيا حديث العهد، وحزب الحرية النمساوي موجود منذ 1945، وهذا التطور جلب له الاعتدال لتليين المواقف. وقد شارك الحزب في بعض الحكومات وله تأثير كبير في بعض الولايات. فهو ليس حزبا عابرا تشكل على أساس موضوع ما ويختفي بعدها، وهذا ما يميزه عن الأحزاب اليمينية الشعبوية الأخرى في أوروبا.
ويري محللون أن نتائج الانتخابات البرلمانية في النمسا حزب الحرية اليميني المتطرف منحت تفويضاً لدخول محادثات تشكيل ائتلاف مع زعيم حزب الشعب المحافظ الشاب سيباستيان كورتس الذي لم يتمكن من تحقيق أغلبية برلمانية، لكن زعيم حزب الشعب سيباستيان كورتس لم يستبعد أي خيار، وبالتالي فإن قيام ائتلاف بين حزبه المسيحي الديموقراطي وحزب الحرية اليميني المتطرف يبدو الاحتمال الأكثر ترجيحاً. 
وفى صحيفة "تاجسشبيجل" الألمانية أكدت بقولها "لا يحق لأحد أن يتعجب، فالمنافسة المحتدمة خلال انتخابات الرئاسة بين فان دير بيلين واليميني الشعبوي هوفر في السنة الماضية كشفت إلى أي اتجاه تنزلق البلاد. وكورتس أمعن النظر بدقة إلى ذلك، فكانت حملته الانتخابية والنتيجة التي أحرزها مثيرين للاهتمام. فقد غيَّر بناء حزب الشعب في النمسا بأسلوب الرئيس الفرنسي ماكرون إلى حركة ديناميكية: الابتعاد عن التوجهات التقليدية للمسيحية الديمقراطية إلى الهامش اليميني الذي يتحول في النمسا أكثر فأكثر إلى الوسط السياسي. خطر الإسلام المفترض وتأمين الحدود الوطنية والنظام الاجتماعي إضافة إلى الحفاظ على الهوية النمساوية ومواقف كورتس وحزب الحرية اليميني لا تختلف عن بعضها في الغالب إلا في التفاصيل، فتحالف الطرفين الذي بات الآن أكثر احتمالاً، سيحول هذه الوعود الانتخابية إلى ممارسة سياسية: شعبوية مراوغة لسوء حظ أوروبا".
من جانبها قالت الأمينة العامة للحزب الديموقراطي المسيحي اليزابيث كوستنغر "سنشكل ائتلافاً للسنوات الخمس المقبلة مع الحزب الذي سيسمح لنا بتحقيق اكبر قدر من التغيير في هذا البلد". 
شبح المهاجرين يؤرق
شبح المهاجرين يؤرق المجتمع النمساوى
وتمت الاشارة إلى أن "الدرجة التي وصل إليها إنهاك حزب الشعب والاشتراكيين الديمقراطيين حقاً، تظهر في أنهم تخلوا بشكل كبير عن مقارعة حزب الحرية في المضامين. فالحزب الاشتراكي الديمقراطي حاول في نهاية الحملة الانتخابية التركيز على موضوع العدالة الاجتماعية وحذر من شبح ائتلاف بين حزب الشعب المحافظ النمساوي وحزب الحرية اليميني المتطرف. إلا أن حزب الشعب بزعامة سيباستيان كورتس ركز على نوع من التحول من خلال التقارب، الذي يمكن أن نسميه ببساطة اقتباس الموضوعات وحزب الشعب، وبالتالي تحول حزب الشعب إلى الشعبوية اليمينية في المقام الأول. وثمن ذلك باهظ، لأن اليمينيين لا يمكن إيقافهم إلا بعرض بدائل واضحة للناخبين."
ويري متابعون أن "التحالف بين حزب الشعب المحافظ النمساوي وحزب الحرية اليميني المتطرف ليس فقط ممكناً، بل ومحتملاً، نظراً للحملة الانتخابية المفعمة بالكراهية التي قادها الحزبان الاشتراكي وحزب الشعب ضد بعضهما البعض. فغالبية دستورية بين حزب الشعب المحافظ النمساوي وحزب الحرية اليميني المتطرف ليست بعيدة كثيراً. وهذا هو الخبر الأكثر إنذاراً في هذا الأحد الانتخابي، فتغييرات دستورية عميقة أصبحت فجأة ممكنة عندما نعرف تعاطف حزب الحرية وكذلك سيباستيان كورتس مع فيكتور أوربان وسياسته. وزعيم حزب الحرية شتراخه أعلن عن تطلعه للتقارب مع دول الاتحاد الأوروبي في الشرق التي لم تتألق من خلال تضامن داخل الاتحاد الأوروبي".
وهناك مراقبون يرون أنه "كيفما كان الحال فإن انتصار لائحة كورتس يشكل فرصة للنمسا حيث مات نموذج الائتلاف الكبير بين المحافظين والاشتراكيين الديمقراطيين. وهذا ما أظهره الجمود السياسي للسنوات الأخيرة وكذلك المواجهة بين كورتس والمستشار كيرن خلال الحملة الانتخابية. الكثير من أفكار كورتس ـ إدارة أكثر فاعلية وتخفيف ضريبي ومشاركة أكثر للشعب هي أفكار صحيحة، لكنها في الغالب ليست جديدة. والفشل تجلى دوما في التنفيذ... فالآمال المعلقة على كورتس هي كبيرة مثل إمكانية خيبة الأمل".
ويبدو أن النمساويين تعبوا من هذا الائتلاف الكبير الذي استمر سنوات طويلة بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين. ليصبح التحالف بين المحافظين واليمين المتطرف ممكناً. الحزبان لا يطيق الواحد منهما الآخر، لكنهما يسبحان فوق نفس الموجة المعادية للاجئين، فحزب الحرية انتقد زعيم حزب الشعب المحافظ سيباستيان كورتس بانتقاء موضوعاته في الحملة الانتخابية. لكن في النهاية يبقى الحزبان بمواقفهما على الخط ذاته".

شارك