؟اليوم.. محاكمة "مرسي" و27 آخرين في "اقتحام السجون"/الجيش المصري يُحرّر ضابطاً خُطف في «هجوم الواحات»/مسئولون يكشفون فضائح الإخوان.. وزير الخارجية الأسبق يوضح طريقة الجماعة لاختراق الوزارة..

الأربعاء 01/نوفمبر/2017 - 09:41 ص
طباعة ؟اليوم.. محاكمة مرسي
 
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف المحلية والعربية بخصوص جماعات الاسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات عربيًا وعالميًا بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات – آراء) صباح اليوم الأربعاء الموافق 1-11-2017

اليوم.. محاكمة "مرسي" و27 آخرين في "اقتحام السجون"

اليوم.. محاكمة مرسي
تستأنف اليوم الأربعاء، محكمة جنايات جنوب القاهرة المنعقدة، بمعهد أمناء الشرطة محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي و27 آخرين، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"اقتحام الحدود الشرقية المصرية" لاستكمال سماع أقوال الشهود.
ومن المقرر أن تستمع المحكمة إلى أقوال الشاهد رقم 37، ويدعى مجدي سعيد إبراهيم جاد مرعي - مجند سابق - والشاهد رقم 38 ويدعى أحمد عبد العاطي محمد معوض - مجند سابق -، والشاهدة رقم 41 وتدعى عايدة عبد المجيد شلبي - ربة منزل -، والشاهدة 42 وتدعى ولاء سلامة كامل أبو زيد، زوجة النقيب محمد حسين سعد أحد الضباط المختطفين، والشاهدة 43 وتدعى شيرين شمس الدين عبد الغفار، محمد زوجة النقيب شريف المعداوي أحد الضباط المختطفين.
وتعقد الجلسة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا وحسن السايس، وسكرتارية حمدي الشناوي وأسامة شاكر.
والمتهمين في هذه القضية هم: الرئيس المعزول محمد مرسي و27 من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية وأعضاء التنظيم الدولي وعناصر حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني علي رأسهم رشاد بيومي ومحمود عزت ومحمد سعد الكتاتني وسعد الحسيني ومحمد بديع عبد المجيد ومحمد البلتاجي وصفوت حجازي وعصام الدين العريان ويوسف القرضاوي وآخرين.
كانت محكمة النقض قضت في نوفمبر الماضي، بقبول الطعون المقدمة من المتهمين على الأحكام الصادرة ضدهم بالقضية، لتقضى بإعادة محاكمتهم بها من جديد.
وتعود وقائع القضية إلى عام 2011 إبان ثورة يناير، على خلفية اقتحام سجن وادي النطرون والاعتداء على المنشآت الأمنية.
وأسندت نيابة أمن الدولة العليا للمتهمين في القضية تهم: «الاتفاق مع هيئة المكتب السياسي لحركة حماس، وقيادات التنظيم الدولي الإخواني، وحزب الله اللبناني على إحداث حالة من الفوضى لإسقاط الدولة المصرية ومؤسساتها، وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية وعسكرية داخل البلاد، وضرب واقتحام السجون المصرية». 

اليوم.. محاكمة 14 متهمًا بالانضمام لتنظيم داعش الإرهابي

اليوم.. محاكمة 14
تستأنف اليوم الأربعاء، محكمة جنايات الجيزة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، بطرة، محاكمة 14 متهمًا، بالانضمام لتنظيم "داعش" الإرهابي بمنطقة عين شمس، لسماع مرافعة النيابة العامة.
تُعقد الجلسة برئاسة المستشار معتز خفاجي وعضوية المستشارين سامح سليمان ومحمد عمار والسعيد محمود وسكرتارية سيد حجاج ومحمد السعيد.
وقامت المحكمة بفض الأحراز التي تضمنت 3 بنادق آلية وفرد خرطوش و434 طلقة، إلى جانب مظروف بيج اللون بداخله 3 ورقات مدون عليها وصية شرعية.
ووجهت النيابة للمتهمين، وهم: "أنس محمد نور الدين، وحمدي أحمد علي، وسمير عطا" وآخرين، اتهامات الانضمام لتنظيم داعش الإرهابي، وتولي قيادة جماعة أسست على خلاف القانون، وإمدادها بمعلومات مادية، وإحراز أسلحة نارية بغير ترخيص. 
(البوابة نيوز)

الجيش المصري يُحرّر ضابطاً خُطف في «هجوم الواحات»

الجيش المصري يُحرّر
نفّذت قوات مشتركة من الجيش والشرطة عملية واسعة في صحراء مصر الغربية أمس، أفضت إلى تحرير ضابط في جهاز الشرطة، خطفه إرهابيون خلال «هجوم الواحات» الشهر الماضي، فيما قصفت طائرات مسلحين في الصحراء أمس، وتمكنت من قتل عدد منهم ينتمون إلى الخلية التي نفذت «هجوم الواحات» ولاذوا بالفرار في الظهير الصحراوي المتاخم لمحافظة الفيّوم والممتد إلى الحدود الغربية مع ليبيا.
وذكرت مصادر أمنية أن العملية انتهت بتحرير النقيب محمد الحايس، أحد عناصر القوة الأمنية التي دهمت بؤرة للإرهابيين الشهر الماضي عند «الكيلو 135»، في طريق الواحات، مشيراً إلى أن «الإرهابيين خططوا للفرار به إلى ليبيا، حيث يُعتقد بانتماء المجموعة المتورطة في الهجوم إلى جماعة «المرابطون» المرجح تمركزها في ليبيا». وأشارت المصادر إلى أن عملية الأمس «تمت بالتنسيق بين قوات الجيش والشرطة، وبغطاء جوي، حيث تم تطويق المجموعة الإرهابية وتوقيف عدد من أفرادها وملاحقة آخرين لاذوا بالفرار».
وتبين أن الضابط الحايس أُصيب بجرح في قدمه بسبب طلق ناري خلال مواجهات الواحات، ونُقل إلى مستشفى الشرطة لتلقي العلاج.
وقال المتحدث باسم الجيش المصري العقيد تامر الرفاعي في بيان، إنه «بناء على معلومات مؤكدة، وبالتعاون مع وزارة الداخلية، عن أماكن اختباء العناصر الإرهابية التي استهدفت قوات الشرطة على طريق الواحات، قصفت القوات الجوية منطقة اختباء العناصر على هذا الطريق في إحدى المناطق الجبلية غرب الفيوم»، مشيراً إلى أن الضربات «أسفرت عن تدمير 3 عربات دفع رباعي محملة بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد الشديدة الانفجار، والقضاء على عدد كبير منهم». ولفت البيان إلى «تمشيط المنطقة للقضاء على العناصر الفارة».
وكانت مواجهات وقعت عند «الكيلو 135» في طريق الواحات البحرية (جنوب غربي العاصمة) في الـ20 من الشهر الماضي بين قوات الأمن وعناصر تكفيرية استخدمت أسلحة ثقيلة ضد الشرطة، ما أسفر عن مقتل 16 ضابطاً وجندياً، وقتل وجرح 15 إرهابياً، قبل أن يلوذ بعضهم بالفرار بعدما خطفوا الضابط الحايس الذي حررته القوات أمس. 

مقتل 6 مدنيين في شمال سيناء

مقتل 6 مدنيين في
أحبط الجيش المصري محاولة تسلل 6 سيارات محملة بعناصر إرهابية عبر الحدود الغربية، وقُتل 6 مدنيين وأصيب جندي بهجمات متفرقة لمسلحين شمال سيناء، في وقت كشف الجيش المصري عن تدميره 3 أنفاق بين مصر وقطاع غزة خلال حملات مكثفة لضبط الحدود الشهر الماضي.
وقال المتحدث باسم الجيش المصري العقيد تامر الرفاعي، إن الطيران قصف 6 سيارات دفع رباعي خلال محاولتها التسلل إلى العمق المصري عبر الصحراء الغربية محملة بكميات من الأسلحة والذخائر والمواد المهربة. وأشار الرفاعي في بيان عسكري مساء أول من أمس، إلى «استمرار جهود التعاون بين الطيران المصري وقوات حرس الحدود لتأمين حدود الدولة على جميع الاتجاهات الاستراتيجية وردع أي محاولة للتسلل أو التهريب عبر الحدود».
وأضاف أن القوات الجوية نجحت في «تدمير السيارات المتسللة والقضاء على العناصر الإجرامية، فيما تواصل عناصر حرس الحدود مدعومة بعناصر المنطقة الغربية العسكرية والقوات الجوية تمشيط المنطقة الحدودية في محيط العملية».
وكان الطيران المصري دمر الأسبوع الماضي 8 سيارات دفع رباعي محملة بالأسلحة والذخائر حاولت التسلل عبر الحدود.
وشهد الكيلو 350 في طريق الواحات البحرية (جنوب غربي العاصمة) اشتباكات في 20 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بين قوات الأمن وعناصر تكفيرية استخدمت فيها أسلحة ثقيلة، أسفرت عن مقتل 16 ضابطاً وجندياً، وقتل وجرح 15 إرهابياً، قبل أن يلوذ بعضهم بالفرار، ولم تعلن أي جماعة إرهابية حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم.
إلى ذلك، كشف العقيد رفاعي أمس، عن تدمير حرس الحدود في شمال سيناء بالتعاون مع قوات إنفاذ القانون، 3 أنفاق على الشريط الحدودي الشهر الماضي، ضمن جهود مكثفة لضبط الحدود المصرية ومنع تسلل إرهابيين.
وأشار الرفاعي إلى «تمكن قوات حرس الحدود خلال الشهر الماضي، من ضبط 10 قطع سلاح مختلفة الأنواع، وكمية من الذخائر مختلفة الأعيرة، إضافة إلى 80 سيارة و6 دراجات نارية و3 مراكب صيد يتم استخدامها في عمليات التهريب، إضافة إلى توقيف 118 شخصاً فارين من تنفيذ أحكام قضائية، و440 شخصاً من جنسيات مختلفة خلال محاولات التسلل».
إلى ذلك، سقطت قذيفة مجهولة المصدر صباح أمس في منطقة سكاسكة في مدينة الشيخ زويد (شمال سيناء)، أسفرت عن مقتل 6 مدنيين بينهم 3 أطفال، وفق شهود عيان.
وفي العريش، قالت مصادر طبية وشهود عيان إن جندياً جرح إثر انفجار عبوة ناسفة في مكمن أمني على الطريق الدولي داخل مدينة العريش في شمال سيناء مساء أول من أمس. وتعرض المكمن الأمني لهجوم مسلح من قبل عناصر «داعش» قبل أن تشتبك معهم القوات وتجبرهم على الفرار. ودفعت الشرطة بوحدات إضافية لتمشيط المنطقة وضبط المتورطين.
من جهة أخرى، أرجأت محكمة عسكرية نظر قضية «مركز تدريب داعش» إلى جلسة 13 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لاستكمال مرافعة الدفاع. وأسندت النيابة إلى 7 متهمين على ذمة القضية ارتكاب جرائم «تخريب الممتلكات العامة وأخرى تابعة إلى الجيش ووزارة الداخلية، وقتل أي شخص ينتمي إليهما، وحيازة وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة والمفرقعات بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام».
وأرجات محكمة جنايات القاهرة محاكمة مرشد جماعة «الإخوان المسلمين»، المصنفة إرهابية في مصر، و738 متهماً آخرين في قضية «فض اعتصام رابعة العدوية» إلى جلسة 7 الجاري، لاستكمال سماع الشهود.
وكانت النيابة العامة أسندت إلى المتهمين جرائم «تدبير تجمهر مسلح والاشتراك فيه، وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم». 
(الحياة اللندنية)
؟اليوم.. محاكمة مرسي
مسئولون يكشفون فضائح الإخوان.. وزير الخارجية الأسبق يوضح طريقة الجماعة لاختراق الوزارة.. أسامة كمال يعلن طريق تهريب البترول لغزة أيام «المعزول».. وعبد المجيد محمود: تسجيل صوتي وراء إقصائي
شيئًا فشيئًا يتم الكشف عن الكواليس، ما حدث خلال عام تولى حكم مصر فيه جماعة الإخوان الإرهابية، القضايا التي كانت محل أسئلة باتت لها أجوبة، لم تكن الأجوبة على لسان كتاب أو مؤرخين بل على لسان وزراء كانوا مسئولين وعن قرب من تلك الأزمات.
وخلال الفترة الماضية كشف أكثر من مسئول عن كواليس حكم الإخوان في بعض القطاعات ومحاولتهم للسعي إلى أخونة الدولة في جميع المؤسسات الحكومية، حتى تتمكن من ثبوتها في الحكم والسيطرة والهيمنة على كل شيء.
وزير الخارجية الأسبق
السفير محمد كامل عمرو، وزير الخارجية الأسبق، واحد من الذين كشفوا الكثير من الكواليس، ففي تصريحات صحفية الأسبوع الماضي أوضح أن جماعة الإخوان كانت تحمل أفكارا تهدف إلى السيطرة على كل مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أنه استطاع هو وزملائه في وزارة الخارجية في منع الإخوان من السيطرة عليها.
وأكد «عمرو» أن هذا هدفا رئيسيا لديه وقتها، قائلا:« خاصة ونحن نتابع محاولات سيطرة الجماعة على الكثير من المؤسسات، وكذلك نجحنا في عدم اختراق الوزارة من قبل أعضاء الجماعة».
وأوضح أن كل ذلك يتم من خلال الحفاظ على الثوابت المصرية في ملفات السياسة الخارجية التي تختلف عن فكر الجماعة خاصة عن القضية الفلسطينية، وفي هذا الصدد وقعت مشادات بين عدد من الشخصيات المحيطة بالرئيس الأسبق وبين وزارة الخارجية.
وتابع كان لدينا إصرار في وزارة الخارجية أنه عندما يخرج أي خطاب رسمي عن رئيس الجمهورية تجاه القضية الفلسطينية كان يجب أن يتضمن ثوابت السياسة المصرية الخارجية، ونجحنا في ذلك ولم يستطع أحد أن يضع وزارة الخارجية في الأيديولوجيات التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين تجاه القضايا الدولية المختلفة.
وزير البترول الأسبق
في نفس السياق، قال المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، منذ أسبوعين خلال حواره على فضائية «ltc» إنه أثناء تولي الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم كان يتم تهريب المواد البترولية إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، مشيرا إلى أنه توجد شبكة متفرعة تحت الأرض في الصحراء يتم من خلالها تهريب البترول، قائلا:« فاكرين أيام أزمة الوقود.. وانتشار فيديوهات إن البترول والسولار بيترمى في الصحراء.. دا مكنش بيترمي على الأرض دا كان في خزانات تحت الأرض يتم صب البترول فيها».
وشدد على أن هناك شبكة أخرى لتهريب المواد البترولية عبر البحر، وتمكنت القوات المسلحة من تدمير هذه الشبكات، قائلا: «محطة كهرباء غزة كانت بتاخد مليون لتر سولار يوميًا».
النائب العام السابق
وفي 2013، كشف المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام السابق، أن الرئيس المعزول محمد مرسي، قام بتسجيل مكالماته وعلم من خلالها أنه كان ينوي إصدار قرار بحبس الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء السابق، ووزير النقل على خلفية حادث أسيوط الذي راح ضحيته 70 طفلًا، وهو ما جعل «مرسي» يعجل بإصدار إعلانه الدستوري لعزله.
وأضاف «محمود» خلال مداخلة هاتفية لفضائية «دريم2»، «عندما أصدرت قرارًا بوضع وزير النقل آنذاك على قوائم الممنوعين من السفر بسبب الحادث، اتصل بي المستشار أحمد مكي، وزير العدل السابق، وطلب مني رفع اسمه من القوائم، ولكنني رفضت بشدة وهو ما عجل بإقصائي، وأتحدى مكي أن يكذب ذلك». مشيرا إلى أنه على الرغم من حديث الإخوان دومًا عن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، إلا أنه لم يقم أي عضو بالجماعة بتقديم بلاغ حول أي واقعة فساد في أي جهة أو مؤسسة طوال فترة حكمهم. 
(فيتو)
؟اليوم.. محاكمة مرسي
مفتي الجمهورية في حواره لـ"البوابة نيوز": الإجهاض حرام شرعًا.. وزواج القاصرات "جريمة".. وليس كل ما في "التراث" صالحًا لعصرنا.. ولا كل "أزهري" مؤهلاً للإفتاء
توحيد الفتاوى «غير منطقى».. والقانون الرادع ضرورة لضبطها
الصوفية تدافع عن الدولة.. والتنظيمات الإرهابية هدفها الوحيد هدم السلطة
استخدام وسائل تنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة «جائز»
الفهم الخاطئ لقول الله «ومن لم يحكم بما أنزل الله» وسع دائرة الكفر
أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أنه ليس كل أزهرى يصلح للعمل فى مجال الفتوي، ويشترط خضوعه لدورات تأهله لهذه المهمة، مشددًا على أن توحيد الفتوى لا يمكن تحقيقه بقدر ما يمكن التوصل إلى فتاوى كبرى تهم الأمة جمعاء. وقال علام فى حواره لـ«البوابة»، إن دعوات الإجهاض الآمن غير جائزة شرعًا، كما أن زواج القاصرات، يعد من الجرائم التى يجب أن تواجه بكل حزم.. وإلى نص الحوار.
■ فى البداية.. البعض يطرح التصوف بقوة كفكرٍ قادرٍ على مواجهة الإرهاب.. فما رأيكم؟
- التصوف الصحيح المبنى على العلم والشرع لديه إمكانات كبيرة فى المعركة ضد الإرهاب والتطرف دفاعًا عن صحيح الدين وصورته الحقيقية، وعن الدولة ككيان جامع لآمال مواطنيها وحامية لأمنهم ومستقبلهم، وكذلك عن المجتمع وسلمه الأهلى وتعايشه السلمى.
والصوفية تعد ساحة كبيرة وممتدة لجذب الشباب الطامح لبذل الجهد والطاقة فى سبيل خدمة دينه ووطنه، بعد أن أدرك خواء التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، التى لا همَّ لها سواء الاستيلاء على السلطة والحكم فى العديد من البلاد العربية والإسلامية، خاصة أن علوم التصوف تحمل خطابًا روحيًا وتربويًا أساسيًا فى مواجهة الإرهاب والتطرف، فهى ترقق القلوب وتشغل الفراغ الروحى وتمثل مجالًا لاجتذاب طاقات الشباب العطشى إلى تجارب روحية لاستثمار ميل بعضهم لهذه التجارب بعد أن ملّوا ثقل الحياة المادية سواء أصابوا حظا منها أو لم يصيبوا.
■ ما موقع المواجهة الفكرية من عمليات استهداف رجال الجيش والشرطة؟
- الحرب الفكرية مع الإرهاب والتطرف لا تقل ضراوة عن المواجهات الميدانية بالجبهات العسكرية مع أولئك المتطرفين، الذين يلوون عنق الأدلة ليصدروا فتاوى تبرر لهم أعمالهم الإجرامية، ونحن فى دار الإفتاء وعبر مرصد الفتاوى التكفيرية، الذى يعمل على مدار الساعة فى رصد وتحليل وتفنيد كل الدعاوى والأباطيل التى تطلقها الجماعات المتطرفة، حماية للأمة من الانسياق خلف هذه الأفكار الهدامة، ومنها الفتاوى التى تدعو إلى قتل رجال الأمن والعمليات التفجيرية الانتحارية التى يبررها المتطرفون بنصوص دينهم يفسرونها تفسيرًا منحرفًا، فكان لزامًا علينا أن نبين انحرافهم.
■ ماذا عن دوركم فى تحصين الشباب؟
- للأسف كل المجموعات والتنظيمات الإرهابية ترتدى عباءة الدين، وتقوم بإغراء الشباب بتأويلات فاسدة، وتقنع الناس بأسلوب أو بآخر أن التفسيرات التى انتهوا إليها فى النص الشرعى تفسيرات صحيحة، لذا فإننا نطالب الشباب أن يدركوا أن العلم له قواعد وأصول، فينبغى أن يؤخذ هذا العلم من أصحابه لا من أولئك الذين تبنوا مثل هذه الأفكار ولا من الذين يعيثون فى الأرض فسادًا.
كما أننى أحذر من الفهم الخاطئ لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ}، والتى يستند إليها المتطرفون فى قضية الحاكمية، بأن ذلك الفهم عمل على توسيع دائرة الكفر، فقال: «وبطبيعة الحال؛ فإن هؤلاء الحكام يحكمون أُناسا وشعوبًا، ومن يرتضى من الشعوب بهؤلاء الحكام فهو داخل فى الدائرة، إلى أن ينتهى الأمر بنتيجة حتمية، وهى مواجهة هؤلاء الحكام والشعوب ومواجهة كل من رضى بحكم هؤلاء لأنه داخل فى الدائرة أو هذه البؤرة، مما يؤدى فى النهاية إلى حالة من الصراع الحقيقي، ومن خلال تتبعنا لهؤلاء؛ فإن مفهوم الخلافة، من أكثر المفاهيم الإسلامية التى تعرضت إلى التشويه والابتذال فى وقتنا الحاضر، حتى أضحى المفهوم سيئ السمعة لدى أوساط غير المسلمين، بل وبين المسلمين أنفسهم، وفى الدول ذات الأغلبية المسلمة، وأقول إن الدين الإسلامى لا يشترط ولا يحدد نظامًا واحدًا للحكم، والعبرة فى اختيار نظام حكم دون غيره هى تحقيق المصلحة العليا للبلاد والعباد.
■ كيف تتم المواجهة الفكرية للمناطق المستردة مؤخرا من قبضة داعش؟
- على العلماء فى هذه البلاد أن يوجدوا فى هذه المجتمعات خطابًا وسطيًّا لا يسمح بالتطرف ويسعى للبناء ويعزز اندماج المسلمين فى مجتمعاتهم؛ ليكونوا أعضاءً نافعين لوطنهم وليحققوا غاية الله من استخلاف الإنسان فى الأرض بعمارة الكون، فالسبيل الأمثل لمواجهة التطرف والإرهاب هو المعالجة الفكرية؛ لأن «داعش» وغيرها من الجماعات المتطرفة تقوم على تفسيرات منحرفة للنصوص الدينية.
كما أنهم سيكونون فى حاجة ماسة إلى دراسة مستفيضة لأسباب انتشار ظاهرة التطرف والانضمام إلى الجماعات الإرهابية بين الشباب حتى يمكنهم التعامل معها بشكل منهجى وعلمي.
■ وماذا عن دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم؟
- الأمانة العامة هى أول هيئة علمية متخصصة تضم ما يزيد على ٣٠ مفتيًا وعالمًا من مختلف دول وقارات العالم، تمثل المنهج الوسطى المعتدل وتم الإعلان عنها فى ١٥ من ديسمبر ٢٠١٥، وعضوية الأمانة متاحة لكل الدول الإسلامية حول العالم طبقًا للائحة الأمانة، بهدف ترسيخ منهج الوسطية فى الفتوى، وتبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، وتقديم الاستشارات العلمية والعملية لدُور وهيئات الإفتاء لتنمية وتطوير أدائها الإفتائي، وتقليل فجوة الاختلاف بين جهات الإفتاء من خلال التشاور العلمى بصوره المختلفة، والتصدى لظاهرة الفوضى والتطرف فى الفتوى.
■ وما الهدف من إنشائها؟
- هدف الأمانة هو التنسيق بين دور وهيئات الإفتاء والقرارات والتوصيات يتم الاتفاق والتصويت عليها من قبل الأعضاء قبل إصدارها، وبعدها يتم تشكيل لجان لمتابعة تنفيذ هذه القرارات والتوصيات على أرض الواقع، وكذلك وضع الجدول الزمنى والآليات لتنفيذها.
■ أعلنتم خلال المؤتمر الأخير أنكم سائرون على طريق التجديد.. فكيف ذلك؟
- الفتوى فى الآونة الأخيرة أصبحت بمثابة سيفٍ مسلط فى وجه المجتمعات، تسهم بشكل كبير فى إحداث الاضطرابات، نتيجة لاستغلالها من قِبل المتشددين أو المتطفلين على الإفتاء، وبالتالى حرصت الأمانة على عقد هذا المؤتمر لعلاج تلك الظاهرة، استكمالًا لجهودها فى تقديم الاستشارات والحلول العلمية والعملية، وتطوير الأداء الإفتائي، والتصدى لظاهرة الفوضى والتطرف فى الفتوى، ووضع المعايير الصحيحة لتمييز الفتاوى الشاذة من التجديد الصحيح والاجتهاد الرشيد، وعمل مدونة كبرى لخبرات المؤسسات والدول المشاركة وتجاربهم فى التصدى للظاهرة، ووضع الخطوط الأولى لمقترحات تقنين التصدر للإفتاء فى الدول المشاركة، والخروج بمبادرات قانونية وإجرائية وقائية وردعية للتعامل مع المشكلة.
■ توصيات المؤتمر الأخير بتفعيل مادة أصول الفقوى فى مجال ضبط الفتوى بناء على اقتراح شيخ الأزهر.. فكيف تنظرون إليها؟
- أصول الفقوى من العلوم التى لا غنى عنها للمشتغلين بالإفتاء؛ لأن هذا العلم يضبط أصول الاستدلال، وذلك ببيان الأدلة الصحيحة من الزائفة، ويحدد منهجية علمية للاجتهاد خاصة فى المسائل المستحدثة، وكذلك يمكن من إدراك الواقع والتطور الحادث فى المجتمعات، وأن يكون المفتى صاحب عقلية إفتائية، كما يغلق الباب على أصحاب الفكر المتطرف وأصحاب الفتاوى الشاذة من الإفتاء بغير علم.
■ خلق بعض علماء الأزهر أزمة بآرائهم وفتواهم الشاذة.. فكيف يتم التعامل معهم؟
- دائمًا ما نؤكد ونكرر أن ليس كل من تخرج فى جامعة الأزهر مؤهلًا للإفتاء، ولكن يتم تدريب وتأهيل من يتصدر للإفتاء على علوم ومهارات خاصة، حتى يستطيع التعامل مع الواقع وإنزال الحكم الشرعى بشكل صحيح وغيرها من الأمور، وإلى أن يصدر القانون نحن وضعنا فى دار الإفتاء آليات نتبعها لمواجهة فوضى الفتاوى؛ وذلك يتم عن طريق إجراءين، أحدهما وقائى والآخر إصلاحي، فالوقائى يتمثّل فى نشر الوعى بمفاهيم الإفتاء الصحيحة، وحثّ الناس على ألا يسألوا غير المتخصّص، بينما الإصلاحي، معنىّ بنشر تصحيح للفتاوى المغلوطة والرد عليها.
■ ما السبب فى ظهور الفتاوى الشاذة مؤخرًا؟
- السبب تصدر غير المتخصصين للفتوى، واستغلال بعض وسائل الإعلام من أجل الإثارة، وهذه إشكالية كبيرة يجب حلها ومواجهتها؛ لأنه للأسف أصبح غير المتخصصين ضيوفًا دائمين فى بعض القنوات الفضائية التى تسعى للإثارة من أجل مزيد من المشاهدات، مع أنها تسبب الاضطراب فى المجتمع.
هذا بالإضافة إلى بعض الثقافات الواردة إلينا بفكر متشدد بعيد كل البعد عن وسطية الإسلام ومنهجية الأزهر الشريف التى تحافظ على هذه الوسطية من موجات التشدد وموجات التسيب والإلحاد.
■ ماذا عن الفتاوى المسيسة؟
- لا شك أن الفتوى كانت حاضرة فى جميع ما يجرى فى المجتمعات الإسلامية اليوم من عدم استقرار واضطراب للأمن، فكل ما يجرى اليوم يجد من يبرره بفتوى تؤيد فكره واتجاهه، حتى ما يجرى من إراقة الدماء؛ جاءت فتاوى لتأييده وتبريره، وهى كذلك يمكن أن تكون عاملا من عوامل الاستقرار إذا وضعت فى إطارها الصحيح، ووجدت من يُقَدِّمها للعامة بعيدًا عن الأهواء والشهوات ومحاباة الاتجاهات الفكرية والسياسية.
وأخطر ما يواجه استقرار المجتمعات اليوم أن تصبح الأفكار والاتجاهات هى التى تقود الفتوى، بل إن الفتوى أصبحت تُكَيَّف لتحقيق غايات هدفها تأييد اتجاهات أكثرها تصب فى مصالح سياسية، ولو أدَّى ذلك إلى ليِّ أعناق النصوص وتأويلها تأويلًا بعيدًا لا تحتمله لغة، ولا يقبله عقل.
يقول ابن القيم: «لا يجوز العمل والإفتاء فى دين الله بالتشهى والتحيز وموافقة الغرض، فيُطيل القول الذى يوافق غرضه وغرض من يُحابيه؛ فيعمل به، ويفتى به، ويحكم به، ويحكم على عدوه ويفتيه بضده، وهذا من أفسق الفسوق وأكبر الكبائر».
■ يرى البعض أننا بحاجة إلى توحيد الفتوي.. فما تعقيبكم؟
- ليس المقصود بتوحيد الفتوى هو وضع فتاوى ثابتة لكل البلدان، فهذا غير منطقى ولا علمي؛ لأن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، ولكن من الممكن أن نتكلم عن توحيد الفتاوى التى تعم الأمة جميعا أو الفتاوى المجتمعية، والتى يحتاج لها الناس فى كل مكان، أما توحيد الفتوى فى كل مكان فى العالم أمر فى غاية الصعوبة، فكل دولة لها عادات وتقاليد. ولكن يمكن فقط توحيد ما نسميه بـ«الفتاوى الكبري» التى تهم كل الأمة، والتى يمكن فيها أن يحدث اتفاق وتنسيق، بين هيئات ودور الإفتاء فى العالم.
■ هل تأخر البرلمان كثيرًا فى إطلاق القانون؟
- لا شك.. فإصدار هذا القانون أمر مهم للغاية لضبط عملية الفتوى فى مصر، ووضع الضوابط القانونية لمن يتصدرون للفتوى لمنع غير المتخصصين من اقتحام الفتوى وإثارة البلبلة فى المجتمع، فنحن بحاجة إلى جانب هذا القانون أن ننشر ثقافة الاستفتاء الصحيحة، والتى تؤكد ضرورة عدم أخذ الفتاوى من غير المتخصصين، وأن يكون هناك نبذ مجتمعى لكل من يتعرض للفتوى بغير علم أو تأهيل، وكذلك على وسائل الإعلام ألا تستضيف إلا العلماء الثقات المؤهلين للإفتاء، لمواجهة الفتاوى الشاذة فى مجتمعاتنا. وبالطبع القانون سينظم الفتوى وهو أمر ضروري، وسيسهم بشكل كبير فى مواجهة فوضى الفتاوى وظهور الفتاوى الشاذة.
■ هل نحن بحاجة إلى منع الفتوى عبر الفضائيات.. أم يمكن تقنينها؟
- ليس المنع.. ولكن اللجوء لأهل التخصص والعمل على الإنارة، وليس الإثارة وعدم الانجراف وراء موجات الفتاوى العجيبة التى تصدر من حين لآخر، باستضافة بعض القنوات لغير المتخصصين.
■ وهل التصدى للفتوى مسئولية المؤسسات الدينية وحدها؟
- بالطبع لا.. مواجهة فوضى الفتاوى وكذلك تجديد الخطاب الدينى ليس مسئولية المؤسسة الدينية وحدها، ولكنه مسئولية مشتركة لجميع مؤسسات الدولة المعنية ببناء الإنسان فكريا ومعنويا وثقافيا.
■ البعض يصف كُتب التراث بأنها عائق أمام حركة التجديد والتنوير.. فما تعقيبكم؟
- التراث الإسلامى يحتاج إلى عقل رشيد، يتعامل مع هذا التراث، فهو فخر للأمة الإسلامية والمسلمين؛ لأنه نتاج عقول مختلفة رشيدة ومدركة، لأن كثيرًا من الأحكام والمسائل التى وُجدت فى التراث تختلف فى عهدها عن الوضع الحالى، وتحتاج إلى إنسان مدرك للواقع الذى يعيش فيه ويستخرج المنهج من التراث كى يُطبّق هذا المنهج لتعامله مع القضايا المعاصرة.
وليس كل ما فى كتب التراث يصلح لعصرنا الحالي؛ لأن بعضها كانت قضايا تتعلق بزمان وظروف وأشخاص معينين، ولا تنطبق على واقعنا المعاصر، لذا يجب على من يصدر الفتاوى أن ينظر إلى واقع المجتمع وأحوال الناس ومآلات ما سيصدره من فتاوى حتى لا يحدث بلبلة واضطرابًا فى المجتمع. 
■ كيف تنظر دار الإفتاء إلى شبكات التواصل الاجتماعى وخطورته؟
- نحن أمام إشكالية تحتم علينا التعامل بذكاء مع شبكات التواصل الاجتماعي، فهناك صفحات إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعى تسعى إلى نشر الأفكار الهدامة التى تثبط الهمم وتنشر الفوضى فى المجتمع وتحاول تجنيد الشباب لتنفيذ مخططاتهم، ومصر تتعرض لهذه الإشكالية فى قيمها الاجتماعية وحتى فى قيمها العلمية. لذا كان على دار الإفتاء أن تقتحم الفضاء الإلكترونى فى حربها على التطرف والإرهاب لتحصين الشباب من الوقوع فى براثن التطرف، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس بلغات مختلفة، وبخاصة فئة الشباب الأكثر استهدافًا من قِبل جماعات التطرُّف والإرهاب.
وقدمنا كذلك خدمة البث المباشر لمزيد من التواصل عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على «فيس بوك»؛ حيث تتلقى الأسئلة والاستفسارات من المتابعين وبخاصة الشباب ويقوم علماء الدار بالرد عليها مباشرة.
كما أن الدار حريصة أيضًا على التواصل المباشر مع الشباب فى مراكز الشباب والجامعات والمساجد، فى مختلف محافظات مصر، وعقد مجالس إفتائية بشكل دورى بالتعاون مع وزارة الشباب، فضلًا عن الوجود الكبير لعلماء الدار فى وسائل الإعلام المختلفة؛ المقروءة والمسموعة والمرئية.
■ كيف يمكن الحد من خطورة التواصل الاجتماعى والفضائيات المروجة للفتاوى الشاذة؟
- يجب أن يكون هناك قانون رادع يمنع غير المتخصصين من إصدار الفتاوى، وفى الوقت نفسه، أن يكون هناك ميثاق شرف يلتزم به الجميع، وقبل كل هذا يجب توعية الناس بضرورة أخذ الفتوى من أهل العلم الثقات ومن المؤسسات المعتمدة المخول لها الفتوى، حتى لا يكونوا فى حيرة من أمرهم.
■ هل ظاهرة «الإسلاموفوبيا» فى تزايد؟
- نعم.. للأسف الشديد، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل من أهمها العمليات الإرهابية التى أصبحت تقع من حين لآخر فى الدول الغربية، مما زاد من موجات الخوف والعداء تجاه الإسلام والمسلمين، فأصبحت الإسلاموفوبيا تجتاح العالم، وذلك يحتاج إلى عقول مدركة لكيفية توصيل رسالة الإسلام السمحة على الوجه الصحيح ومراعاة خصوصية هذه المجتمعات، ومن الضرورى أن يكون هناك التقاء بين المسلمين وغيرهم، مما يعطى تقاربًا وتبادلًا للرؤى ويفسح المجال لإظهار الوجه الحقيقى للإسلام، وهى ضرورة ملحة على المستويات كافة، وفى كل المجالات، بل هى خطوة ينبغى أن تستمر ويظهر من خلالها الدور الحضارى للإسلام.
■ وما الخطوات التى تمارسها الدار للتقليل منها؟
- دار الإفتاء أدركت كل هذه التحديات، فسعت إلى التواصل مع دول العالم بوسائل وطرق عدة، منها الجولات التى يقوم بها علماء الدار فى قارات العالم أجمع لتصحيح صورة الإسلام، وكذلك التواصل مع الجاليات المسلمة وتدريب أئمة مساجد الجاليات المسلمة فى الخارج، وإنشاء مرصد للإسلاموفوبيا لتحليل هذه الظاهرة ومحاولة مواجهتها بطريقة فكرية منظمة.
وسعت الدار للاستفادة بشكل كبير من الثورة التكنولوجية الهائلة والفضاء الإلكترونى فى التواصل مع العالم، فأنشأت صفحات بلغات مختلفة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، فضلًا عن الموقع الرسمى لدار الإفتاء الذى يتلقى الفتاوى ويعرض الأحكام الشرعية بوسائل حديثة وبأكثر من ١١ لغة، وكذلك الجولات الخارجية لعلماء الدار فى الخارج من أجل التواصل وتصحيح صورة الإسلام.
■ هل نحن بحاجة إلى تنظيم النسل أم تحديده؟
- تنظيم الإنجاب جائز شرعًا، ولا يتعارض مع حديث الرسول الذى ذكرته؛ لأن الكثرة مع الضعف تكون عبئا على الأمة وليست ميزة، بل القلة القوية خير من الكثرة الضعيفة التى لا تنتج ولا تنفع وطنها، بل تكون عبئًا عليه يعوق تنميته ورقيه.
■ وماذا عن وسائل منع الإنجاب؟
- يجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة، إلى أن تتهيأ لهما الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى فى ظروف ملائمة، ودار الإفتاء استقرت فى فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعا، وهذه المنظومة التى نسير عليها، متسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس الفقر، ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة، وهناك اتساق بين جميع النصوص الشرعية فى هذا الشأن التى تدعو لرخاء الإنسان وتحقيق استقراره، ونحن أمام قضية مهمة تستحق تكاتف جميع الجهات للتعامل معها بما يصب فى صالح الوطن ويحقق التنمية المنشودة.
■ كيف تنظر دار الإفتاء إلى أزمة زواج القاصرات والمشاريع المقدمة لمنعه؟
- زواج القاصرات يُعد جريمة، ولا يجب على الأهالى أن يتحايلوا على القانون من أجل زواج بناتهم، وما يحدث من زواج القاصرات فهو أمر خطير يجب التصدى له بالتوعية من قبل جميع الهيئات والمؤسسات المعنية، وكذلك بسن القوانين الرادعة التى تحفظ حقوق الأطفال والفتيات من الوقوع فى هذا الخطر. فحينما قال الرسول للشباب: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، ليس معنى هذا القدرة الجسدية أو البلوغ فقط، لكنه يتضمن الوصول إلى سن الرشد والمسئولية.
■ بعض المنظمات الحقوقية تطالب بالإجهاض الآمن.. وما حكم الشرع فى تقنين تلك الأمور التى تحدث فى أماكن «بير سلم»؟
- الإجهاض حرام شرعًا، ما لم يكن هناك سببٌ طبيٌّ معتبرٌ، أو يمثل استمرار هذا الحمل خطرًا على حياة الأم، وهنا نحن نكون أمام حالتين، الأولى أن يكون عمر الجنين أقل من مائة وعشرين يومًا، ففى هذه الحالة إذا كان رأى الأطباء والمختصين أن استمرار الحمل قد يودى بحياة الأم أو يسبب لها ضررًا بالغًا؛ فإنه يجوز. أما الحالة الثانية فتكون إذا بلغ عمر الجنين ١٢٠ يومًا؛ فإنه لا يجوز الإجهاض، إلا إذا كان فى استمرار الحمل خطر على حياة الأم أو صحتها، وذلك ارتكابًا لأخف الضررين لدفع أعلاهما، وتقديمًا لحياة الأم المستقرة على حياة الجنين غير المستقرة، أما غير ذلك فلا يجوز شرعًا ويحرم الإجهاض. 

الصوفية.. من الإحسان إلى العنف باسم "العدالة الإلهية"

الصوفية.. من الإحسان
6000 ضريح عدد الأضرحة الصوفية فى مصر
1154 العام الميلادي الذى تم فيه بناء مسجد الحسين
100 مليون جنيه الحصيلة السنوية لصناديق النذور
75 ضريحًا و ٢٧ مولدًا تضمها الإسكندرية وحدها
«الصوفية».. قد يراها البعض «عقيدة»، بينما يعتبر الصوفيون أنفسهم غير ذى عقيدة، وأن الأمر لا يتعدى كونه منهجا مهمته ترسيخ مبادئ الإحسان فى نفوس العباد، عبر طرق وسبل تكرس العبادة وبذل الجهد فى سبيل تنفيذ ذلك، بجانب طقوس تنقية الروح والقلب من الضغينة. 
وفى كلتا الحالتين هى دعوة عالمية تزخر أدبياتها بالدعوة إلى المحبة والزهد والمعرفة والولاية، بينما ما يجرى على أرض الواقع يتخطى ذلك، فعلى مر العصور شوهدت الطرق الصوفية تمارس السياسة بكل أشكالها، وامتد الأمر ليصل إلى استخدام السلاح وممارسة العنف دفاعًا عن الأضرحة والأرض كما يقولون.
الصوفية.. من الإحسان
«التلوّن» شعار مشايخ الطرق الصوفية
«السيمانية» ساندت الإنجليز وجمعت توقيعات تطالبهم بالبقاء 
ظهرت بقوة بعد ثورة 23 يوليو لسد فراغ اختفاء الإخوان
على مدار العقود السابقة لم تختف الطرق الصوفية بمشايخها من المشهد السياسى، حيث لعبت الكثير من الأدوار السياسية المهمة، وكانت الحكومة المصرية دائمًا وأبدًا تتعمد إدخالهم فى الحياة السياسية، باعتبارها قوة بشرية لا يستهان بها، حيث يوجد فى مصر أكثر من ١٥ مليون صوفى، وفق أحد التقديرات، وفى موضع آخر بحسب رابطة قوات الصوفية وجمعية أهل البيت، إن نصف سكان مصر من الصوفيين، وهى الأرقام التى لم يتم تأكيدها، فلا توجد إحصاءات دقيقة، ومع ذلك، فإن السبب الرئيسى وراء مثل هذا القول هو أن من يحضرون الجلسات الصوفية فى مصر كثيرون، وتعتبر شعائرهم شبه عامة فى البلاد، وهى تخلق تشويشا حول الصوفى الحقيقى ومن يحضر فقط شعائر.
القراءة الأولية لأدبيات الطرق الصوفية، تقول إن الصوفيين أبعد ما يكونون عن العمل السياسى والحزبي، بخلاف ما يحدث على أرض الواقع الذى أثبت عكس ذلك، بحسب ما ظهر عنها منذ بدايات القرن العشرين حيث ثورة ١٩١٩، وورد فى العديد من المؤلفات التاريخية أن الصوفية لها دور سياسى فى مصر. فعلى سبيل المثال، لعبت الصوفية دورا فى ثورة ١٩١٩، بمساعدة من «محمد إبراهيم الجمل» شيخ «السادة السيمانية»، لجمع توقيعات تطالب الإنجليز بالبقاء فى مصر، بحسب دراسة وذلك بحسب ما أورده الباحث محمد مختار قنديل فى دراسته «المتعبد والسياسي: العلاقة بين المذاهب الصوفية والنظام السياسى فى مصر».
ومنذ تأسيس النظام الجمهورى المصرى على يد الضباط الأحرار إثر ثورة يوليو، ظهرت الصوفية على الساحة فى محاولة لملء الفراغ الناجم عن الإجراءات التى اتخذت ضد التنظيمات المتطرفة الأخرى، ففى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ووسط المواجهات بينه و«الإخوان»، صدر قرار بتعيين الشيخ محمد محمود علوان باعتباره شيخ الطرق الصوفية، وكذلك كانت الصوفية ملجأ لأى شخص أراد أن ينكر الاتهام بالانتماء إلى جماعة الإخوان، وفى الوقت نفسه تعبر الصوفية عن وجود الدعم الدينى للنظام فى ذلك الوقت.
ولأول مرة فى التاريخ عقب الثورة اعتلت الطرق الصوفية المنابر ودخلت عالم الأضواء الواسع بمساعدة الحكومة، حيث عبرت المشيخة العامة للطرق الصوفية حينها عبر إحدى المطبوعات الرسمية للدولة قائلة: «جاءت الثورة المباركة وجاءت معها روح الإيمان والتوثب وأشرق الوادى الكريم بنور الأمل وانبعث الشعب العريق للجهاد والعمل وأخذت يد الإصلاح تبنى وتشيد وتبعث الطاقات المدخرة وما كان للتصوف الإسلامى أن يتخلف عن موكب الحياة وفجر النهضة».
وفى عصر الرئيس الراحل أنور السادات، لم يختلف الحال كثيرا، لجعله الطرق الصوفية خاضعة للقانون رقم (١١٨) لسنة ١٩٧٦، الذى نظم بشكل أكثر انضباطًا ودقة وضع طرق الصوفية، وخلق نوعًا من التحالف الاستراتيجى بينها وبين النظام، فقد انضم مشايخ صوفيون إلى الجيش المصرى، وسمح لهم بالسعى لإعادة تأهيل الجيش ورفع معنوياته بعد هزيمة ١٩٦٧، وكان لطريقة المحمدية الشاذلية دور كبير فى هذا الصدد، مما دفع الرئيس السادات لتكريم الشيخ «زكى إبراهيم» زعيم هذه الطريقة ومنحه الجائزة الذهبية للتميز.
وكانت الطرق الصوفية تنظر إلى الرئيس السادات خلال الفترة التى حكم فيها، على أنه رئيس عظيم ومتفهم، لأنه كان متعلقا بالصوفية وبمنهجها الروحاني، حيث كان يحضر أغلب الاحتفالات والموالد الصوفية التى كانت تتم فى مسجد الإمام الحسين بمصر القديمة، وإذا لم يحضر كان يوفد مبعوثا رسميا من رئاسة الجمهورية لحضور الاحتفالات بالنيابة عنه، وخلال فترة حكمه تقلد عددا كبيرا من مشايخ الطرق الصوفية الكثير من المناصب القيادية والدبلوماسية.
وفى ذلك الوقت لقبت الطرق الصوفية الرئيس الراحل محمد أنور السادات بـ«الرئيس الصوفى»، لأنه كان يدعمهم دائمًا وكان يوفر لهم نفقات مالية تصل إلى ٣٠ ألف جنيه إلى جانب طباعة مجلة لهم، واستمرت الطرق الصوفية تمارس دورها السياسى طوال فترة حكم السادات.
ومع عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، لم يبتعد الأمر كثيرا، عما كان عليه فى عهد السادات، فيما يتعلق بالتعامل مع الصوفية والاستفادة منها كغطاء دينى للنظام، بخلاف ما وقع خلال عام ٢٠١٠، أى قبل ثورة ٢٥ يناير ببضعة أشهر، بوقوع اشتباك بين نظام مبارك والصوفيين على خلفية تعيين الشيخ عبدالهادى القصبي، من قبل نظام مبارك، رئيسًا للمجلس الأعلى للطرق الصوفية حيث كان عضوا فى الحزب الوطني، والأمر الذى أثار غضب شيوخ طرق الصوفية واعتبروه تدخلا سافرا وانتهاكا لعادات وتقاليد الصوفية، لكن هذا لم يمنعهم من التصدى للثورة ضد مبارك، فبحسب بيان للشيخ محمد الشهاوى شيخ الطريقة الشهاوية على أساس مبدأ «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، ومع ذلك لم يستمر هذا الموقف لفترة طويلة، فبعدما ظهرت بوادر نجاح يناير، اتخذت طرق الصوفية خطوة جادة نحو النشاط السياسى المعلن.
وفيما بعد ثورة يناير، لم يقف الدور السياسى الذى لعبته الطرق الصوفية على المؤتمرات والندوات السياسية فقط، بل كان لها دور هائل فى الثورات المصرية خاصة فى ثورتى ٢٥ يناير، و٣٠ يونيو، التى أطاحت بمحمد مرسى ونظام جماعة الإخوان بالكامل، ففى أعقاب ثورة ٢٥ يناير، لعبت الطرق الصوفية دورا هائلا، بتشكيلها عددا كبيرا الأحزاب السياسية والائتلافات، أبرزها «ائتلاف شباب الطرق الصوفية»، وشارك هذا الائتلاف فى جميع الانتخابات التى أتت عقب ثورة ٢٥ يناير وحاربت جماعة الإخوان فى فكرها. ففى استحقاق الاستفتاء على الدستور فى مارس ٢٠١١ تبنت جميع الطرق الصوفية التصويت بـ«لا»، وفى انتخابات مجلس الشعب والشورى انحاز جميع الصوفيين إلى تحالف الكتلة المصرية.
وعقب انتهاء ثورة ٢٥ يناير ومجيء نظام جماعة الإخوان «الإرهابية» برئاسة المعزول محمد مرسى، فقامت ثورة عليهم وعلى نظامهم وهى ثورة ٣٠ يونيو، حينها شاركت جميع الطرق الصوفية المتواجدة فى مصر فى تلك الثورة، ودعمتها دعمًا معنويًا كبيرًا، وقامت بالكثير من الندوات والمؤتمرات التى توضح مخاطر جماعة الإخوان الإرهابية.
وفى ظل حكم «الإخوان» أبدت الطرق الصوفية العداء بوضوح ضد «الجماعة». وفى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أعلنت الطرق الصوفية دعمها للرئيس عبدالفتاح السيسي.
«العمل المسلح».. الجهاد من أجل أولياء الله الصالحين
«النقشبندية» حملت السلاح لحماية أضرحة العراق
«الحضرات» أول خلية حاربت الاحتلال السوفيتى فى داغستان
أكدت الكثير من النصوص أن جذور الصوفية فى مصر تعود إلى العصر الفاطمي، حيث الأسرة المصرية الفاطمية المنحدرة من سلالة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك أهل بيته الذين يطلق عليهم «عترة النبي» وهم أهل البيت، ومن ثم اهتمت العائلة الفاطمية بتشييد الأضرحة، وأماكن الزيارة لهؤلاء ممن يعرفون بـ «الأولياء حماة الدين وأهل التقوى»، وهكذا استمر الأمر حتى العصر العباسى، الذى شهد نموًا وانتشارًا للحركة الصوفية فى مواجهة انتشار التدهور الخلقى والاجتماعى حينذاك، ولمواجهة هذا الانحطاط والفساد، استخدم أرباب الصوفية طرق عبادة تحت مسميات جديدة بما تسمى «الممارسة الروحانية» تشمل عقد حلقات لذكر الله المعروف بالإنشاد الدينى عقب صلاة العشاء.
فيما وضعت فى عصر أسرة محمد علي، قوانين للمذاهب الصوفية، عبر إصدار مرسوم، يضع فيه المذاهب الصوفية تحت راية «سلطان شيخ السجدة البكرية» (وهى شجرة عائلة أبوبكر) والتى تعتبر المرة الأولى التى يتم من خلالها تقديم مثل هذه الطرائق إلى السلطة المركزية، ليصل الأمر إلى وجود ما بين ٧٤-٧٧ طريقة صوفية داخل القطر المصرى انبثقت من ستة مذاهب رئيسية، وهى الطرق الدسوقية، والشاذلية، والرفاعية، والبدوية، والعازمية، والقادرية، وتم تنظيم هذه الطرق تحت راية كل من المجلس الأعلى للطرق الصوفية، والرابطة العالمية لجمعية أهل البيت، واتحاد أحفاد النبي.
بمرور الوقت نجحت الطرق الصوفية فى إثبات حضورها بقوة على الساحتين الدينية والسياسية خلال الفترة الأخيرة، نظرا لانتشارها وتزايد أتباعها، وتكوينهم تجمعات مغلقة تشبه «الجيتو» فى المجتمع، بحسب دراسة الدكتور عمار على حسن «التنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر»، التى أشار فيها إلى إشكالية التصوف وعلاقته بالسياسة، حيث لا تقتصر على المستوى المحلى فقط، بل تتجاوزه إلى المستوى العالمي، لنرى الطرق الصوفية فى علاقات مباشرة مع الأنظمة السياسية القائمة، انطلاقًا من ظاهرتين: «تديين السياسة» و«تسييس الدين»، خاصة أن التصوف ظهر فى البداية كحركة سياسية وليس كحركة دينية، مما يجعله وثيق الصلة بالسياسة حتى لو كانت الطرق الصوفية تنفى ذلك، استنادًا إلى أسسها الأربعة القائمة على «الزهد والمحبة والمعرفة والولاية»، بزعم وضع حد فاصل بين الدين والسياسة.
وينتهى حسن فى دراسته الميدانية، إلى أن التنظيم الصوفى ينتج قيما سياسية بعضها إيجابى مثل التسامح والتماسك والتعاون والاستمرارية، وبعضها سلبى لا يشجع على نشوء ثقافة الديمقراطية، مثل الخضوع والجمود والإكراه والطاعة العمياء، فيما تعزز كاريزما شيخ الطريقة قيمة التسلط، موضحا أن الممارسة الحياتية فى تلك الطرق تسير فى اتجاه يرفع من شأن القيم السلبية على حساب القيم الإيجابية، خاصة أن تاريخ العلاقة بين المتصوفة والسلطة السياسية، يشير إلى أنهم داهنوا السلطة وخضعوا لها أكثر مما عارضوها أو اتخذوا موقفا حاسما ضد فسادها وطغيانها.
المعطيات السابقة، يبدو بشكل ما أن الطرق الصوفية قد تأخذ فى خضم ظروف معينة، مسلك العمل المسلح والعنيف، المضاد تمامًا لمنهج الإحسان وتكريس العبادات الداعمة والمعززة له، وهو ما تطور فى وقت لاحق ليأخذ أبعادًا سياسية، ومن ثم مشاركة سياسية فاعلة ونشطة، ليتم الكشف خلال السنوات الأخيرة عن اتخاذ بعض مكونات الجمع الصوفى منحى العنف واستخدامه علانية، فى مشهد مثير بدخول الطريقة النقشبندية الصوفية - نسبة إلى لقب مؤسسها الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد نقشبند - فى تحالف مع تنظيم «داعش» بمدينة الموصل، وظهور ما يسمى «جيش الطريقة النقشبندية فى العراق»، إحدى الجماعات التى تحالفت مع التنظيم فى العراق والشام.
واضطرت الطريقة النقشبندية إلى حمل السلاح، رغم أن شيوخها الكبار لا يسمحون بذلك، لكن بعد جدل طويل سمح المشايخ لأتباع الطريقة بالعمل المسلح لحماية الأضرحة وأنفسهم فقط، وفى العموم، تعد الطريقة كغيرها من الطرق الصوفية، لا تؤمن بالعنف وليس لها فى العمل السياسى الحزبى أو العمل العام كطريقة صوفية، ورغم أن التأثير الأكبر للنقشبندية - من ناحية التمركز الجغرافى - هو فى تركيا، فإنها فى الحقيقة طريقة واسعة الانتشار بشكل ربما لا تنافسه فيه طريقة صوفية أخرى فى العالم.
وفى جمهورية مثل داغستان، ارتكز جهاد الشعب ضد الروس على حركة سرية كانت تتم فى الزوايا، و«الحضرات» الصوفية. وفى سياق الانتماء الصوفى الذى حلّ محل التنظيمات السياسية أو العسكرية المباشرة، كانت الطريقة النقشبندية الأهم، وهى فجرت فى وجه الروس أول ثورة شعبية مسلحة بقيادة الشيخ شامل لأكثر من ثلاثين عامًا، وواصل هذا الشعب مقاومته حتى استطاع القياصرة حصد معظم شيوخ الطريقة. وبخلاف «النقشبندية» تقول كتب التاريخ إن الحركات الصوفية شكلت مقاومة شرسة ضد الجيوش الأوروبية فى إفريقيا، منها ثورة أولاد سيدى الشيخ والطريقة التيجانية ضد الاستعمار الفرنسى فى المغرب العربي، والطريقة السنوسية ضد القوات الفرنسية فى وسط إفريقيا، ثم مقاومتها للقوات الإيطالية فى ليبيا والطريقة المعينية بقيادة الشيخ ماء العينين مؤسس الطريقة على القوات الفرنسية والإسبانية فى المغرب.
ومما سبق يتبين أن الصوفية قد تلجأ إلى حمل السلاح فى بعض الأحيان إذا استلزم الأمر، خلافًا لما تحويه أدبياتهم من استنكار للعنف ورفضه أيًَّا كان مصدره، وبحسب مشروع بحثى لمؤسسة «مؤمنون بلا حدود»، يرى أن العنف فى أدبيَّات الصوفية له مساران مختلفان، أحدهما يمارس على الذات، وثانيهما موجَّه ضدَّ الآخر المختلف دينيًا بالأساس والمستعدى للمسلمين، وقد يتوقف مثل هذا السلوك فى مرحلة ما، يرى الصوفى أنَّه فيها تجاوز عتبة الرياضة والمجاهدة، لنرى حضورا مختلفا للعنف يخرج من بوابة المتخيّل، ففى بعض أدعية الصوفية الموجهة نحو عدو ما تظهر صور كثيرة تبين عن تمثل الصوفى لمصير هذا العدو وأشكال التفوق عليه ودحره أو سحقه، والتخلص من شره، فيكون العنف المتخيّل هنا حاملًا لمعنى العدالة الربانية التى انتصر فيها الله للخاصة من خلقه ممن اصطفاهم وقربهم إليه.
 (البوابة نيوز)

غواصات روسية تقصف مواقع «داعش» بدير الزور بـ «كاليبر»

غواصات روسية تقصف
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن غواصة «فيليكي نوفجورد» وجهت من تحت الماء في البحر الأبيض المتوسط، رشقة من صواريخ «كاليبر» المجنحة ضد قوات تنظيم «داعش» في ريف دير الزور شرق سوريا، وقتل 4 أطفال جراء قذيفة أطلقتها قوات النظام وسقطت أمام مدرسة في إحدى بلدات الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن فكرة عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري المتوقع منتصف فبراير المقبل في منتجع سوتشي الروسي، لا تنافس جهود التسوية في إطار الأمم المتحدة، بل تسعى لتوسيع مشاركة السوريين في العملية السياسية، بعدما دعت موسكو أكراد سوريا للمشاركة فيه.وأكدت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن نتيجة الضربات كانت تدمير مراكز تحكم وتحصينات مع تجمعات للمقاتلين ومستودع للأسلحة، قائلة في بيان «وجهت غواصة فيليكي نوفجورد في 31 أكتوبر 2017، من الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، ضربات بصواريخ مجنحة على أهداف مهمة لمقاتلي داعش في دير الزور».
وأضافت «نتيجة الضربات بثلاثة صواريخ كاليبر، تم تدمير نقطة مراقبة، ونقطة تحصين مع مجموعة من المسلحين والعربات المدرعة، فضلاً عن ترسانة كبيرة من الأسلحة والذخيرة للإرهابيين من داعش بالقرب من مدينة ألبوكمال».
من جهة أخرى، قتل 4 أطفال وامرأة أمس، جراء قذيفة أطلقتها قوات النظام وسقطت أمام مدرسة في إحدى بلدات الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، ومصدر طبي «سقطت القذيفة التي أطلقتها قوات النظام أمام مدخل المدرسة في مدينة جسرين أثناء انصراف الطلاب، موقعة 5 قتلى هم 4 أطفال من التلاميذ وامرأة».
وفي شأن متصل، حذر مارك لوكوك منسق الإغاثة الطارئة ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من أن ملايين الأشخاص في سوريا في حاجة ماسة لمساعدات إنسانية بسبب الصراع واضطرارهم لمغادرة بيوتهم.وقال في مقر الأمم المتحدة «لا يزال أكثر من 13 مليون شخص في داخل سوريا في حاجة لمساعدات إنسانية، 6,3 مليون منهم يعانون ضعفاً شديداً جداً وفي حاجة ماسة للمساعدة نتيجة للنزوح واستمرار الأعمال العدائية ومحدودية حصولهم على السلع والخدمات الأساسية». وحذرت المنظمة الدولية من وجود عدد كبير من الأطفال الذين يعانون سوء التغذية في المنطقة التي بها أكثر من 400 شخص يعانون مشكلات صحية تتطلب إجلاءهم لأغراض طبية. وقال لوكوك «الأمم المتحدة وشركاؤنا يواصلون تنفيذ واحدة من أكبر العمليات الإنسانية في العالم، نصل لآلاف الأشخاص شهرياً، وعلى سبيل المثال وفي سبتمبر أمد برنامج الأغذية العالمي أكثر من 3,3 مليون شخص بمساعدات، ووصلت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) لأكثر من 1,5 مليون شخص كما وصلت منظمة الصحة العالمية لأكثر من 800 ألف شخص».سياسياً، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بموسكو أمس، إن فكرة عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري «ليست طرحاً منافساً لقرارات الأمم المتحدة أو محرفاً لمسارها بل بالعكس، إنها تستهدف تطبيق كل القرارات الأممية على أكمل وجه وبمنتهى النزاهة».
وأكد أن المؤتمر يسعى لتوسيع دائرة المشاركين في عملية التسوية عبر ضم أطياف جديدة من المجتمع السوري إليها. وأعرب لافروف عن رغبة موسكو في الحصول على توضيحات من باريس بشأن المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمتعلقة بإنشاء مجموعة اتصال جديدة حول سوريا.وفي السياق ذاته، قال بدران جيا كورد المستشار بالإدارة التي تدير مناطق الحكم الذاتي الكردية بشمال سوريا أمس، إن روسيا دعت الإدارة التي يقودها الأكراد في شمال سوريا لحضور مؤتمرها المقترح الذي يضم السوريين من مختلف الطوائف والأعراق، والذي من المتوقع أن يعقد في سوتشي الروسية. وأضاف: «ندرس الموضوع ولحد الآن الموقف إيجابي»، موضحاً أنهم تلقوا الدعوة خلال اجتماعات مع مسؤولين روس في شمال سوريا الشهر الماضي، وأنهم يؤيدون الفكرة إذ تأتي كمسعى للتوصل لنهاية سياسية للصراع.
ووجهت روسيا الدعوة أمس إلى 33 جماعة وحزباً سياسياً سورياً لحضور «المؤتمر السوري للحوار الوطني»، وأعلن السفير السوري في الأمم المتحدة استعداد النظام للمشاركة في المؤتمر.
 (الاتحاد الإماراتية)

الحكومة الأردنية ترفض إعادة النظر في وضع «الإخوان»

الحكومة الأردنية
رفضت الحكومة الأردنية طلباً بإعادة النظر في وضع «جماعة الإخوان المسلمين» الفاقدة للشرعية، ومنحها ترخيصاً جديداً. وأبلغت أطراف رسمية، أبعض أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان أن هذا الملف أصبح من الماضي، ولا جدوى من فتحه الآن.
وشدد رئيس الحكومة هاني الملقي، بحضور وزراء، على أن الاجتماع مع أعضاء الكتلة يأتي ضمن لقاءات دورية تعقدها الحكومة مع النوّاب للتباحث في قضايا عامة تتعلق بالقوانين والقرارات الجديدة قبيل انعقاد الدورة التشريعية المقبلة ولن يتطرق إلى مطالب فئوية.
ونفت مصادر حكومية حضرت اللقاء زعم محسوبين على «الإخوان» موافقة الملقي مبدئياً على عقد لقاءات مباشرة مع «قيادات» في «الجماعة» الفاقدة للشرعية.
وذكر الملقي أن تحديد الحكومة اللقاء مع أعضاء «الإصلاح» في ذيل الاجتماعات مع الكتل البرلمانية جاء بسبب عدم طلب الكتلة المحسوبة على «الإخوان» ذلك، ولا يجوز اتهام الحكومة بتجاهلها بعض النوّاب.
وأكد الملقي في الاجتماع أن الحكومة لن تعيد فتح سفارة الكيان «الإسرائيلي» في عمّان قبل محاسبة حارس أمن السفارة الذي قتلَ أردنيين اثنين.
 (الخليج الإماراتية)

خسائر داعش الميدانية تفتح بابا خلفيا لعودة القاعدة

خسائر داعش الميدانية
الهزائم التي منيت بها الجماعات المسلحة والتراجع الذي يشهده التيار الإسلامي في المنطقة، يجعلان التنظيمات الإرهابية تفكر في التنسيق في ما بينها وتوحيد صفوفها دون أن ينفي ذلك التنافس الخفي بينها حول الزعامة. وتجد تنظيمات مختلفة مصر ساحة ومركزا يسعى الجهاديون إلى الانطلاق منه لاستعادة قدر من الهيبة المفقودة، وذلك بالنظر إلى عوامل الجغرافيا والقوة البشرية والبيئة السياسية التي تبدو مواتية لهؤلاء.
القاهرة - فقد تنظيم داعش معاقله الرئيسية في كل من سوريا والعراق وليبيا، وخسر قبله تنظيم الإخوان مواقعه في الحكم، مع تنامي شعور تنظيم القاعدة مؤخرا بأنه ليس بعيدا عن الاستهداف، الأمر الذي وضع التيار الراديكالي بمجمله أمام تحد مشترك.
تعمل تلك التنظيمات على تهيئة الساحة المصرية لاستقبال واحتواء العائدين من بؤر الصراع في العراق وسوريا، فضلا عن ليبيا المجاورة، لكن ما تواجهه من تحديات أمنية يجعل التنسيق بينها أولوية أقرب لها من التنافس.
وفسر البعض من المراقبين مضاعفة داعش والقاعدة لعملياتهما في مصر على الجبهة الشرقية بسيناء والغربية على الحدود مع ليبيا، بالتسابق الخفي للسيطرة على الساحة الجهادية.
وتشهد الساحة المصرية التي كانت محل تنافس بين التنظيمات الجهادية، مولد مشاريع دمج وإعادة هيكلة مع استعادة تنظيم القاعدة لحضوره، في محاولة لقيادة المرحلة محتويا تراجع نفوذ داعش والخلايا النوعية المنبثقة عن جماعة الإخوان.
ويحظى الاستقطاب القاعدي بأفضلية بالنظر إلى التقارب الفكري والمنهجي بين القاعدة والتنظيمات الجهادية المصرية، علاوة على العلاقات القوية التي ربطت بين القاعدة والإخوان، خاصة بعد حراك يناير 2011.
ويعاني العديد من المنضوين داخل داعش من هشاشة فكرية. كما يفتقر التنظيم لحضور المنظرين ذوي الكفاءة، في مقابل ما لدى تنظيم القاعدة من منظرين قادرين على استعادة صدارته للمشهد الجهادي.
واعتمدت الخلايا النوعية للإخوان التي تمارس العمل السري العسكري بشكل أساسي على أطروحات فقهاء القاعدة ومؤلفاتهم، إلى جانب الاستفادة من إنتاج قيادات الإخوان التاريخيين كسيد قطب وغيره.
ولا تنفصل محاولة تنظيم القاعدة للعودة عما يعانيه تيار السلفية الجهادية من تفسخ نتيجة الصراعات التي دارت بين داعش والقاعدة، وهناك توجه لاسترداد صيغة ما قبل تلك الانقسامات عبر تحجيم الخلافات وخلق المزيد من محفزات التلاقي.
الساحة المصرية تشهد مولد مشاريع دمج وإعادة هيكلة مع استعادة القاعدة لحضوره، في محاولة لقيادة المرحلة
ويدفع انشقاق غالبية أعضاء وقادة داعش الحاليين عن القاعدة باتجاه العودة إلى الأصل في ضوء المستجدات الأخيرة، خاصة أن ما دفع هؤلاء إلى الانضمام إلى داعش هو انتصاراته وتمدده وإعلانه قيام الخلافة.
ويعتبر البعض من الخبراء طرح اسم حمزة بن لادن نجل الزعيم التاريخي للقاعدة أسامة بن لادن كقائد مفترض جديد للتنظيم، من دلائل محاولات التقريب بين التنظيمين بالنظر إلى مكانة والده بن لادن لدى عموم الجهاديين، ولما سببته الخلافات بين أيمن الظواهري وأبي بكر البغدادي من شقاق.
وألمح متابعون إلى أن تنظيم القاعدة لم يختف تماما من الوجود بمجرد انسلاخ فرعه في سيناء عنه ومبايعته لداعش في العام 2014، إنما ظل ينشط منفردا أو بالتنسيق مع فصائل أخرى تحت مسمى “الجيش الإسلامي الحر”، في مناطق وسط سيناء، التي كانت المعقل الرئيسي للتنظيم قبل يناير 2011.
وذهب طارق أبوالسعد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية إلى أن عملية إعادة التدوير والدمج التي تجري في الوسط الجهادي ليس معناها انتقالا عشوائيا من داعش إلى القاعدة، مرجحا استمرار الأفكار العامة للتنظيمين ومواصلة العمل على إقامة دولة.
وأوضح لـ“العرب” أن مسببات انهيار داعش تجعل قادة الجهاد في الساحة المصرية أكثر حرصا على تلافيها خلال المرحلة المقبلة، وفي مقدمتها الانقسام الجهادي، وتصب المحصلة في خانة بعث تنظيم جديد أكثر عنفا وشراسة.
ويرى قادة محسوبون على جماعتي القاعدة والإخوان أن المرحلة لا تحتمل انقسامات وخلافات. ونجاح انتقال ما أسموه الصحوة الجهادية إلى مصر متوقف على توحيد الفصائل الجهادية وربطها في سياق منظومة عمل متسقة.
وتحدث هؤلاء عن شبكة مصالح واسعة ترعاها دول وتباشر تنفيذها أجهزة مخابرات وكيانات مدربة ومقيمة بالخارج، وهي من تدير تدفق الآلاف من المقاتلين في اتجاه الساحتين الليبية والمصرية.
ونبه متابعون إلى رغبة بعض الدول في احتواء فشلها السياسي في الساحة السورية عبر إضعاف الداخل المصري، وينظر قادتها إلى تقويض الإسلام السياسي وعزله عن الحكم بمصر كسبب أول في انتكاسة المشروع في باقي الدول العربية.
ويلزم البعث الجهادي في اتجاه مصر تنسيقا مبدئيا مع القاعدة كي لا تنشأ صراعات مسلحة بين الفصائل ولا تتكرر سيناريوهات الانقسام والصراعات المسلحة التي أعقبت انتقال مقاتلي داعش من العراق إلى سوريا.
يصبح التعويل على القاعدة من عامل احتواء الفصائل الجهادية بالساحة المصرية، ويعود إلى النجاح الذي أحرزه التنظيم في استيعاب خلايا جماعة الإخوان النوعية، وتحديدا نموذجي “حسم” و“لواء الثورة”، وهي تجربة أثمرت توسيعا لرقعة المواجهة مع الأجهزة الأمنية خارج نطاق سيناء.
الاستراتيجية الجديدة للمهاجمين تعتمد على محاولة إحاطة أطراف الجغرافيا بالفوضى والاضطرابات من الجهتين الشرقية والغربية
بفضل التعاون بين القاعدة في سيناء والخلايا الجديدة صار هناك رافد للتجنيد عبر الكتلة الشبابية الضخمة التي يمتلها تنظيم الإخوان، وهو ما أسهم في بلورة تجربة تلقيح استفاد خلالها كلاهما من مزايا الآخر.
وتوفر لأحدهما ما ينقصه من خبرات قتالية وتدريب، وللآخر الرافد المادي حينما تواصل تمويل القاعدة الذي انقطع لفترة قصيرة عقب عزل الإخوان عن السلطة. وبموازاة ذلك ظهر التنظيم بصورة أكثر مرونة في سوريا، عكس داعش، الأمر الذي أتاح له لعب دور الشقيق الأكبر الذي احتوى العناصر المفارقة لمختلف التنظيمات الأخرى.
ورجحت مصادر أمنية أن يتولى القاعدة زمام المرحلة الجهادية المقبلة، لأن هدف التنظيم أن تصبح مصر مركز نشاطه في المنطقة، معتمدا على الاستفادة من القوة البشرية المدربة النازحة من داعش وتحالفه القائم مع جماعة الإخوان، والتمويل الذي لا يزال يتلقاه من قطر.
تحدث خبراء أمنيون عن طفرة في مستويات تنظيم القاعدة القتالية، إثر اكتسابه خبرات ميدانية واسعة خلال سنوات الحرب السورية، فالتنظيم الذي يهتم أكثر من ذي قبل بزعزعة الأنظمة العربية يضم مقاتلين على قدر كبير من الاحترافية، ودربت عناصره على استخدام أسلحة متطورة. وربما العملية الإرهابية التي شهدتها مصر يوم 20 أكتوبر في الواحات بالصحراء الغربية دليل على هذا التكتيك، الذي ظهرت فيه بصمات القاعدة بوجهه الجديد.
وقال علاء عبدالمجيد الخبير الأمني إن الساحة المصرية بصدد مرحلة جديدة ربما أكثر خطورة وتوسعا في حربها ضد الإرهاب، لافتا إلى أن الاستراتيجية الجديدة للمهاجمين تعتمد على محاولة إحاطة أطراف الجغرافيا بالفوضى والاضطرابات من الجهتين الشرقية والغربية.
وكشف لـ“العرب” عن إصرار من قبل جهات خارجية معادية على فتح جبهة مواجهة جديدة مع الجيش المصري بالصحراء الغربية تضاف إلى سيناء، وما يجري على الأرض أكبر من قدرة تنظيمات صغيرة وعادية.
ويعد انتقال المقاتلين من سوريا إلي حدود ليبيا مع مصر والترتيبات التي تجري بين الفصائل الجهادية، نقطة فاصلة في مواجهة الدولة المصرية للإرهاب.
وتتطلب هذه المسألة أداء عسكريا متطورا لضبط الحدود ومنع تسلل واختراق العناصر الإرهابية، علاوة على جهود دبلوماسية واستخبارية مضاعفة للإسهام في تسوية سياسية بليبيا للفوز بشريك أمني على الجانب الآخر من الحدود، على غرار سيناريو الحدود مع غزة.

الحكومة والدولة والولاية والإمامة.. مفاهيم ملتبسة

الحكومة والدولة والولاية
التاريخ الإسلامي تحول إلى حقل تجارب لممارسات الخلافة الاستبدادية دون الاستفادة من تطور تجارب الأمم المحيطة، ذلك أن “الخلافة ليست في شيء من الخطط الدينية، كلا، ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة.
دبي - التاريخ الإسلامي تحول إلى حقل تجارب لممارسات الخلافة الاستبدادية دون الاستفادة من تطور تجارب الأمم المحيطة، ذلك أن “الخلافة ليست في شيء من الخطط الدينية، كلا، ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة، وإنما تلك كلها خطط سياسية صرفة، لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة”.
يفرق الشيخ علي عبدالرازق بين تناول الفقهاء للإمامة والخلافة مرادا بهما الولاية العامة أو الدولة بالمفهوم الحديث؛ لكنه يستدرك بأنهم لو قصدوا “الحكومة” بالمعنى الحديث كمرادف للخلافة والإمامة، لما كان الخلاف معهم في شيء لأن غاية الأمر أن “الفقهاء أرادوا بالإمامة والخلافة ذلك الذي يريده علماء السياسة بالحكومة، كان صحيحا ما يقولون من أن إقامة الشعائر الدينية وصلاح الرعية، يتوقفان على الخلافة، بمعنى الحكومة، في أي صورة كانت الحكومة، ومن أي نوع: مطلقة أو مقيدة، فردية أو جمهورية، استبدادية أو دستورية، ديمقراطية أو اشتراكية أو بلشفية”.
وهذا النص في التفريق بين الحكومة والدولة والولاية والإمامة، يؤكد وعي الشيخ المبكر باختلاف المفاهيم بينه وبين خصومه، في توظيف المصطلحات الشرعية وإسقاطها على الواقع السياسي الحديث، ولا شك أن جمع الشيخ بين العلم الشرعي والعلوم الاجتماعية الحديثة التي درسها في أكسفورد، أسهم في هذا الفصل بين تعميمات الفقهاء لمصطلحات شرعية في سياق سياسي مختلف ومغاير، وبين علم السياسة الحديث الذي أحدث قطيعة مع الأنماط والنماذج القديمة لإدارة الحكم وتسيير الدولة.
الشيخ عبدالرازق لا ينفي حالة التداخل بين الديني والسياسي في الإسلام المبكر، ويؤكد أنه “لا شك في أن الحكومة النبوية كان فيها بعض ما يشبه أن يكون من مظاهر الحكومة السياسية وآثار السلطنة، وأول ما يخطر بالبال مثال من أمثلة الشؤون الملكية التي ظهرت أيام النبي (صلى الله عليه وسلم) مسألة الجهاد”.
يعنون الشيخ علي القسم الثالث من رسالته بالتفريق بين الرسالة والحكم وبين الدين والدولة، على اعتبار أن المهمة الأساسية للنبي تتصل بالدعوة والجوانب الروحية أو ما يسميه “الولاية الروحية” التي تزكي المسلمين “قد يتناول الرسول من سياسة الأمة مثلما يتناول الملوك، ولكن للرسول وحده وظيفة لا شريك له فيها: من وظيفته أن يتصل بالأرواح التي في الأجساد، ونزع الحجب ليطلع على القلوب التي في الصدور”. فـ“ولاية الرسول على قومه ولاية روحية، منشؤها إيمان القلب وخضوعه خضوعا تاما يتبعه خضوع الجسم، وولاية الحاكم ولاية مادية تعتمد إخضاع الجسم من غير أن يكون له بالقلوب اتصال، تلك ولاية هداية إلى الله وإرشاد إليه، وهذه ولاية تدبير لصالح الحياة وعمار الأرض، تلك للدين، وهذه للدنيا، تلك لله، وهذه للناس، تلك زعامة دينية، وهذه زعامة سياسية، ويا بعد ما بين السياسة والدين”.
ضرورة التفريق بين الرسالة والحكم وبين الدين والدولة، على اعتبار أن المهمة الأساسية للنبي تتصل بالدعوة والجوانب الروحية
هذا الدور الروحي هو ما تدعمه “ظواهر القرآن المجيد التي تؤيد القول بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكن له شأن في الملك السياسي، وآياته متضافرة على أن عمله السماوي لم يتجاوز حدود البلاغ المجرد من كل معاني السلطان”.
يختم الشيخ علي عبدالرازق نظريته حول فصل الديني عن السياسي بالبحث التاريخي بعد أن استنفد استقراء نصوص الكتاب والسنة والحجاج العقلي تجاه المخالفين، ليؤكد أن العرب عبر التاريخ عرفوا أنظمة وسياسات متعددة، فـ“البلاد العربية تحوي أصنافا من العرب مختلفة الشعوب والقبائل، متبانية اللهجات، متنائية الجهات وكانت مختلفة في الوحدات السياسية، فمنها ما كان خاضعا للدولة الرومية، ومنها ما كان قائما بذاته مستقلا، وكل ذلك يستتبع بالضرورة تباينا كبيرا بين تلك الأمم العربية في مناهج الحكم وأساليب الإدارة، وفي الآداب والعادات وفي كثير من مرافق الحياة الاقتصادية والمالية”.
وحدة العرب لم تتم إلا بالدين على الرغم من تشتتهم على المستوى السياسي ويوضح الشيخ عبدالرازق ذلك بقوله “تلك الوحدة العربية التي وجدت زمن النبي عليه السلام، لم تكن وحدة سياسية بأي وجه من الوجوه، ولا كان فيها معنى من معاني الدولة والحكومة، بل لم تعدُ أبدا أن تكون وحدة دينية خالصة من شوائب السياسة، وحدة الإيمان والمذهب الديني لا وحدة الدولة ومذاهب الملك”.
يختتم الشيخ علي عبدالرازق مانفيستو نقض الخلافة الدينية والدولة الثيوقراطية، بأن طرحها الذي اتخذ شكل الفرض والإلزام واستغلال الدويلات المتعاقبة منذ صدر الإسلام إلى سقوطها لمفهومها في تمرير الاستبداد وحكم القهر أسهم في ضعف التطور السياسي لدى المسلمين وفي رأيه “تلك جناية الملوك واستبدادهم بالمسلمين أضلوهم عن الهدى، وعموا عليهم وجوه الحق، وحرموا عليهم النظر في علوم السياسة، وباسم الدين خدعوهم وضيقوا على عقولهم، فصاروا لا يرون لهم وراء ذلك الدين مرجعا، حتى في مسائل الإدارة الصرفة والسياسة الخالصة، وقد ضيقوا عليهم أيضا في فهم الدين وحجروا عليهم في دوائر عينوها لهم، ثم حرموا عليهم كل أبواب العلم التي تمس حظائر الخلافة”.
 (العرب اللندنية)

شارك