رد فعل الأزهر الشريف حول قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس

الأحد 10/ديسمبر/2017 - 03:35 م
طباعة رد فعل الأزهر الشريف
 
بعد قرار الرئيس الأمريكي ترامب والذي مفاداه الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمةً للكِيان الصهيوني ونقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إليها، ذلك القرار الذي أحدث حالة من الجدل في المنطقة والذي يكاد يشعل المنطقة مرة أخرى على الصعيد السياسي بعدما أوشكت ان تهدأ على مستوى العمليات الإرهابية لداعش وأعوانها، جاء هذا الإعلان بعد إعلان روسيا القضاء على أخر جيوب داعش في مدينة البوكمال السورية، وفي هذا التقرير نحاول رصد موقف الأزهر الشريف وشيخه تجاه هذا القرار الذي أدانته العديد من الدول.
رد فعل الأزهر الشريف
بعد صدور قرار ترامب مباشرة يوم لأربعاء 6 ديسمبر الجاري، حذّر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من التداعيات الخطيرة لإقدام الولايات المتحدة على قرار الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمةً للكِيان الصهيوني ونقل سفارتها إليها؛ لما يُشَكِّله ذلك من إجحافٍ وتَنَكُّرٍ للحق الفلسطيني والعربي الثابت في مدينتهم المقدسة، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وتجاهُلٍ لمشاعر أكثرَ من مليار ونصف المليار مسلم، تهفو قلوبهم إلى مَسرى النبي الأكرم، وملايين المسيحيين العرب، الذين تتعلق أفئدتهم بكنائس القدس وأديرتها. وشدد فضيلة شيخ الأزهر على أن القدس المحتلة، وهوِيَّتَها الفلسطينية والعربية، يجب أن تكون قضية كل المنصفين والعقلاء في العالم؛ حتى لا يفقد الفلسطينيون، ومعهم ملايين العرب والمسلمين، ما تَبَقّى لديهم من ثقة في فاعلية المجتمع الدولي ومؤسساته، وحتى لا تجد الجماعات المتطرفة وقودًا جديدًا يُغَذّي حروب الكراهية والعنف التي تريد إشعالها في شرق العالم وغربه. وأكد شيخ الأزهر أن ما يعانيه عالمنا العربي والإسلامي من مشكلات وحروب، يجب ألّا يكون ذريعة أو عذرًا للقعود عن التحرك الفاعل لمنع تنفيذ هذا القرار المجحف وغير المقبول، كما يجب على المجتمع الدولي ومؤسساته، أن تأخذ بزمام الأمور، وتبطل أيَّ أثرٍ لهذا القرار، وتؤكد حق الشعب الفلسطيني في أرضه المحتلة، وعاصمتها القدس الشريف. وفي ضوء هذه التطورات الخطيرة، قام شيخُ الأزهر بدعوة هيئةَ كبار العلماء بالأزهر الشريف ومجلسَ حكماء المسلمين لاجتماعٍ طارئ لبحث تَبِعات هذا الأمر، كما أعلن فضيلتُه عن عقْد مؤتمرٍ عالمي عاجل حول القدس، بمشاركة كبار العلماء في العالم الإسلامي ورجال الدين المسيحي، والمؤسسات الإقليمية والدولية المَعْنيّة؛ لبحث اتخاذ خطواتٍ عَمَليّةٍ تدعم صمود الفلسطينيين، وتُبطِل هذا القرارَ المرفوض الذي يَمسّ حقَّهم الثابت في أرضهم ومُقَدَّساتهم.
رد فعل الأزهر الشريف
وفي اليوم التالي 7 ديسمبر 2017، وجه أ.د/ عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، قطاع المعاهد الأزهرية بتخصيص كلمات حول مدينة القدس وتاريخها في طابور الصباح بجميع المعاهد الأزهرية لمدة أسبوع، وذلك لتعريف الطلاب بتاريخ مدينة القدس، وأنها عربية إسلامية يعيش على أرضها أتباع الديانات الثلاث، وأنها كانت ولا تزال وستبقى قضية المسلمين الأولى وشغلهم الشاغل. كما وجه وكيل الأزهر بأن تخصص الحصص الثلاث الأولى من اليوم الأحد في كافة المعاهد الأزهرية على اختلاف مراحلها التعليمية حول قضية القدس ومكانتها في نفوس المسلمين باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كما يتولى مجمع البحوث الإسلامية عقد ندوات في كافة محافظات الجمهورية حول عروبة القدس وهويتها الفلسطينية.
رد فعل الأزهر الشريف
وفي اليوم التالي 8 ديسمبر 2017، ألقى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بيانا للوسائل الصحفية والإعلامية هذا نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم 
يتابع الأزهر الشريف بغضب ورفض واستنكار ما أقدمت عليه الإدارة الأمريكية من إعلان مدينة القدس الشريف عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني الغاصب في خطوة غير مسبوقة وتحدٍّ خطير للمواثيق الدولية ولمشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم حول العالم، ولمشاعر ملايين المسيحيين العرب الذين جمعتهم على مر التاريخ مساجد وكنائس القدس العتيقة مع أشقائهم من المسلمين. إننا في الأزهر الشريف، وباسم العالم الإسلامي كله نؤكد رفضنا القاطع لهذه الخطوة المتهورة الباطلة شرعاً وقانونًا، كما نؤكد أن الإقدام عليها يمثل تزييفًا واضحًا غير مقبول للتاريخ، وعبثًا بمستقبل الشعوب، لا يمكن الصمت عنه أبدًا ما بقي في المسلمين قلب ينبض. وليعلم الجميع .. أن القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية المحتلة من قبل كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب، ولن تكون غير ذلك، وأي تحرك يناقض ذلك مرفوض وستكون له عواقبه الوخيمة. إننا نحذر بكل قوة من خطورة الإصرار علي التمسك بهذا القرار الباطل الذي يشعل نار الكراهية في قلوب كل المسلمين وقلوب كل محبي السلام في العالم ويشكل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين. وليعلم صانعو القرار الأمريكي أن سياسة الكيل بمكيالين ودعم قوى الاحتلال الصهيوني الغاشم وسلب حقوق الشعوب وتراث الأمم وحضارتها هي سياسات غير حضارية ولن يكتب لها البقاء عاجلا أو آجلا، وستبقي قضية عروبة القدس هي قضية العرب والمسلمين الأولي التي لن تموت أبدًا. إننا من هنا من مصر الأزهر مصر العروبة والإسلام.. ندعو قادة وحكومات دول العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة إلى التحرك السريع والجاد لوقف تنفيذ هذا القرار ووأده في مهده. كما ندعو كافة القوى والمنظمات الدولية المحبة للسلام والمناهضة لسياسات الاستعمار المقيت أن تتحرك جميعًا لوقف هذه الكارثة الدولية والإنسانية التي تحل بعالمنا. كما ننادي شعوب العالم العربي والإسلامي إلى رفض هذه المخططات الصهيوأمريكية الخبيثة، واستعادة الوعي العربي والإسلامي بقضية الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى خاتم الأنبياء والمرسلين .. وختامًا نقول لأهلنا في القدس المحتلة.. نحيي صمودكم الباسل، ونشد علي أيديكم، ولتكن انتفاضتكم الثالثة بقدر إيمانكم بقضيتكم ومحبتكم لوطنكم ونحن معكم ولن نخذلكم.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .. (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) . صدق الله العظيم
كما قامت الصفحة الرسمية للأزهر الشريف على الفيس بوك بتغيير شعارها إلى علم فلسطين تتوسطه عبارة "القدس عربية"، تضامنا مع القدس المحتلة ورفضا للقرار الأمريكي باعتبار القدس العربية عاصمة للكيان الصهيوني المحتل. ونشرت الصفحة رسوما تعبيرية تؤكد تضامن الأزهر الشريف مع الشعب الفلسطيني، ونضاله من أجل استعادة أرضه المحتلة وعاصمته المقدسة، كما أعادت الصفحة نشر "وثيقة الأزهر الشريف عن القدس المحتلة"، التي صدرت في عام ٢٠١١ وبرهنت على عروبة القدس وهويتها الفلسطينية.
رد فعل الأزهر الشريف
وفي إطار موقفه الثابت تجاه قرار الإدارة الأمريكية الباطل بإعلان القدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية للقدس في تحدٍ مستفز لمشاعر المسلمين حول العالم.. أعلن أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يوم الجمعة 8 ديسمبر 2017، رفضه القاطع طلبًا رسميًا من نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، للقاء فضيلته يوم 20 ديسمبر الجاري. وكانت السفارة الأمريكية بالقاهرة قد تقدمت بطلب رسمي قبل أسبوع، لترتيب لقاء لنائب الرئيس الأمريكي مع فضيلة الإمام الأكبر بمشيخة الأزهر الشريف، خلال زيارته للمنطقة، ووافق الإمام الأكبر في حينها على ذلك، إلا أنه بعد القرار الأمريكي المجحف والظالم بشان مدينة القدس، يعلن الإمام الأكبر شيخ الأزهر رفضه الشديد والحاسم لهذا اللقاء، مؤكدا أن الأزهر لا يمكن أن يجلس مع من يزيفون التاريخ ويسلبون حقوق الشعوب ويعتدون علي مقدساتهم . وأضاف شيخ الأزهر: كيف لي أن أجلس مع من منحوا ما لا يملكون لمن لا يستحقون، ويجب علي الرئيس الأمريكي التراجع فورا عن هذا القرار الباطل شرعا وقانونا. وحمل فضيلته الرئيس الأمريكي وإدارته المسؤولية الكاملة عن إشعال الكراهية في قلوب المسلمين وكل محبي السلام في العالم وإهدار كل القيم والمبادئ الديمقراطية ومبادئ العدل والسلام التي يحرص عليها الشعب الأمريكي وكل الشعوب المحبة للسلام وتحميل الرئيس الأمريكي تبعات نشر الكراهية التي يعمل الأزهر الشريف ليل نهار على محاربتها ويسعي لنشر التسامح والمحبة بين كل الناس وخاصة تجاه الشعب الأمريكي . ووجه الإمام الأكبر، بعد صلاة الجمعة، نداء عاجلًا لأهالي القدس قائلا : "لتكن انتفاضتكم الثالثة بقدر إيمانكم بقضيتكم ومحبتكم لوطنكم.. ونحن معكم ولن نخذلكم". وكان الأزهر الشريف قد اتخذ موقفا حاسما منذ البداية من قرار الإدارة الأمريكية الباطل بإعلان القدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية للقدس، كما حذر مرارا وتكرارا من تبعات هذا القرار على الأمن والسلم العالمي .
وفي نفس السياق
بدأت أمس السبت 9 ديسمبر 2017، بمشيخة الأزهر الشريف الاجتماعات النهائية بحضور عدد من الخبراء للتحضير للمؤتمر العالمي لنصرة القدس الذي أعلن أ.د/أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف عن الدعوة إليه عاجلا للتأكيد على رفض القرارات الأمريكية الباطلة بحق القدس المحتلة وبحث اتخاذ خطوات عملية لدعم الهوية العربية والفلسطينية للمدينة المقدسة. وسوف يعقد المؤتمر في يناير المقبل بالقاهرة، بالاشتراك مع مجلس حكماء المسلمين، حيث يحرص الأزهر الشريف على دعوة كبار رجال الدين والثقافة والسياسيين المعنيين بالقضية للمؤتمر، من القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة، وذلك للخروج بقرارات عملية، تتناسب والتحديات الخطيرة التي تهدد أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى خاتم الأنبياء والمرسلين، والتحذير من إشاعة الكراهية بين الشعوب بهذه القرارات الظالمة واللاإنسانية وكان فضيلة الإمام الأكبر قد دعا لعقد المؤتمر ضمن سلسلة قرارات فورية للرد على قرار الإدارة الأمريكية بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة لكيان الصهيوني المحتل، وشملت هذه القرارات رفض فضيلته طلب نائب الرئيس الأمريكي مقابلته في العشرين من ديسمبر الجاري بمشيخة الأزهر، ودعوة هيئة كبار العلماء ومجلس حكماء المسلمين لاجتماع طارئ لبحث التهديدات الخطيرة التي تواجه القدس، كما لقيت دعوة شيخ الأزهر لتخصيص خطبة الجمعة أمس بجميع المساجد لدعم القدس استجابة واسعة في مختلف أرجاء العالم الإسلامي.

شارك