كيف أنشأ "داعش" ترسانته العسكرية وطورها؟

السبت 23/ديسمبر/2017 - 09:00 م
طباعة كيف أنشأ داعش ترسانته
 
لايزال تنظيم "داعش" يمثل لغزاً كبيرا تتكشف حلقاته مع الوقت، إذ اكتشفت القوات العراقية التي كانت تقاتل تنظيم "داعش" في الموصل ثلاث قذائف "آر بي جي" لم تنطلق، اللافت أن تلك القذائف كانت من نوعية غير عادية، حيث كانت تحوي سائل ثقيل داخل رؤوسها الحربية، وأظهرت الاختبارات فيما بعد أن الرؤوس الحربية احتوت على عناصر من الغاز "المنفط" الذي يشبه غاز الخردل، وهو سلاح كيميائي محظور يحرق جسم الضحية والجهاز التنفسي، ما يعني أن للتنظيم الإرهابي ترسانة أسلحة خاصة به ومن إنتاجه.
وبحسب التقارير الأمنية والاستخباراتية، فإن مجموعات داعش صنعت قنابل محلية من مخلفات ذخيرة تقليدية من الجيش العراقي بعد خسارته المعركة عام 2003 ومن مكونات صنعها التنظيم بنفسه، كما تنمكن التنظيم من صنع أسلحة كيميائية بالجمع بين متفجرات ومادة الكلورين السامة ومن مخلفات صواريخ أو قنابل تعود إلى برنامج الجيش العراقي.

كيف أنشأ داعش ترسانته
وقاذفات المتفجرات التي يمتلكها التنظيم تم تحسينها عن طريق ما يدعى متفجرات محلية الصنع أنتجت على مستوى محلي، فـ"داعش" حسن المتفجرات عبر إضافة مادة أخرى تجعل إطلاقها أكثر سهولة، وقد وثقت "نيويورك تايمز" استيراد التنظيم كميات كبيرة من نترات الأمونيا من تركيا مع أجزاء من الأنابيب الثقيلة
داعش حسّن كذلك شحنات تكميلية لقنابل الهاون بغية توسيع مداها، اللافت للنظر أن ألغام التنظيم تشبه تلك التي تصنع في إيطاليا ضد الأفراد، وتدعى (في إس-50) على الرغم من أن النوعية التي استعملها "داعش" كانت أكبر حجماً، ومع مرور الوقت أصبحت تلك الألغام مقاومة للماء، وهو ما ساعدها في إطالة فترة بقائها تحت الأرض.
وبحسب تقارير استخباراتية أمريكية نشرتها صحيفة "التايمز" إن الجيل الأول من الألغام الأرضية لم يكن مصنوعاً بشكل جيد، لكن التنظيم تمكن من تحسينها، كما عمد إلى جمع أجزاء من القنابل التي ألقتها طائرات التحالف الأميركي وأعاد استخدامها.

كيف أنشأ داعش ترسانته
ويمكن القول إن العناصر الإرهابية لما كانوا غير قادرين على الوصول إلى أسواق السلاح العالمية، فإنهم لجأوا إلى تصنيع أسلحتهم الخاصة بصورة روتينية، ويقول سولمون بلاك المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية الذي يرصد ويحلل الأسلحة إن "تنظيم داعش نقل هذه الممارسة إلى مستويات جديدة، وكان إنتاجه يختلف عن أي شيء شهدناه من قبل على الإطلاق لدى قوة غير حكومية".
كانت الأسلحة التي أُنتجت واستخدمت ضد خصوم "داعش" والمدنيين أيضاً في عدة جبهات من نوعية حديثة تتسم بقسوة جلية، فعلى سبيل المثال كانت بعض مكونات هذه الأسلحة من النوعية القياسية بما في ذلك قاذفات تحمل على الكتف وذخيرة مدافع هاون وألغام، وقد أنتجت بكميات صناعية، وأظهرت الحصيلة أيضاً وجود نماذج أولية من الأسلحة.

كيف أنشأ داعش ترسانته
بعد دحر "داعش" من كل المناطق التي كانت خاضعة لسيطرته تقريباً في العراق وسورية يقول مسؤولون أمنيون إن تقدمه يشكل خطراً في أماكن أخرى مع انتقال أعضائه إلى دول جديدة وتشكيل شبكات تسلح تتشاطر المعلومات حول إنتاج السلاح عبر الإنترنت.
ويقول خبير إزالة الألغام السابق بقوات المارينز الأميركية آرنست جونيور إن "داعش" انتقل إلى الفلبين وهو موجود بإفريقيا، وكان أحد الأسباب وراء هذا التقدم الذي حققه واضحاً تماماً: نمو برامج تسليحه من خلال العناصر التي كانت تقاتل الاحتلال الأميركي للعراق من سنة 2003 حتى 2011.
"داعش" الذي نشأ من "القاعدة" في العراق، عمل على البناء على صناعة الموت التي خلفتها تلك الحركة، وعندما سيطر على أجزاء من الأرض والمدن الرئيسة في سنة 2014 سيطر كذلك على متاجر ومعامل متنوعة وآلات تعمل بالكمبيوتر، كما استولى على جامعة تقنية واحدة على الأقل وعلى مختبر، وهو ما ساعده في تعزيز مركزه بميدان التسلح.
ويقول داميين سبليترز، وهو رئيس العمليات الخاصة ببحوث أسلحة النزاعات في العراق وسورية إن "وراء تلك القدرة كانت بيروقراطية تسلح أشرفت على تطوير وتصنيع الإنتاج"، ويضيف أن النظام "كان مرناً"، في حين يقول ماك إينالي أحد الخبراء العسكريين "إن فرق إزالة الألغام واجهت لدى قيامها بمهامها أجهزة تسمح لمقاتلي التنظيم باختيار أجزاء حربية وتجميعها بسرعة وكان ذلك يتم بصورة فعالة وبارعة".

كيف أنشأ داعش ترسانته
من جهة أخرى قال أسو محمد، وهو خبير كردي يعمل في إزالة الألغام، إن تقديراته تشير إلى أن 60 في المئة من الإصابات التي لحقت بقوات البشمركة بشمال العراق كانت نتيجة متفجرات من "داعش" الذي كان يستخدمها ضد قوات الجيش والشرطة.
كل ذلك يعني أن التنظيم يضم عناصر لديها خبرة كبيرة في مجال تصنيع الأسلحة وتطوير المتفجرات وهو الامر الذي لابد من أن تلتف له الدول التي تترقب عودة العناصر التي قاتلت ضمن صفوف التنظيم في سورية والعراق إذ تعتبر تلك العناصر بمثابة القنابل الموقوته التي تتصيد الفرصة للانقضاض على هدفها، وبحسب المؤشرات إن ليبيا تعتبر في الوقت الحالي الملاذ الآمن للتنظيم الإرهابي.

شارك