تظاهرات نهاية ديسمبر في إيران.. الغموض يحيط بمستقبل نظام خامنئي

الأحد 31/ديسمبر/2017 - 06:31 م
طباعة تظاهرات نهاية ديسمبر
 
تشهد إيران موجة جديدة من الثورة ضد نظام المرشد الأعلي علي خامنئي، تشير الي حالة الفجوة بين الشباب الايراني ونظام ولاية الفقيه الحاكم.
ومع اقتراب الذكري السابعة لما يسمي الربيع العربي، بات ايران علي خطوات من  موجة ثورية جديدة قد يكتب لها النجاح وقد تواجه بالفشل، ولكن ستبقي تظاهرات نهاية ديسمبر هو علامة علي وهن وضعف النظام الإيراني من الداخل.
وفي الذكرى السنوية التاسعة للثورة الخضراء في إيران، ومن ثانية كُبرَى المدن الإيرانيَّة مدينة مشهد (أو “محل الشهادة” كما يعني اسمها الفارسيّ)، انطلقت شرارة التظاهرات إلى مئات من الإيرانيّين الغاضبين مندِّدين بالسياسات التي انتهت إلى ظروف اقتصادية خانقة يصعب التعايش معها، وانتقلت كالعدوى من مشهد إلى مدن أخرى كأصفهان، حتى وصلت إلى العاصمة طهران بعد يومين فقط من بداية التظاهرات احتجاجًا على غلاء الأسعار وتزايد الفقر والبطالة وسوء الإدارة الاقتصادية والسياسية والتدخُّل في شؤون دول الجوار أكثر من الاهتمام بالشأن الداخلي، وهتفوا بشعارات مثل "الموت للديكتاتور" و"الموت للديكتاتور"، و"الموت لحزب الله"، و"الموت لروحاني"، و"اخرجوا من سوريا وفكِّروا في حالنا"، وطالبوا بانضمام باقي الإيرانيّين إلى التظاهرات.
وخرجت في اليوم الأخير لعام 2017 نحو  70 مدينة بتظاهرات عارمة، على وقع توسع المظاهرات الشعبية العارمة في إيران على نحو متسارع.
قال عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المتواجد في باريس، موسى أفشار، إن رقعة المظاهرات الشعبية المناهضة للنظام الإيراني اتسعت لتشمل 70 مدينة إيرانية، مؤكدًا أن لهذه المظاهرات منطلقات اقتصادية، خاصة أن شرائح الشعب المختلف لم تعد تطيق هذا الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
وأضاف أفشار ، في تصريحات صحيفة، أن تلك المظاهرات لم تعد منحصرة على شريحة معينة لتشمل جميع أبناء الشعب الإيراني، مشددًا على أن النظام الإيراني فشل بشكل مستمر في تحسين الأوضاع المعيشية لشعبه، وقام نظام "ولاية الفقيه" بنهب ثروات البلاد من أجل الانفاق على حروبه الخارجية ومشاريعه التوسعية.
وأوضح أفشار أن الشعارات المرفوعة في تلك المظاهرات واتساع رقعتها تدل على الحالة التنظيمة الكبيرة لها، مؤكدًا أن شبكات المقاومة الايرانية في الوقت الحاضر تعمل على تنظيم هذه المظاهرات وتنسيقها، مشددًا على أن هذه الحالة التنظيمة تعطي صفة مختلفة تمامًا عن الحركات العفوية التي سبقتها.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مواعيد التظاهرات ومكان انطلاقها، ومن بينها كبريات مدن إيران؛ كطهران ومشهد وتبريز وقم.
ومن المتوقع أن ترتفع أعداد المحتجين، وتخرج المزيد من المناطق من سيطرة النظام، حيث تطورت المظاهرات باتجاه سيطرة المحتجين على مراكز ومقار ودوائر حكومية وبعض المناطق والأحياء في بعض المدن منذ مساء السبت.
لماذا التظاهرات؟:
وراي المحلل السياسي والمعارض الاحوازي محمد مجيد الأحوازي، أن تظاهرات نهاية ديسمبر في مدن ايران، انها تظاهرات عفوية بداتن من اطراف ايران وليس من العاصمة طهران باعتبارها مركز الحكم، وهو مايشير الي أنهناك تغيرا كبيرا في خريطة التركيبية السياسية داخل بنية النظام الايراني.
‏وقال الأحوازي، في سلسة تغريدات له علي موقع التواصل الإجتماعي "توتير":ما يميز هذه الاحتجاجات الأن هي أنها ليس مسيسة لأي تيار او حزب سياسي في ايران ، وايضا استطاعت تنتشر خلال اليومين وتتوسع إلى الجنوب والشمال والغرب وشرق البلاد عكس الثورة الخضراء التي فشلت في الانتقال من طهران الى الاطراف واستطاع الحرس الثوري قمعها بسهولة" .
وتابع" ‏سبب انطلاقة هذه المظاهرات من مدينة مشهد كان للأسباب التالية، اولا: خسرت 160 الف عائلة مشهدية اموالها في مشروع شانديز السكني وكان هذا المشروع عبارة عن أكبر عملية نصب واحتيال والمتورط في هذه السرقة مسؤولين في النظام لم يتم محاسبتهم وخسر أهالي مشهد أموالهم وحلمهم بالحصول على السكن"، مضيفا " ‏ثانيا: أكثر البنوك الايرانية التي اعلنت افلاسها هي من مدينة مشهد الايرانية وفقد الناس اموالهم بسبب اعلان هذه البنوك عن افلاسها والحكومة الايرانية تجاهلت مطالب الشعب الايراني في قضية افلاس البنوك وركزت على الاتفاق النووي الايراني .!: بعد ايقاف الرحلات السياحية الدينية بين دول الخليج وايران ، خسر اهالي مدينة مشهد الالاف من فرص عملهم واستثماراتهم واغلقت العديد من المصانع الصغيرة والمحلات التجارية لأنها كانت تعتمد على الزوار الشيعة الخليجيين وبعد حرق السفارة السعودية انتهى كل ذلك ".
وأوضح الأحوازي، ان هذه الاحتجاجات تختلف عن الثورة الخضراء التي شهدتها ايران في 2009 حيث احتجاجات نهاية ديسمبر غاب عنها القيادة بالاضافة انها بدات في الأطراف بعكس الثورة الخضراء بدأت في طهران ، كما انها هذه الثورة تحمل لائحة مطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية فيما كانت تظاهرات 2009 تدور حول الانتخابات الرئاسية.
وكانت إيران قد شهدت أوسع احتجاجات في تاريخها أدت الى انقلاب اسلامي عام 1979، واعتبرت تحركات يونيو 2009 كثاني انقلاب ضد تزوير الانتخابات الرئاسية قبل ان يقمعها النظام الاسلامي. فهل يكون هذا التحرك المناهض للفساد مدخلا لثورة ثالثة تقلب شكل الحكم في إيران.
حضور المعارضة:
من جانبها دعا مريم رجوي زعيم منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، إلى استمرار الانتفاضة والاحتجاجات والمظاهرات في إيران، وكذلك "الدفاع عن النفس باستخدام كافة الوسائل المتاحة".
وخاطب رجوي في رسالة صوتية نشرها تلفزيون "سيماى آزادي" التابعة لمنظمة مجاهدي خلق، ما وصفها بـ"قوى الثورة الديمقراطية للشعب الإيراني" قائلا "بات الجميع يرى ألف معقل للعصيان في أرجاء الوطن المكبّل والمحتلّ من الملالي".
وأكد أن "الأصوات تعالت بضرورة إسقاط النظام بلا رجعة" مشيرا إلى شعار "الموت للدكتاتور" و"اخجل خامنئي.. وارحل من الحكم" من قبل المحتجين.
وقال رجوي إنه "في انتفاضة 2009 وقفت الإدارة الأميركية بجانب نظام ولاية الفقيه، كما أنها لم تحرّك ساكناً حيال مذبحة مجاهدي خلق في مخيم أشرف. لكن هذه المرة أدركت الولايات المتحدة بوضوح الأضرار الناتجة عن الاصطفاف مع الملالي الحاكمين في إيران".
ودعا المنتفضين الإيرانيين إلى عدم الخوف من هجوم السلطات و"إبقاء شعلة الانتفاضة متّقدة ومشتعلة في كل مكان وفي كل زمان مهما كان الثمن".
وأضاف: "يحقّ لنا أن نمارس حقنا الشرعي المعترف به للدفاع عن النفس في أي وقت وأي مكان دون هوادة وباستخدام جميع الأدوات اللازمة".
مستقبل الاحتجاجات:
سلطت مشيرة- في مقال
من جانبه راي كاتب الإيراني والسجين السياسي السابق، مازيار بهاري، أن موعد الثورة الإيرانية الثانية لم يحن بعد.
وعلق في مقال له بصحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، علي الاحتجاجات الشعبية، قائلا : إنه في الثامن والعشرين من ديسمبر الجاري، اجتمع مجموعة من الناس في مدينة "مشهد"، التي تعد من المدن المقدسة لدى الشيعة في إيران والعالم، وانطلقت أولى التظاهرات، حيث يعيش معظم "آيات الله" الإيرانيين في هذه المدينة".
واضاف أن انطلاق المظاهرات والاحتجاجات من "مشهد" يحمل رمزية كبيرة؛ فالمدينة على الرغم من كل القيود التي تحيط بسكانها خرجت وتظاهرت، وهو ما دفع بقية المدن للخروج في تظاهرات مماثلة، على عكس تظاهرات 2009 التي انطلقت من العاصمة وانتقلت لبقية المدن.
وتابع:" إلى الآن لا يمكن أن يعرف أحد ما يمكن أن يحدث خلال الأيام المقبلة، فالجميع مشوش، بل إن بعض المحللين لزموا الصمت إزاء ما يجري في المدن الإيرانية، خاصة أن هذه التظاهرات ليس لها قيادة أو جماعة أو فرد، ورفعت شعارات ليست ضد روحاني فحسب وإنما أيضاً ضد المرشد الأعلى علي خامنئي".
و حكومة حسن روحاني وبعد اجتماعات مكثفة لم تتمكن إلا من إلقاء اللوم على المتظاهرين وأيضاً على المحافظين، وهو ما أشار إليه نائب الرئيس عندما قال إن المتشددين يستخدمون المشاكل الاقتصادية للناس من أجل إسقاط الحكومة، إلا أن كثيرين وإن أشادوا بهجوم المتظاهرين على روحاني، استغربوا أن تشمل الشعارات المناوئة المرشد علي خامنئي الذي يفترض أن يكون مقدساً، بحسب الكاتب.
لقد كان لأفواج الحرس الثوري الإيراني دور مدمر على الاقتصاد الإيراني، فالحرس الثوري يدير الاقتصاد الإيراني بقضبة من حديد، ويدعم الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان، حيث يسخر الحرس الثوري الإيراني الأموال في سبيل ذلك، ومن ثم فإن روحاني لا يمكنه أن يتجاهل هذا الدور الذي يمارسه الحرس الثوري.
كما أن المرشد الأعلى بدوره لا يمكنه أن يرضي الملايين من الإيرانيين الراغبين بالحرية والازدهار في ظل قبضة من حديد يتمتع بها رجال الدين المتعصبون.
فهل ما يجري في إيران اليوم هو ثورة ثانية؟ يتساءل الكاتب، ويجيب: ليس بعد، الحكومة الحالية هي أسوأ عدو لإيران، والشعب يعرف ذلك، فالآثار الاقتصادية يمكنها أن تؤدي إلى اندلاع اقتتال داخلي، خاصة أن الحكومة ليس لديها أي خطط لمواجهة هذه الاحتجاجات سوى إلقاء اللوم على الإمبريالية والصهيونية وأعداء إيران بالوقوف وراء هذه الاحتجاجات.
لقد تعلم الشعب الإيراني بعد 40 عاماً من العيش في ظل الجمهورية الإسلامية أن يرفع صوته تدريجياً وبذكاء، فالاحتجاجات السلمية من شأنها أن تثير الحكومة، وقد تدفعها إلى قتل نفسها، خاصة إذا بقيت مصرة على المؤامرة وأن الغرب والصهيونية هم من يقفون وراء هذه الاحتجاجات. إن على حكومة طهران أن تدرك أن الخطر الحقيقي على سلطتهم يأتي من الداخل لا من الخارج.
ختاما الغموض يحيط بمستقبل الاحتجاجات في ايران والي أي شاطئ سترسوا، هل ستكون نهاية لنظام خامنئي، أم يخرج النظام منتصرا.

شارك