الدور القطري في تمويل الإرهاب العالمي

الثلاثاء 02/يناير/2018 - 08:05 م
طباعة الدور القطري في تمويل
 
المتابع للشأن الإخواني خصوصا التنظيم الدولي للجماعة يعلم علم اليقين بأن دولة قطر وفرّت على مدار الاعوام الماضية ملاذاً للكثير من قادة الجماعة، وأن للإمارة الخليجية علاقة متميّزة ومتجذّرة بالجماعة شكَّلّت خلال المرحلة الماضية محطة مهمة لرموز "الإخوان" في العالم الإسلامي.
وللإخوان في قطر، أسماء تتنوّع ما بينَ الدعاةِ والصِحافيينَ والسياسيينَ والإعلاميين، أبرزها الشيخ يوسف القرضاوي، الأب الروحي لتيار الإسلام السياسي المتنقّل ما بينَ تركيا وقطر، والمرشد العام المؤقت لجماعة الإخوان محمود عزت، وأمين عام الجماعة محمود حسين .
لم تدعم دولة قطر الإخوان المسلمين ولا تنظيمهم الدولي فقط بل قامت خلف ستار المنظمات الحقوقية والإنسانية والعمل الخيري بدعم الجماعات الإرهابية على مستوى العالم خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا. وفي هذا الإطار تتهم تقارير عدة منظمات تمولها قطر بالقيام بهذا الدور.
ومن بين تلك المنظمات، منظمة الكرامة التي تمولها قطر والموجودة في جنيف. حيث تقوم المنظمة برعاية ودعم الإرهاب على المستوى العالمي، ورغم وقف تسجيلها في الأمم المتحدة عام 2011 لاتهامها بتمويل تنظيم القاعدة، إلا أنها ما زالت تعمل بتمويل قطري. 
وقد أدرج تقرير وزارة الخزانة الأميركية في عام 2013 رئيس منظمة الكرامة عبد الرحمن بن عمير النعيمي على لائحة الإرهاب.
أما مؤسسة دعم الديمقراطية الأميركية، فنشرت دراسة في واشنطن تحت عنوان "قطر وتمويل الإرهاب"، وبحسب الدراسة فإن قيادات في القاعدة تلقوا دعما من مانحين قطريين أو مقيمين في قطر.
وتلقي الدراسة الضوء على عدد من النماذج لقطريين، ومقيمين في قطر، يعملون بوضوح في تمويل الإرهاب رغم إدراج أسمائهم على اللائحة السوداء الأميركية أو الدولية للإرهاب.
من بين تلك الأسماء  عبد الرحمن بن عمير النعيمي، الذي كان يقوم بتحويل نحو مليون ونصف المليون دولار شهريا إلى مسلحي القاعدة  في العراق، و375 ألف دولار  لفرع القاعدة في سوريا.
كذلك عبد العزيز بن خليفة العطية، وهو ابن عم وزير الخارجية القطري السابق، وقد سبق أن أدين في محكمة لبنانية بتمويل منظمات إرهابية دولية، وبأنه على صلة بقادة في تنظيم القاعدة.
كما تتهم تقارير عدة مؤسسة قطر الخيرية، بدعم التنظيمات المسلحة لا سيما في سوريا.
الدور القطري في تمويل
وفي الشهور الأولى من العام الماضي 2017، تحدثت الصحافة الغربية عن تورط كبار شخصيات العائلة المالكة، في قطر، بدعم واحدة من أكثر الجماعات الإرهابية وحشية وهو تنظيم «داعش»، فضلا عن دعم القاعدة والإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المتطرفة في ليبيا وسوريا والعراق.
وكشفت الصحف الغربية عن دراسة قام بها سيمور هيرش الصحفي الأمريكي الحاصل على جائزة بوليتزر في الصحافة، وهى أعلى جائزة صحفية في العالم، حيث كشف في إبريل 2017، عن وثائق أمريكية تفصح عن المدى الكامل لتعاون الولايات المتحدة مع تركيا وقطر في مساعدة المتمردين الإسلاميين في سوريا، وقال «هيرش» في مقال بمجلة «لندن ريفيو أوف بوكس»: إن إدارة أوباما أسست ما تسميه وكالة الاستخبارات المركزية بـ«خط الجرزان»، وهى قناة خلفية للتسلل إلى سوريا، وتم تأسيس هذه القناة بالتعاون مع قطر وتركيا في 2012 لتهريب الأسلحة والذخائر من ليبيا عبر جنوب تركيا ومنها إلى الحدود السورية حيث تتسلمها المعارضة.
ويقول الصحفي الأمريكى: إن المستفيد الرئيسي من هذه الأسلحة كان الإرهابيون، الذين ينتمى بعضهم مباشرة لتنظيم القاعدة، وهو أيضا ما يؤكد العلاقة الوطيدة بين الدوحة والجماعات المتطرفة في ليبيا التي سيطرت على مخازن الأسلحة عقب سقوط القذافي.
صحيفة الـ«صنداى تليجراف» كانت أكثر تحديدا فيما يتعلق بالدور القطري في ليبيا، وقالت صراحة: إن قطر هي الراعي الرئيسي لجماعات التطرف الإسلامية في الشرق الأوسط، وكشف اثنان من كبار مراسليها، ديفيد بلير وريتشارد سبنسر، عن علاقة وطيدة بين الدوحة والجماعات الإسلامية المتطرفة التي كانت تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، وأجبروا المسؤولين الحكوميين على الفرار، وهذه هي نفسها الجماعة التي أعلنت ولاؤها لتنظيم داعش فيما سمته «ولاية طرابلس»، وهم أيضا حلفاء لجماعة أنصار الشريعة، الجهادية الوحشية التي يشتبه في وقوفها وراء مقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنز، ومحاولة مقتل نظيره البريطاني السير دومينيك أسكويث.
ومن أبرز حالات التمويل القطري للجماعات الإرهابية في سوريا كانت حركة أحرار الشام التي يمكن وصفها بأنها مجموعة حكومية قطرية بالتعاون مع تركيا، التي تدعمها بشكل صريح منذ فترة طويلة، ولكنها تتلقى أيضًا أموالًا من العديد من المانحين المقيمين في قطر.
قدّمت أنقرة لأحرار الشام الدعم العسكري: الأسلحة، والخدمات اللوجستية، والاستخبارات.. الخ. وقد وفرت الدوحة للأحرار أموالًا وافية وترويجًا عبر وسائل الإعلام. وبفعل تدخل تركيا المباشر في شمال سوريا، فقد تراجع تأثير قطر على الحركة.
الدور القطري في تمويل
وقال مسؤول سابق في جبهة النصرة انه بالإضافة إلى التمويل واللوجستيات غير المباشرة، هنالك التدريب في مسائل الحوكمة وإدارة الصور التي أعطتها قطر لحلفائها أحرار الشام، وتم نقلها بعد ذلك إلى النصرة. اعتبر المسؤول في النصرة أن ذلك كان “لا يقدر بثمن” في مساعدة المنظمة من أجل ترسيخ وجودها.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن متمردي جيش الفتح -التحالف الذي شكّل لتنسيق الاستيلاء على مدينة إدلب في مارس 2015- تلقى الدعم القطري. ولاحتواء ذلك التحالف صراحة على النصرة، اعترف رئيس وزراء قطر بإمكانية أن تكون لدى حكومته “علاقة” مع النصرة، لكنهم أصروا على أن أي ارتباطات بالنصرة قد قطعت بمجرد فهم طبيعة هذه الجماعة.
وفي يونيو 2017، كشفت صحيفة "الشرق" السعودية، نقلا عن مصادر مقربة من نظام الحكم في الدوحة، أن دولة قطر تورطت بتمويل أنشطة إرهابية بمبلغ 64.2 مليار دولار أميركي من عام 2010 وحتى 2015، في أحدث حلقة من الملف القطري الأسود.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض تملك وثائق تثبت تورط الدوحة بدعم عمليات العنف والإرهاب بالمنطقة. وقد وصلت هذه الوثائق للسعودية خلال عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ومنها ما حصلت عليه خلال العامين الماضيين.
وذكرت الصحيفة نقلا عن المصدر الذي لم تسمه، أن قطر خصصت مبلغ 7.6 مليارات دولار أميركي لتمويل عمليات إرهابية في 2010، وارتفع المبلغ إلى 10.4 مليارات دولار في 2011، قبل أن يقفز إلى 11.4 مليار دولار في 2012.
وفي عام 2013، زادت دولة قطر المبالغ المالية الداعمة للعمليات الإرهابية لتصل إلى 12.2 مليار دولار، ليقفز المبلغ مجددا إلى 12.6 مليار دولار في 2014، قبل أن يتقلص إلى 9.9 في 2015، بحسب الصحيفة.
ولم تتوان دولة قطر عن تقديم الدعم للجماعات المتشددة ولأشخاص إرهابيين بأكثر من دولة في المنطقة وخارجها، وأبرز وجوه هذا الدعم هو الدعم المالي وتوفير الغطاء السياسي لهذه الجماعات.
وقد أشارت تقارير غربية عدة كما ذكرنا في مقدمة هذا التقرير، إلى أن قطر تعد أكبر دولة في المنطقة تغض الطرف عن تقديم التمويل للجماعات المتطرفة والإرهابية، رغم أن قوانينها الداخلية تجرم تلك الممارسات.

شارك