الأزهر يرصد الصراع على خلافة داعش في إفريقيا

السبت 13/يناير/2018 - 08:33 م
طباعة الأزهر يرصد الصراع
 
بعد انحصار "داعش" في سوريا والعراق وتهافت مراكزها في الدول التي كانت متواجدة فيها، نشب الصراع بين أكبر تنظيمين موالين لداعش في أفريقيا تنظيم بوكو حرام في نيجيريا وحركة الشباب الصومالية: 

بوكو حرام

بوكو حرام
جماعة إسلامية نيجيرية تعني بلغة شعب الهوسا «التعليم الغربي حرام»، وهي تنشط في شمال نيجيريا وهي حركة متطرفة محظورة رسمياً. ومن واقع اسمها يظهر تشددها في "منع التعليم الغربي والثقافة الغربية عموماً التي ترى أنها (إفساد للمعتقدات الإسلامية)".
أسست الجماعة عام 2002 في ولاية بورنو، بشمال نيجيريا، بزعامة المدرّس ورجل الدين محمد يوسف، لكن الوجود الفعلي للحركة بدأ خلال عام 2004 بعدما انتقلت إلى المناطق الحدودية مع جمهورية النيجر حيث بدأت عملياتها ضد المؤسسات الأمنية والمدنية النيجيرية. وتستهدف الحركة في عملياتها خصوصا عناصر الشرطة ومراكز الأمن وكل مَن يتعاون مع السلطات المحلية.
زعيم الحركة محمد يوسف قُتِل يوم 30 يوليو 2009 بعد ساعات من اعتقاله واحتجازه لدى قوات الأمن. وكان قد أُلقِيَ القبض على يوسف في عملية مطاردة بعد مواجهات مسلحة اندلعت أواخر يوليو 2009 في شمال نيجيريا بين عناصر الحركة وقوات الأمن، أسفرت حسب تقارير إعلامية عن سقوط مئات القتلى.

حركة الشباب

حركة الشباب
جماعة إسلامية متشددة خرجت من رحم الفوضى التي شلت الصومال بعد إطاحة أمراء الحرب الصوماليين عام 1991 بالحكم الديكتاتوري الذي سيطر على البلاد لسنوات طويلة. وانشقت هذه الجماعة عن جناح الشباب في حكومة «اتحاد المحاكم الإسلامية» الضعيفة التي أسست عام 2006 لإنشاء دولة إسلامية أصولية في البلاد.
وفق التقديرات تضم «حركة الشباب» عدة آلاف من المقاتلين، من بينهم بضع مئات من المقاتلين الأجانب، وينتمي عدد من المقاتلين الأجانب إلى دول شرق أوسطية ولديهم خبرة اكتسبوها من النزاعات في العراق وأفغانستان، كما تضم الحركة مقاتلين صغار السن، وهم مجندون معدومون جاءوا من تجمعات الصوماليين في الولايات المتحدة وأوروبا.
سيطرت «الحركة» على أغلب مناطق العاصمة الصومالية مقديشو في عام 2006، كما سيطرت على مساحات واسعة من وسط وجنوب الصومال إلى أن تمكنت قوة من الاتحاد الأفريقي مدعومة من الأمم المتحدة، وتضم من كينيا وأوغندا المجاورتين، من إخراج مسلحيها من مقديشو عام 2011 ومن ميناء كيسمايو في عام 2012، لكن المتمردين ما زالوا يسيطرون على كثير من المناطق الريفية.
الأزهر يرصد الصراع
وفي أحدث التقارير التي نشرتها وحدة رصد اللغات الأفريقية التابعة لمرصد الأزهر للحركات المتطرفة يوضح الصراع القائم بين الحركتين الأكثر خطورة وتطرفا في القارة لمحاولات السيطرة عليها  فمنذ أن بدأ العد التنازلي لسقوط تنظيم داعش الإرهابي وأفول نجمه وإخماد نيرانه، توالت القراءات التحليلية حول تقديم رؤى بشأن مستقبل العالم بعد داعش، وثمّة تباين في وجهات النظر حول الوجهة القادمة للتنظيم، ورغم ذلك التباين إلا أن قاسمًا مشتركًا بين هذه الرؤى المتباينة هو أن قارة إفريقيا كان لها نصيب الأسد من توقعات المحللين بأن تكون الوجهة المقبلة لعناصر التنظيم والملاذ الأخير لهم فرارًا من قبضة قوات الأمن والتحالف الدولي لمكافحة داعش.
وكأن القارة الإفريقية كان ينقصها أولئك الدواعش، أو أنها كانت بمنأى عن الإرهاب والتطرف، فالمتتبع للشأن الإفريقي يجد أن هذه القارة عانت كثيراً جراء تنظيمات متطرفة ومليشيات مسلحة أذاقت أبناء إفريقيا ويلات من العذاب وتسببت بإجرامها ووحشيتها في أن ظلت كثير من بلدان القارة رهن الفقر والتردي في أوضاع أمنية واقتصادية وبيئية صعبة، بلغت حد المجاعات والجفاف في كثير من مناطق القارة.
هذه التنظيمات، والجماعات، والمليشيات منها ما قام على أساس سياسي مناديًا بالحرية متغنيًا بالوطنية، ومنها ما قام على أساس ديني رافعًا شعار الشريعة وراية الدين، ومنها ما نشأ على أساس الثورة لمجرد الثورة لا للوصول إلى مستقبل أفضل، بقدر ما كانت حركات انتقامية من أوضاع بعينها ثم تطور بها الأمر إلى أن صارت كابوسًا يهدد أمن القارة واستقرارها.
وقد درج ذكر "حركة الشباب" الصومالية وجماعة "بوكو حرام" النيجيرية في معرض الحديث عن الإرهاب والتطرف، باعتبارهما النموذج الأكثر شهرة في القارة الإفريقية، نظرًا لما قامت به كل منهما من جرائم مروعة وممارسات وحشية، فاقت في بعض مراحلها الزمنية جرائم "داعش" و"القاعدة".

الأزهر يرصد الصراع
وبمرور الوقت تعاظم شأن "الشباب" و"بوكو حرام" حتى صارتا شوكةً في خاصرة القارة الإفريقية، وسرطانًا ينخر في عظامها، فتسببتا في أن تحولت كثير من بلدان القارة إلى ساحات قتال غير متكافئ  بين مفخخين وأبرياء عزل ، سواء في شرق القارة حيث تمارس حركة الشباب الصومالية أنشطتها، أو في غربها حيث ترتع جماعة بوكو حرام الإرهابية وتمارس إرهابًا لم يدع أخضر ولا يابسًا، ومع تعاظم شأن هاتين الجماعتين تزايدت معاناة أبناء القارة جراء الإرهاب والوحشية التي تمارسها بحق أبرياء لا ذنب لهم إلا أن أقدارهم وضعتهم في مرمى نيران عصابات لا تعرف إنسانية ولا رحمة.
ومما ينذر بمستقبل محفوف بالمخاطر أن تكون نهاية دولة "داعش" المزعومة، بدايةً لدولة إرهابية جديدة تتخذ من القارة الإفريقية ساحةً لها، ومن شبابها وقودًا تشعل به نار الفتنة والعنف بالعالم من جديد، الأمر الذي يحتم مواجهة خاصة لا تتعامل بالأسلحة التقليدية في مثل هذه المواجهات من آليات عسكرية وأسلحة تستهدف الأجسام والمواقع، بل إن المواجهة الأكثر جدوى في ذلك هي مواجهة الفكر المغلوط بالفكر الصحيح، والآراء الشاذة بالمعتدلة، والمزاعم الباطلة بالحجج الثابتة، تحصينًا للأجيال من الوقوع فريسة الإضلال والتزييف الفكري الذي تعتمد عليه تلك الجماعات سلاحًا رئيسيًا في تنفيذ مخططاتها والوصول لمبتغاها.
من هنا تبرز أهمية العمل على تجفيف منابع الفكر المتطرف وقطع السبل المؤدية بالشباب إلى هاوية التشدد والإرهاب، الأمر الذي اضطلع به مرصد الأزهر لمكافحة التطرف وسعى حثيثًا لتحقيقه، مناديًا كافة الجهات المعنية محليًّا وعالميًّا بالقيام بدورها نحو حماية العالم من خطر هذا الفكر الخبيث، والحيلولة دون أن يتكبد العالم مزيدًا من الخسائر بسبب ممارسات لا يقرها دين، ولا يقبلها عقل.
كما تجدر الإشارة إلى ضرورة توخي الحذر واتخاذ كافة التدابير التي من شأنها منع مخططات العنف والإرهاب من أن تتحول إلى واقع مرير، فمهما اختلفت المسميات وتباينت الاتجاهات، فالإرهاب كله مِلة واحدة، والتطرف مرض خطير مهما اختلفت أعراضه، وما داعش والشباب وبوكو حرام إلا مجرد دمى تحركها أيادٍ معادية للإنسانية والسلام العالمي، وكلما انكسرت دمية، أبى أولئك الذين يتاجرون بدماء الأبرياء وأمان البشرية إلا أن يأتوا بدمية جديدة يحركونها لتحقيق مصالحهم وتنفيذ جرائمهم.

شارك