صنداي تايمز: إيران في "حلف مع الشيطان" لإعادة بناء القاعدة/ الجارديان: تكرار الثورة التونسية/ الإيكونوميست: حرب اليمن..تحولات فى موازين قوى/ فورين أفيرز: الإصلاح أم الثورة فى إيران؟

الأحد 14/يناير/2018 - 04:32 م
طباعة صنداي تايمز: إيران
 
تقدم بوابة الحركات الإسلامية كل ما هو جديد يومًا بيوم وذلك من خلال تناول الصحف العالمية اليومية، وكل ما يخص الإسلام السياسي فيها اليوم الاحد 14/1/2018
صنداي تايمز: إيران في "حلف مع الشيطان" لإعادة بناء القاعدة
 
تقول الجريدة إن إيران عانت مؤخرا من أسوأ اضطرابات ومظاهرات على الإطلاق، وهو ما يعود بشكل رئيسي، بحسب الصحيفة، إلى إعلان زيادة المخصصات العسكرية بهدف التوسع إقليميا والسيطرة على مناطق أخرى في العالم العربي على حساب المواطن الإيراني البسيط الذي يعاني من ارتفاع شديد في أسعار المعيشة.
وتتساءل الصحيفة كيف سيكون رد فعل الشعب الإيراني عندما يعلم بالتحالف الشيطاني الذي بدأته الحكومة الإيرانية الشيعية لإعادة تشكيل تنظيم القاعدة أخطر تنظيم جهادي سني في التاريخ؟
وتقول الجريدة إنه حسب مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي أي) كان عدد عناصر القاعدة عندما شنت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 400 مقاتل لكن التنظيم تعرض لضربات قاصمة من القوات الأمريكية خلال الحرب في أفغانستان ومؤخرا تعرض لهزة كبيرة وتضاءل في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.
وتضيف الصحيفة أن "الإف بي أي" يعتقد أن التنظيم أعاد بناء نفسه مؤخرا لدرجة انه أصبح قادرا على استقطاب عشرات الآلاف من الجنود والمقاتلين.
وتعرج الصحيفة على تاريخ العلاقات بين إيران والقاعدة، مشيرة إلى أن قاسم سليماني القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني دعم أسرة زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في الحصول على اللجوء لبلاده عام 2001 ومنذ هذا الحين بدأت العلاقات بين الطرفين في التطور.
وأضافت أن التعاون حاليا بين إيران والقاعدة في أوجه خاصة في سوريا حيث تنفق إيران أكثر من 4.5 مليار دولار سنويا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وفقا للصحيفة، التي أوضحت أن قاسم سليماني يستخدم القاعدة في مناوراته للعب على جميع اطراف الصراع الجاري هناك.

ديلي تلجراف: إدلب تحت أعنف قصف منذ بدء النزاع السوري

نشرت صحيفة ديلي تلغراف تقريرا من بيروت كتبته، جوزي إنسور، عن الغارات الجوية التي تشنها القوات الحكومية السورية على محافظة إدلب آخر معاقل المعارضة المسلحة في البلاد. وتقول جوزي إن شدة القصف على محافظة إدلب جعل السكان يرسمون مخططات عن مكان نومهم في بيوتهم ويعطونها للجيران حتى يتمكن المسعفون من انتشالهم من تحت الأنقاض بسرعة. وتذكر الصحفية أن القوات الحكومية تسعى للسيطرة على آخر وأكبر معاقل المعارضة المسلحة وتشن لذلك حملة عسكرية توصف بأنها الأشرس منذ اندلاع النزاع المسلح في البلاد. وتفيد الأمم المتحدة بأن نحو 100 ألف شخص هربوا من جنوبي إدلب وحماة في غضون أسابيع قليلة. 
وتنقل الكاتبة عن أحمد الشيخو، أحد المسعفين، قوله إن الظروف في إدلب اليوم أسوا بكثير مما كانت عليه في حلب، إذ تضاعف القصف يوميا خاصة على الضواحي الجنوبية. ويضيف: "لا يمكنني إلا أن اصفها بسياسة الأرض المحروقة، فقد شاركت مع فريقي في العديد من المهمات في الأيام الأخيرة، عندما قضت قنبلة كبيرة على 31 شخصا أغلبهم نساء وأطفال". 
وتضيف الصحفية نقلا عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنها سجلت مقتل 120 مدنيا بينهم 33 طفلا و25 امرأة منذ بداية الحملة العسكرية. في نهاية ديسمبر/ كانون الأول، وأن أكثر من ثلثي النازحين يعيشون في مخيمات عشوائية على الحدود التركية. أما الذين لا يسعفهم الحظ في الوصول إلى المخيمات فينامون في العراء لا شيء يقيهم من البرد القارس. ويحاول المئات منهم التسلل إلى الأراضي التركية يوميا. 
وتشير الصحفية إلى أن تركيا تعمل مع روسيا وإيران من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع في سوريا، ولكن وزير الخارجية التركي، مولود غاويش أوغلو يقول إن الحملة العسكرية على إدلب تبدد جهود الحل. 
ويضيف أن "هذه ليست مجرد غارات جوية. النظام يزحف نحو إدلب. إذا كان هدفهم دفع فصائل المعارضة المترددة لحضور اجتماع سوتشي، فإن ذلك ستكون له نتائج عكسية". 

الجارديان: تكرار الثورة التونسية

ونشرت صحيفة الجارديان مقالا افتتاحيا وصفت فيه ما يحدث في تونس بأنها "ثورة تكرر نفسها". 
وتقول الصحيفة إن "تونس بدات تشعر وكأنها في عام 2011. عندما فجر رجل أضرم النار في نفسه انتفاضة كانت بداية للربيع العربي، الذي أدى إلى سقوط الرئيس زين العابدين بن علي. وبعد سبع سنوات من رحيل الديكتاتور، عاد التونسيون إلى الشارع احتجاجا على إجراءات التقشف ورفع الأسعار". 
وترى الغارديان أن تونس قد تبدو للبعض بلدا صغيرا لا يملك ثروات طبيعية ولا قوة سكانية تجعله يشد اهتمام العالم، ولكنها منذ 2011 أخذت الأضواء من جميع الدول العربية الأخرى لأنها نجحت في بناء مؤسسات ديمقراطية ووضعت دستورا ليبراليا. 
وتضيف أن المكاسب التي حققتها تونس لم تكن سهلة، ولا هي مضمونة. فالحكومات المتعاقبة كلها فشلت في تحقيق ما يصبو إليه التونسيون من حكومة منتخبة. والاقتصاد في ركود غير قادر على توفير مناصب العمل. كما تعرضت السياحة، وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة في البلاد، إلى ضربة موجعة بسبب الهجمات الإرهابية. 
وتشير الصحيفة إلى أن تونس اضطرت إلى اقتراض 2.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، الذي فرض على الحكومة إجراءات التقشف برفع الأسعار وخفض النفقات، التي أدت إلى الاحتجاجات الشعبية. 
وتذكر الصحيفة الإنجازات الكبيرة التي حققتها تونس منذ 2011، إذ جعلت الأعداء السياسيين يتصالحون، وحولت حزب النهضة الإسلامي إلى حزب مندمج في سياسة البلاد. وهذا إنجاز معتبر، حسب الصحيفة، بعد 22 عاما من الدولة البوليسية. 
فقد قررت حركة النهضة، من أجل البقاء، حل الائتلاف الحاكم في عام 2013 بعد تنامي الغضب الشعبي بشأن الثغرات الأمنية وعدم الاستقرار الاقتصادي، فجنبت بذلك البلاد مواجهة بين الإسلاميين والعلمانيين، الذين أصبحوا هم في السلطة يواجهون الاحتجاجات. 
وتقول الغارديان إن الشارع العربي في تونس "أسقط الدكتاتور، وبإمكانه أيضا أن يسقط الديمقراطيين". 

بي بي سي : مجلس الشورى الإيراني يرفض إجراء أية تعديلات على الاتفاق النووي

رفض مجلس الشورى الإيراني فكرة إجراء أية تعديلات على نص الاتفاق النووي المبرم مع القوى الدولية، معتبرا مطلب ترامب في تعديل "العيوب الكارثية" عبثا لا يمكن القبول به. 
نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) صباح اليوم الأحد (14 يناير/ كانون الثاني 2018)، عن علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني خلال جلسة علنية للبرلمان الإيراني، أن المجلس لن يوافق على أية تعديلات على بنية الاتفاق النووي، معتبرا تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن مثل هذه التعديلات "عبثا" بكل الاتفاق.
وكان ترامب قد صرح أمس الأول الجمعة في إعلانه عن قراره العدول عن تطبيق بعض العقوبات، المتعلقة بمبيعات النفط والأنظمة المصرفية في إيران، إنه يقوم فقط بالخطوة لضمان موافقة الحلفاء الأوروبيين على إصلاح "عيوب" الاتفاق.
ووقعت الولايات المتحدة الأمريكية عام 2015، الاتفاق المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" بالإضافة إلى إيران والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
واصطفت الصين إلى جانب الاتحاد الأوروبي المتمسك بالاتفاق مع طهران، داعية من جهتها إلى احترامه. وقال لو كانغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في بيان يوم أمس السبت، إنه يتعين احترام الاتفاقية التي "لم تتحقق بسهولة"، مضيفا أن جميع الأطراف المعنية يجب أن تعي الإطار الأشمل والفائدة الأعم على المدى الطويل.
وهدد ترامب يوم الجمعة بالانسحاب من الاتفاق اذا لم يتم تعديل ما وصفه بـ"العيوب الكارثية" للاتفاق. وفرض عقوبات جديدة على 14 كيانا وأفرادا تتهمهم الولايات المتحدة بانتهاكات حقوق الإنسان.
ويهدف الاتفاق النووي الإيراني إلى التأكد من الاستخدام السلمي لطهران لإمكانياتها النووية، مع منعها من الحصول على أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.

دويتشه فيله: وزير الخارجية الألماني يصف الوضع في اليمن بأكبر كارثة إنسانية في العالم

وصف وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل الوضع في اليمن بأنه "أكبر كارثة إنسانية نشهدها على المستوى العالمي"، وذلك في سياق دفاعه عن نهج حزبه، الذي يرفض تصدير السلاح الألماني للدول التي تشارك أو تدعم الحرب في اليمن.
دافع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عن الوقف المزمع لصادرات السلاح الألماني إلى أطراف الصراع في اليمن. وعلى هامش مؤتمر للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية سكسونيا آنهالت، قال غابرييل الزعيم السابق للحزب، اليوم السبت (13 كانون الثاني/يناير 2018): "هذا موقف قوي للغاية، إذ لا يمكننا أن نكتفي فقط بأن نشتكي كل يوم مما يحدث في اليمن"، ووصف الوضع في اليمن بأنه "أكبر كارثة إنسانية نشهدها على مستوى العالم".\
يذكر أن السعودية والأردن ومصر والبحرين والكويت والإمارات والمغرب والسودان والسنغال، تشارك فيما يعرف بالتحالف العربي الذي يقاتل في اليمن ضد ميليشيات الحوثيين ويفرض حصارا بحريا حول اليمن.
وكانت السعودية والإمارات جاءتا بين أهم عشر دول حصلت على تراخيص صادرات  للسلاح الألماني في عام 2016، كما أن الأردن تعد من بين الدول التي تدعمها الحكومة الألمانية، ماليا، و كان الأردن  حصل على نحو 50 مدرعة مشاة ألمانية طراز "ماردر" خلال العامين الماضيين.
وتنص ورقة المحادثات التمهيدية، التي أجراها تحالف المستشارة أنغيلا ميركل المسيحي والحزب الاشتراكي، لتشكيل ائتلاف حاكم جديد، على أن ألمانيا "لن تعطي تصريحا من الآن بصادرات سلاح إلى دول لا تزال تشارك في الحرب الدائرة في اليمن".
وتابع نائب المستشارة: "علينا أن نصعد من الضغوط"، وقال إن هذه الخطوة ضرورية من أجل الوصول إلى وضع إنساني أفضل في اليمن.

الإيكونوميست: حرب اليمن..تحولات فى موازين قوى

طاهر على العقيلى، رئيس أركان الجيش اليمنى، لديه قفزة فى خطواته. وبعد عام من الجمود، تتحرك جبهاته الخمس مرة أخرى. وبينما يتحرك بشكل سريع بين ساحات القتال على بعد مئات الكيلومترات، يتحدث عن الانتصارات فى بيحان، التى أعادت ربط الطريق من مقره فى مأرب إلى جنوب اليمن، وفى منطقة الجوف. كما تقدمت القوات 60 كيلومترًا شمالاً على طول الساحل من المخا باتجاه الحديدة، الميناء الرئيس للمتمردين الحوثيين. من قواعدها فى الصحراء والأراضى الساحلية المنخفضة، ابتعدت قوات التحالف التى تقف ضد المتمردين متجهة إلى الجبال التى تؤوى العاصمة اليمنية، صنعاء، التى لا تزال فى أيدى الحوثيين.
وقد أدت سلسلة من الأحداث إلى التقدم. ففى ديسمبر قتل الحوثيون حليفهم السابق، على عبد الله صالح، الذى كان رئيسًا لليمن من 1978 إلى 2012، وبالتالى فإن الحوثيين يقاتلون الآن بمفردهم. وقد أثارت عمليات الاعتقال والقتل وهدم المنازل بسبب قذائف الدبابات فى العاصمة الغضب ضد المتمردين. وقد فر آلاف الأشخاص من أتباع صالح.
وقد شجعت حكايات عن وحشية المتمردين قوات الحكومة. ويقول الصحفيون اليمنيون الفارون إن الحوثيين قتلوا أكثر من 30 زميلاً، بمن فيهم بعض الذين عملوا فى وسائل الإعلام التابعة لصالح. وأضافوا أن المتمردين اغتصبوا المال من أقاربهم الراغبين فى استعادة الجثث المعذبة لدفنها. فقد تحول الحوثيون، الذين أيدوا المظلومين، أو الجماهير المضطهدة، إلى مضطهديهم.
ومع تقلص المتمردين، قد يتزايد نفوذ الجيش. وكثيرًا ما يُصوَّر الصراع على أنه طائفى بين الحوثيين المدعومين من إيران، الذين يتبعون فرع الشيعة فى المرتفعات، والسنة فى المناطق المنخفضة المدعومة من قبل المتدينين فى الخليج. لكن هروب مئات الآلاف من النازحين اليمنيين يغير التكوين الطائفى فى صفوف الجيش. الجنرال العقيلى هو زيدى من عمران معقل الحوثى.
 ويأتى رئيس الأمن الجديد فى مأرب من عمران أيضًا. وعلاوة على ذلك، فهو من السادة الأشراف- أى أنه من نسل النبى محمد-  والسادة الأشراف جماعة يعتقد الحوثيون أنه ينبغى أن يسيطر أفرادها.
وقد أدت وفاة صالح أيضًا إلى تحالفٍ إقليمىٍ شائكٍ تم تجميعه ضد الحوثيين لتسوية خلافاتهم. ولا يثق محمد بن زايد، الزعيم الفعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة، منذ فترة طويلة فى الجيش اليمنى. فالعديد من جنوده يدعمون "التجمع اليمنى للإصلاح"، الذى له صلات مع جماعة الإخوان المسلمين، وهى حركة إسلامية تشجبها دولة الإمارات العربية المتحدة. وكان الأمير محمد يأمل فى أن يقوم صالح بالقضاء على الحوثيين وإزاحتهم من السلطة.
ولكن منذ وفاة صالح، تصالح الأمير محمد مع حزب الإصلاح. وقد أعطى وحدات الجيش الموالية للإسلاميين الدعم الجوى. فالقوات الحكومية على وشك الخروج من تعز، ثالث أكبر مدينة فى اليمن، وهى محاصرة من قبل الحوثيين منذ ثلاث سنوات تقريبًا. إنهم يأملون فى استعادة كل السهل الساحلى، حيث إن لدى الحوثيين القليل من الدعم.
ولكن هذا يجعل الجيش بعيدًا عن الانتصار الكامل. سيكون من الصعب على الحوثيين الخروج من المرتفعات. ويشكو الجنرال العقيلى من أن الألغام والقناصة والصواريخ المضادة للدبابات تحقق تقدمًا من خلال الشعب ببطء. وعلاوة على ذلك، قبل أن يتخلص الحوثيون من صالح، سيطروا على ترسانةٍ من الدبابات والصواريخ من الحرس الجمهورى، الكثير منها قدمته أمريكا عندما رأت فى صالح حصنًا ضد القاعدة.
على النقيض من ذلك، يشكو الجنرال العقيلى من أن طلباته للحصول على أسلحةٍ أثقل لتتناسب مع الحوثيين لم يتم الرد عليها. إن معنويات رجاله قد اضمحلت لأنهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ تسعة أشهر. فبعضهم يدبر أمره عن طريق بيع أسلحة أو بيع معلومات للحوثيين أو تنظيم القاعدة. لذا فإن تدفق الأسلحة إلى الأسواق جعل الأسعار تقل بنسبة 20٪ عما كانت عليه قبل بدء الحرب فى عام 2014.
ولعل السبب الأكبر وراء الجمود هو أن العديد من اليمنيين يستفيدون منه. وينهب أمراء الحرب والجنود فى نقاط التفتيش المساعدات الإنسانية. وتتمتع مدن مثل مأرب بثروة النفط وخدمات على الكهرباء والواردات التى كانت تدعم العاصمة سابقًا. وباعتبارها نقطةً سيئةً للاختطاف نيابة عن تنظيم القاعدة، قد تكون الآن الأكثر المدن أمانًا فى اليمن. فتعمل البنوك والمدارس. وتُدفع الأجور فى الوقت المحدد. وكما تقول أحد الأمثال اليمنية "مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ".

فورين أفيرز: الإصلاح أم الثورة فى إيران؟

غالبًا ما كانت تبدو إيران على حافة الديمقراطية، فخلال القرن العشرين، شهدت إيران ثلاث ثورات سياسية رئيسة وهى: الثورة الدستورية (1905 – 1911)، وحركة تأميم البترول (1951 – 1953)، والثورة الإسلامية (1978 – 1979). وتختلف كل ثورةٍ عن الأخرى فى نواحٍ مهمة، لكنها جيمعًا شكلت ردود أفعالٍ إزاء الفساد وسوء الحكم والاستبداد به، ونتج عنها جميعًا زيادة نسبة المتعلمين، وزيادة التوقعات بشأن نمو الطبقة المتوسطة، ونفاد صبر رجال الأعمال؛ بسبب سوء إدارة المسئولين لشئون البلاد. وتميزت كلها بالطموح من أجل تشكيل حكومةٍ ديمقراطيةٍ. لكن فى كل مرةٍ يتم إحباط هذا الطموح، وتم تشكيل برلمانٍ وفقًا لما نصَّ عليه دستور عام 1906 لمساءلة الشاه، ومنح الشعب الإيرانى حق التصويت بشأن أى قرار. لكن بعد مرور عقدين، مارس الشاه حكمه المُطلق مرةً أخرى، وسرعان ما أصبح البرلمان بمثابة ختمٍ مطاطى، وتم تجاهل الدستور إلى حدٍ كبير. ثم قامت ثورة 1951 – 1953، التى طالبت بتأميم صناعة البترول، الذى سيطرت عليه الحكومة البريطانية آنذاك. وكان زعيمها رئيس الوزراء، "محمد مصدق"، رجل إصلاحٍ شعبى، ومؤيدًا للسلطة البرلمانية لا للسلطة الملكية.
لكن مرةً أخرى خاب أمل الشعب فى إنشاء نظامٍ ديمقراطى، عندما تمت الإطاحة "بمصدق" خلال انقلابٍ فى عام 1953 بتدبيرٍ من الاستخبارات الأمريكية والبريطانية. واحتفظ الشاه بالسلطة، وفرض إجراءاتٍ مشددةٍ على أى نشاطٍ سياسى.
وفى كتابٍ بعنوان "الديمقراطية فى إيران" للكاتب "ميسا بارسا" يناقش كيف ظلت القوى القمعية تحارب الحركات الديمقراطية فى إيران، وكيف أن الديمقراطية قد تظهر فى النهاية. ويناقش باختصارٍ الثورة الدستورية، وحركة تأميم صناعة البترول، لكنه ركَّز أساسًا على ما يعتبره الوعد المنكوث بالديمقراطية للثورة الإسلامية 1978 – 1979. ويختم بقوله إنه نظرًا لأن إيران ذات طابعٍ إسلامى، فإن الديمقراطية ستُطبق فى إيران من خلال ثورةٍ، وليس من خلال الإصلاح التدريجى.
ويعتقد "بارسا" أن الثورة الإسلامية كان من الممكن أن تؤدى إلى تشكيل حكومةٍ ديمقراطية، وهو يشير إلى أن الثورة قامت بأيدى ائتلافٍ كبيرٍ من الطلبة، وأصحاب المحال التجارية، والمفكرين، والعمال.
وحشد رجال الدين جماهير كثيرة من مختلف الفئات، ونزلوا إلى الشوارع. لكن حتى أولئك الذين شاركوا فى الثورة تحت شعار الإسلام، والذين نادوا فيما بعد بإنشاء جمهورية إسلامية لم يتوقعوا نشأة دولةٍ دينيةٍ متشددةٍ على أيدى رجال الدين. وكان الكثير من الناس يعتقدون أن "الخومينى" يؤيد نظام الحكم الديمقراطى وحرية الصحافة وحرية التعبير، وأنه لا يتطلع لحكم الدولة.
لكن خلال تأكيد "بارسا" على الطموحات الديمقراطية للكثيرين مِمَن شاركوا فى الثورة الإسلامية "1979"، فشل فى التأكيد بشكلٍ كافٍ على قوة ونفوذ رجال الدين كممثلين للسلطة الدينية. وبرز الطابع الإسلامى فى القيم ووجهات النظر السياسية للتجار والطلبة الذين شاركوا فى الثورة، وفى برامج الأحزاب السياسية مثل "حركة الحرية"، التى أيدت الثورة، وكان الشعار الرئيس للمتظاهرين هو "الاستقلال، والحرية، والجمهورية الإسلامية". ولم يشمل الشعار كلمة "الديمقراطية". ولا شك أن "الخومينى" ومَن التفَّ حوله من المستشارين العلمانيين أثناء فترة نفيه القصيرة فى باريس فى عام 1978، كانت شعاراتهم التى تنادى بالديقمراطية مجرد كلام. لكنَّه خلال كتاباته التى ألفها فى السبعينيات من القرن الماضى أثناء فترة نفيه فى العراق، أوضح "الخومينى" أن رجال الدين ينبغى أن يحكموا الدولة الإسلامية. وحتى فى باريس، أكد أن الشريعة يجب أن تسود فى دولةٍ إسلاميةٍ حقيقية. وبعد انتهاء النظام الملكى، صوَّت الإيرانيون بأغلبيةٍ كبيرةٍ من أجل إنشاء دولةٍ إسلاميةٍ ووضع دستورٍ ينص على اختيار رجل دينٍ مثل "الخومينى" كرئيسٍ لها.
تأسيس الدولة الدينية
ويُعتبر مبدأ "ولاية الفقيه" أساسًا للفكرة التى تفيد بأن السلطة المُطلقة فى الدولة الإسلامية يجب أن تكون فى أيدى رجال الدين، الذين يحددون الإطار الأساسى لوضع القوانين وللنظام القضائى، ولكيفية حكم البلاد. وكانت النتيجة، كما ذكر "بارسا"، هى "أن الخومينى وحلفاءه تحركوا لإنشاء دولةٍ دينيةٍ. واعتمدوا على آلياتٍ أيديولوجية وسياسية وقمعية لكسب تأييدٍ شعبى وتفكيك المعارضة المتزايدة." وحتى فى الوقت الذى تبنَّى فيه زعيم إيران الجديد سياساتٍ عادلةٍ لصالح الفقراء والمُضطهدين، إلا أنه سرعان ما بدأ فى التخلُّص من منافسيه على السلطة وإسكات المنشقين.
ويقول "بارسا": إن "الخومينى" ومساعديه قاموا بنشر قوات الشرطة الدينية، وقوات الحرس الثورى، وهى قوات عسكرية مسئولة عن حماية الحفاظ على الطابع الإسلامى لإيران، وأنصار "حزب الله". وقامت هذه القوات بمنع تجمعات المُنشقين، فى حين قام النظام الحاكم الجديد بإغلاق الصحف التى تنتقد النظام الحاكم، وفرض حظرًا على نشاط الجماعات المعارضة، بما فيها الحزب الديقمراطى الكردى، الذى وصفه "الخومينى" بـ"حزب الشيطان". ولقى مئات الأكراد مصرعهم فى مناوشاتٍ مع قوات الحرس الثورى، ومَن نجا منهم تم إعدامه بعد إدانته بجرائم مثل "محاربة الله"، ويعنون بذلك التمرد.
ولقيت الحركات الأخرى، التى ثارت من أجل الأقليات العرقية نفس المصير. وفى النهاية، انقلب رجال الدين، الذين يلتفون حول "الخومينى"، ضد حلفائهم السابقين. وسرعان ما وجدت الجماعات اليسارية- مثل "مجاهدى خلق"، والمعتدلة مثل "الجبهة الوطنية"، و"حركة الحرية" بزعامة "مهدى بازار جامة"، أول رئيس وزراء فى عهد "الخومينى"- سرعان ما وجدت نفسها مُستهدفةً من قِبَل النظام على الرغم من أنها كانت مؤيدةً "للخومينى" فى البداية.
وكان أول رئيسٍ لإيران بعد الثورة هو "أبو الحسن بنى صدر"، الذى حاول أن ينهج سياسةً معتدلةً أثناء الأزمة التى بدأت فى شهر نوفمبر عام 1979، عندما قام الثوار باحتجاز 66 دبلوماسيًا وحارسًا أمريكيًا كرهائن بالسفارة الأمريكية فى طهران، منهم 52 شخصًا كرهائن لما يزيد عن عام.
بيد أن "بنى صدر" تورَّط فى الصراع مع كبار رجال الدين، واتهم البرلمان بالخيانة فى شهر يونيو عام 1981 بعد مرور 16 شهرًا فقط من توليه الرئاسة. وعندما ثار أتباعه أُريقت الدماء، حيث قتل مسئولو النظام الدينى حوالى 2665 معتقلاً سياسيًا خلال ستة أشهر. حتى كبار رجال الدين لم ينجوا من الأذى.
الإصلاح والقمع
ويشير "بارسا" إلى أن القمع ظل يمثل سمةً بارزة من سمات الجمهورية الإسلامية منذ ذلك الحين، إلا أنه لم يتم القضاء على المعارضة بالكامل. فقد ظلت الأفكار الإصلاحية وسيادة القانون والديمقراطية من المبادئ التى لها أنصار ينادون بتطبيقها. ويضيف "بارسا" أنه كانت هناك أصوات معارضة بين أفراد الطبقة الحاكمة، خاصةً بشأن بعض القضايا مثل قتل المعتقلين السياسيين، وحظر نشاط الصحف، والتلاعب فى الانتخابات. ففى عام 1981، أخبر أحد أحفاد الخومينى" هيئة الإذاعة البريطانية" أن الحكومة الإسلامية كانت "أسوأ من حكومة الشاه ومن المغول"، واتهم النظام الحاكم بقتل المواطنين أو اعتقالهم دون أى مبرر.
ومن حين لآخر، تظهر هذه الاتجاهات. ففى عام 1997، تم اختيار "محمد خاتمى" رئيسًا للدولة بأغلبيةٍ كبيرةٍ؛ بناءً على وعوده بتحقيق المزيد من الحريات الاجتماعية والسياسية والصحافية، وباحترام سيادة القانون. وكما يشير "بارسا" إلى أن "خاتمى" لم يكن من الثوار، فلم يكن يريد الإطاحة بالحكومة الإسلامية، أو تحدى أسس ومبادئ النظام الحاكم، لكنه حاول تخفيف الرقابة والقيود المفروضة على الصحافة والنشاط السياسى، وتطوير البرنامج الاقتصادى الذى يعتمد على السوق.
ويقول "بارسا" إن القوى المحافظة زادت من أساليبها القمعية، وثبت عدم قدرته على الاستمرار فى الإصلاح لفترةٍ طويلة. وبدأت ردود الفعل الانتقامية فى عام 1998 ضد المعتدلين البارزين. وفى ذلك العام تم قتل زعيمين من زعماء حركة الإصلاح فى منزليهما وتم العثور على جثتى رجلين من الكُتاب المنشقين فى مكانين متفرقين من طهران. ويعتقد كثيرون أن جنود الأجهزة الأمنية قاموا بقتلهما. وتم اعتقال "عبد الله نورى" أحد كبار رجال الدين ووزير الداخلية فى عهد "خاتمى"، و"غلام حسين كارباتشى" عمدة طهران وأحد مؤيدى "خاتمى" بناءً على تُهم ملفقة.
وفى العام التالى، شهدت إيران أشد فترة معارضة شعبية فى تاريخها الحديث. وفى شهر يوليو، وبعد إغلاق صحيفة "سلام" الشعبية الليبرالية، وفقًا لقرار إحدى المحاكم، اندلعت مظاهراتٍ بجامعة طهران. وكان رد الحكومة عنيفًا، حيث أرسلت قوات أمن إلى الجامعة لضرب الطلاب فى مسكنهم التابع للجامعة. ويشير "بارسا" إلى أنه بعد مرور عقدين منذ قيام الثورة زاد عدد طلاب الجامعة فى طهران إلى عشرة أضعاف تقريبًا، حيث كان عددهم 160 ألفًا فى أوائل الثمانينيات، وزادوا إلى 1.5 مليون فى عام 2000. وعادةً كان المشاركون فى أنشطة سياسية قليلين، لكنهم ما لبثوا أن زادوا كثيرًا فى وقتٍ قصير.
وكانت الاحتجاجات الطلابية بجامعة طهران فى البداية بمثابة الشرارة الأولى, وخلال ستة أيامٍ، انتقلت المظاهرات إلى الجامعات بالمدن الكبرى والصغرى فى كل أرجاء الدولة. وزاد زعماء الحركة الطلابية من مطالبهم، حيث طالبوا بحرية الصحافة، وبإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وبمحاسبة الحكومة، وهتفوا بشعاراتٍ مثل: "الموت للمستبدين"، بل طالبوا بإقالة القائد الأعلى "على خامئنى".
ففى البداية، عبَّر الكثير من كبار رجال الدين ومسئولى الحكومة بمَن فيهم "خامئنى" عن تعاطفهم وتأييدهم المُعلن للطلاب، وأدانوا استخدام العنف ضدهم. لكن مع زيادة الاحتجاجات سرعان ما تغيَّر الموقف الرسمى إزاء هذه الاحتجاجات. ووصف كبار المسئولين الطلاب بأنهم "مشاغبون، وقطاع طرق". وزعم "خامئنى" أنهم حصلوا على دعمٍ من "جماعات سياسية، ولاقوا تشجيعًا من الأعداء الأجانب." وتم تنظيم مظاهراتٍ مضادةٍ مؤيدةٍ للحكومة. ومع تزايد الاحتجاجات، أرسل قادة الحرس الثورى رسالةً إلى "خاتمى" يحذرون فيها من نفاد صبرهم بشأن "الديمقراطية" التى ستؤدى إلى "الفوضى". وتتلخص الرسالة بوضوح فى: أن تسامح المؤسسة المحافظة فى حدودٍ ضيقة. وإذا تطورت الأمور، فلن يترددوا فى استخدام القوة.
واستمرت الإجراءات المشددة حتى نهاية فترة رئاسة "خاتمى" فى عام 2005. وتم إغلاق الصحف التى تنادى بالإصلاح، كما قُبض على عشرات النشطاء الإصلاحيين من بينهم 60 عضوًا من أعضاء "حركة الحرية". واستخدم "مجلس صيانة الدستور"، وهو عبارة عن هيئةٍ رقابيةٍ يسيطر عليها المحافظون، استخدم حقه فى الاعتراض على قوانين تقدمية وافق عليها البرلمان، بما فيها مشاريع القوانين، التى كانت ستمنح المرأة المزيد من الحقوق المدنية، وتمنع قوات الأمن من دخول الحرم الجامعى، لكن بدا أن "خاتمى" لم تكن له سيطرة على قوات الأمن وجهاز الاستخبارات والقضاء أو المحاكم. وتمثلت النتيجة - على حد قول "بارسا" - فى "زيادة نفوذ المحافظين، وزيادة القمع".
وفى الانتخابات البرلمانية التى أُجريت عام 2004، فاز المحافظون بأغلبيةٍ بعد قرار "مجلس صيانة الدستور" بعدم أهلية عشرات الإصلاحيين للمشاركة فى هذه الانتخابات كمرشحين. وفاز "محمود أحمدى نجاد" فى انتخابات الرئاسة فى العام التالى. وكان كما قال "بارسا" "ينتهج سياسةً من شأنها زيادة الاستبداد فى الدولة وفقدان الأمل فى القيام بإصلاحٍ سياسى. ولم يضع الرئيس الجديد الوقت فى القيام بتغيراتٍ أساسية عكست اهتمام الدولة بإحكام السيطرة على البلاد وإضفاء الطابع السياسى والعسكرى على المجتمع."
ومع ذلك، شهدت إيران فى ظل حكم "أحمدى نجاد" أخطر تحدٍ للمحافظين منذ عام 1979. ففى عام 2009، فاز الرئيس "أحمدى نجاد" بفترةٍ رئاسةٍ ثانية، حيث لاقى تأييدًا من الهيئة الحاكمة بمَن فيها المرشد الأعلى والكثير من قادة الحرس الثورى، لكنه واجه تحديًا من قِبَل اثنين من رجال السياسة البارزين وهما: "مير حسين موسوى"، الذى كان رئيس وزراء سابق، و"مهدى كروبى" أحد كبار رجال الدين، والذى كان رئيسًا سابقًا للبرلمان. وكان الاثنان من رجال الهيئة الحاكمة، لكنهما شنَّا حملةً من أجل الإصلاح وإنهاء العزلة الإيرانية. وهذه الرغبة فى التغيير لاقت تأييدًا واسع النطاق. ومع تشجيع الجماهير "لموسوى"، و"كروبى" ازدادت انتقاداتهم للحكومة ودعوتهم للإصلاح.
وقبيل الانتخابات كانت جميع الدلائل تشير إلى أن "موسوى" هو الذى سيفوز، لكن النتائج تم الإعلان عنها فى وقتٍ مبكر بفوز "أحمدى نجاد" بفارقٍ كبير. وحدثت مظاهرات فى اليوم التالى. فقد نزل المواطنون إلى شوارع طهران وهتفوا قائلين: "أين أصواتنا؟". وخلال الأيام التالية، بدأت "الحركة الخضراء" بزعامة "موسوى" تدعو إلى إجراء تغييراتٍ جذرية.
لكن رد فعل النظام الحاكم كان عنيفًا. ويصف "بارسا" الإجراءات المشددة بالتفصيل، حيث انتشر رجال شرطة مكافحة الشغب فى الشوارع، وقاموا بالقبض على المتظاهرين والقادة المؤيدين لحركة الإصلاح. وأغلقت الحكومة المنظمات السياسية المعارضة, وفرضت حظرًا على التظاهر، كما وجَّهَت حركة دعاية ضد المتظاهرين. وقُتِل الكثير من المتظاهرين خلال اشتباكاتٍ مع قوات الأمن فى الشوارع، أو بسبب إطلاق القناصة النيران عليهم من فوق أسطح المنازل. وبمجرد إخماد المظاهرات، بدأت العمليات الانتقامية. فعلى سبيل المثال، تم تقديم العديد من كبار المسئولين السابقين وأعضاء البرلمان للمحاكمة، مما يشير إلى الانقسام الكبير بين أفراد النخبة الحاكمة.
ويقول "بارسا": "إن الحركة الخضراء هزَّت كيان الجمهورية الإسلامية بشكلٍ لم يسبق له مثيل منذ الثورة الإسلامية. فقد نمت الحركة بسرعةٍ كبيرةٍ لدرجة أنها ضاهت المرحلة الأخيرة من الثورة الإسلامية." لكن فشلت بشكلٍ جزئى؛ لأن "موسوى" و"كروبى"، على حد قول "بارسا"، كانا من الإصلاحيين التدريجيين لا من مؤيدى التغيير الجذرى، الذى سعت الجماهير من أجله. وفى الكثير من الأحيان، حاول "موسوى" كبح جماح المتظاهرين. وهذه الفجوة بين زعيمى الإصلاح والمتظاهرين أدت إلى إضعاف الحملة. علاوةً على أن "موسوى" و"كروبى" لم يكن لديهما خطة للتعامل مع الإجراءات المشددة التى فرضها النظام الحاكم. كما أن المتظاهرين أنفسهم لم يكن لديهم التنظيم الكافى لتعزيز الحركة فى مواجهة ضغط الحكومة.
وفشل زعيما الإصلاح أيضًا فى حشد فئات المجتمع الأخرى وراء قاعدة المعارضة من الطلاب والنساء والمهنيين، الذين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة. ونتيجة لذلك؛ على خلاف ما حدث فى ثورة 1979، لم يقم العاملون بالمصانع بحركات إضرابٍ، ولم يعطل التجار حركة البيع، ولم يوقف العمال إنتاج وتصدير البترول. ويُرجع "بارسا" هذا إلى فشل المسئولين، وإلى ضعف وغياب نقابات العمال والمهنيين، وإلى أساليب القمع.
وعلى خلفية الإصلاح الضعيف والاحتجاج والقمع، يجيب "بارسا" عن السؤال الذى يبدأ به كتابه وهو: أى الطريقين ينبغى أن تسلكه إيران من أجل التحوُّل الديمقراطى: الإصلاح أم الثورة؟"، ويقارن "بارسا" بين دولتين من حيث التحول الديقمراطى وهما: كوريا الجنوبية وإندونيسيا. ففى كوريا الجنوبية، أقام الجيش عام 1960 نظامًا استبداديًا بعد ثورةٍ قام بها الطلاب، ووضع دستورًا منح الجيش ميزةً كنخبة حاكمة، لكنه لم يرفض الديمقراطية من حيث المبدأ، ولم يحاول القضاء على المعارضة التى تتزعمها الطبقة المتوسطة. وفى الوقت المناسب، احتشدت القوى المعتدلة ومارست الضغوط من أجل الإصلاح الديمقراطى.
علاوةً على أن نظام كوريا الجنوبية المُستبد سمح للقطاع الخاص النشط بالمهينة على الاقتصاد؛ وبذلك فتح الطريق للتطور الصناعى والرفاهية.
وفى إندونيسيا، بالمقارنة، رفض النظام المُستبد، الذى أقامه الجنرال "سوهارتو" عام 1967، فكرة الديمقراطية، وأغلق الباب دون السياسة المبنية على المنافسة. وسيطرت الدولة على معظم الاقتصاد، وخاصةً على صناعة البترول، الذى يتم تصديره للخارج، ومنحت الجيش دورًا كبيرًا فى الشئون السياسية والاقتصادية. وفى عام 1997، تأثرت إندونيسيا بالأزمة المالية، وحدثت مظاهرات فى أوائل العام التالى. وخلال خمسة أشهر، تم إجبار "سوهارتو" على الاستقالة.
ويرى "بارسا" أن إيران يمكن أن يحدث فيها تحول ديمقراطى من خلال القيام بثورةٍ كما حدث فى إندونيسيا. فالسلطة فى الجمهورية الإسلامية تتركز فى أيدى النخبة من رجال الدين، حتى المعارضة المعتدلة، التى تؤيد الإصلاح، تم حرمانها من النفوذ إلى حدٍ كبير، فأيديولوجية الحكومة الإيرانية ترفض الديمقراطية من حيث المبدأ. وتتدخل الدولة بشكلٍ كبير فى المجال الاجتماعى والثقافى، وتضطر السكان إلى المقاومة السلبية أو المعارضة بشكلٍ مباشر؛ وبذلك تفاقمت التوترات بين الحكومة والمجتمع.
وتحتكر الحكومة الإيرانية الاقتصاد، وينتج عن ذلك قطاع خاص يتسم بالضعف وعدم وجود منافسة، وسيطرة الجيش على الاقتصاد والسياسة، والفوارق الكبيرة فى الدخل والثروة، وزيادة معدلات الفساد والمحاباة. وحدث صدع كبير فى العلاقات بين الشعب الإيرانى وحكامه. ويقول "بارسا": "إن النخبة الحاكمة من رجال الدين لا تهتم بالتحول الديمقراطى"؛ لأن "التحول الديمقراطى سيؤثر سلبًا على ما تحصل عليه من مميزات اقتصادية وما تتمتع به من نفوذ سياسى." وهذا يزيد من "الصراعات التى لا يمكن تسويتها، حيث إنها متأصلة فى الدولة الحديثة – بسبب قوة انتشارها." ويختم "بارسا" بقوله: "ليس هناك طريق للتحول الديمقراطى فى إيران عن طريق الإصلاح. وإذا استمرت هذه الظروف والصراعات، لن يبقى أمام الإيرانيين سوى خيارٍ واحدٍ لإضفاء الطابع الديمقراطى على نظامهم الديمقراطى" وهو: الثورة.
وعلى الرغم من أن "بارسا" يرى أن الطريق الوحيد للديمقراطية فى إيران هو القيام بثورة, إلا أن العقود الثلاثة الأخيرة أوضحت مرارًا أن الشعب الإيرانى بشكلٍ عام يفضل التغيير بالطرق السلمية على العنف. فقد منح صوته بأعدادٍ كبيرة للرئيس الإصلاحى "خاتمى"، واختار ،خلال العمليتين الانخابيتين الأخيرتين، الرئيس الإصلاحى المُعتدل "حسن روحانى". وعندما أشار "بارسا" إلى أن أغلبيةً كبيرةً من العمال والتجار ورجال الدين نأوا بأنفسهم عن المظاهرات الحاشدة التى حدثت فى عام 2009، فإن هذا يشير إلى أن هذه الفئات لا ترغب فى القيام بثورة مثل الثورة التى شهدوها فى السنوات الأولى من نشأة الجمهورية الإسلامية، وإلى أن جراح الماضى لم تلتئم بعد.
ويبدو أن النظام الحاكم قد تعلَّم مما حدث فى عام 2009. فقد سمح باختيار "روحانى" فى عام 2013، وتجنَّب التدخُّل فى الانتخابات. وقد عزز هذا الحذر- الذى توخاه النظام الحاكم فى إيران، والاضطرابات التى شهدها الإيرانيون بدول "الربيع العربى"، من تفضيل الشعب للتغيير من خلال الإصلاح التدريجى وتحقيقه من خلال الانتخابات لا من خلال الثورة.

شارك