الانتخابات الليبية.. بين عرقلة الإسلاميون وانقسام المتنازعون

السبت 20/يناير/2018 - 02:39 م
طباعة الانتخابات الليبية..
 
في ظل المهاترات التي تحدث الأن في ليبيا بسبب الاختلاف علي إجراء انتخابات رئاسية في العام الجاري، تتمسك الأمم المتحدة بتوحيد السلطة التنفيذية قبل إجراء الانتخابات، حيث قال المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، لن تدخر أي جهد من أجل مساعدة ليبيا على تشكيل حكومة فاعلة لإدارة شؤون البلاد، مشيرًا إلى أنَّ مفاوضات لجنة الصياغة الموحدة لتعديل الاتفاق السياسي بلورت توافقًا حول السلطة التنفيذية في ليبيا.
الانتخابات الليبية..
وأضاف غسان، أنه رغم عدم التوصل إلى اتفاق، إلا أن هذا الإجماع يرشد عمل الأمم المتحدة في مساعيها الرامية إلى إحياء العملية السياسية للوصول إلى تسوية للأزمة الراهنة في البلاد.
وكانت الأمم المتحدة أطلقت نهاية العام الماضي مفاوضات بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، تهدف إلى تعديل الاتفاق السياسي، وتوقفت المفاوضات بعد أن فشل الفرقاء في التوصل إلى حل توافقي بشأن آلية اختيار أعضاء السلطة التنفيذية المجلس الرئاسي والحكومة.
ووفق تقارير إعلامية، يري مراقبون أن إجراء الانتخابات في العام 2018 أمر يستحيل تحقيقه، حيث تركز الخطة الأممية على توحيد السلطة التنفيذية وإنهاء صياغة الدستور وإجراء استفتاء عليه ومن ثم إجراء الانتخابات، معتبرين أن سنة غير كفيلة بإنهاء كامل بنود الخطة.
ويرى هؤلاء أن الزخم الذي صاحب الحديث عن إجراء انتخابات خلال الفترة الماضية، كان يهدف إلى تهدئة الأطراف التي كانت تنتظر انتهاء صلاحية اتفاق الصخيرات في 17 ديسمبر الماضي وإقناعها بقرب رحيل المجلس الرئاسي تجنبا لاستخدام العنف.
وهدّد القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، باقتحام العاصمة طرابلس في صورة ما لم يتم التوصل لاتفاق قبل 17 ديسمبر.
من جانبه يتمسك، مجلس النواب بالتفرد في اختيار أعضاء الحكومة والمجلس الرئاسي وهو ما يرفضه مجلس الدولة الذي يطالب بإشراكه في العملية.
ومن جانب أخر، توقع مراقبون بقاء الوضع على ما هو عليه إلى حين إجراء انتخابات تنهي حالة الانقسام العاصف بالبلاد منذ 2014.
ويري مسؤولون غربيون أن تمسك الأمم المتحدة بتوحيد السلطة أمر مفروغ منه، لضمان نجاح الانتخابات وعدم الالتفاف على نتائجها.
وقد أشار غسان إلى أن المؤسسات في ليبيا ملزمة بإصدار التشريعات اللازمة للانتخابات، بطريقة متسقة مع الاتفاق السياسي، كما حث هذه المؤسسات على ضرورة تجاوز التشكيك المتبادل وأحادية العمل ووضع مصلحة الشعب الليبي فوق كل الاعتبارات.
وأكد أن نحو 600 ألف ليبي سجلوا حديثًا للانتخابات، ليتجاوز السجل الانتخابي بذلك مليوني ناخب وناخبة، مضيفًا أن آلاف المواطنين بمن في ذلك النساء والشباب يسجلون لأنهم يريدون إسماع أصواتهم.
ووفق وكالة روسيا اليوم، قال عيسى العريبي، عضو مجلس النواب الليبي، إن "العملية الانتخابية تحتاج إلى  تنظيم ووضع أمنى موحد في البلاد، ورضى الأطراف على العملية الانتخابية في حال حدوثها"، ونخشى أن يرفض الطرف الخاسر العملية الانتخابية ولا يعترف بها مثل ما حدث في عام 2014 عندما رفض المؤتمر الوطني نتائج الانتخابات". 
وقال زياد دغيم، عضو مجلس النواب الليبي، "أعتقد أن هذا التقييم كان تقييمنا منذ البداية، عندما أراد غسان سلامة الانتقال إلى عملية الانتخابات، وتوقعنا أنه نوع من الضغط، ولكن عندما بدأت خطوات جدية، نصحنا السيد المبعوث الأممي، وهو وصل إلى الحقيقة بنفسه"، مشيرا أن الانتخابات تحتاج إلى تنفيذ مجموعة من الاستحقاقات."
من جانبه قال خالد نجم، رئيس الهيئة العامة للإعلام والثقافة في الحكومة الليبية المؤقتة بطبرق: "من المحتمل عدم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هذا العام".
الانتخابات الليبية..
وأضاف نجم، وفق وكالة "سبوتنيك" الروسية، أن بعض الأطراف المحسوبة على التيارات الإسلامية تسعى لإطالة أمد الأزمة حتى لا يتم الوصول إلى مرحلة الانتخابات هذا العام، مشيرا إلى أنها تطالب بضرورة كتابة الدستور قبل الانتخابات وهو ما قد يستغرق وقتا طويلا يحول دون إجرائها. 
ولفت رئيس الهيئة العامة للإعلام في طبرق، إلى أن الشارع الليبي لديه رغبة كبيرة في الاستقرار وتوحيد السلطة السياسية والأمنية من خلال الانتخابات المقررة للخروج من حالة الانقسام التي تؤثر على كافة مناحي الحياة في ليبيا. 
 وتشهد ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011، حالة من الفوضي التي جرت البلاد إلي انتشار الجماعات الإرهابية في كافة أنحاء البلاد، أدت إلي إحداث توترات داخلية غير مسبوقة ولم تشهدها ليبيا من قبل، حيث توغل التنظيم الإرهابي "داعش" في معظم المناطق الليبية ليتخذها وكرًا لاسلحته وعتاده، ما أدي إلي فرار معظم السكان من المناطق المسيطر عليها التنظيم.
فضلا عن ذلك، فإن البلاد انقسمت إلي حكومات وبرلمانات مختلفة، كل منهم يريد إحكام سلطته دون النظر لمصلحة البلاد، فقد انبثقت ثلاث حكومات إحداهما في طبرق وكان يواليها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، والأخرتان في طرابلس واحدة تحت مسمي الانقاذ الوطني بقيادة خليفة الغويل، ويواليها جماعة الإخوان المسلمين، والأخيرة حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج، والتي انبثقت عن اتفاق الصخيرات في نهاية 2015 وتواليها الأمم المتحدة والعديد من الدول العربية والأوروبية.
ودارت الصراعات والخلافات بين المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج علي قيادة  المؤسسة العسكرية، كذلك كانت الخلافات في اتفاق الصخيرات حول إعادة النظر في الكثير من المسائل ومنها تركيبة المجلس الأعلى للدولة الذي أعلن عن تشكيله من قبل طيف سياسي بعينه في طرابلس (تشكل في فبراير عام 2016 وعقد أولى جلساته في أبريل 2016 بطرابلس برئاسة عبد الرحمن السويحلي)، ونص الاتفاق حينها على أن يتكون من كل أعضاء المؤتمر الوطني السابق صحيحي العضوية، بالإضافة لإعاة تشكيل المجلس الرئاسي لـ حكومة الوفاق الليبية من خلال تقليص عدد أعضائه.
ويري مراقبون أن ما تشهده ليبيا حول الحديث عن إجراء الانتخابات سنة 2018 ، هو مجرد إيهام للأطراف المعارضة لحكومة الوفاق باقتراب حل الأزمة الليبية، كذلك يروا أن الوضع الراهن من انقسام المتنازعين وعرقلة الاسلاميين سيؤدي حتما إلي تأجيل الانتخابات إلي أجل غير مسمي.

شارك