ترامب يحدد 4 ضوابط للمرشد الإيراني لتفادي الانسحاب من الاتفاق النووي

السبت 20/يناير/2018 - 09:17 م
طباعة ترامب يحدد 4 ضوابط
 
على الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أرجأ قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران في الوقت الحالي إلا أنه من الصعب الجزم بأن الرئيس الأمريكي قد عدل عن قراره، خاصة أن ترامب نفسه لا يزال مصمماً على الانسحاب من ذلك الاتفاق، كما أنه ليس شرطاً أن ينفذ ترامب ذلك بالطريقة التي هدد باتباعها لهذه الغاية، أو بالشكل الذي يخشاه البعض على أي حال.
وتوعد ترامب منذ أن كان مرشحاً رئاسياً بالانسحاب من الاتفاق النووي، إذ يرى أنه لم يحقق الهدف منه وأن طهران ستتمكن من الحصول على السلاح النووي إن سابقاً أو لاحقاً، كما يرى ان المليارات التي تم الإفراج عنها بعد الرفع الجزئي للعقوبات من على إيران لم تستغله إيران في أعمال التنمية، لكنها استخدمته في دعم الجماعات الإرهابية، وذلك على حسب تعبيره. 
والإدارة الأمريكية ترى أن الاتفاق النووي نجح في عرقلة حصول إيران على السلاح النووي، ومن المؤكد انها لم تترك الحرية لترامب في الانسحاب من الاتفاق الذي تم توقيعه مع 5 دول كبرى إلى جانب إيران.

ترامب يحدد 4 ضوابط
اللافت أن من بين أبرز مسببات إصرار ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي، هو أن حكومة جناح اليمين في إسرائيل وأنصارها في الولايات المتحدة تؤيد بقوة بل وتدفع إلى قرار الانسحاب من الاتفاق النووي.
ويعرقل جهد ترامب نجاح الاتفاق النووي مع طهران، وهو مستمر، حسب تأكيدات المفتشين الدوليين، في تحقيق منع أي طرق ممكنة لحصول إيران على سلاح نووي، ثم إن بيان ترامب حول هذا الموضوع ينسف كل الشكوك المتعلقة بإيران والاتفاق النووي معها.
وتتمحور أجزاء من بيان ترامب في هذا الصدد حول فكرة قديمة مألوفة، تقول بضرورة التوصل إلى اتفاق أفضل، وهي تسعى إلى جسر الهوّة بين واقع اتفاقية ناجحة والرغبة في التخلص من الاتفاقية نفسها، والتي كانت حصيلة مفاوضات طويلة ومضنية اختبرت حدود المساومة والجدوى.
وقد ترك الدبلوماسيون الذين شاركوا في هذه العملية كل شيء على طاولة المفاوضات، ولا يظهر أي طرف من الأطراف الستة في هذه الاتفاقية رغبة في إعادة التفاوض، والأكثر من ذلك، أنها تنص على فشل المفاوضات إذا أعرب أي طرف عن شكوى منها غير متعلقة بها، وبالتالي لن يكون هناك ما يقيد برنامج إيران النووي.

ترامب يحدد 4 ضوابط
ويبدو أن رؤية ترامب تقول بالتوصل إلى عملية من نوع ما تعتمد الولايات المتحدة فيها على الأوروبيين من أجل فرض شروط جديدة من جانب واحد على إيران، أو كما طرحها بيان ترامب السعي إلى ضمان اتفاقية تكميلية جديدة عن طريق مشاركة الحلفاء الأوروبيين الرئيسيين، وليس من الواضح ما إذا كان ذلك يعني مفاوضات حقيقية مع إيران عبر مجموعة (خمسة زائد واحد) أو أي شيء آخر.
وبالتأكيد لا يوجد ذكر لكيفية إعطاء شيء للحصول على مقابل، وربما ليست لدى ترامب فكرة واضحة حول ما يعنيه ذلك على صعيد عملي، وقد يكون غير مكترث لأن التفسير الأكثر قبولاً هو أن هذه الصيغة هي مجرد خدعة على الطريق نحو تدمير الاتفاق النووي مع إيران.
وبموازاة ما قد تشكله هذه القضية الأميركية-الأوروبية يتحدث البيان أيضاً عن تشريع من جانب الكونجرس يهدف الى التقدم في اتجاه مماثل، وهنا يصعب تخيل ما لدى ترامب من أفكار حول تأثيرات هذا الجانب، لأن الكونجرس لا يستطيع من جانب واحد تغيير الشروط التي وضعت ونفذت عبر الاتفاقية الدولية.

ترامب يحدد 4 ضوابط
وينص المكون الأول على أن أي مشروع قانون يجب أن يطالب إيران بالسماح بتفتيش فوري لكل المواقع المطلوبة من قبل المفتشين الدوليين، وهكذا كيف يختلف ذلك عن الوضع الراهن بصورة محددة ودقيقة؟ ثم إن وكالة الطاقة الذرية الدولية لم تقدم أي إشارة على منع مفتشيها من الدخول إلى أي موقع في إيران أرادوا تفتيشه.
وينص المكون الثاني على ضمان عدم قدرة إيران من الاقتراب من امتلاك سلاح نووي، والسؤال هنا هو كيف يمكن تحديد صيغة الاقتراب هذه؟ الاتفاق أبعد إيران بالتأكيد عن القدرة على صنع أسلحة نووية.
ويشير المكون الثالث الى فقرات الغروب التي تنطبق على بعض التزامات إيران بموجب الاتفاق، والتي لم يتمكن البيان من ذكر كيفية ديمومة أهم لبنود الاتفاق المتعلقة بمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية، ويهدد ترامب بوضوح بأنه سينسحب من هذا الاتفاق إذا لم تتم تلبية مطالبه، وماذا سيحدث إذا لم تتحقق مطالبه؟ وهل يتم ذلك اذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق كما يحلم ترامب؟
وينص المكون الرابع على أن التشريع يجب أن يذكر بوضوح في القانون الأميركي– لأول مرة– إمكانية إجراء تفتيش على الصواريخ الطويلة المدى وبرامج الأسلحة النووية مع تعريض إيران لعقوبات شديدة في حال تطويرها واختبارها للصواريخ، ويفترض هذا قدرة الكونجرس الأميركي على إبطال الحقيقة المادية لبرامج الأسلحة، ويمكن القول أيضاً إن هذا يفترض قدرة الكونجغرس على إلغاء قوانين الفيزياء. بمعنى أن بعض الصواريخ الباليستية ليست قادرة على حمل رؤوس نووية، وليس بالإمكان الفصل بين برامج الصواريخ الطويلة المدى والأسلحة النووية، كما أن الكثير من برامج الصواريخ– بما فيها الإيرانية– تخدم أغراضاً استراتيجية وعملية ردع لاعلاقة لها بالأسلحة النووية.

ترامب يحدد 4 ضوابط
وما من أحد يعلم إذا كان ترامب سينفذ تهديده بالتوقف عن العقوبات النووية والانسحاب من الاتفاق مع إيران إذا لم تتم تلبية مطالبه.
لقد انتهكت إدارة ترامب في الأساس روح الاتفاق النووي ونصه مع إيران من خلال حث الدول الأخرى الأعضاء في مجموعة العشرين على إنهاء العلاقات التجارية مع طهران، وهذا خرق للالتزام بموجب الفقرة 29 من الاتفاق النووي التي تنص على تجنب الأطراف الموقعة لأي سياسة تهدف بشكل محدد الى التأثير بصورة مباشرة ومعاكسة على تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران، وتخالف التزام تلك الأطراف بعدم تقويض التطبيق الناجح للاتفاق النووي. 
وكلما زاد عدد العقوبات الإضافية على إيران– بذريعة أسباب غير نووية– أبطل ذلك تأثيرات التخلص من العقوبات النووية.
ترامب يحدد 4 ضوابط
وحتى نشر الشك حول مستقبل الاتفاق النووي ينطوي على تأثيرات اقتصادية– من خلال زرع القلق في القطاع الخاص إزاء القيام بأعمال تجارية جديدة مع إيران– وهو ما يجعل الاتفاق النووي أقل جاذبية بالنسبة إلى طهران، ثم إن التأثير الإجمالي لإجراءات إدارة ترامب العدائية– بما في ذلك الإجراءات الرسمية– يشابه ما قامت به تلك الإدارة إزاء إنجازات أخرى رئيسة حققها سلفه باراك أوباما مثل قانون الرعاية، وقد مضت تلك العملية إلى حد دفع ترامب في الشهر الماضي إلى القول نحن ألغينا بشكل أساسي قانون أوباما كير للرعاية، ولكن ترامب لا يستطيع قول ذلك عن الاتفاق النووي مع إيران، ولكنه يمضي في ذلك الاتجاه على أي حال.

شارك