تحقيق ميداني: مليارات أموال الإغاثة الإنسانية تؤول ليد الإرهاب في الصومال

الثلاثاء 13/فبراير/2018 - 10:16 م
طباعة تحقيق ميداني: مليارات
 
كشف تحقيق ميداني أجرته قناة CNN الإخبارية الأمريكية، ونشرته أمس الاثنين 12 فبراير 2018، على موقعها الإليكتروني ويحمل عنوان "تمويل حركة الشباب: كيف ينتهي مصير أموال المساعدات في أيدي الجماعة الإرهابية"، كشفت في التحقيق أن حركة شباب المجاهدين – ذراع تنظيم القاعدة في الصومال - تجني ملايين الدولارات سنويا، وذلك بالاستيلاء على أموال المساعدات الخارجية التي ترسلها الدول الغربية والمخصصة لمحاربة الجماعة الإرهابية، التقرير الذي تترجمه بوابة الحركات الإسلامية.

وأفاد التقرير أن الأموال التي قدمتها الأمم المتحدة مباشرة إلى النازحين من المواطنين بسبب الصراعات الداخلية والمجاعة تنتهى في أغلب الأحوال في أيدى مقاتلي الجماعة، وذلك بحسب شهادات لأعضاء سابقين في حركة الشباب، وإفادات عملاء الاستخبارات الصومالية، والتي تشير إلى أن الجماعة الإرهابية تحصل آلاف الدولارات يوميا عن طريق حواجز الطرق والكمائن، فضلًا عن فرضها الضرائب على التجار الذين يحاولون نقل المواد الغذائية والإمدادات لبيعها إلى المشردين داخليا في المدن التي يتركزون فيها.

الأمر الذي دفع الأمم المتحدة بإصدار بطاقات نقدية للأشخاص الذين فروا من قراهم ومنازلهم، ويعيشون في معسكرات للنازحين الموجودة على أطراف مدينة بيدوا، في وسط الصومال، لصرف إعانات شهرية تتراوح ما بين 80 و90 دولار شهريا، وذلك ليتمكنوا من شراء السلع الأساسية من التجار المحليين، خاصة وأن نظام الدفع المباشر سيجنب الأسواق المحلية عملية إغراقها بالمأكولات المجانية، كما إنها ستخفف العبء الواقع على الأمم المتحدة، الخاص بإدارة قوافل الأغذية والتي تتعرض بشكل مستمر للهجمات والسرقة.
وتقوم الحركة الإرهابية بفرض إتاوات على أصحاب الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية قبل دخولها إلى الأسواق في المدن والتجمعات التي تقع فيها معسكرات النازحين، خاصة وأن حركة الشباب تسيطر على الطريق الرئيسي إلى البلدة، لنقل بضائعهم.
وتقدر حصيلة الأموال التي تحصلها الحركة الشاحنات والمركبات الأخرى من حاجزين على طريق مدينة بيدوا، بعشرة آلاف دولار يوميًا، وذلك وفق تقرير للأمم المتحدة، الأمر الذي أكده شهادات أعضاء سابقون في المجموعة الإرهابية وعملاء الاستخبارات الصومالية.

أموال الضرائب:
يؤكد أحد جامعي الضرائب السابقين بحركة الشباب بمدينة بيدوا – لشبكة CNN – وتم القبض عليه مؤخرا من قبل جهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي، أن الرسوم التي تفرضها حركة الشباب على حواجز الطرق يعد واحدا من أكبر مصادر الأموال لها.
ويعد أكبر مصدرين هما الطريق المؤدي إلى بلدة بيدوا، والطريق الرئيسي الذى يربط العاصمة مقديشو بمنطقة شبيلي السفلى الغنية بالزراعة.
سياسة فرض الضرائب والإتاوات هي سياسة أكثر مكرًا ودهاءً عن تلك المتبعة في أوائل التسعينات من القرن الماضي، ففي التسعينات عمد أمراء الحرب المحليين بتجويع مئات الآلاف من الصوماليين من أجل الاستفادة من أموال المساعدات الدولية، ولكن في ذلك الوقت كانت الأموال تذهب لأيدي العصابات، وليس بأيدي الجماعات الإرهابية، وقد أثارت مشاهد الموت الجماعي في شوارع بيدوا عام 1992 الولايات المتحدة، مما دفعها لقيادة تدخل عسكري متعدد الجنسيات تحت مظلة الأمم المتحدة في العام نفسه.
وكانت الشاحنات في بيدوا آنذاك، تجمع كل صباح حوالي 100 جثة يوميا من شوارع المدينة، وكلها عبارة عن هياكل عظمية للجثث وذلك من شدة المجاعة، وعرقت تلك الشاحنات وقتها بـ"حافلات الموت".
ويقول مقاتل سابق في حركة الشباب، جمع الضرائب للحركة لمدة ثماني سنوات، ويعمل الآن مع وكالة المخابرات والأمن الوطنية الصومالية، أن الحركة اليوم تقوم بالقبض على التجار وقتلهم في حال رفضهم دفع الإتاوات أو الضرائب التي تقررها، علاوة على اضطرار التجار لدفع ضريبة سنوية لحركة الشباب، حتى في البلدات والمدن التي لا تخضع لسيطرة الجماعة، ولا يقتصر دفع الزكاة والتي تؤخذ في شكل رسوم الطرق والضرائب على رجال الأعمال فقط، إذ يتعين على الصوماليين العاديين دفع ضريبة سنوية للتنظيم القاعدي.

ورغم أن القوات الصومالية هي الأمل أمام مواطنيها لمواجهة تفشي نفوذ الحركة، إلا أنه بالنظر إلى تلك القوات فهي عبارة عن خليط من أفراد مقاتلين لميليشيات سابقة، هذا إلى جانب أن القوة القتالية الأساسية في البلاد هي قوة تابعة للاتحاد الإفريقي، وتضم 22 ألف شخص، ومسؤوليتها الأساسية حماية الحكومة الائتلافية الجديدة في مقديشو، كما تعمل على السيطرة على الجنوب من حركة الشباب، وتعترف القيادة العسكرية للاتحاد الأفريقي بأنها لا تستطيع أن تدفع حركة الشباب من الطرق الرئيسية التي توفر لها الكثير من الدخل، هذا إلى جانب أن تلك القوى من المتوقع أن تنسحب ببطء وتكون خارج البلاد في غضون عامين، مما سيحدث حتما فراغًا أمنيًا كبيرًا خلفها بعد انسحابها.
الوضع الأمني الهش في الصومال، يساعد تمدد نفوذ حركة الشباب – المسيطرة على ثلث البلاد تقريبًا – إلى جانب الفساد المستشري في النظام الصومالي، يساعد على استمرار ضخ ملايين الدولارات للحركة الإرهابية، كما إنها تنبئ بأن تصبح الصومال أرضًا جاذبة لجهاديي داعش.

شارك