رسالة مؤتمر ميونيخ للأمن

الأربعاء 21/فبراير/2018 - 06:26 م
طباعة رسالة مؤتمر ميونيخ
 
احتضنت مدينة ميونيخ لمدة ثلاثة أيام مؤتمرا عن الأمن الدولي للحديث عن الأزمات والصراعات والسياسة العسكرية والأمنية في العالم ويشكل مؤتمر الأمن منصة فريدة من نوعها على مستوى العالم لبحث السياسة الأمنية. إذ يعتبر المكان الوحيد، الذي يجتمع فيه كم هائل بهذا الشكل من ممثلي الحكومات وخبراء الأمن معاً. وقد تم إطلاق مؤتمر الأمن بميونيخ  في عام 1963، والذي كان يطلق عليه آنذاك بـ"اجتماع العلوم العسكرية الدولي". وكان الآباء المؤسسون هما الناشر الألماني إيفالد فون كلايست، وهو أحد مؤيدي المقاومة ضد أدولف هتلر في "الرايخ الثالث" - والفيزيائي إدوارد تيلر. وأصبح الفيزيائي المجري، الذي ينحدر من أصول يهودية واحداً من رواد صناعة القنبلة الهيدروجينية في الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن المؤتمر قام بتغير اسمه لاحقاً إلى "مؤتمر العلوم العسكرية الدولي" واعتبر لسنوات مؤتمراً "للدبابات والصواريخ المضادة". وبوصفه "مؤتمر ميونيخ للأمن"، انفتح جدول أعماله أكثر على قضايا الأمن العالمي.

"إلى حافة الهاوية - والعودة؟"

وقد حمل تقرير "مؤتمر ميونيخ للأمن" هذا العام، والذي نشر في وقت مبكرللتمهيد للنقاش، عنوان "إلى حافة الهاوية - والعودة؟". وشكل ظهور وتيرة متصاعدة من انعدام الأمن الموضوع المركزي للتقرير، وذلك بعدما اتضح عدم استعداد الولايات المتحدة الأمريكية للعب الدور القيادي والضامن للنظام الدولي. والذي يطرح بدوره السؤال حول قدرة أوروبا في تكثيف العمل من أجل ضمان أمنها الخاص - في بيئة لا تزال تتسم بالتوترات مع روسيا وتنامي القومية. ومن ضمن المواضيع أيضاً، هناك القلق بشأن التسليح النووي الجديد، خاصة بعد أن كشف البنتاغون عن خططه لتحديث جديد للأسلحة النووية الأمريكية في أوائل فبراير. إلى جانب ذلك، فإن مواضيع الأمن الإلكتروني، والعلاقة بين تغير المناخ والصراعات، هي من المواضيع الأخرى المدرجة ضمن جدول أعمال المؤتمر– وبالأخص الوضع في منطقة الشرق الأوسط، والتي تعصف بها الحروب والأزمات بعد نهاية تنظيم داعش الذي فقد تقريباً كل الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق. ولكنه يبقى تنظيماً خطراً؛ وذلك بإجماع المشاركين في مؤتمر ميونيخ للأمن. فبالرغم من هزيمة التنظيم الي انه مستمر في ذراعه الدعائي. وما يزال للتنظيم مكانة في قلوب ما تبقى من أنصاره الذين يرونه نموذجاً مثالياً؛ إذ أنه وفقط من غرب أوروبا، سافر حوالي 5000 شخص إلى "أرض الخلافة" المزعومة.

كلمة كمدير لـ"وكالة الاستخبارات القومية" الأمريكية CIA

كلمة كمدير لـوكالة
في مؤتمر ميونيخ يسود إجماع: الحرب ضد الجهاديين لم تُحسم بعد. والكثيرون يتحدثون عن النفس الطويل الذي تتطلبه المعركة. وأكثر ما يتطلبه الموقف حالياً هو تبادل المعلومات الاستخباراتية.
الجهادية كظاهرة لم تغب وما تزال مستمرة. والجماعات الإرهابية المنافسة يمكنها أن تستفيد من نهاية داعش، مثل القاعدة، وأن تشعر بالتشجيع لشن اعتداءات جديدة، كما يقول دان كوتس، خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن. كوتس، وقد نشرت وكالة الاستخبارات الأمريكية تقريراً حول الأخطار العالمية، وفيه تمت الإشارة إلى أن جماعات "متطرفة سنية"، وخصوصا داعش والقاعدة، كأكبر خطر إرهابي.
وقد أكد وزير الداخلية الألماني الحالي توماس دي ميزيير في حوار مع  دويتشه فيله على أهمية التعاون الاستخباراتي الدولي من أجل تتبع الجهاديين الألمان الذين قاتلوا في صفوف "داعش" في العراق أو سوريا. وأشار أيضا خلال مشاركته في ندوة نقاشية بعنوان "الجهادية بعد الخلافة"- على الصعوبات القانونية والتقنية التي تعترض الرغبة في التعاون الاستخباراتي ضمن الاتحاد الأوروبي. ولكن هناك عمل متواصل وبنجاح من أجل تغيير ذلك، يوضح جوليان كينغ، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الأمن. فقد ارتفع كمية المعلومات الاستخباراتية المتبادلة بين أجهزة مكافحة الإرهاب بنسبة 40% منذ عام 2015.
وفي محور آخر في المؤتمر بعنوان "جعل منطقة الساحل الأفريقي آمنة"، تم الحديث عن ذلك. قادة عدة دول إفريقية شاركوا فيها إلى جانب رئيس البنك الدولي والأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. والجميع أكد على الترابط بين التنمية والتغير المناخي والأمن. انعدام الفرص والقيادة الحكومية السيئة والنقص في توفير التعليم، كل ذلك يشكل تربة خصبة لنمو الإرهاب. حيث أوضح رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، التشادي موسى فكي محمد أهمية موضوع التعليم من خلال مثال ضربه حول امرأة تنحدر من منطقة بحيرة تشاد: حيث قامت بتنفيذ عملية انتحارية. هناك من أقنعها بأنها ستذهب إلى الجنة وهناك تختار زوجاً لها
قمر جاويد باجوا، قائد الجيش الباكستاني، اشتكى من مغبة انتقال مقاتلين من "داعش" إلى البلد الجار أفغانستان. وارتفع عدد الميليشيات الإرهابية النشطة هناك إلى أكثر من 20. وعبر باجوا عن سخطه من الاتهامات المتواصلة بأن باكستان تقصّر في مكافحة الإرهاب، وخاصة من طرف الولايات المتحدة. وأشار قائد الجيش الباكستاني إلى العدد الكبير من الضحايا الذي سقطوا من قوى الأمن والجيش الباكستاني خلال الحرب على الإرهاب. كما عرّج على التاريخ، حيث قال إن الإرهاب الإسلاموي هو صناعة غربية بالأساس. وحسب باجوا فقد استقطب الغرب قبل 40 عاماً شباناً مسلمين من أجل محاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان. وأشار باجوا إلى الأخطاء التي ارتكبت في أفغانستان، ومنه انسحاب القوات الغربية وتركه لمصيره في 2003، من أجل الانخراط في حرب العراق.

رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن يستنتج خلاصة قاتمة من النقاشات

رئيس مؤتمر ميونيخ
وقد أعلن رئيس مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن في ختام المؤتمر لهذا العام خلاصة قاتمة من النقاشات التي دارت على مدار ثلاثة أيام خلال المؤتمر. وقال فولفغانغ إيشنغر في ختام المؤتمر "إنه تم الاستماع إلى ما يجري في العالم بشكل خاطئ وللمخاطر القائمة ولما يرغب المرء في تجنبه". و أشار إلى أنه لم يتم الاستماع بشكل كاف لخطوات ملموسة يمكنها الإسهام في حدوث تحسن للآفاق المستقبلية القاتمة.
وفي ختام هذا المؤتمر رسمت كل من إسرائيل وإيران نهجا مفتوحا للمواجهة، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حث على مواجهة إيران بحزم. وكدليل على السياسة العنيفة لطهران لم يعرض نتانياهو فقط جزءا من طائرة بلا طيار تم إسقاطها تأتي من إيران. أما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي لم يكن حاضرا في القاعة فقد وصف كلمة نتانياهو بأنها "سيرك"، وحذر من مواجهة مسلحة في الشرق الأوسط. وحمل إسرائيل المسؤولية باعتبارها تخرق يوميا المجال الجوي السوري، وقال ظريف:" في المنطقة لا يحق أن يوجد منذ اليوم حاكم وحيد، وزمن الهيمنة قد ولى ـ إقليميا وعالميا".
من جانبه حث وزير الخارجية الروسي لافروف الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والولايات المتحدة على التعامل المحترم مع بلاده، وقال إن هناك "دعاية" مفادها أن تأثير روسيا المتزايد ليس إلا سلبيا، فيما أن روسيا تريد أن تكون شريكا موثوقا به.
وجدير بالذكر أنه قد تفاعل خلال المؤتمر نحو 500 سياسي وخبير من جميع أنحاء العالم النزاعات الكبرى والأزمات حول العالم خلال مؤتمر ميونخ.

شارك