البرلمان الألمانى يحقق فى ملف "حادث برلين".. وإعادة تقييم السياسات الأمنية

الخميس 01/مارس/2018 - 09:29 م
طباعة البرلمان الألمانى
 
البرلمان الالمانى
البرلمان الالمانى
بالرغم من مرور أكثر من عام على حادث الدهس فى أحد أسواق الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين، إلا أن ردود الفعل لم تتوقف بعد، ولا تزال مؤسسات المجتمع الألمانى تدرس تبعات الموقف من كافة النواحى، منعا لتكراره من جديد.  
وفى هذا السياق يهتم البرلمان الألماني بملف التونسي أنيس عامري منفذ اعتداء سوق الميلاد ببرلين عبر تشكيل لجنة تحقيق خاصة، إذ ترى الكتل المختلفة أن الأجهزة المعنية في الولايات وعلى مستوى الاتحاد ارتكبت أخطاء بشأن مراقبة نشاطاته قبل الهجوم.
ويري مراقبون أن البرلمان الألماني يهدف  بقراره الخاص بتشكيل لجنة تحقيق تحمل اسم منفذ الاعتداء إلى تسليط الضوء على الغموض الذي يكتنف ملف التونسي أنيس عامري، فقد نجح الأخير عدة مرات من الإفلات من رادار الأجهزة الأمنية وتمكن من انتحال أسماء عديدة وقدم طلبات لجوء في أكثر من ولاية دون أن يلفت انتباه الأجهزة الأمنية والتي كانت تراقبه بشكل متواصل أحيانا وبشكل متقطع أحيانا أخرى.
ويري محللون إنه بعد الهجوم تم كشف النقاب عن أن أخطاء عديدة ارتكبت في هذا الشأن من قبل الأجهزة الأمنية على مستوى الاتحاد وعلى مستوى الولايات، كما ظهر أنه لم يكن هناك أي تنسيق أو تعاون بين الأجهزة الأمنية المختلفة ما ساهم في إبقاء عامري طليقا ليخطط لهجومه على سوق عيد الميلاد في عام 2016 ما أسفر عن مقتل 12 شخصا وجرح العشرات في أكبر اعتداء إرهابي في ألمانيا بعد اعتداءات باريس وبروكسل في نفس العام.

العامري
العامري
ومن المنتظر أن تسعى لجنة التحقيق، والمكونة من أعضاء الكتل البرلمانية المختلفة، إلى إعطاء صورة شاملة لظروف وقوع الاعتداء وعن منفذه ومحيطه الاجتماعي وعلاقاته الشخصية. كما تسعى اللجنة إلى معرفة ما إذا كان هناك متورطون آخرون في الاعتداء.
من أبرز مهمات اللجنة البرلمانية أيضا توضيح صورة عمل ونشاط الأجهزة الأمنية التي كانت تتابع منفذ الهجوم لفترة غير قصيرة وعما إذا كانت تلك الأجهزة قد مارست عملها بشكل قانوني سليم أم لا. كما ينبغي معرفة ماذا كانت الأجهزة الأمنية تعلم عن منفذ الهجوم عامري، وما كان ينبغي لها أن تعرفه عنه قبل تنفيذ الهجوم، إلى جانب معرفة حجم الأخطاء التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية المختلفة وتحديد المسؤولين عن ذلك.
ياتى ذلك فى الوقت الذى كانت تشير فيه تقارير إلى اعتراف وزير الداخلية الألماني السابق توماس دي ميزير، بوجود خطأ لدى الدوائر الألمانية المختصة في طريقة تعاملها وتقديرها لخطورة منفذ هجوم الدهس في برلين أنيس العمري، وإن ذلك يتضح من آلاف الملفات وعشرات التقارير الصادرة من مخبرين سريين وكذلك من بروتوكولات مراقبة الهاتف والإنترنت.
حيث قام العمري بتنزيل تعليمات مفصّلة عن مزج متفجرات وصنع قنابل وقنابل يدوية في يوم 14 ديسمبر عام 2015 من خلال هاتفه الذكي الذي كان تحت المراقبة على مدار الساعة تقريبا، وبدأ العمري الاتصال على هذا الهاتف باثنين من كوادر تنظيم "داعش" في ليبيا، اعتبارا من الثاني من شهر فبراير عام 2016، وقدم نفسه بصفته انتحاريا مستعدا لشن هجوم في ألمانيا. 
وتم الكشف عن وثائق تشير إلى أن الادعاء العام سمح منذ شهر نوفمبر عام 2015 كحد أقصى بمراقبة العمري بشكل مقصود من جانب المكتب الاتحادي لمكافحة الجرائم ونظيره المحلي بولاية شمال الراين-ويستفاليا من خلال مخبر سري من الشرطة، يدعى "مراد" وظهر في الملف تحت اسم "في بي 01"، وأن ذلك كان جزءا من التحقيقات السرية ضد الخلية الإرهابية المشتبه بها للداعية عبد الله عبد الله، الملقب بـ "أبو ولاء" والتابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
نوربرت لامرت رئيس
نوربرت لامرت رئيس البرلمان الألماني
كما تم الكشف عن رسائل على البريد الإلكتروني للسلطات وملفات تثبت مشاركة قوية لأجهزة استخبارات ألمانية في مراقبة العمري، حيث كتبت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور "الاستخبارات الداخلية بألمانيا" تحليلا مكونا من صفحتين عن العمري في شهر يناير عام 2016 كان قد تم توقيعه من رئيس الهيئة هانز-جورج ماسن ذاته، واستعانت الهيئة بموظفة إدارية خاصة للعمري، العميلة إف. ببرلين.
كما أنه من شأن الأبحاث التي أجرتها أن تثبت أيضا أنه كان للعمري علاقات شخصية وعائلية وثيقة مع مقاتلين وكوادر قيادية بتنظيم "داعش" في ليبيا حتى قبل وصوله إيطاليا في أبريل عام 2011.
إلا أن الوثائق التى جري الكشف عنها لم يتضح منها   السبب وراء عدم اعتقال العمري قبل قيامه بهجوم الدهس على الرغم من توافر كل هذه المعلومات، ولكن هناك أصابع الاتهام تشير إلى تورط استخبارات دولية أيضا، قد تكون رأت في العمري "طعما" من شأنه أن يقودها إلى داعميه، مخططي تنفيذ الهجوم الموجودين في ليبيا،  أنه بعد أسابيع قليلة من هجوم الدهس ومقتل العمري، هاجمت طائرات شبح من طراز "بي 2" تابعة للولايات المتحدة الأمريكية مخيما صحراويا لداعش في ليبيا كان يشتبه أنه كان يأوي داعمي هجوم الدهس ببرلين. ولهذا السبب يخمن هانز-كريستيان شتروبله، العضو السابق بلجنة مراقبة الاستخبارات بالبرلمان الألماني  وجود يد للاستخبارات الأمريكية أو الجيش الأمريكي وراء عدم إلقاء القبض على العمري "الذي لا يمكن تفسيره بخلاف ذلك".
يذكر أن العمري دهس بشاحنة مسروقة جمعا من الأفراد في سوق عيد الميلاد أمام كنيسة الذكرى في 19 ديسمبر عام 2016، وأودى الهجوم بحياة 12 شخصا وإصابة نحو مئة آخرين. وفرّ العمري عقب الحادث وقُتل برصاص الشرطة الإيطالية خلال رحلة فراره.

شارك