مع تفكيك تنظيم إرهابي.. البحرين في مواجهة التدخلات الإيرانية

السبت 03/مارس/2018 - 04:51 م
طباعة مع تفكيك تنظيم إرهابي..
 
في إطار الدور التخريبي، الذي يلعبه نظام خامنئي ضد البحرين، أحبطت الداخلية البحرينية، عمليات إرهابية وتخريبية، والقبض على 116 عنصرًا ينتمون إلى تنظيم إرهابي واحد، درّبه الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وعصائب أهل الحق العراقي لاستهداف البحرين.

تنظيم إرهابي:

وأعلنت وزارة الداخلية البحرينية، السبت، إحباط عدد من الأعمال الإرهابية والقبض على 116 من العناصر الإرهابية التي تعمل في تنظيم يقف وراءه الحرس الثوري الإيراني، على ما أوردت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية "بنا".
وقالت الداخلية البحرينية في بيانها إن الهجمات المحبطة كانت معدة "لاستهداف قيادات ومنسوبي الأجهزة الأمنية والدوريات وحافلات نقل رجال الأمن، بالإضافة إلى منشآت نفطية وحيوية، بغرض الإخلال بالأمن والنظام العام وضرب الاقتصاد الوطني وتعريض أمن وسلامة البلاد للخطر".
وأشارت إلى أن إحباط الهجمات "يأتي ضمن جهود مكافحة الإرهاب وحفظ أمن الوطن والتصدي للتدخلات الإيرانية".
وقالت إن العناصر الإرهابية التي جرى القبض عليها لعبت أدوارا تراوحت بين "التخطيط والإعداد وتنفيذ الأعمال الإرهابية، ما بين ناقل للعبوات المتفجرة ومنفذ ميداني، فضلا عن تولي عدد منهم مسؤولية تصنيع ونقل وتخزين المواد المتفجرة".
وتابعت:" دلت التحقيقات أن هذه العناصر، تنتمي إلى تنظيم إرهابي، عمل الحرس الثوري الإيراني على تشكيله من خلال توحيد عدة تنظيمات إرهابية وجمعها في إطار واحد، وذلك إثر نجاح الأجهزة الأمنية البحرينية في توجيه ضربات لهذه التنظيمات الإرهابية، كان من نتيجتها إضعافها وإرباك حركتها في البحرين".
وتابعت الداخلية البحرينية :"يقف وراء دعم وتمويل وتدريب عناصر هذا التنظيم الإرهابي، الحرس الثوري في إيران وأذرعه الإرهابية الخارجية ومنها كتائب عصائب أهل الحق الإرهابية في العراق، وحزب الله الإرهابي في لبنان، وذلك من خلال تكثيف عمليات تجنيد العناصر الإرهابية بالداخل والترتيب والتنسيق لتدريبها في المعسكرات الإرهابية وتزويدهم بالأموال والأسلحة".
وكشفت التحقيقات أن هذه المجموعات الإرهابية تعمل في إطار خلايا عنقودية منفصلة، ضمن التنظيم الإرهابي، تدار بإشراف مباشر من حيث التمويل والتخطيط والتنفيذ من جانب قيادات إرهابية هاربة وموجودة في إيران والعراق ولبنان.
ومن أبرز هذه القيادات الإرهابية :عقيل الساري ، مرتضى السندي ، قاسم المؤمن، حيث تتولى تكثيف عمليات تجنيد العناصر الإرهابية بالداخل والترتيب والتنسيق لتدريبها في المعسكرات الإرهابية على تصنيع واستخدام العبوات المتفجرة والبنادق الآلية ومدافع الهاون وقذائف آر بي جي وإعداد المستودعات والمخابئ السرية، وتزويد العناصر الإرهابية بالأموال والأسلحة النارية والعبوات الناسفة لتنفيذ الأعمال الإرهابية.
وأشارت التحريات البحرينية إلى "أن 48 من بين المقبوض عليهم، والبالغ عددهم 116 من العناصر الإرهابية، تلقوا تدريبات في معسكرات تابعة للحرس الثوري في إيران وأذرعه الخارجية في العراق ولبنان".
أما المجموعات الإرهابية التابعة للتنظيم بداخل البلاد، فتقوم بما يلي: "إنشاء المستودعات وتخزين الأسلحة والمتفجرات، ورصد ومعاينة المواقع المراد استهدافها، ونقل وتوزيع الأموال والعبوات الناسفة، وصناعة العبوات المتفجرة، وتنفيذ الأعمال الإرهابية".
في سياق متصل، أسفرت أعمال البحث والتحري عن ضبط عدد من المواقع، التي تستخدم في تصنيع وتخزين العبوات المتفجرة لاستخدامها في تنفيذ الأعمال الإرهابية، وقام مسرح الجريمة بتصنيف المواد التي تم ضبطها، ومن أهمها: حوالي 42 كيلوغرام من مادتي C4 وTNTشديدة الانفجار، وأكثر من 757 كيلوغرام من مادة نترات اليوريا، وأسلحة كلاشينكوف ومسدسات وطلقات نارية وصواعق، وعدد من القنابل المغناطيسية واليدوية.
كما ضبط الأمن البحريني عددا من العبوات المضادة للأفراد والمركبات المصفحة وخارقة للدروع، عدد من المركبات التي تم استخدامها في عمليات نقل المواد المتفجرة، وأربع قذائف متشظية، يتم إطلاقها بواسطة قاذف الـ RPG وتستخدم لتدمير العربات خفيفة التصفح وتلحق إصابات مميتة بالأفراد.
واتضح بعد فحصها من قبل المختبر الجنائي، تطابق ثلاث منها في المواصفات مع عبوة PG7 والتي يتم إنتاجها في المصانع الحربية الإيرانية.
وأشارت السلطات إلى أنه جرى اتخاذ الإجراءات القانونية المقررة، وجرى إحالة المقبوض عليهم إلى النيابة العامة.

تاريخ اسود من الاستهداف:

ويشكل الإعلان عن  تفكيك تنظيم إرهابي يعمل بدعم وتجيه من الحرس الثوري الإيراني، عن تاريخ نظام خامنئي الأسود في استهداف البحرين، والذي بدـا منذ وصول الخميني إلى  حكم إيران،
وبعد عام 1979 قام النظام الإيراني بتكوين ودعم شبكات إرهابية في المنطقة، ففي العام 1981 تم إحباط محاولة انقلاب مسلح في البحرين خططت له ما أطلق عليها الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين.
وفي العام 1996 أعلنت البحرين الكشف عن تنظيم سري باسم حزب الله تآمر لقلب نظام الحكم، وقد تلقى المتورطون في هذا العمل الإجرامي تدريبات في طهران.
وعقب تظاهرات 2011 ، عملت إيران بشكل كبير، مع محاولات الأولى المستمرة باستغلال البعد الطائفي في الأخيرة على كل الأصعدة، لتنفيذ أغراضها التوسعية في البلاد، التي استهدفت أمن واستقرار البحرين عسكريا.
وأسست إيران حينها جماعات إرهابية ترتبط مباشرة بالحرس الثوري وحزب الله الإرهابي، اللذين حرصا على توفير الدعم المالي والإسناد بالأسلحة والمتفجرات للعناصر الإرهابية، ما نتجت عنه أعمال تخريبية في 2011، وُجهت ضد رجال الأمن ليبلغ عدد الشهداء 19 شرطيا.
وحتى مارس 2016 أنهت نيابة الجرائم الإرهابية بمملكة البحرين التحقيق في 37 قضية إرهابية تتعلق بالعام 2014 و 2015، شملت تنفيذ تفجيرات والتخطيط لأعمال إرهابية واستدراج رجال الأمن وقتلهم، والجدير بالذكر أن جميع هذه الحوادث كانت خلايا وتنظيمات إرهابية قد تلقت تدريبات عسكرية في إيران.
 

تقرير أمريكي:

وفي مايو الماضي، قال تقرير نشره موقع Long War Journal الأمريكي للتحليلات العسكرية، الجمعة، إن إيران لا تزال تعزز دعم الإرهاب في البحرين، مشيرا إلى أن “السلطات البحرينية سعت منذ وقت طويل للحصول على تأكيد من واشنطن بأن البلاد تواجه تهديداً إرهابياً برعاية طهران”.
وأشار التقرير إلى أنه في مارس 2017، قامت الولايات المتحدة بالتحقق من صحة التقارير البحرينية وفرضت عقوبات على شخصين بحرينيين باعتبارهما إرهابيين عالميين، اتضح أن أحد هؤلاء الإرهابيين بمدينة قم وسط إيران حيث تتواجد الحوزات والمرجعيات الشيعية.
ولفت التقرير إلى أن “هناك أدلة أمريكية متزايدة تشير إلى أن شبكة إرهابية إقليمية في إيران تستهدف مملكة البحرين التي تستضيف أهم قاعدة بحرية أمريكية في الشرق الأوسط”.
ويعد مرتضى السندي وهو رجل دين شيعي بحريني يقيم في مدينة قم، من أبرز المتهمين بالإرهاب والذي تحتضنه طهران بهدف إثارة الفتنة الطائفية في البحرين، وسبق للشخص ذاته أن  أكد بضع مرات أنه يتلقى الأموال وغيرها من أشكال الدعم من الحكومة الإيرانية.
ويضيف التقرير الأمريكي أنه “من خلال التحقق من صحة حجة المنامة ثبت أن هذا الشخص “مرتضى السندي”، مرتبط بكتائب الأشتر”، مؤكدا رعاية إيران لهذه المجموعة المسلحة.
ويعد السندي المتحدث الرسمي وعضو اللجنة المركزية في تيار الوفاء الإسلامي وهو من الأحزاب الشيعية المتطرفة في البحرين، ودعا في الـ 18 من يناير الماضي إلى ما سماه “الكفاح المسلح” بعد إعلان السلطات إعدام ثلاثة شبان شيعة أدينوا بقضية إرهابية.
وفي عام 2016، اتهمت حكومة البحرين السندي بوجود صلة له بخلايا إرهابية تدعى “البسطة”، ووفقا للسلطات البحرينية، فإن المجموعة التي يديرها السندي “البسطة” كانت على صلات بكتائب الأشتر وفيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. زعمت حكومة البحرين أن قيادة البسطة تشكل الجناح المسلح له، مع قدرات إرهابية تحت قيادة السندي.
وبين التقرير الأمريكي إن “الإجراء الأمريكي الأخير ضد مرتضى السندي يؤكد أن بعض المعارضة السياسية الأكثر تطرفا في البحرين متواطئة أيضا في أعمال عنف ضد الدولة”.
وفي السابق، اتهمت السلطات البحرينية السندي بالقيام بدور بارز في مؤامرات إرهابية في عام 2015. أحدها كان تفجير يوليو 2015 الذي أسفر عن مقتل شرطيين وإصابة ستة آخرين. ووصفته وزارة الداخلية البحرينية بأنه أحد المتآمرين، ووصفته بأنه زعيم ديني لبضع جماعات إرهابية بحرينية، وأكد أنه يتلقى مدفوعات شهرية من الحرس الثوري الإيراني.
وقبل أسابيع، وصفت المنامة مرتضى السندي بأنه أحد منسقي الحرس الثوري الإيراني لتخطيطه لتهريب المتفجرات من العراق إلى البحرين، ومن هناك إلى السعودية.
 

كيفية المواجه:

وؤراي مراقبون أن خطورة المشروع الإيراني، والذي يقنن ويؤطر للتدخلات في الشأن الوطني تنبع من عدة أمور، أبرزها أنه قديم من الناحية التاريخية وبعمر انطلاق الثورة الإيرانية ذاتها التي انطلقت في أواخر سبعينيات القرن الماضي، كما أنه يستند إلى أسس دستورية وقانونية تضفي عليه شيء من القدسية والالتزام الواجب على مؤسسات الدولة كافة هناك القيام به، خاصة أن هذا المشروع يرتكز على مبدأ "تصدير الثورة" وعلى حماية ما تسميه طهران "المستضعفين في الأرض".
وذكر المراقبون، أن آليات وركائز تنفيذ المشروع الإيراني تستند إلى عدة عوامل منها: العوامل الجيواستراتيجية، بالنظر إلى أن إيران دولة بحرية تحاول الاستفادة من موقعها ومساحتها الجغرافية التي تتحكم بدورها في أحد أهم الممرات البحرية الحيوية في العالم، وليس في الإقليم فحسب.
من جانبه خبير في العلاقات الدولية على اعتقال الداخلية البحرينية لتنظيم إرهابي تابع للحرس الثوري الإيراني، بأن "المواجهة مع إيران تتسعر، ويجب تقديم شكوى ضدها في مجلس الأمن".
وقال الخبير في العلاقات الدولية، محمد حامد، ": "المواجهة مع إيران وتستعر، وتستهدف الأمن القومي العربي، وتهدد عروبة البحرين".
وشدّد حامد بضرورة توجّه حكومة البحرين لتقديم شكوى لدى مجلس الأمن ضد التدخلات الإيرانية، قائلًا: لا بد من تقديم شكوى مفصلة لمجلس الأمن حول التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين، وعرض كامل للتدخلات الإيرانية كافة في شأن البحرين، منذ ٢٠١١ حتى وتكون جلسة خاصة حول إيران وحسن الجوار.
وأضاف "حامد": "يجب استغلال وجود الكويت في مجلس الأمن عضوية غير دائمة لمدة عامين، وهي دولة عربية خليجية، وتتذمر من تدخل إيران في الشأن الكويتي والخليجي بشكل عام، خاصة أن المنطقة ستشهد تصعيد المواجهة مع الإيرانيين خلال الفترة القادمة".
وشدد على أهمية استغلال التنظيم الإرهابي، في بداية التحرك دوليًّا، قائلا: ويجب البداية من تفكيك عصابة عنقودية إيرانية زرعت في مملكة البحرين".
في السياق، أكد رئيس جمعية "الحقوقيون البحرينية" المستشار عبد الجبار الطيب أن "الدستور الإيراني هيأ كافة الظروف المناسبة لتحقيق قيادة الفقيه للأمة الإيرانية، دون قيد أو شرط أو ضابط قانوني، وقد حددت المادة الخامسة من الدستور الإيراني ذلك بتشريع إمامة "الولي الفقيه".
وأضاف: "تتناول ديباجة الدستور الإيراني تفصيلاً عن ما يطلق عليه الجيش العقائدي، وهو ووفق النص يختص بالعمل على بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم. وهو ما يدلل على أن له صلاحيات تتجاوز حدود الإقليم الإيراني بما يخالف الأعراف الدولية والاتفاقيات والصكوك العالمية، وبما يعبث بمبادئ مهمة كحسن الجوار وتساوي الدول في السيادة".
من جهته، قال الدكتور خالد الرويحي المدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة إن الأسباب الخفية وراء تصاعد مستوى خطاب مؤسسات الحكم الإيرانية ضد مملكة البحرين وبعض دول مجلس التعاون تبدأ من الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة دول (5+1 ). وحسب التفاصيل المعلنة، فإن هذا الاتفاق لا يصب بمصلحة النظام الإيراني، بل يعتبر مخرجا للأزمة التي أغرقت إيران نفسها فيه.
وأضاف من تلك الأسباب أيضا: فشل النظام الإيراني في تحقيق حلم الهيمنة الإقليمية عبر مشروع تصدير الثورة، والقيادة المتقنة والأداء العالي لقوات مجلس التعاون في عملية "عاصفة الحزم" ووصول النظام الإيراني إلى منعطف تاريخي خطير وهو الاختيار الاستراتيجي.
وأشار إلى أن ايران تحولت من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة وذلك من خلال إنشاء المليشيات والجماعات والأحزاب المسلحة والمؤدلجة عقائديا والتي تعتبر المرشد الأعلى مرجعيتها الوحيدة، وكذلك استخدام 75 قناة فضائية إيرانية منها، 35 قناة ناطقة باللغة العربية، وتخصيص قنوات موجهة ضد الدول الخليجية، بالإضافة إلى إنتاج العشرات من الأفلام سنويا وإصدار المئات من الكتب والعشرات من الصحف.
وخلص الرويحي إلى ضرورة فهم أوضاع الداخل الإيراني والمشاكل الاقتصادية ذات الصبغة الاجتماعية التي يعاني منها الإيرانيون، والتي يحاول النظام الهروب منها عبر تصدير أزماته للخارج، وتبرير تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، ومنها البحرين عبر التصريحات العدائية المنتظمة ضدها، والتي تعد تدخلا سافرا في شؤونها.

شارك