مع ارتفاع وتيرة الهجوم علي الحوزات الدينية.. سقوط "آيات الله" في ايران

الإثنين 05/مارس/2018 - 02:07 م
طباعة مع ارتفاع وتيرة الهجوم
 
كشفت تقارير اعلامية ايرانية معارضة، عن رعب يجتاح المراجع الشيعية ائمة الجمعة  في ايران،  مع ارتفاع مستوي غضب الشعب الإيراني ضد  سياسة نظام  المرشد الأعلي علي خامنئي، وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت تزايدًا في حوادث استهداف رجال الدين من جانب الشبان الإيرانيين، حيث بدأ الإيرانيون يترصدون لهم ويهاجمونهم انتقامًا منهم ومن فساد نظامهم.
60  حوزة ومكتب لرجال الدين:
وتعرض  نحو 60 مكتب تابع لأئمة الجمعة من ممثلي خامنئي  ”الولي الفقيه” بما في ذلك 20 حوزة دينية  للهجوم من قبل الشعب الغاضب على ثراء رجال الدين فيما يعيش الشعب في فقر مدقق، وهي ظاهرة تكبر وتتسع في إيران في إشارة على تراجع  مكانة واهمية رجل الدين في ايران.
وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت تزايدًا في حوادث استهداف رجال الدين من جانب الشبان الإيرانيين، حيث بدأ الإيرانيون يترصدون لهم ويهاجمونهم انتقامًا منهم ومن فساد نظامهم.
وازدادت خلال الأشهر الأخيرة ظاهرة الهجوم على رجال الدين من قبل مواطنين مستائين من دورهم في الفساد والهيمنة على السلطة والثروة والوظائف والفرص في إيران على حساب الفئات المهمشة في البلاد.
وارتفعت وتيرة واستهداف رجال الدين ما بين الهجوم على مكاتب والحوزات الدينية، أو استداف الشخصي لـ"آيات الله" عبر الطعن بالسكاكين.
وفي سبتمبر الماضي، هاجمت جموع من الغاضبين منزل رجل الدين حسن أبو ترابي (ممثل المرشد الأعلى الإيراني وخطيب الجمعة بمدينة بروجرد، وسط إيران) لتورطه في قضايا فساد مالية ونهب أموال المواطنين من خلال مؤسسات مالية حكومية.
وفي مثل هذا الوضع يسعى بعض الملالي المتربعين على المنابر الى الابتعاد عن الحكومة، في حين يتجه البعض الآخر إلى حوزات دينية أخرى منتشرة في باقي الدول.
 ميزانية بملايين الدولارات:
واستطاع رجال الدين في إيران  تأمين ملايين الدولارات للمؤسسات الخاضعة لسيطرتهم في مشروع الموازنة الإيرانية العامة التي قدمها الرئيس حسن روحاني، إلى البرلمان، والتي تقدَّر بنحو 105 مليارات دولار.
وتخصص إيران أموالًا قدرها 110 ملايين دولار للمجلس الأعلى للندوات الدينية، والذي يشرف على جميع المدارس الدينية في البلاد، ويصدر تصاريح لإنشاء مدارس جديدة، من بين أمور أخرى، وتُظهر ميزانيتها زيادة قدرها أكثر من 16% مقارنة بالعام السابق.
كما تخصص 105 ملايين دولار لدعم المدارس الدينية “الحوزات”، ومن هذا المبلغ، سيخصص مبلغ 88 مليون دولار لتدريب رجال الدين الذكور و 16 مليون دولار من أجل “الأنشطة الثقافية والترويجية” التي يقوم بها طلاب المدارس الدينية، بالإضافة إلى 5 ملايين دولار لدعم “أنشطة البحث” الدينية من قبل طلاب المدارس الثانوية.
وتخصص إيران 150 مليون دولار لمركز الخدمات للندوات الدينية، وهي مؤسسة للرعاية الاجتماعية تقدم الدعم لرجال الدين المتقاعدين والمعوّقين وأسر رجال الدين المتوفين، وتدفع المؤسسة أيضًا منحًا دراسية للندوات الدينية وتموّل الأنشطة الثقافية والرياضية للطلاب.
 كما تخصص 29 مليون دولار لمجلس تخطيط وإدارة الندوات الدينية في مقاطعة خراسان، و64 مليون دولار لمجلس رسم السياسات للندوات النسائية الدينية. و75 مليون دولار لجامعة المصطفى العالمية، وهي جامعة دينية توفر التعليم للطلاب الأجانب داخل إيران وخارجها. وتستخدم هذه المؤسسة أيضًا لتوسيع النفوذ في الخارج.
ومن الجدير بالذكر أن الميزانية المخصصة لـ “جامعة المصطفى” أعلى بكثير من الأموال المقدمة لبعض الجامعات العادية الكبرى مل: “جامعة أمير كبير” في طهران بمبلغ 63 مليون دولار، وجامعة “تبريز” بـ 64 مليون دولار.
وتخصص الميزانية مبلغًا وقدره 23 مليون دولار لممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري، وسينفق الصندوق على نشر الدعاة، والإشراف على التوافق بين قواعد الحرس الثوري والأنظمة مع الإسلام، والاحتفالات الروحية، وتوجيه وتعزيز الرؤية السياسية. و17 مليون دولار للحفاظ على ضريح آية الله روح الله الخميني، مؤسس النظام الإيراني، وحماية تراثه وأفكاره من خلال نشر الكتب، وتنظيم الاحتفالات والمؤتمرات.
الشعب الفقير:
فيما تخطت ميزانية  "آيات الله" والمؤسسات الدينية ، ملايين الدولارات، يعيش نحو نصف الشعب الإيراني  تحت خط الفقر ، فيما تشهد البلاد  مظاهرات متسارعة ومتلاحقة من قبل العمال والموظفين  مع تأخر الرواتب وتدني الخدمات الإجتماعية.
وتُعانِي  جمهورية خامنئي من اقتصادٍ خانق أفضى بالتبعية ضًغُوطًا متزايدةً على كاهل المواطنين، فبلغت نسبة البطالة في البلاد كما يُشيِر تقرير مركز الإحصاء الإيراني، حسب العام المالي 2016-2017، تُقدّر بــ 12.4 %، لتُحقِّق نسبة ارتفاع عن العام المالي الذي يسبقه 1.4 % كاملةً، والعاطلون بلغت أعدادهم ما يربو على 3 ملايين نسمة. عموما، وتضخُم مالي، وأسعار تأخُذ وتيرة الارتفاع الدائم بأوامر النظام لسد النزيف الدائم في الموازنة، حيث ارتفعت أسعار البيض بنسبةٍ تصل من 30-40 %، مع زياداتٍ في الخبز تصل إلى 15 %  ومن المتوقع أن تصل إلى 32 %.
وقد ذكرت مجلة فوربس نقلًا عن موقع حبرستان الإيراني، الذي أظهر أن أسعار السلع المختلفة ارتفعت بشكلٍ ملحوظ، في حين أن الزيادات السنوية في الرواتب تساوي قيمة بضعة كيلوجرامات من الفواكه.
وكانت مؤسسة "بورغن" غير الحكومية والتي تعنى بمكافحة الفقر حول العالم، كشفت في إحصائية في سبتمبر الماضي، أن تزايد نسبة الفقر في إيران وصل إلى مستويات قياسية في ظل استشراء الفساد الحكومي وهيمنة الطغمة الحاكمة على ثروات البلاد.
من جانبه أعلن رئيس لجنة "الخميني" الإغاثية الحكومية في إيران، برويز فتاح، أن 40 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، أي نصف مجموع السكان البالغ عددهم 80 مليوناً، بينما تتزايد الانتقادات الداخلية حول إنفاق نظام طهران المليارات على تدخلاتها العسكرية في الدول العربية ودعم الإرهاب والميليشيات وتطوير البرنامجين النووي والصاروخي المثيرين للجدل.
ونقلت وكالة "فارس" عن فتاح قوله إن الفقراء الذين تشملهم إعانات لجنة الإغاثة، ومنظمة الرفاه، والجمعيات الخيرية، لا يتجاوز 10 ملايين نسمة، بينما رسمياً هناك 20 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، وفي تعريف الدولة ووفقاً لمحاسبتها فهناك 40 مليون شخص يحتاجون إعانات بمبلغ شهري قدره 45 ألف تومان".
وأضاف: "عندما يتم تعريف خط الفقر، فإن الجميع يقارن نفسه بهذا الخط، لذلك فالكثير من الناس يعيشون تحت هذا الخط ويعتبرون فقراء، وهذا له انعكاساته الاجتماعية والمحلية والدولية، ويخلق المطالبات"، على حد تعبيره.
 وكان يحيى آل إسحاق، رئيس غرفة التجارية المشتركة الإيرانية – العراقية قال في تصريحات صحيفة، إن 45 مليون مواطن من مجموع 80 مليونا من سكان البلاد يعيشون ضيق العيش، ولا يمتلكون قوت يومهم ويعانون من أصعب الظروف نظرا لارتفاع معدلات التضخم والغلاء وتزايد النفقات والبطالة.
وأكد آل إسحاق بالأرقام أن أكثر من 60 بالمئة من المواطنين الإيرانيين لا يستطيعون إيجاد توازن بين دخلهم ونفقاتهم"، موضحا أن البلاد تعاني من بطالة تتراوح نسبتها بين 2 و8 ملايين شخص، وأن سكان كبريات المدن يصرفون ثلثي رواتبهم لدفع إيجار السكن".
اعتراف بغضب الشعب:
وفي الآونة الأخيرة، اعترف آية الله أحمد خاتمي، المتحدث باسم مجلس خبراء النظام  عن اعتزال مجموعة من رجال الدين والوعاظ  وعن تغييرتوجهاتهم بعيدا عن خامنئي ونظامه، قائلا إنهم يمتنعون عن تذكر شهداء النظام.
في مثل هذه الأوضاع التي يسود فيها جو من الإنفعال والإنهيار و مقاطعة رجال الدين لـ”ولاية” خامنئي، صرح  ايه الله محمد يزدي، رئيس مجمع مدرسي الحوزة العلمية في قم، قائلاً: ' طالباً من الحوزة خلال عام كامل ، يشارك في محاضرات أحد المراجع، لم يتفوه خلالها بكلمة واحدة ”لصالح” الحكومة و ولاية الفقيه ، والحكومة الاسلامية '.
وتحدث آية الله جنتي رئيس مجلس خبراء النظام، بتأوه وتوجع عن الخلافات المتزايدة بين الحوزة و خامنئي قائلا:  'الولي الفقيه نعمة من الله تحل بواسطته جميع الخلافات والمشاكل في البلاد، ولكن من المؤسف  أن البعض ناكرين للجميل، ويثيرون الشكوك حول مسألة ولاية الفقيه المطلقة في الفقه '.
 كما أعلن آية محمد تقي رهبر، عضو في مجمع رجال الدين المناضلين، عن هجرة الطلاب من حوزة قم إلى النجف محاولاً التقليل من اهمية الأمر قائلا: ' أن نسبة الهجرة إلى النجف ليست عالية، وإذا كانت موجودة فإنها ضئيلة جدا' .
وكتب آية الله حسيني اشكوري على موقع شيعة نيوز الحكومي  عن تعزيز الأفكار العلمانية بين الحوزات الدينية.
كما حذر خامنئي مذعوراً من هذا الوضع في وقتٍ سابق في الأول من ديسمبر2012 قائلا: ' أنه لمن العار على رجل دين يحمل عباءته على كتفيه ويقول إني غير مهتم وغير مبال بأمور البلد وبمواضيع النظام !
 يجب على كل ملا أن يرحب بهذا النظام بكل ما أوتي من قوة. لا يمكن للحوزة الدينية  أن تكون علمانية.
مستقبل "آيات الله " محفوف بالخطر:
من المستبعد أن يكون الإيرانيون على علم بهدر الميزانية، وقد مرت بلادهم بعقوبات دولية قاسية. هدر لا يمكن تبريره أبداً، مليارات تخصصها الميزانية للحوزات الدينية، بينما أكثر من 30% من مدارس إيران تحتاج لإعادة البناء والتأهيل، وبين هذه المليارات فُصِلَ أكثر من 681 ألف عامل إيراني من عملهم لأنهم كانوا يعملون في عقود مؤقتة.
 ويري مراقبون إن زيادة الهجوم على "ايات الله" في إيران تؤكد حالة الاستياء الضخمة من وجودهم داخل جمهورية خامنئي، فقد طفح الكيل ولم يعد يجدي مع نظام رجال الدين في إيران سوى القتل والطعن لتخليص الإيرانيين من شرورهم.
ولفتوا إلى أن قيام الإيرانيين باستهداف رجال الدين بشكل فردي يؤكد كفرهم التام بالنظام الحاكم، ويأسهم من قيامه باتخاذ أي خطوة لصالح الشعب الإيراني؛ ولذلك لم يعد أمامهم سوى أن يقتلوا رجال الملالي بأيديهم في الشوارع.
يمكن القول أن  العقد  الرابع من ثورة "الخميني"  أدت إلى تراجع حضور رجال الدين في الشارع الإيراني، وسقوط اسطورة " ايات الله" وهو مؤشر على تراجع اهم  تيار حاكم في إيران يحرك الشارع الايراني منذ منذ أواخر القرن الثامن عشر.

شارك