على طريقة أكشاك الفتوى.. وزير الأوقاف الجزائري يسمح بتأسيس «مساجد إفتراضية»

الإثنين 05/مارس/2018 - 09:43 م
طباعة على طريقة أكشاك الفتوى..
 
على طريقة أكشاك الفتوى..
آثارت دعوة وزير الأوقاف الجزائري، محمد عيسى، إلى تشييد مساجد افتراضية على صفحات "فيس بوك"، الخميس أول مارس الجاري، الكثير من ردود الفعل الإيجابية والسلبية، داخل دولة الجزائر وخارجها، بعد تكليف الوزير لأئمة المساجد باستغلال التكنولوجيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لمحاربة التطرف والطائفية ونشر مبادئ الإسلام الحقّة. 
مشروع "المساجد الإفتراضية" التى دعا لها الوزير، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية، جاء بعد عودته إلى الجزائر، عقب انتهاء مشاركته في فعاليات مؤتمر وزارة الأوقاف المصرية تحت عنوان: «صناعة الإرهاب ومخاطره وحتمية المواجهة وآلياتها»، وواجهت الكثير من الاتهامات من أتباع التيارات السلفية، فمنهم من اتهمه بمحاربة أئمة السنة، واستغلوا الموقف للمطالبة بفتح المجال لمشايخ السلفيين، متهمين الوزير بالمحاباة لأنصار التيار الصوفي في مواجهة السلفيين.
على طريقة أكشاك الفتوى..
وقصد الوزير الجزائري خلال لقائه مع مسؤولي القطاع وأئمة المساجد إن المجتمع الجزائري "يحتاج الى خطاب تربوي وتوعوي معتدل يرسخ حبّ الوطن لدى الجزائريين وتذكيرهم بنعمة الاستقرار خاصة وأن الجزائر عاشت خلال سنوات التسعينات مرحلة صعبة" داعيا الأئمة إلى استغلال -فضلا عن الخطاب المسجدي- فضاءات التواصل الاجتماعي بأن تخصص صفحات تحمل اسم المسجد تكون بمثابة "قلاع" لرد الدعوات الموجهة للجزائريين "من كراهية وحمل السلاح والتقسيم والطائفية والإلحاد التي تبث بقوة وبطريقة دقيقة وبعناوين مختلفة" - داعيا الائمة إلى "نشر خطب وآراء موحدة حول قضايا الأمة".
من الوهلة الأولى يبدو "المسجد الافتراضي" أمرًا غريبًا ومثيرًا للسخرية، بينما بالنظر إلى الواقع والادوات العصرية، ربما هو ما يسمح بتحقيق دعوة الوزير الجزائري، خاصة وأن مايزيد عن 14 مليون جزائري يرتاد موقع التواصل الاجتماعي، بحسب إحصائية ذكرها الوزير، بينما الأمر برمته هو الأرجح مجرد محاولة من الوزير ليحدث نشاطًا لأئمة المساجد، كما يبدو أيضًا أنه تأثر بتلك التجارب التي استمع إليها في المؤتمر الأخير لوزارة الأوقاف المصرية، وما سبقه من زيارة رسمية في دولة الإمارات يومي 12و13 فبراير الماضي. ومن جانبنا يمكن القول، ان دعوة المساجد الإفتارضية تشبه إلى حد كبير دعوة وزير الأوقاف محمد مختار جمعة الخاصة بأكشاك الفتوى، التي قرر تكليف الدعاة والأئمة بالوقوف في محطات المترو، وهو ما أثار النقد قبل وأثناء وبعد تنفيذ الفكرة على أرض الواقع.
على الرغم من غرابة دعوة الوزير الجزائري، إلا انه ليس أول من أطلقها، فسبق أن كتبت باحثة الكترونية وداعية سلفية، أمل خيري، دراسة مطولة بعنوان "المسجد الإلكتروني.. آفاق دعوية متجددة" قالت فيها أن الدور الدعوي للمساجد تراجع خلال السنوات الأخيرة مما سمح بانصراف كثير من الشباب عنه، واقتصرت المساجد على أماكن لإقامة الشعائر الدينية خصوصاً لكبار السن، وبات الأمر أكثر جدية لمحاولة ابتكار أساليب جديدة تقوم بدورها الإيجابي في تفعيل دور المسجد الحقيقي في حياة المسلمين، وبخاصة الشباب الذي هو وقود الدعوات ومحركها الأول، بحسب الدراسة.
وفي ظل العصر الرقمي الذي نحيا فيه بات تأثير التكنولوجيا واضحاً في سائر مجالات الحياة، ولعبت شبكة الإنترنت دوراً فعالاً في بناء المجتمعات الافتراضية، وفي تنمية طرق التواصل التفاعلية بين الأفراد، مخترقةً بذلك حواجز الزمان والمكان، وبرزت مفاهيم جديدة غيرت نظرتنا للحياة كالتجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني والإعلام الإلكتروني والتدريب الإلكتروني والكتاب الإلكتروني، بل والدعوة الإلكترونية، وبالتالي جاءت دعوة الوزير الجزائري، الذي يبدو أن توصيفه جاء مبالغًا فيه بعض الشئ، مماأثار نوعًا من اللغط حوله، في حين أن الواقع التكنولوجي سمح منذ سنوات طويلة بما يقوله عيسى، ومن يوافقه.

شارك