ألمانيا ـ جدل حول تصريحات وزير الداخلية حول الإسلام

الأحد 18/مارس/2018 - 08:43 م
طباعة ألمانيا ـ جدل حول
 
رسالة ألمانيا.
جدل قديم جديد تثيره تصريحات وزير الداخلية الألماني الجديد هورست زيهوفر بأن الإسلام ليس جزءا من ألمانيا. زيهوفر هو زعيم الحزب المحافظ "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" المتحالف من المستشارة أنجيلا ميركل، وتعتبر تصريحاته هذه معارضة لعبارة "الإسلام جزء من ألمانيا" التي سبق أن أدلى بها سابقا الرئيس الألماني الأسبق كريستيان فولف وتبنتها أيضا المستشارة الألمانية ميركل فيما بعد.
زيهوفر اعتبر أن المانيا طابعها مسيحي والإسلام ليس جزءا منها...لكن المسلمين الذي يعيشون فيها ينتمون بالتأكيد إليها... ولكن لا يجب أن يعيشوا على الهامش أو ضد الألمان". تصريحات لم تلق ترحيبا من الاشتراكيين الديمقراطيين، الحلفاء الأساسيين لميركل في حكومتها الرابعة التي تولت مهامها قبل بضعة أيام، ولا من المستشارة ميركل نفسها التي لم تترد ساعات بعد تصريحات زيهوفر في النأي بنفسها عن موقفه والتأكيد مجددا على أن مسلمي ألمانيا هم جزء منها وكذلك دينهم.
حيث قال وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية في عددها الصادر أمس (الجمعة 16 مارس 2018 ) "الإسلام ليس جزءا من ألمانيا. الطابع المسيحي يميز ألمانيا، مثل عطلة يوم الأحد وأعياد وطقوس كنسية مثل عيد القيامة وعيد العنصرة وعيد الميلاد الكريسماس". وأضاف زيهوفر الذي يترأس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، الشقيق الأصغر للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل "لكن المسلمين الذين يعيشون لدينا جزء من ألمانيا بالطبع. لكن هذا لا يعني بالطبع أننا نتخلى لذلك عن تقاليدنا وعاداتنا المميزة لبلدنا من منطلق مراعاة خاطئة".
وبعد ساعات قليلة من نشر تصريحات لوزير الداخلية الألماني الجديد أثارت الجدل، نأت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بنفسها على نحو واضح عن تصريحات هورست زيهوفر في الجدل حول دور الإسلام في ألمانيا. وقالت ميركل ، خلال لقائها رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن في برلين، إن ألمانيا تتميز بشدة بالطابع المسيحي واليهودي، إلا أن هناك أيضا أربعة ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا حالياً. وأضافت ميركل: "هؤلاء المسلمون جزء من ألمانيا أيضا، وكذلك ديانتهم - الإسلام -  جزء أيضاً من ألمانيا". وذكرت ميركل أن بلادها تريد إسلاماً قائماً على أساس الدستور، وقالت: "يتعين علينا بذل كافة الجهود لصياغة حياة مشتركة على نحو جيد بين الأديان".
يذكر أن الرئيس الألماني الأسبق كريستيان فولف استخدم عبارة "الإسلام جزء من ألمانيا" عام 2010، وأيدته في ذلك ميركل، إلا أن ساسة آخرين مثل رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف ميركل المسيحي، فولكر كاودر، عارضوا هذه العبارة.
وقد اتهم ساسة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر وحزب "اليسار" زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي زيهوفر بأنه يريد بتصريحاته تلك مهادنة أنصار حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، إذ قالت الرئيسة المحلية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية بافاريا ناتاشا كونن في تصريحات لمحطة "إن تي فاو" التليفزيونية الألمانية نقلا عن دويتشه فيله : "الدافع على الأرجح (لتصريحات زيهوفر) هو استقطاب ناخبات وناخبين أدلوا بأصواتهم لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا". وتابعت كونن بالقول: "التفوه بمثل هذه العبارة يحرض المواطنين ضد بعضهم البعض". وبدورها، استهجنت أيدان أوزووز وزيرة الهجرة السابقة تصريحات زيهوفر في تدوينة لها على تويتر اختتمتها بعبارة: "سيد زيهوفر، ألمانيا هي منذ وقت طويل وطن للكثير من المسلمين."
ومن جانبها، قالت بياتريكس فون شتورش نائبة رئيس حزب "البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي في تدوينة على تويتر: "إن زيهوفر يقرأ من برنامج حزب "البديل من أجل ألمانيا". وفي نفس السياق، قال رئيس الكتلة البرلمانية للبديل الألماني في برلمان ولاية سكسونيا-أنهالت، أندري بوغنبورغ، إن القول بأن "المسلمين المندمجين على نحو جيد والملتزمين بالقانون جزء من ألمانيا، لكن الإسلام ليس كذلك "هو رسالة جوهرية لحزبنا، مضيفا أن تبني زيهوفر الآن لهذا القول "يؤكد صحة موقفنا".
أما الهيئات الممثلة للمسلمين في ألمانيا فقد انتقدت أيضا تصريحات زهوفر معتبرة إياها استغلالا لملف المسلمين في حسابات انتخابية، كما يقول عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا في حوار مع دويتشه فيله  . فهو يري ان تلك التصريحات تأتي في إطار الحملة الانتخابية للانتخابات التي ستكون في ولاية بافاريا في أواخر السنة الحالية وهو يسعى كالكثيرين إلى محاولة استغلال ملف المسلمين، الذين هم جزء من ألمانيا منذ عقود، ليكسب أصوات يمينية وينافس بذلك حزب البديل من أجل ألمانيا، الحزب العنصري المتطرف الذي بُني على العداء ليس للمسملين والإسلام فقط بل للقيم الإنسانية التي أُسس عليها الدستور الألماني.


شارك