«سواعد الخير».. ذراع «تحرير الشام» لفرض اللبس الشرعي ومنع الاختلاط في سوريا

الأحد 18/مارس/2018 - 09:18 م
طباعة «سواعد الخير».. ذراع
 
تواصل هيئة تحرير الشام تدخلاتها في الشؤون العامة لأهالي إدلب، وفرض سيطرتها وسطوتها على مراكز التعليم والمدارس والجامعات، ولم تكتفي بذلك فقط بل امتد الأمر حتى التدخل في شئون الصحة والمستشفيات ودور الرعاية الصحية، فبحسب تقرير لمركز رفيق الحريري لدراسات الشرق الأوسط، يقول ان الهيئة تتدخل في كل صغيرة وكبيرة بواسطة ما يسمى "سواعد الخير" التابعة لجهاز الحسبة.
ويعود تأسيس "سواعد الخير" من خلال هيئة تحرير الشام إلى منتصف العام الماضي، لفرض قوانينها في الشارع ومراقبة الأهالي، وبل واعتقالهم، فقد قامت مؤخراً باعتقال اثنين من حراس المستشفيات وسائقي حافلات بأحد مناطق ريف إدلب، بذريعة محاربة الاختلاط بين النساء والرجال في مكان واحد، وقامت، وفق وسائل إعلام سورية محلية، بجولات منذ أسابيع قليلة على مستشفيات مدينة إدلب، وطالبت العاملين فيها بالالتزام باللباس الشرعي الذي تفرضه.
وبحسب المركز، فقد شهد العام الماضي معارك عديدة بين هيئة تحرير الشام والفصائل المنافسة لها كحركة أحرار الشام، واستطاعت الهيئة فرض سيطرتها بشكل أكبر على إدلب وريفها، وبدأت بعد شهر يوليو 2017 محاولاتها للسيطرة على كل تفاصيل الحياة وفرض قوانينها، بدءًا من التدخل في إدارة المدارس وفصل الذكور عن الاناث في الجامعات، مروراً بحواجزها التي تضع قيود على حركة النساء، وليس انتهاءً على ما يبدو، بتدخلها في المنشآت الإنسانية. فمن خلال سواعد الخير تقوم هيئة تحرير الشام بوضع القيود على الأهالي، الذي يرفض غالبيتهم هذه القوانين المتشددة.
بعد تصاعد هذه القيود التي تفرضها سواعد الخير، أصدر تحالف المنظمات السورية غير الحكومية، المكون من 17 منظمة منها (الجمعية الطبية السورية الأمريكية )سامز( واتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية وشفق وغراس وغيرها) بياناً يرفض تدخل أي جهة في عمل المنشآت المدنية، بحسب التقرير الذي نقل ما جاء في البيان “انطلاقًا من ذلك، إضافة إلى حرصنا على استمرار مساعدة المحتاجين للخدمة الإنسانية، فإننا نعلن رفضنا المطلق لأي تدخل من قبل أي جهة عسكرية أو سياسية في عمل المؤسسات الإنسانية والمنشآت الصحية في محافظة إدلب والمناطق المتاخمة التي تقع في نطاق عملنا الإنساني”، وأضاف البيان “إننا نؤكد على تعاملنا مع مديريات الصحة كجهة صحية مدنية معترف بها، ونؤكد ثقتنا في إدارات مشافينا ومراكزنا الصحية بطبيعة الحال لتقديم أفضل خدمة صحية ممكنة ولجميع المحتاجين بكل حيادية وبدون انحياز أو تمييز لأي سبب من الأسباب، متمسكين في الوقت نفسه بمبادئنا الأخلاقية والإنسانية الجامعة”.
وأكد التحالف في بيانه، أن أي تدخل في أي منشأة صحية أو نشاط إنساني من قبل أي جهة سيُعتبر اعتداءً صارخاً على المنشأة والكوادر الطبية العاملة فيها، محملاً هذه الجهة تبعاً لذلك المسؤولية الكاملة عن توقف تقديم الخدمة للمدنيين. البيان أكد تمسك المنظمات بعملها، ورفض الضغوط.

«سواعد الخير».. ذراع
كما تسائل التقرير عن ماهية أهداف هيئة تحرير الشام من هذا التدخل؟ بعيداً عن رغبتها في فرض شرعها ولباساً شرعياً في المنشآت المدنية والمستشفيات، إضافة إلى ما تعلن عنه جهاراً وهو منع الاختلاط بين الجنسين. للهيئة أهداف اقتصادية، فالتدخل في عمل هذه المنشآت والسيطرة عليها يحمل في طيّاته نوايا الهيئة للسيطرة على تمويل ومصاريف هذه المنشآت، الذي يقدر بملايين الدولارات، خاصة وأن الهيئة في وضع لا تحسد عليه اقتصادياً.
مع التطورات في وضع هيئة تحرير الشام وتراجعها بالقتال الدائر في إدلب وريفها، ربما، كانت تضع السيطرة على المنشآت المدنية وعمل المنظمات الإنسانية، في أولوياتها لتمويل مشاريعها، وتطمح لتكون هي نقطة الوصل بين الممولين والمنشآت. إذا نجحت الهيئة في هذا الأمر، فإنها ستقطع عن الأهالي كل هذه المساعدات، فالممولون من أوروبا والولايات المتحدة وبعض البلدان العربية والإقليمية يعتبرون الهيئة منظمة إرهابية رغم تغيير اسمها من “جبهة النصرة إلى هيئة تحرير الشام. وفي حال سيطرتها فلن يتم الاعتراف بها كطرف وسيط أو شريك في الداخل السوري من قبل الجهات المانحة. وبالتالي، حرمان مئات الآلاف من أهالي ادلب وساكنيها المهجرين من مناطق سورية أخرى، من دعم طبي وغذائي هم بأمس الحاجة إليه، لكنّها (هيئة تحرير الشام) تعلم بذلك، ولا ترى ضرراً بأن تسيطر حتى بطريقة غير مباشرة، وهنا ستفرض ضرائب على كل الهيئات والمنظمات العاملة بالمجال الإنساني، ومن ثم الحصول على دخل اقتصادي جديد.
تخوض الهيئة حالياً معارك قاسية مع منافسها بالمنطقة “جبهة تحرير سوريا” المكونة من فصيلي “أحرار الشام والزنكي”، وخسرت الهيئة معظم مواقعها بريف حلب الغربي، وينحسر تواجدها بمحافظة إدلب، وتعمل على فرض سيطرتها على مدينة إدلب لأسباب سياسية، لكي يكون لها رأي وقرار في حال حدوث أي مستجدات أو تسويات لاحقاً بخصوص المدينة. فهي لا ترغب بالخروج خاوية الوفاض حتى إن خسرت مواقع كثيرة بالشمال والشمال الغربي السوري، وتسعى ليكون لها رأي كبير في الحياة السياسية السورية حالياً ومستقبلاً.

وفي الأخير، يقول التقرير أن سواعد الخير لها مهام عديدة وأهداف بعيدة، رغم توقفها عن النشاط بالأيام الأخيرة بسبب الاشتباكات بين الهيئة والفصائل في إدلب وريفها، إلا أنها فكرة خطيرة على المجتمع السوري وعمل المنشآت المدنية، التي لا يجب أن تتدخل في عملها أجهزة مثل سواعد الخير.
وأشار إلى انتظار أهالي ادلب وريفها حالياً، بترقب، مجريات الأحداث ونتائج المعارك الدائرة. ويبدو أن الرغبة في التخلص من هيئة تحرير الشام كبيرة لدى تركيا والفصائل السورية القريبة منها، لوصل ريف حلب الشمالي بريف إدلب بعد انتهاء المعارك في عفرين، لكن خلال هذا الوقت، لا يبدو أن خطر هيئة تحرير الشام سيزول بسهولة، ولا يمكن إزالة الخوف من “سواعد خير” جديدة تابعة لفصائل أخرى، لذا، يجب العمل والتشديد على إبعاد سلطات الأمر الواقع بمختلف توجهاتها، عن أعمال المنشآت المدنية في إدلب وريفها.

شارك