مع انتشاره في الجنوب الليبي.. "تنظيم القاعدة" تحت القصف الأمريكي

الأحد 25/مارس/2018 - 03:06 م
طباعة مع انتشاره في الجنوب
 
في ظل الأوضاع المأساوية التي تشهدها ليبيا حاليا بالأخص في الجنوب الليبي من تنامي العناصر الإرهابية علي رأسهم تنظيم القاعدة الذي اتخذها معقلا رئيسيا له، أعلنت القيادة الأمريكية أمس السبت 24 مارس 2018 إنها نفذت ضربة جوية بجنوب غرب ليبيا وقتلت "إرهابيين اثنين" في إطار الجهود الرامية إلى حرمان المسلحين من ملاذ آمن في صحراء البلاد الشاسعة.
وأكد مصدر عسكري تابع للجيش الليبي تنفيذ غارتين جويتين،على موقع تابع لتنظيم القاعدة بمنطقة أوباري جنوب ليبيا.
ولأول مرة تقر الولايات المتحدة بتنفيذ هجوم بعيدا إلى الجنوب باتجاه أوباري التي تبعد نحو 700 كيلومتر جنوبي العاصمة طرابلس على الطريق الواصل إلى الحدود الليبية مع الجزائر.
وقالت القيادة الأمريكية في أفريقيا في بيان لها إن الضربة الجوية استهدفت ضواحي مدينة أوباري ونفذت بالتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا في طرابلس، بقيادة فايز السراج.
وقال شاهد عيان، إن منزلا في حي الفرسان تعرض لهجوم وتم العثور على جثتين هناك، قائلا: سكان من الحي إن المنزل كان يتردد عليه أجانب.
وقال البيان، "نحن ملتزمون بمواصلة الضغط على شبكة الإرهاب ومنع الإرهابيين من إقامة ملاذ آمن".
وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام محلية جثة ملقاة على الأرض بدون بعض الأطراف وبدون الرأس بالإضافة إلى سيارة تحطمت نوافذها وانتشرت عشرات الثقوب في أحد جوانبها.
وتنفذ القوات الأمريكية غارات من آن لآخر تستهدف مسلحين في ليبيا خلال السنوات القليلة الماضية.
كما شنت القوات حملة جوية على تنظيم داعش في مدينة سرت الليبية المعقل السابق للتنظيم في عام 2016 في الوقت الذي كانت فيه قوات محلية تقاتل لطرد الإرهابيين من المدينة.
وفي يوليو 2017 قالت الولايات المتحدة إنها قتلت عشرات المشتبه بهم في ضربات جوية في مناطق صحراوية بمدينة سرت في محاولة لمنع المسلحين من إعادة تنظيم صفوفهم.
وحذر خبراء من مخاطر تنظيمي القاعدة وداعش والذين يستخدمون جنوب ليبيا قاعدة لهم.
ووفق تقارير إعلامية تعود علاقة تنظيم القاعدة في ليبيا إلى عقد التسعينيات من القرن الماضي بعد إعلانه عن انضمام الجماعة الليبية إلى صفوفه قبل أن يعود أكثر مقاتلي هذه الجماعة إلى ليبيا مجدداً.
وذلك علي الرغم من أن بعض قادتها استمروا في القتال ضمن القاعدة في أفغانستان كأبي يحيى الليبي مساعد أسامة بن لادن، إلا أن الجماعة زعمت خلال العقد الماضي أنها قامت بمراجعات فكرية داخل سجون القذافي للتخلي عن انتمائها للقاعدة.
وبرزت الجماعة مجدداً بعد اندلاع ثورة فبراير عام 2011 ضمن صفوف الثوار، لتنتشر بشكل سريع بعد الإطاحة بحكم القذافي من خلال أبرز قادتها وتتولى مناصب ووظائف هامة في الدولة، كأميرها عبد الحكيم بلحاج، لكنها لم تتخلَّ عن سلاحها الذي ظل يعمل تحت عديد المسميات مثل جماعة أنصار الشريعة ومجالس الشورى في بنغازي ودرنة وسرت، وأخيراً سرايا الدفاع عن بنغازي.
وفي مارس 2017 أعلن  "إياد غالي" زعيم تنظيم "نصرة الإسلام" فرع تنظيم القاعدة في مالي تأييده لــ"جهاد سرايا الدفاع عن بنغازي"، وأثنى على الدور الذي يبذله "الصادق الغرياني" من خلال تحريض أفراد السرايا على القتال.
ولم يكن ذلك الدعم الأول الذي دعمه تنظيم القاعدة للجماعة المقاتلة في ليبيا، ففي أكتوبر من عام 2016م دعا زعيم تنظيم القاعدة في المغرب العربي "عبد الملك درودكال" المعروف بــ"أبي مصعب عبد الودود" لدعم مجلس شورى بنغازي.
أما مبارك يزيد وهو أبرز قادة تنظيم القاعدة بالمغرب العربي في الجزائر، والمعروف باسم "أبوعبيدة يوسف العنابي" طالب أثناء حصار قوات الجيش لمنطقة قنفودة معقل الإرهاب في بنغازي بــ"فك الحصار عما أطلق عليهم اسم مجاهدي بنغازي".
ورغم نفي "سرايا الدفاع عن بنغازي"، التي تشكلت في يونيو عام 2016 من فلول الإرهاب الفارة من بنغازي صلتها بالجماعة المقاتلة وتنظيم القاعدة إلا أن أسماء أبرز قادتها ومقاتليها يعكسون هذه الصلة:
وغرقت ليبيا في فوضي عارمة في أعقاب 2011 والإطاحة بمعمر القذافي، حيث استغلت الجماعات الإرهابية حالة الصراعات الداخلية وتوسعت في تناميها بعده مناطق واتخذت الجنوب الليبي معقلا رئيسيا لها.
وما زالت ليبيا تمر أزمة حادة، تسود فيها الآن سلطة مزدوجة في شرق البلاد بمدينة طبرق يجتمع البرلمان المنتخب من الشعب، وفي الغرب حيث العاصمة طرابلس تعمل حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، والتي تشكلت بدعم من الأمم المتحدة وأوروبا، فيما تنتشر عدة جماعات تنصف كإرهابية في روسيا وعدة دول، مثل "داعش" و"القاعدة".    
وتتقاتل الفصائل المتناحرة من أجل النفوذ في جنوب البلاد حيث كثف الجيش الوطني الليبي المتحالف مع حكومة الشرق نشاطه العسكري.
واندلع أيضا عنف طائفي في الأسابيع الأخيرة في سبها على بعد 170 كيلومترا شمال شرقي أوباري مما أدى إلى نزوح مئات العائلات.
وتدهورت الأوضاع الأمنية في جنوب ليبيا بشكل لافت وسط خشية متصاعدة من بوادر حرب قبلية بدأت مفاعيلها تتراكم على وقع تزايد الأصوات المُحذرة من أجندات خفيّة، تُريد الزج بقبائل الجنوب الليبي في صراعات من شأنها تهديد وحدة البلاد.
وشهدت مدينة سبها الفترة الماضية، اشتباكات مُسلحة بين قبيلتي التبو وأولاد سليمان فيما تعرضت مواقع اللواء السادس التابع للجيش الليبي لهجمات متواترة شنتها ميليشيات مُسلحة مدعومة بقوات من المعارضة التشادية، بحسب قيادة الجيش الليبي.
ووفق تقارير إعلامية، يواصل الجيش الليبي تثبيت وجوده العسكري في الجنوب الليبي، حيث وصلت أمس السبت تعزيزات عسكرية جديدة تضمنت اثنتين من عربات الاستطلاع والدورية "بي إر دي إم-2"، وتم نقلهما على متن طائرة النقل "إيل-76" برفقة المقاتلة "ميج-21".
وينشط مقاتلو داعش في وسط وجنوب ليبيا رغم طردهم من معقلهم مدينة سرت الساحلية في شمال البلاد في 2016.
ويعد الجنوب الليبي أكثر الجبهات تأثرا بحالة الفوضى السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد منذ سنوات، حيث ظلت هذه المنطقة تعاني من انعدام الاستقرار وتفشي الإرهاب بشكل كبير.

شارك