بعد تدخل الجيش التركي في العراق.. هل يتكرر سيناريو عفرين السورية في سنجار العراقية؟

الأحد 25/مارس/2018 - 06:01 م
طباعة بعد تدخل الجيش التركي
 
أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن تنفيذ الجيش التركي عمليات  عسكرية في قضاء سنجار شمال العراق ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني، وهو التدخل اذي يعتبره قطاع عريض داخل العراق، انتهاكا للسيادة العراقية، خاصة أنها ليست المرة الأولى فسبق أن أعلن عن عملية تحرير الموصل وستمدد وجودها في الأراضي العراقية والسورية لمدة عام كامل، موجة غضب شعبية في العراق وردا من الخارجية العراقية اعتبرت فيه هذه التصريحات تعديا  صارخاً على السيادة.
قطعًا، للقوات التركية المتواجدة في معسكر قرب الموصل، شمال العراق، غايات سياسية واقتصادية، غير التي تدعيها لحماية رابع مكونات الشعب العراقي الذي تعرض لإبادة وتشريد لعقود ماضية بينها على يد تنظيم "داعش"، وكذلك حماية المكون التركماني كونه يشكل نسبة كبيرة في قضاء تلعفر التابع لمحافظة نينوى ومركزها، وهو ما يعد أمرًا غريبًا لدى قطاع كبير في الداخل العراقي ممن يعتبرون تدخل القوات التركية احتلالًا.
وما يحدث يعتبر في رأي البعض، محاولة من أردوغان لتصدير أزماته الداخلية إلى الخارج بعد عملية الانقلاب بسبب الاستياء الداخلي في بلاده حول سياسته، وفرض بعض السياسات على الجهات الإقليمية والدولية من خلال ملف الموصل باعتبار هذا الملف ملفا دوليا اليوم، إضافة إلى  التخوف التركي من حزب العمال الكردستاني الذي ازداد نشاطه بعد دخول تنظيم "داعش" بسبب التحالفات المحلية والدولية.
ولا يجب أن نغفل عن طمع تركيا في السيطرة على بعض المناطق الغنية بالنفط من حقل عين زالة وممر أنابيب النفط من كركوك شمالي بغداد إلى ميناء جيهان التركي،  والثروات الزراعية والحيوانية الكبيرة بالإضافة إلى المناطق الحدودية الاستراتيجية التي تربط ثلاث دول هي العراق، وسوريا، وتركيا عبر منفذ ربيعة الحدودي.
ومن المعروف أن تركيا أكبر مساهم في عملية إعمار العراق منذ عام 2004، حيث ميزان التبادل التجاري بين البلدين هو الأكبر حيث يقترب من 12 مليار دولار، بينما ميزان التبادل التجاري بين العراق وكل الدول العربية لا يتجاوز 2.5 مليار دولار.
كما تعتبر تركيا أكبر مساهم في شركات العمالة داخل العراق بعدد يصل إلى 400 شركة كبرى بمجال البترول والطاقة، "لذلك حين تدعم تركيا مؤتمر إعادة إعمار العراق بخمس مليارات دولار، سيكون عائد ذلك خلال خمس سنوات ما لا يقل عن 40 مليار دولار".
وبالتأكيد، هذا الدعم له العديد من الأهداف السياسية، ومنها أن الدولة التركية تجد في العراق حديقتها البديلة لرؤيتها حول منطقة الشرق الأوسط ورغبتها في استعادة أمجاد الدولة العثمانية، كذلك تحاول الضغط على كل من المملكة العربية السعودية ومصر وكذلك الولايات المتحدة من خلال العراق.
كما تحاول تركيا أن تحافظ على بقاء حكومة بغداد الحالية، وتعمل على إبعاد تلك الحكومة عن كل مصر والمملكة العربية السعودية، كما ترحب بموقف حكومة بغداد الرافض لاستفتاء إقليم كردستان وإنهاء حلم الأكراد في دولتهم المزعومة.   
لم تمر تلميحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن عملية عسكرية في سنجار شمالي العراق، مرور الكرام على مسامع بغداد.
وفي كل الأحوال، يبدو أن التوتر العراقي التركي لم ينته عند بعشيقة، فأنقرة تريد التغلغل أكثر، بحجة "تطهير أراض" من عناصر حزب العمال الكردستاني، والأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية العراقي إبرهيم الجعفري، لوكيل وزير الخارجية التركية أحمد يلدز، رفض بغداد القيام بعمليات عسكرية على أراضيه وخرق الحدود.
وأبلغ الجعفري وفدا تركيا، بطريقة غير مباشرة، أن الحرب على داعش، التي كانت أنقرة تستخدمها مبررا لتواجد قواتها على الأراضي العراقية، انتهت، وبالتالي فالعراق لن يسمح بتواجد القوات التركية، وشدد الجعفري على عدم سماح العراق بوجود أي قوات على أراضيه لتقوم بعمليات عسكرية في أي دولة من دول الجوار.

وكأن لسان حال بغداد يقول، سيناريو عفرين في سوريا، غير مسموح به في العراق، رد آخر غير مباشر على تصريحات سابقة لوزير الخراجية التركي مولود تشاووش أوغلو،  بشأن العملية التي ستلي عفرين في مايو المقبل، حيث أكد أن القوات التركية ستتحرك إلى شمال العراق.
بنما قال مولود تشاووش أوغلو،  إن العراق لن يشعر بالأمن مع وجود حزب العمال الكردستاني على أراضيه، مشيرا إلى أن بغداد وإدارة إقليم الشمال منزعجتان من تواجد التنظيم "المصنف إرهابيا" في تركيا، لكن الجعفري لم يؤكد ذلك، وقد لا يؤكده، فالغارات التركية التي تنفذها تركيا ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، أثارت حفيظة النواب العراقيين الذين ينتقدون تقصير الحكومة العراقية في الحفاظ على سيادة البلاد، خاصة أن ملف التواجد التركي في بعشيقة لم يغلق بعد.
ولا يبدو أن أنقرة ستغلق هذا الملف قبل أن تنفذ بغداد شرطها بأن تخرج هي بنفسها حزب العمال الكردستاني من المناطق الحدودية، التي يستغلها الأكراد، كما تقول تركيا، لشن هجمات داخل أراضيها.

شارك