دراسة أمريكية: رغم انتشار العنف هناك قصور في معرفة تأثير استخدام السلاح

الإثنين 26/مارس/2018 - 08:15 م
طباعة دراسة أمريكية: رغم
 
نشر مركز "راند" الأمريكي، التابع لوزارة الدفاع – البنتاجون – ملخص دراسة قام بها باحثو المركز، حول تأثير قوانين وسياسات استخدام الأسلحة في المدن، الدراسة انتهت أن الدراسات حول تأصير تطبيق الولايات لقوانين توزيع وانتشار الأسلحة محدود، إن لم تكن الدراسات الموجودة مشوبة بالعديد من أوجه القصور، إضافة إلى عدم دقتها لعدم وجود معايير صارمة لمثل هذه النوعية ن الدراسات، خاصة فيما يتعلق بتأثير سياسة استخدام الأسلحة الحديثة التي يتم بها تحديث سوق السلاح الأمريكي وبيعها للمواطنين، الملخص الذي ترجمه بوابة الحركات الإسلامية.
وتوضح الدراسة في بدايتها أنه رغم استخدامات الأسلحة العديدة لدى الأمريكيين، إلا أنها تتمتع بأهمية رمزية وثقافية واقتصادية في الولايات المتحدة، إذ أن كثير من الأميركيين يقدرون تقاليد الصيد والرماية الرياضية، إلى جانب أنها تمدهم بقدر من الأمن والحماية، لا سيما في العديد من المناطق التي تعتمد على الصيد كمحرك مهم لاقتصاد السياحة، وعلى نطاق أوسع يعمل في مجال صناعة الأسلحة وتجارتها مئات الآلاف من الأمريكيين، بما في ذلك المدربين ومشغلي الرماية، وموردي معدات الصيد؛ والمصنعين والموزعين وتجار التجزئة للأسلحة النارية والذخيرة.
ولكن في نفس الوقت، يعاني العديد من الأمريكيين كل عام من فقدان أصدقاءهم وأفراد عائلاتهم في حوادث تتعلق بالأسلحة النارية، ووفقا لتقرير مركز التحكم في الأمراض الوقاية منها، والذي تم إجراؤه عام 2017، فإن أكثر من 36 ألف شخص أصيبوا أو توفوا من جروح ناجمة عن طلقات نارية في الولايات المتحدة في عام 2015، وكان ما يقرب من ثلثي هذه الوفيات حالات انتحار. ووفقاً لدراسة أخرى أجريت في عام 2016 من قبل الباحثين إرين غرينشتين، وديفيد هيمينواي، فإن أولئك الذين يعيشون في الولايات المتحدة معرضون أكثر بمقدار 25 ضعفًا للقتل في بلد ثري آخر، ويزيد احتمال تعرضهم للموت في جرائم القتل بمقدار 25 ضعفاً. 
لا يعتقد أحد أنه ينبغي التسامح مع مستويات العنف والمسؤولين عنها، فلا نبغي أن نتعاطف مع أصحاب السلاح ، أو المدافعين عن حقوقه، رغم وجود العديد من الأسباب التي تجعل الناس يختلفون حول كيفية الحد من الأضرار المرتبطة بالعنف، ولكن الخلاف الأكبر بين الأمريكيين حول الآثار الحقيقية لقوانين وأنظمة السلاح المختلفة - سياسات السلاح - وعلى مستويات مختلفة من النتائج.
 قام مركز "راند" لسياسة السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية بتوفير المعلومات الأكثر موضوعية حول ما هو معروف وغير معروف حول الآثار المحتملة لقوانين الأسلحة التي نوقشت بشكل شائع، لإنشاء أدوات وموارد لتحسين جودة الأبحاث في هذا المجال، وذلك بهدف تحسين النقاش الوطني حول تطوير سياسات السلاح على أن تكون بشكل نزيه وفعال.
تنقسم الآراء حول سياسات السلاح على أسس سياسية وحزبية، يمكن أن يكون جزء من هذا الانقسام ناتجًا عن اختلاف الرؤى المتعلقة بالأهداف والنتائج الأكثر أهمية، (على سبيل المثال: حماية الحريات الشخصية أو الحد من العنف المجتمعي). 
ومع ذلك انتهت الدراسة الاستقصائية التي أجراها خبراء مركز "راند" أن الخلافات بين الخبراء الذين يفضلون المواقف السياسية للجمعية الوطنية للسلاح، والخبراء الذين يفضلون مواقف حملة برادي لمنع العنف من تداول الأسلحة النارية، لا تنبع من اختلاف وجهات النظر حول الأهداف التي ينبغي أن تسعى سياسات الأسلحة إلى تحقيقها، بل يعود سبب الخلاف إلى مآلات التأثير الحقيقية لسياسات السلاح المختلفة، وليس حول القيم أو الأهداف.
علاوة على ذلك، فحتى الآن نادراً ما تجد دراسة حقيقية توضح تأثير سياسات السلاح المطبقة والمتبعة داخل الولايات المتحدة، كما لم تشر هذه الدراسات إلى أسباب الحصول على الأسلحة ولا إلى الأسباب الحقيقية لامتلاك المواطنين لها، إلى جانب عدم دراسة تأثيرات القوانين المتعلقة بصناعة الأسلحة النارية، وإطلاق النار على المدنيين من قبل الشرطة، وقدرة مالك السلاح على استخدام سلاحه دفاعيًا، وعلى المشاركة في إطلاق النار في الرياضات المختلفة، رغم أهمية هذه النتائج لأصحاب المصلحة المؤثرين في مناقشات سياسة السلاح.
حتى بالنسبة للنتائج التي تمت دراستها بشكل أفضل، مثل حالات الانتحار، وجرائم القتل، والحوادث، غالبًا ما تجد دراسة واحدة أو اثنتين على الأكثر تستوفي المعايير الصارمة والدقيقة  لتقديم الدليل على آثار سياسة السلاح المتبعة، إذ غالباً ما قدمت هذه الدراسات إما أدلة غير حاسمة أو متناقضة أو محدودة، ومع ذلك لم نجد أن وزن الأدلة المتاحة يوحي بأن بعض هذه السياسات لها تأثير محدد أو محدود النطاق. 
فعلى سبيل المثال هناك أدلة ذات مصداقية مثل القوانين المتعلقة بحفظ الأسلحة بعيدًا عن متناول الأطفال - والتي تتطلب تخزين البنادق بأمان – فكان لها فوائد إيجابية قابلة للقياس، منها الحد من إصابات الشخص لذاته والوفيات العارضة والمتعمدة. 
ومع ذلك فإن آثار هذه القوانين على استخدام الأسلحة النارية (أحد الاعتراضات الرئيسية التي أثيرت ضد قوانين منع تداولها بين الأطفال) لم يتم تقييمه بدقة، مما ترك صانعي السياسة دون صورة كاملة للتأثيرات الكلية للقوانين.
ويكمن القصور في دراسات التأثيرات لسياسات الأسلحة المتداولة في تلك الأسلحة الحديثة التي يتم تداولها بين المواطنين الأمريكيين، ويرجع السبب إلى ذلك لأن نسبة الأسلحة النارية الجديدة تمثل نسبة صغيرة من مجموع مخزون الأسلحة التي يحملها المدنيون في الولايات المتحدة، آخر دراسة أجريت في 2005 أوضحت تداول الأمريكيون ما يقرب من 270 مليون سلاح ناري من الأسلحة الصغيرة، فضلا عن عدم وجود دراسات مقارنة توضح أثر القوانين المصممة لتغيير الأشخاص الذين يشترون أسلحة نارية جديدة، أو البنادق التي قد يشترونها، أو كيف تحدث مبيعات الأسلحة، على سبيل المثال، لذا على الرغم من صعوبة تحديد التأثيرات الصغيرة بشكل خاص مع البيانات والطرق الشائعة في هذا المجال، فإن هذا لا يعني أن التأثيرات غير مهمة، إضافة إلى حقيقة أنه من الصعب في كثير من الأحيان تحديد الآثار الحقيقية لقوانين الأسلحة باستخدام البيانات وطرق البحث المتاحة، كما إنه من الصحيح أيضًا أن دراسات سياسة السلاح ككل غير مكتملة. 
ويعود ذلك جزئياً إلى لغة تخصيصات الكونغرس - ما يسمى بتعديل ديكي الذي تم تجديده باستمرار منذ طرحه عام 1996 – والذي أدى إلى تهدئة استثمارات الحكومة الأمريكية في الأبحاث المتعلقة بالعنف أو السلاح. 
ففي العقود الأخيرة، أنفقت الحكومة الأمريكية 1.6 % فقط على أبحاث سياسة السلاح، مقارنة بتلك الميزانيات التي خصصتها في الأبحاث التي تنطوي على أسباب مستويات مماثلة من الوفيات في الولايات المتحدة، مثل حوادث المرور، وهذا يعني أن الدراسات المنشورة على سياسة السلاح بالفعل نادرة، وهو ما أشارت إليه دراسة قام بها كل من الباحثين ديفيد ستارك ونجم شاه في 2017.
كما أوضح المركز وجود معوقات أخرى للبحث حول آثار سياسات السلاح المطبقة في الولايات المتحدة منها على سبيل المثال، عدم وجود معلومات موثوق بها حول توقيت تنفيذ الولايات المختلفة للقوانين، ولمواجهة صعوبة تجميع معلومات تاريخية موثوقة حول تنفيذ الولايات لسياسات وقوانين السلاح، تم تطوير قاعدة بيانات الخاصة بقوانين السلاح الخصة بكل ولاية، تغطي الفترة من عام 1979 حتى عام 2016وذلك ضمن مبادرة سياسة السلاح في الولايات المتحدة، التي من شأنها تعزيز الابتكار وتحسين أبحاث سياسة السلاح.

شارك