عودة أزمة "دير السلطان"... بين التجاهل الإعلامي والصراع المستمر

الثلاثاء 27/مارس/2018 - 10:12 ص
طباعة عودة أزمة دير السلطان...
 
بدون  اهتمام  اعلامي كبير عادت مشكلة دير السلطان بالقدس لتنغص احتفالات الاقباط المرتقبة باعياد القيامة  .حيث ظهرت مجددا صورة من صور الصراع الذى اقترب عمره من قرن كامل بين الاقباط والاحباش – الاثيوبيون – فمؤخرا ودون علم الرهبان الاقباط قام الرهبان الاحباش بتغيير ابواب الدير .الامر الذى جعل مطران القدس للاقباط الارثوذكس الانب انطونيوس يقود وقفة احتجاجية اعتراضا علي هذا التغيير ولدير السلطان بالقدس  ثلاثة ابواب  احدهما  تجاه مطرانية الاقباط وديرها ومعها مفتاحه وبابان اخران  الاهم فيهما الذى يصل  مباشرة الى كنيسة القيامة  - بما تمثله  من مركز اثري وعقيدي مهم للمسيحيين في العالم – وهذا الباب مغلق من شهور  وموقعه  الي جوار  كنيسة" الاربعة  غير المتجسدين " التى تقع تحت دير السلطان,ويسمى باب مفتاح,وباب اخر مغلق من ايام الاحتلال   الانجليزي  والاقباط كانو يسخدمون  باب الديرالموصل الي  كنيسة القيامة  .
وماحدث ان الاقباط علموا ان  هناك ابواب تغيرت فى الدير ” دير السلطان ”  دون الرجوع اليهم؟  وقال نيافة الحبر الجليل الأنبا انطونيوس مطران القدس والشرق الأدنى بأن الوقفة الإحتجاجية التي قادها أمام دير السلطان 
جاءت بعد متابعته لتداعيات مشكلة تغيير أبواب دير السلطان القديمة.
وأضاف قائلاً : قبل عودتى من زيارتى للأردن والكويت تم عمل محضر بالواقعة بناء على تواصل آباء الدير معى وبعد عودتى اليوم توجهت إلى الدير بمفردى بمصاحبة أحد الأباء لمعاينة الأبواب الجديدة التى قاموا بتركيبها وأصريت على الدخول والمعاينة وإزالة الأبواب، وبالفعل حدث ذلك ولم اتحرك من داخل الدير إلا بعد التأكد من ذلك بدخول الراهب القبطى المقيم داخل الدير وتصوير الأبواب التى تم إزالتها، بعدما إعترضوا – الرهبان الاحباش - دخولنا في البداية وتجمعوا وهم يحملون عصىّ تم تجهيزها للإحتكاك بنا، فتجمع الرهبان الأقباط وخدام الدير على الفور ولكننى منعت أى إحتكاك وعدم الرد على إستفزازهم وإتصلت بالشرطة ووزارة الأديان والسفير المصري ولم نتحرك من داخل الدير حتى تم إزالة الأبواب وإعادة تركيب الأبواب القديمة.
وبالفعل قامت   الكنيسة المصرية  بالاتصال بالسفارة المصرية بتل ابيب , وبالخارجية المصرية بشكل مباشر, من خلال اتصالات  بين مسؤولين فى مطرانية الكرسى الاورشليمى, والخارجية المصرية والسفير المصرى بتل ابيب, وان الخارجية المصرية ناصرت الكنيسة القبطية  , فى شكواها بتدخل مباشر لدى وزارة الاديان الاسرائيلية  والخارجية الاسرائيلية , الامر الذى ساعد على سرعة حل الازمة , حفاظا على حقوق  الكنيسة المصرية فى دير السلطان
وامرت السلطات الاسرائيلية, اسقف ورهبان  الكنيسة الاثيوبية فى القدس , وفي دير السلطان “بخلع” الابواب  الجديدة” واعادة الابواب القديمة” التى غيرتها دون اتفاق مع الكنيسة القبطية الارثوذكسية ولم تبرح الشرطة وحرس الحدود الاسرائيلية  المكان قبل اعادة الابواب وذلك حفاظا على موسم السياحة المسيحية العربية للقدس والذى يبدأ من الاحد القادم حيث يتوافد المسيحيين من كل انحاء العالم لللحج المقدس في اسبوع الالام وعيد القيامة 
وقصة الصراع الدائم بين الرهبان الاحباش والاقباط حول الدير تقودنا للحديث عن تاريخه وكيف بدا هذا الصراع 
كان الأرمن قد هاجروا من مصر وتركوا كنيسة بالفسطاط أنعم بها السلطان علي فقيه دمشقي يسمى بهاء الدين فطلبها صفي الدولة للأقباط فأعطاها صلاح الدين لهم ولما تحقق صلاح الدين من إخلاص الأقباط اثناء الحروب الصليبية وهبهم أعظم مكان في بيت المقدس وهو الدير المعروف الآن بدير السلطان نسبة إليه فقد أهدى صلاح الدين الأيوبي هذا الدير للأقباط تقديراً لدورهم معه، في النضال ضد الاستعمار ولذا سُمِّي "دير السلطان".
وقد ذُكِرت المؤرخة ايريس حبيب المصري  عن الدير في كتاب "قصة الكنيسة القبطية"الجزء السادس مايلي 
في داخل الدير كان يوجد كلية للتعليم كان بها مُدَرِّسون من القاهرة، وكانت نتائجها الدراسية 98%، وتُعتبر من أحسن مدارس الأردن، إن لم تكن أحسنها..
وفجأة ثارَت العواصِف المُريبة مرة واحدة، وتحوَّلَت الحياة الرقيقة الشفافة في داخل دير السلطان إلى مشاكل عِدة..  ومبنى دير السلطان هِبة من صلاح الدين الأيوبي للقبط تقديرًا منه لخدماتهم ولولائهم، واعترافًا منهم بفضله أعطوا الدير هذا الاسم.  ثم افتتحوا به مدرسة باسم "الكلية الأنطونية"؛ إذ أن غالبية الرهبان الخادمين في الأراضي المقدسة من دير الأنبا أنطونيوس.
ولقد طردت الحكومة المحلية الأحباش من أديرتهم وكنائسهم منذ ثلاثة قرون لعجزهم عن دفع الضرائب المُقررة عليهم.  فاستضافهم القبط حِرصًا على عقيدتهم، وتوفيرًا لهم السبيل للبقاء في القدس على أساس أنهم ضمن أولاد الكنيسة القبطية.  وخلال القرون الثلاثة حاوَل الأحباش محاولات عديدة للاستيلاء على الدير وإخراج الأقباط منه.  وكانت محكمة القدس الشرعية تُعيد الحق إلى أصحابه في كل مرة.
وقد شهد على ذلك الأستاذ صلاح جلال المحرر بآخر ساعة خلال زيارته للدير، وتقابل مع الراهب القبطي بطرس البرموسي وبالرهبان الأحباش، الذين أخبروه بأنهم ضيوف قُدامى، وأنهم يَتَمَتَّعون بمحبة أخوتهم الأقباط وبرعايتهم في منتهى المحبة.  وقال أنه زار الرهبان الأحباش في صوامِعهم بمرافقة مندوب من مصلحة السياحة الأردنية، وسمع بنفسه ثناءهم على الرهبان القبط، كما سمع اعترافهم بأنهم ضيوف.  والتقى حينها كذلك بالأستاذ فوزي سليمان من مسئولي الكلية الأنطونية، وقابل أيضًا الطلاب من أبناء فلسطين والقدس.
وعندما رغب المحرر في الذهاب لكنيسة القيامة، عَلِمَ أن الدير هو الممر الطبيعي الموصِل بين البطريركية القبطية وكنيسة القيامة، حيث أنه يقع على سطح مغارة الصليب، وهي إحدى كنائس القيامة نفسها..
وبسبب المشاكل المذكورة التي حدثت، سافر نيافة الأنبا يؤانس مطران الجيزة إلى الأردن على رأس وفد، ومعهُ مستندات ووثاق ملكية الدير السلطاني لأقباط مصر وكنيستهم..  وبعد مفاوضات دارَت بينه وبين مندوب حكومة الأردن، عاد الدير إلى أصحابه.  وعلى الرغم من كل ما حدث، فقد ظلَّ الأقباط حريصين على استضافة الأحباش.
وقد تبرع الرئيس جمال عبد الناصر بخمسة آلاف جنيه لدير السلطان إسهامًا من الحكومة المصرية في حركة الإعمار حينها..
* في جلسة المجمع المقدس 26/ 3/ 1980:
قرر المجمع المقدس عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس هذا العام، في موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة، وذلك لحين استعادة الكنيسة رسميا لدير السلطان بالقدس، ويسرى هذا القرار ويتجدد تلقائيًا طالما أن الدير لم يتم استعادته، أو لم يصدر قرار من المجمع بخلاف ذلك.
وتحت عنوان "زياراتنا للقدس مرتبطة بحل مشكلة دير السلطان"، كتبت مجلة الكرازة سنة 1981:
إذا كان اليهود جادين في "تطبيع العِلاقات" فليُرْجِعوا إلى الكنيسة القبطية دير السلطان المجاوِر لكنيسة القيامة في القدس، والذي اغتصبوه منها وسلَّموه للأحباش بعد نكسة يونيو 1967 م. نتيجة للموقف الوطني الذي وقفه مطراننا نيافة الأنبا باسيليوس الذي لم يجامل اليهود وقتذاك في دخولهم القدس.
وقد أصدرت المحكمة اليهودية العُليا حكمها في صالِح الكنيسة القبطية  وغرمت وزير الشرطة وأسقف الأحباش، وأمرت بإرجاع الدير إلى الكنيسة القبطية.  ولكن السلطات اليهودية لم تنفذ قرار القضاء الإسرائيلي!!حتى الان . ولذلك مازال الصراع قائم وكثيرا ما تستغله السلطات الاسرائيلية التى لم تنفذ الحكم وتعيد الحق لاصحابه  .وقد قوي ذلك و شجع الرهبان الاحباش في محاولاتهم المستمرة لفرض سيطرتهم علي الدير وطرد الاقباط  كما شجعهم علي ذلك استقلال الكنيسة الاثيوبية عن الكنيسة القبطية  .وتبقي علامات استفهام عديدة عن تجاهل صفحة الكنيسة القبطية ومركزها الاعلامي  وقنواتها الفضائية للوقفة الاحتجاجية التى قادها المطران حتى تم تغيير الابواب؟!

شارك