مع تناميه في القارة السمراء.. الجزائر تكشف عن قيمة تمويل الإرهاب في إفريقيا

الثلاثاء 10/أبريل/2018 - 02:24 م
طباعة مع تناميه في القارة
 
مع توغل وتنامي الجماعات الإرهابية التي استطاعت الانتشار في أنحاء إفريقيا، يري خبراء أن الحل الوحيد في التصدي لتنامي الإرهاب هو وضع استراتيجة واضحة لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.
لذلك يري وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل أنه على إفريقيا إعداد استراتيجية حول تجفيف منابع تمويل الإرهاب إذا أرادت أن تكافح الظاهرة التي أصبحت تنسق أعمالها مع الجريمة المنظمة.
ووفق عدة احصائيات، تعد أفريقيا مركزًا لحوالي 64 منظمة وجماعة إرهابية ينتشر معظمها من أقصى الساحل الأفريقي بالغرب إلى أقصى الساحل الأفريقي في الشرق، ساهم في ذلك الانتشار تداخل الأفكار المتطرفة مع التركيبة التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والفراغ الأمني في تلك المنطقة.
وقد نشأ الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي في الجزائر عام 1991 ثم انتقل إلى السودان ليعود مجددًا إلى جنوب الجزائر والتعمق في منطقة الساحل، التي أصبحت اليوم من أكبر البؤر للجهاديين في أفريقيا أجمعها.
وازداد الأمر فوضي في أعقاب الثورات العربية عام 2011، وخاصة سقوط ليبيا، حيث استغلت تلك الجماعات العمليات الكثيفة لتداول الأسلحة بين الفئات المختلفة في توفير إمدادات مستمرة من الأسلحة التي مكنتها من تنفيذ عمليات إرهابية ضخمة في كل من مالي ونيجريا وبوركينا فاسو، ذلك فضلاً عن ضعف الرقابة على الحدود الذي سمح لتلك الجماعات بالتنقل من بلد لآخر بمنتهى السهولة، يظهر ذلك جليًا في تقرير مركز «دراسات الإرهاب» بالولايات المتحدة الذي أكد ارتفاع نسبة الهجمات في منطقة الساحل وشمال أفريقيا خلال عام 2014 عن سابقتها بنسبة 25%.
وكشف مساهل إن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن قيمة تمويل الإرهاب في إفريقيا وبالخصوص في منطقة الساحل تبلغ أكثر من مليار دولار، وأن مصدر هذا التمويل يأتي من تجارة المخدرات أو الاتجار بالبشر أو الهجرة غير الشرعية أو دفع الفديات، جاء ذلك علي هامش الاجتماع رفيع المستوى حول "مكافحة تمويل الإرهاب في إفريقيا" بالمركز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة الجزائر، الذي انعقد أمس الأثنين 9 أبريل 2018.
وتقول الإذاعة الجزائرية إن هذا الاجتماع يأتي في ظل دعوة الجزائر الدائمة والمتجددة لضرورة تجفيف الموارد المالية للجماعات الإرهابية وتجريم دفع الفدية وهو من أهم الملفات التي تناولها الاجتماع.
وأوضح مساهل أن 11 مصدرا لتمويل الإرهاب في القارة الإفريقية، خاصة في منطقة الساحل بحسب دراسة لـ"مجموعة مكافحة غسيل الأموال لدول غرب إفريقيا"، ومن ضمن المصادر، التجارة وبعض النشاطات المربحة، ومنظمات غير حكومية ونشاطات خيرية، وتجارة السلاح والمخدرات وتقليد المنتجات كالأدوية، والقرصنة واختطاف الرهائن والهجرة السرية، والتسول، والمنتجات الزراعية وتحويل الأموال، مؤكدا علي أهمية دراسة كيفية التنسيق بين الدول الإفريقية وتبادل الخبرات والمعلومات فيما بينها بخصوص قضية تمويل الإرهاب، داعيا إلى اتخاذ إجراءات قانونية تسمح بتأقلم التشريعات الإفريقية مع مكافحة هذه الظاهرة.
الوزير الجزائري، أشار إلي أن التوصيات التي سيخرج بها اجتماع الجزائر حول مكافحة تمويل الإرهاب في إفريقيا، سترفع إلى القمة المقبلة للاتحاد الإفريقي المقررة شهر يوليو بموريتانيا، مشيرا إلى مشاركة أكثر من 30 دولة إفريقية ومنظمات دولية مختصة في مكافحة الإرهاب.
ووفق الإذاعة الجزائرية، فإن الأمر يتعلق  بضرورة "تقييم مشترك لفعالية الاستراتيجيات التي  وضعت لحد اليوم لمكافحة تمويل هذه الآفة  و الإطار المعياري والأجهزة الدولية والإقليمية والوطنية التي تتوفر عليها  البلدان الإفريقية والمجموعة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، مؤكدا علي حتمية ترقية تعاون أفضل متعدد  الأشكال بين بلداننا وأيضا على المستوى الإقليمي والدولي لا سيما على الصعيد  القانوني والقضائي والمالي والأمني في إطار روح التكامل وتبادل الخبرات و التضامن أمام تهديد لا يعرف حدودا من أي طبيعة كانت.
وجدد مساهل التزام الجزائر الدائم بمكافحة الإرهاب مكافحة شاملة وكذا تضامنها مع كافة دول القارة في الوقت الذي يواجه فيه عددا  متزايدا من البلدان الإفريقية العديد من التهديدات الإرهابية".
وقال وزير الخارجية إن الجزائر التي كافحت الإرهاب في سنوات التسعينيات و  التي تستمر في مكافحة بقاياه هي متيقنة أن الأمن كل لا يتجزأ و أن التخلص من  التهديدات الإرهابية في إفريقيا وفي العالم يستوجب تظافر الجهود و تقاسم  الخبرات وتدعيم التعاون الإقليمي والدولي.
وأوضح أن عقد هذا الاجتماع يأتي في ظرف زماني يتميز بخارطة انتشار جديدة للجماعات الإرهابية وهو واقع يدفع بالدول إلى ضرورة صياغة مسودة قانون لتجفيف منابع الارهاب.
وقد اتخذ  قرار عقد هذا الاجتماع بالجزائر العاصمة في سبتمبر 2014 من قبل قمة رؤساء دول وحكومات مجلس السلم والامن للاتحاد الافريقي بمصادقة قمة الاتحاد الافريقي.
ويندرج هذا الاجتماع في إطار الجهود التي تبذلها الجزائر في مجال مكافحة الارهاب بمنطقة الساحل والقضاء على مصادره من جهة وتعزيز التنسيق والتشاور بين البلدان الافريقية حول القضايا الامنية على غرار مكافحة الارهاب والقضاء على التطرف والمتاجرة بالأشخاص والمخدرات والتهريب من جهة أخرى
ووفق تقارير إعلامية سابقة، فإن الجزائر سعت عبر حزمة من السياسات الأمنية التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب إلى تحقيق هدفين رئيسيين، أولهما هو تعزيز القدرات الأمنية اللازمة في مواجهة الإرهاب؛ بما تتضمنه من أنظمة إنذار مبكر، أما ثانيهما فهو تجفيف منابع دعم وتمويل الإرهاب، وهو ما سعت الدولة لتنفيذه عبر عدد من الإجراءات، حيث سعت الدولة نحو تعزيز قدراتها الأمنية في مجال مكافحة الإرهاب؛ من خلال الأدوات التالية:رفع ميزانية الأمن والدفاع لتتجاوز حاجز الـ 20 مليار دولار سنويا، بعدما كانت لا تزيد عن 15 مليار دولار في 2013، وزيادة القوة البشرية لأجهزة الأمن والجيش؛ ففي حين تجاوز عدد ضباط وأفراد الجيش حاجز 500 ألف فرد، وصل عدد عناصر الشرطة لنحو 210 ألف فرد؛ وهو ما يعني أن عدد العاملين بالشرطة زاد خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تتجاوز 100%..
وعلي مدار المرحلة الماضية، نجحت الجزائر في تصديها للإرهاب عبر استراتيجيتها الوطنية لمكافحة الإرهاب.
وفي يوليو الماضي 2017،  أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول تطورات ظاهرة الإرهاب في العالم خلال عام 2016. وحظيت القارة الأفريقية بنصيب وافر في هذا التقرير الذي حاول استعراض حالة الإرهاب في القارة خلال عام 2016، والجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لمساندة شركائها الأفارقة لمواجهة هذه الظاهرة، وكذلك الإجراءات والترتيبات التي تبنتها الدول الأفريقية للحد من التأثيرات المختلفة لظاهرة الإرهاب، حيث أشاد التقرير بالجهود التي بذلتها هذه الدول في هذا المجال.
وركز التقرير الأمريكي على تطور عمليات حركة "شباب المجاهدين" في شرق أفريقيا، وجماعة "بوكو حرام" في الساحل والغرب الأفريقى، باعتبارهما أخطر جماعتين إرهابيتين في القارة، حيث تبنت الجماعتان مجموعة من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة المئات خلال عام 2016و2017، كان أبرزها استهداف حركة الشباب بعثة الاتحاد الأفريقي، ومسئولين أمنيين وموظفين في الحكومة الصومالية، بينما ركزت عمليات "بوكو حرام"على أهداف مدنية وعسكرية، وذلك في الوقت الذي ساندت فيه الولايات المتحدة شركاءها في شرق أفريقيا لبناء قدراتهم في مجال مكافحة الإرهاب من خلال تقديم المساعدة الاستشارية لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.

شارك