كيف استغلت التنظيمات الإرهابية ضعف النظم المالية للدول لتمويل أنشطتها

الجمعة 13/أبريل/2018 - 03:16 م
طباعة كيف استغلت التنظيمات
 

زادت مبادرات المجتمع الدولي في تركيزها على الإرهاب ومصادر تمويله، خاصة مع تزايد وتيرة العنف والأحداث الدموية في السنوات الماضية، لا سيما بعد تأسيس تنظيم داعش، مما دفع الدول ذات المصلحة من زيادة تركيزها على كيفية مكافحة الإرهاب، وتجفيف مصادر تمويله، كذلك زيادة التدابير المتعلقة بعودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب.
في تقرير لصندوق النقد الدولي نشره على موقعه الإليكتروني أوضح أن القائمين على صناعة الإرهاب استغلوا ضعف النظم المالية لبع الدول، وضعف دورها الرقابي في عمليات غسيل أموال، وكذلك في تمويل عملياته، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي أصبح يولي قضية مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب أولوية قصوى لديه على الأجندة العالمية، وذلك لعدة أهداف منها حماية وسلامة واستقرار النظام المالي الدولي، قطع الموارد المالية على الإرهابيين، تعقيد الأمور أمام أولئك الضالعين في الجريمة للاستفادة من أنشطتهم الإجرامية، لا سيما الجريمة المنظمة، مستعينة بصندوق النقد الدولي بما له من صلاحيات من وظائف المراقبة وخبرات القطاع المالي، مما يجعله عنصراً أساسياً لا يتجزأ من الجهود الدولية لمكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
وأشار تقرير الصندوق أنه في عام 2000 قام بتوسيع نطاق عمله في مجال مكافحة غسيل الأموال بشكل عام، وفيما يتعلق بإساءة استخدام المراكز المالية الخارجية (OFC) بشكل خاص والمعروفة أيضًا بعمليات "الأوفشور"، من خلال الشروع في برنامج تقييم تلك العمليات والمراكز المالية OFC، واستكشاف كيفية دمج أصحابها لعمليات غسيل الأموال في أنشطتها، وبالأخص مراقبة المادة الرابعة وبرنامج تقييم القطاع المالي الذي تم إنشاؤه حديثًا.
لقد كان العمل على تطوير نموذج تقرير مكافحة غسيل الأموال بشأن المعايير والقواعد (ROSC) جاريًا عند وقوع أحداث 11 سبتمبر في2001، ولكن بعدها تم تكثيف الجهود وتوسيع نطاق عمل صندوق النقد لتشمل مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)، وفي غضون عام تقريباً، كان الصندوق يعمل فعلياً لتقييم امتثال البلدان الأعضاء للمعايير الدولية التي تم تطويرها، ومراجعة أنظمة مراقبتها المالية بشكل أساسي، من قبل فرق العمل المعنية بالإجراءات المالية (FATF) بالصندوق، بالإضافة إلى تقديم المساعدة الفنية بشأن كيفية تحسين سبل وأساليب مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب للأنظمة، وقام المجلس فيما بعد بتقييم أداء هذه التجربة الأولية بشكل إيجابي، الذي قرر في مارس 2004 إدراج مشروعه لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والمساعدات الفنية ضمن آليات العمل المنتظم للصندوق، والاستمرار في جعل تقييمات ذلك البرنامج إلزامية على كل شركات ومراكز الأوف شور.
يساور صندوق النقد الدولي قلق خاص بشأن العواقب المحتملة لانتشار عمليات غسيل الأموال والمرتبطة بدورها في تمويل الإرهاب على اقتصادات أعضائه، وتشمل هذه المخاطر على سلامة واستقرار المؤسسات المالية والنظم المالية للدول الأعضاء، وزيادة التقلبات في تدفقات رؤوس الأموال الدولية، وتقليل الاستثمار الأجنبي المباشر.
ما يزيد من تفاقم الأمر استغلال القائمين على عمليات غسيل الأموال وممولي الإرهاب من الثغرات والاختلافات فيما بين الأنظمة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لنقل أموالهم إلى أو عبر الدول ذات الأطر القانونية، مستغلين ضعف بعض الأنظمة أوالمؤسسية الضعيفة غير الفعالة.


كيف استغلت التنظيمات
أشكال تمويل الإرهاب:

أما جمعية خبراء تقييم مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب فقد أوضحت في تقريرها، الذي نشرته على موقعها الإليكتروني الرسمي، أن أنشطة الإرهاب تجري بأشكال مختلفة ومتعددة، بعضها معزول عن بعض، وبعضها الآخر مرتبط ببعضها البعض في دوائر مغلقة، وذلك وفقًا لشكل العمليات المخطط تنفيذها، وبالتالي فإن أشكال تمويل الإرهاب تختلف تبعا للنظام المالي للجماعة الإرهابية بذات نفسه وأيضًا بشكل العملية المنفذة وطبيعتها، وهي لا تشمل فقط تمويل الأعمال الإرهابية بحد ذاتها، وإنما أيضا أي دعم للشبكة الإجرامية للتنظيم، وتتطلب التنظيمات الإرهابية تمويلا كبيرا، سواء بالنسبة للاضطلاع الفعلي بالأعمال الإرهابية، ولكن أيضا لمسائل أخرى: الحفاظ على عمل التنظيم، وتوفير احتياجاته اليومية الأساسية له ولأعضائه، فضلا عن تغطية التكاليف المتصلة بنشر الإيديولوجيات ذات الصلة.
وتختلف مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية كذلك، وهي تتعدد كالآتي: 
1-من الأنشطة غير المشروعة: وتتراوح بين الإجرام محدود النطاق الجغرافي وصولا إلى الجريمة المنظمة عابرة للحدود(مثل الإتجار بالمخدرات أو الأسلحة أو البشر).
2-قد يكون مصدر هذه الأموال مشروطا: على سبيل المثال، من قبل الأعضاء، مثل القادمين الجدد، أو تم الحصول عليها من خلال إساءة استخدام المنظمات غير الربحية. 
وقد حددت فرقة العمل المالي (FATF) تقنيات تمويل جديدة لتنظيمات الإرهابية منها تنظيم داعش، وذلك من خلال رصد الفريق لطريقة عمله، إذ تكرر أسلوب داعش في إيجاد أساليب تمويل جديدة التي تعد من وظائف الدول وذلك من خلال عملية استخراج الموارد الطبيعية مثل الغاز الطبيعي والنفط، ورفع الضرائب.
3-استغلال المؤسسات القانونية: غالباً ما يتطلب تمويل الأنشطة الإرهابية تحويل الأموال داخل الدولة أو نطاق مالي رسمي وقانوني معترف به من الدولة، أو عبرها، ويمكن القيام بذلك من خلال القنوات الرسمية للسوق المالية وتحويلات الأموال، مثل شركات تحويل الأموال، أو البريد الوطني، أو البنوك ذات الشخصية القانونية
4-من خلال قنوات غير منظمة أو باستخدام سعاة النقد. 
ويمكن تحديد تشابه واضح بين تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، حيث يتم في كلتا الحالتين بذل الجهود لإخفاء مصدر الأموال من تدقيق سلطات الدولة، إذ يستخدم القائمون على عمليات غسيل الأموال وممولي التنظيمات الإرهابية نفس التقنيات والأساليب، مما يصعِّب الأمر على فرق التحقيق إذ يختلط عليهم الأمر من كشف نوع العملية، مما دفع فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في الآونة الأخيرة على وضع معايير لتحديد الاختلافات بين الظاهرتين، وذلك بهدف تكييف معاييرها مع خصوصيات تمويل الإرهاب (على سبيل المثال، استناداً إلى حقيقة أن جميع مصادر تمويل الإرهاب ليست من مصدر غير مشروع، مثل التركيز على إساءة استخدام المنظمات غير الربحية في تمويل الإرهاب).
وتستند المعايير الجديدة على عدة جوانب، وهم يكررون أن متطلبات الصكوك الدولية المبرمة أو الصادرة في هذا المجال مطلوبة في المقام الأول، ويطلبون من البلدان اعتماد تدابير تشريعية تكفل تجريم تمويل الإرهاب كجريمة منفصلة، تشمل جميع العناصر المنصوص عليها في اتفاقية تمويل الإرهاب، بالإضافة إلى وضع آليات لنقل متطلبات قرارات مجلس الأمن الصادرة في هذا الصدد، وترتبط المتطلبات الإضافية بتطبيق التدابير الوقائية من جانب القطاع الخاص، مما يعكس التدابير الموضوعة لغرض مكافحة غسل الأموال. وأخيراً ، صيغت متطلبات محددة استناداً إلى خصائص تمويل الإرهاب ، وبالتحديد التدابير التي يتعين اتخاذها فيما يتعلق بالمنظمات غير الهادفة للربح.

شارك