نساء "داعش".. وتهديد العودة لأوطانهن!

الثلاثاء 24/أبريل/2018 - 02:37 م
طباعة نساء داعش.. وتهديد
 
تنوعت مهمات النساء الداعشيات في صفوف التنظيم، بين الإنجاب والخدمة المنزلية إلى الخدمة المدنية في التعليم والصحة وغيرها، حتى تطور  الأمر إلى حمل السلاح والقتال.
وبالقطع لم يكن التنظيم يغفل دور المرأة، باعتبارها داعم ومساند لوجسيتي وعسكري له، حيث تنوعت أساليبه تجاه النساء ما بين الانتهاكات المستمرة، خاصة بحق معتنقات الديانات الأخرى (الإيزيديات)، إلى أسلوب القمع المتبع ضد نساء السنة، والأحكام المتشددة ضد كل من تخالف أيًا من القوانين التي وضعها التنظيم.
ومؤخرا جدد مسؤولون أوروبيون تحذيراتهم من احتمال عودة نحو ألف من إرهابيات تنظيم داعش من سورية والعراق إلى بلدانهن الأصلية، مؤكدين أن التهديد يأتي منهن.
وفي تقرير نشرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، بحسب وكالة «سانا»، أشارت وكالة «فرونتكس» المختصة بمراقبة حدود الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى أن «التهديد» يأتي من النساء اللواتي تزوجن إرهابيين من تنظيم داعش ويخططن للعودة إلى بلدانهن بعد مقتل أزواجهن في سورية والعراق.
وأوضحت الوكالة، أن «ألف امرأة غادرت أوروبا للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية بما فيها داعش وتزوجن إرهابيين وسيعدن بلا شك إلى بلدانهن»، لافتة إلى أن 30 بالمئة تقريباً من نحو 5 آلاف إرهابي أوروبي عادوا إلى دولهم قادمين من سورية والعراق.
نساء داعش.. وتهديد
وكشفت تقارير سابقة أن النساء أصبحن يضطلعن بأدوار «أكثر نشاطاً» داخل التنظيمات الإرهابية وشاركت عدة نساء في مؤامرة لمهاجمة كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية في سبتمبر عام 2016.
وتشهد الدول الغربية حالة استنفار أمني خوفاً من ارتداد الإرهاب الذي دعمته بعض تلك الدول وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا، وتغاضت عن جرائمه في سورية إلى أراضيها ولاسيما بعد وقوع هجمات إرهابية في مدن أوروبية عدة منها ميونيخ وباريس وبروكسل. وتمكن الجيش العربي السوري مؤخراً من دحر تنظيم داعش الإرهابي من أغلب المناطق التي كان يسيطر عليها، وخاصة في المنطقة الشرقية.
وكثيرا ما زعم تنظيم داعش أنه يطبق صحيح الدين الاسلامي مع النساء، من حيث إجبارهن على التزام منازلهن وارتداء الحجاب الشرعي، إلا أن التنظيم كشف عن تناقضه خاصة بعدما بدأ في استخدام النساء بصورة أكبر في العمليات الحركية، وإنشاء كتائب نسائية على رأسها كتيبة الخنساء، التي أُنشئت للعمل في الحسبة ومراقبة النساء.
 ثم تطور الأمر إلى نزول المرأة إلى ساحة القتال، وترك المنزل نتيجة للتطورات الأخيرة للوضع الداعشي، وانحساره على الأرض بسبب الهزائم المتلاحقة في سوريا والعراق، ويبدو أن دائرة استغلال النساء اتسعت بشكل أكبر خاصة في وجود النساء الغربيات المنضمات للتنظيم.
وفي هذا السياق ، تابعت وحدة رصد اللغة الإنجليزية بالأزهر الشريف تقريرًا نشره موقع "جهادولوجي" حديثًا يشير فيه الموقع إلى تزايد الدور النسائي في صفوف داعش، ورغم أن معظم من سافروا إلى الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، إبان فترة ازدهاره من الدول الأجنبية كانوا من الرجال، فإن عدد النساء كان كبيرًا أيضًا.
 وتفيد دراسة حديثة أن 11% من الأمريكيين في صفوف داعش كانوا من النساء؛ وطبقًا لوكالة إنفاذ القانون بفرنسا، فإن 43% من الفرنسيين الذين مازالوا في سوريا من إجمالي 690 شخصًا من النساء، وبالتالي فإن فرنسا صدّرت إلى داعش العدد الأكبر من النساء مقارنة بباقي أوروبا، وقالت مصادر مطلعة أخرى بأن هناك 500 سيدة من أوروبا الغربية التحقن بداعش منذ عام 2013.
نساء داعش.. وتهديد
وهنا يمكن أن يستغل التنظيم التوجه العام إلى أن الأجهزة الاستخباراتية توجه الشك الأكبر نحو الرجال دون النساء، ليستخدم التنظيم النساء للتمويه وإرباك الجهات الأمنية والاستخباراتية.
حيث تم إجراء دراسة على أكثر من مائة راديكالي لمحاولة الربط ما بين العنف ونوع الجنس، ولوحظ أنَّ النوع الذكوري هو الأقرب إلى التطرف والعنف عن النوع الأنثوي، ومن هنا يبدأ التنظيم في إعداد النساء الأجنبيات العائدات، والنظر في كيفية الاستفادة منهن للقيام بهجمات في الغرب، أو العمل على استقطاب المزيد من الأفراد إلى التنظيم، وتتنوع التهديدات المستقبلية من النساء المقاتلات، حيث يمكن لتزايد المشاركة النسائية في الأنشطة الجهادية، أن يُسلط الضوء على التهديد النسائي الداعشي بثلاث طرق، وذلك مثلما ورد في موقع "جيهادولوجي":-
أولها: تنفيذ مخططات خارجية، حيث إنه لطالما استخدمت الجماعات الإرهابية النساء للقيام ببعض العمليات، التي يصعب على الرجال اختراق أهدافها؛ وبعودة الأجنبيات المنضمات للتنظيم إلى الغرب، يمكن لداعش أن يستغل الفكرة الشائعة عن أن النساء لا يمثلن خطرًا كبيرًا فيما يتعلق بالهجمات الإرهابية مثل الرجال.
 أما ثانيها، فيتمثل في استخدام التنظيم للغربيات العائدات، في استقطاب الأفراد؛ وبالتالي يعملن كحلقة وصل بين المتطرفين الجدد والمقاتلين المتمرسين، وفي الوقت الذي أبدت فيه مقاتلات غربيات رغبتهن في العودة إلى ديارهن، فإنه يجب على الأجهزة الأمنية أخذ جميع الاحتياطات اللازمة، لمنعهن من الإضرار بالمجتمع أيدولوجيًا أو ماديًا.
أما التهديد الثالث، فيدور حول تخطيط النساء للعمليات الإرهابية، واستخدامهن كمنسقات لها من خلال الإنترنت، حيث يقمن بدور المنسق بين قيادة داعش والأفراد المقاتلين أو الخلايا الصغيرة القتالية، وتقوم هؤلاء المخططات بتنسيق التواصل في العالم الافتراضي بين القيادات التي توجه بأماكن شن الهجمات وكيفية القيام بها، والأفراد المنضمين للتنظيم.
ورغم أن سوريا والعراق كانت معقلا لهؤلاء المنسقات والمخططات، فإنه حديثًا بات ممكنًا أن تتم هذه العمليات على نطاق أوسع في الدول الغربية التي سوف يتفرق بها العائدات الأجنبيات، وبما أن النساء الغربيات في داعش واللائي عملن كمستقطِبات للتنظيم، يتمعتن بأسلوب مقنع لجذب الأخريات، فعمل المرأة كمخطط للعمليات يوحي بأن الغرب سوف يضم المزيد من المقاتلات من النساء.
نساء داعش.. وتهديد
ومع سقوط داعش، من الواضح أن التنظيم سوف يكلف العائدات بمهام جديدة، بدءًا من تنفيذ الهجمات الإرهابية وصولاً إلى إخراج جيل من إرهابيي المستقبل.
ومن خلال متابعة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، لقضية النساء المقاتلات في  الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، وهي قضية نشطت على مدار السنوات الماضية، يخلص المرصد إلى أن الدور النسائي في الجماعات الإرهابية سوف يظل محل تناقض دائم، فهم يدعون دائمًا إلى اقتصار دور المرأة على داخل بيت الزوجية، باعتبارها زوجة وأم تربي جيلًا من المقاتلين، ثم إذ بهم يخرجونها من بيتها لتحمل السلاح وتقاتل معهم، كما يبرز دورها أيضًا في التنسيق والتخطيط الإلكتروني للعمليات الإرهابية التي ينفذها التنظيم.
ويرى المرصد أنه إذا كانت النساء المقاتلات في صفوف الإرهاب، يمثلن خطرًا على مجتمعهن فيما يتعلق بتنفيذ الهجمات الإرهابية والتخطيط لها، إلا أن الخطر الأكبر هو غرس هؤلاء النساء للآراء المتطرفة التي تشبعن بها، في عقول أبنائهن ليصحو العالم على جيل من الأطفال المتطرفين ينتشرون في أرجائه.
وعلى المستوى العربي، لا شك ان بعض الدول قد ساهمت بشكل ما او بأخر في دعم تنظيم داعش وما زالت وان القارئ المتفهم لأحداث التاريخ يعلم أن التيار المتطرف العنيف لن يتورع بعد أن يثبت أقدامه عن الانقلاب على الجهة التي رعته وفتحت له أذرعها، وهذا ما حدث مع الرئيس المصري الأسبق أنور السادات الذي تعاون مع هذا التيار واستخدمه في حربه مع خصومه الناصريين والشيوعيين، ولكنه كان أول ضحاياه في حادثة المنصة الشهيرة.
ومن ناحية أخرى فإنه لا يمكن حصار التيارات المتشددة بالقبضة الأمنية فقط، ولا بد من حدوث انفتاح سياسي وتحول ديمقراطي حقيقي. فهذه التيارات تنمو وتنتشر في أجواء الكبت والاستبداد وغياب الحريات. ولا بد كذلك من تطوير استراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية التي تساهم في خلق ظاهرة التطرف.

شارك