اتفاقيات "الفشل" "تخيم" على الحالة الجهادية الدموية فى إدلب السورية

الأربعاء 25/أبريل/2018 - 05:02 م
طباعة اتفاقيات الفشل تخيم
 
يبدو ان اتفاقيات "الفشل" ستظل "تخيم" على الحالة الجهادية الإرهابية  فى إدلب السورية والتى كان اخرها الاتفاق الذى  عقد يوم  الثلاثاء 24-4-2018م ،بين "جبهة تحرير سوريا"  و"هيئة تحرير الشام"  وتم من خلاله الاتفاق  على وقف إطلاق نار بشكل دائم، وانهاء الاقتتال المستمر بينها منذ شهرين على الأقل. 
ونص الاتفاق على تطبيق مباشر لوقف إطلاق النار فور الإعلان عن الاتفاق الذي تضمن ستة بنود، واجبة التنفيذ، كخطوة أولى للانتقال إلى التفاوض بين الأطراف بشكل أوسع بهدف الوصول إلى حل شامل على الصعد العسكرية والسياسية والقضائية. 
 واختلف الاتفاق عن الاتفاقات السابقة بانه شهد  حضور وتوقيع قائدي "جبهة تحرير سوريا" حسن صوفان، و"هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني حيث ان  الاتفاقات والهدن السابقة كان يوقعها مندوبون عن طرفي الاقتتال، بحضور الوسطاء من "فيلق الشام" و"جيش الأحرار".
وجرت الاجتماعات بين صوفان والجولاني، بحضور مندوب "صقور الشام" أبو زاهر، على الأغلب في مدينة إدلب، وجاء في نص الاتفاق: "إنهاء الاقتتال بشكل دائمٍ وكامل اعتباراً من تاريخ توقيع الاتفاق ونشره، وتثبيت الوضع في المحرر، وقف الاعتقالات بين الطرفين بشكل كامل وفتح الطرقات ورفع الحواجز وعودة المهجرين إلى منازلهم، وإطلاق سراح المعتقلين من الطرفين وفق جدول زمني".
وذكر الاتفاق أيضاً: "إيقاف نهائي للتحرش الإعلامي في الحسابات الرسمية والرديفة، وتشكيل لجنة من الطرفين ولجنة وساطة لمتابعة تنفيذ الاتفاق، والبدء بمشاورات موسعة مستمرة للوصول إلى حل شامل على الصعد التالية؛ العسكرية والسياسية والإدارية والقضائية".
ولقي الاتفاق الأخير بين طرفي القتال ترحيباً واسعاً في أوساط أنصارهما في إدلب وريف حلب الغربي، ودعا شيوخ ومنظرون مستقلون من التيار السلفي الجهادى الطرفين إلى تثبيت الاتفاق المبدئي حول وقف إطلاق النار، ووقف التحرش بينهم، وعدم العودة للقتال مجدداً.
يذكر ان الاقتتال بين "هيئة تحرير الشام" من جهة، و"جبهة تحرير سوريا" و"صقور الشام" من جهة ثانية، كلف الطرفين المئات من القتلى، وكميات كبيرة من الذخائر والأسلحة. وتجاوز عدد قتلى الطرفين خلال المعارك المتقطعة على مدى 65 يوماً 1000 عنصر أكثر من ثلثيهما من صفوف "تحرير الشام" واستخدم الطرفان مختلف أنواع الأسلحة في القتال، الثقيلة والخفيفة والمتوسطة، وخسرا دبابات ومدرعات وسيارات دفع رباعي ورشاشات ثقيلة خلال المعارك، وقتل وجرح أكثر من 30 مدنياً في مناطق مختلفة في ادلب وريف حلب الغربي شهدت اشتباكات ومعارك عنيفة.
 وصنف الاتفاق على انه عودة للتفاهمات ذاتها التي اتفق عليها الطرفان خلال الهدنة التي أعلن عنها في 6  أبريل 2018م ، والتي تهربت "تحرير الشام" حينها من الالتزام ببنودها وعادت للقتال، واتهمت "حركة الزنكي" برفع سقف مطالبها ومحاولة إفشال مساعي الحل.

وقد  سبق هذا الاتفاق تواصل الاشتباكات بين جبهتي تحرير سوريا وهيئة تحرير الشام بعد هدنة دامت عدة أيام في عدد من المناطق بريف إدلب منها جبل الزاوية وجبل شحشبو وريف حلب الغربي، حيث تبادل الطرفان مناطق السيطرة مرة أخرى وسط استنزاف في العتاد والجنود بين الطرفين؛ بالإضافة إلى مقتل عدد من المدنيين بسبب الاشتباكات في عدة مناطق ما أدى إلى قطع طريق الأوتستراد الدولي لفترات طويلة وإعلان عدد من البلدات مناطق عسكرية.
وسيطرت هيئة تحرير الشام على عدة مواقع استراتيجية في ريف إدلب الجنوبي مؤخرا منها مدينتي خان شيخون ومدينة مورك ومعبرها التجاري وبلدات كفرسجنة وحيش، فيما سيطرت جبهة تحرير سوريا على كرسعة والفقيع وترملا في ريف حماة وجمعية الفرسان والرحال ومنطقة السعدية وبلدة عاجل بريف حلب الغربي وسط فشل تحرير الشام بالسيطرة على مدينة معرة النعمان بعد هجوم من عدة محاور.
وقال الباحث في شؤون الفصائل  الجهادية الإسلامية  المسلحة فى سوريا ثائر الحلبي لأورينت نت بأن هيئة تحرير الشام لم تستطع في الفترات الماضية إنهاء الفصائل بسبب فقدانها الزخم العسكري بعد انشقاق عدة من الألوية العسكرية التي كانت تشكل ثقلاً عسكرياً هاماً في الهيئة وخصوصاً جيش الأحرار وحركة نور الدين زنكي وفصيل حراس الدين الذي يضم فصائل أكثر تشدداً في موضوع التدخل التركي.
ويضيف بأن فصيل حراس الدين كان يشكل جيش البادية وجند الملاحم وكتائب من الساحل ويعتبر هؤلاء المقاتلون رأس الحربة للهيئة في الاقتتال مع أي فصيل آخر، ولكن مع النأي بأنفسهم عن القتال وتعليق العمل مع الهيئة احتجاجاً على إدخال الهيئة للأرتال التركية بعدما تم قتال أحرار الشام سابقاً خوفاً من إدخال الأحرار للأتراك.
يشار إلى ان  ما تبقى من فصيلي صقور الشام وحركة أحرار الشام والزنكي استطاعوا أن يخلقوا توازناً عسكرياً مع الهيئة في المناطق المحررة بعد تفردها بالحكم لعدة أشهر بعد إنهاء حركة أحرار الشام، والسيطرة على مقراتها ولكن المعارك أصبحت متكافئة لذا فإنها ستطول كثيراً. وقد دخلت المواجهات بين هيئة تحرير الشام من جهة و جبهة تحرير سوريا من جهة أخرى اليوم 60 على التوالي  كشفت مصادر صحفية عن وصول عدد قتلى الطرفين خلال المواجهات المستمرة العسكرية إلى ما يقارب 1000 قتيل من الطرفين القسم الأكبر منهم من هيئة تحرير الشام وتدمير ما يقارب 8 دبابات وعشرات الآليات العسكرية فيما قلل مصدر عسكري من تحرير سوريا من هذه الأعداد.
ويقول المحلل العسكري ياسر رضوان بأن أحد أسباب الخلاف هو محاولة الهيئة التفرد في السيطرة على المناطق المحررة وإقصاء الطرف الأخر بالقوة بعد استطاعتها القضاء على عدة فصائل سابقة خلال فترة قصيرة ما أدى لحصول حال تكتل بين هذه الفصائل الأمر الذي أدى إلى منع الهيئة من القضاء عليهم.
ويضيف بأن الفصائل تعتمد التكتيك العسكري الذي يعتمد على الضربات المتفرقة في  ريف حلب الغربي وجبل الزاوية وريف حماة ما يؤدي إلى إنهاك الهيئة وعدم قدرتها على الثبات في مناطقها في حين تقوم الهيئة بجلب قوات النخبة من مناطق متفرقة من أجل زجهم في المعارك وتحقيق تقدم في عدد من المواقع.
ويشير بأن أسباب استمرار المعارك هي قناعة الطرفين بأن طول وقت المعركة سيكون لصالحه ويعتمد على عدة قدرة الطرف الأخر على الاستمرار بسبب الإنهاك العسكري، حيث إنه من المؤكد بأن جميع الفصائل أصبحت منهكة بشكل تام بسبب الاستنفار العسكري لمدة شهرين وهذا سيعود بالنفع على الفصائل التي لم تشارك فيه.
 يضاف الى ذلك  ان «هيئة تحرير الشام»  وأبرز مكوناتها «جبهة النصرة» سابقاً، شهدت  انشقاق فصائل بارزة عنها مؤخراً، في خطوة أدرجها محللون في سياق مساع قادتها تركيا خصوصاً لعزل هذه المجموعة قبل أن تعلن دعمها هجوماً لطرد «الهيئة» من معقلها في إدلب السورية.
وتشكل محافظة إدلب (شمالي غرب) واحدة من 4 مناطق سورية تم التوصل فيها إلى اتفاق لخفض التصعيد في مايوالماضي، في إطار محادثات آستانة برعاية روسيا وإيران، حليفتي النظام السوري، وتركيا الداعمة للمعارضة. ويستثني الاتفاق المجموعات المتطرفة وبينها تنظيم «داعش» و«هيئة تحرير الشام».
و«جبهة النصرة»، المصنفة على لائحة المنظمات الإرهابية الدولية رغم إعلانها في صيف عام 2015 فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتبديل اسمها إلى «جبهة فتح الشام»، هي المكون الرئيسي في «هيئة تحرير الشام» التي أبصرت النور بعد اندماج «جبهة فتح الشام» مع فصائل إسلامية أخرى مطلع العام الحالي.
ويوضح الخبير في شؤون الفصائل السورية المقاتلة في «معهد الشرق الأوسط»، تشارلز ليستر  أن «الارتباط بأي شكل مع (هيئة تحرير الشام) بات خياراً تترتب عليه خطورة متزايدة» بعد دخول النزاع السوري «مرحلة جديدة»، بحسب تعبيره. 
ويتوقع ليستر أن تكون المواجهة في المرحلة المقبلة شرسة للغاية، خصوصاً بعد إعلان «الهيئة» وقياديين فيها بوضوح أنهم «سيقاتلون حتى الموت ضد أي تدخل خارجي». ومن شأن تسارع الأحداث أن يزيد الضغوط على «هيئة تحرير الشام» نفسها.
 مما سبق نستطيع التأكيد على انه يبدو ان اتفاقيات "الفشل" ستظل "تخيم" على الحالة الجهادية الإرهابية  فى إدلب السورية  على الرغم من محاولات كلاهما وقف حالة الإقتتال التى لاتخدم مصالحهما الدموية فى سوريا . 

شارك