"أردوغان" يحول الحرم الجامعي إلى غارات شرطة

الأحد 06/مايو/2018 - 01:26 م
طباعة أردوغان يحول الحرم
 
1800 مفكر وأديب وأكاديمي يحتجون على تجريم الخطاب السياسي في تركيا
نشر معهد «جيت ستون» الأمريكي، للسياسة الدولية، تقريرًا مطولًا بعنوان «الإرهاب على الطريقة التركية»، للكاتبة التركية يوزاى بولوت، والمقيمة فى واشنطن، تتناول فيه أوضاع الإعلاميين والأكاديميين الذين تمت ملاحقتهم من قبل حكومة أردوغان.
استشهدت الكاتبة فى تقريرها بما حدث فى ١٩ مارس الماضى؛ حيث نظم مجموعة من طلاب جامعة «بوجازيجا» المعروفة أيضًا بجامعة «البسفور»، وهى إحدى أقدم الجامعات فى اسطنبول، مظاهرة ضد المسيرة التى نظمتها جمعية البحوث الإسلامية، لمناصرة الجنود الأتراك الذين شاركوا فى غزو مدينة عفرين السورية، وفى الوقت الذى قام فيه الطلاب المؤيدون للحكومة التركية بتوزيع الحلويات، علق المتظاهرون المناهضون لافتة كتب عليها: «لا يجب الاحتفاء بالغزوات والمجازر من خلال المسيرات».
ورد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على هذه المظاهرات بإلقاء القبض على الطلاب المناهضين للحرب لنشرهم دعاية «إرهابية»، وفى ٣ أبريل ٢٠١٨، حكمت محكمة تركية على تسعة منهم وأفرجت عن الستة الآخرين فى انتظار محاكمتهم.
وأشارت الكاتبة إلى أن ما يقرب من ١٨٠٠ أكاديمى مشهور وقعوا على رسالة دعم مفتوحة للطلاب المعتقلين، من بينهم الأديبان الحائزان على جائزة نوبل وجائزة بوليتزر؛ احتجاجا على ما وصفوه بـ«الاتجاه المزعج لتجريم الخطاب السياسى والمعارضة فى تركيا»، والتى جاء فيها: «إن استمرار الاعتقالات فى الحرم الجامعي، وكذلك غارات الشرطة على الطلاب فى المهاجع، تستمر فى اتجاه مزعج لتجريم الخطاب السياسى وتجريم وجود معارضة فى تركيا، الطلاب الذين أشار إليهم أردوغان بسخرية ووصفهم بالإرهابيين، بل أنكر عليهم حقهم فى استكمال تعليمهم وحرمهم من الالتحاق بأى جامعة أخرى بعدما طردهم من الجامعة، الأمر الذى تكرر من قبل من خلال اعتقال الآلاف من الأكاديميين والصحفيين والفنانين والمدافعين عن حقوق الإنسان». وطالب الموقعون على الرسالة الحكومة التركية بوقف التحقيقات والاعتقالات فى حق الطلاب على الفور.
ذكرت الكاتبة أن الحكومة التركية الحالية اتبعت سياسة الملاحقة الأمنية لمعارضيها، وتقليل حرية الرأى والتعبير، فلو تجرأ أى شخص على تحدى رواية الحكومة، وحاول تكذيبها، فذلك ينطوى على خطر حقيقى يتمثل فى استهدافه ومعاقبته، بما فيهم المواطنون غير المقيمين فى تركيا فى الدول الأخرى فهى لا تستثنى أحدًا.
وتعد الأكاديمية الأمريكية نورما جين كوكس، أحد أبرز الأمثلة على سياسة تركيا ضد معارضيها، خذ حالة الأكاديمية الأمريكية نورما جين كوكس، فبعد حصولها على درجة الماجستير من جامعة Boğaziçi عام ١٩٨٣، عملت كوكس كمحاضرة فى جامعة اسطنبول، حيث عكفت مع طلابها وزملائها على موضوعات حول «الإبادة الجماعية للأرمن عام ١٩١٥»، استيعاب الأكراد، واحتجت ضد فيلم «الإغراء الأخير للمسيح»، فاعتقلتها السلطات بالنسبة لهذه «الجرائم»، وألقت القبض عليها، وتم فصلها من وظيفتها، وطردها خارج البلاد، بسبب «أنشطتها الانفصالية»، وفى عام ٢٠١٠ أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ممارسات تركيا وانتهاكها لحقوق جين كوكس الإنسانية فيما يخص حرية الرأى والتعبير.
منذ ذلك الحين، لم يتغير شيء يذكر، ففى ١١ يناير ٢٠١٦، منعت السلطات التركية أعضاء «أكاديميين من أجل السلام»- الذين تحتجزهم الشرطة، من السفر إلى الخارج، ويتعرضون للتحقيقات الإدارية، كما تم فصل بعضهم من وظائفهم بدعاوى «عمل دعاية لمنظمة إرهابية»، وهى تهمة من ضمن تهم أخرى وجهت إليهم.
وفى ١٣ يناير ٢٠١٧، تم تعليق عضوية البرلمانى الأرميني، جارو بايلان، من الحزب الديمقراطى التقدمى المعارض للحكومة، بعدما حذر فى خطاب له ألقاه فى البرلمان من تكرار أخطاء الماضى قائلًا: «بين عامى ١٩١٣ و١٩٢٣ تم نفى الأرمن واليونانيين والسريانيين واليهود، كما تعرضوا للإبادة الجماعية والمجازر الكبرى».
الأمر الذى أعلنه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى ٥ يناير ٢٠١٨، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى قصر الإليزيه فى باريس، حيث اتهم أردوغان أعضاء وسائل الإعلام بالإرهاب، ردًا على قلق ماكرون بشأن حملة القمع التى تشنها الحكومة التركية على الطلاب والمدرسين والصحفيين، قائلًا: «الإرهاب والإرهابيون لا يتشكل من تلقاء نفسه، بل هم أمامك فى البستانيين.. الإرهاب والإرهابيون فى البستانيين».
وترى الكاتبة التركية بولوت، أن تعريف أردوغان للإرهاب مهلهل ومهترئ، مثل بقية قوانين مكافحة الإرهاب فى تركيا، التى كثيرًا ما تستخدمها الحكومة وتسيء استخدامها لإلقاء القبض على المتظاهرين المسالمين وحبسهم، الممارسات التى انتقدتها «هيومن رايتس ووتش» (HRW) فى تقريرها الصادر عام ٢٠١٠، بعنوان: «الاحتجاج فى تركيا جريمة إرهابية».
مشيرة إلى أنه فى الوقت نفسه تغض السلطات التركية الطرف عن الأنشطة الإرهابية الفعلية، لا تفعل أنقرة أى شيء لمنع داعش من بيع النساء والأطفال الإيزيديين فى تركيا، كما تسمح لأعداد غير محددة من الأشخاص باستخدام أراضيها للعبور إلى سوريا والعراق؛ للانضمام إلى داعش أو الجماعات الجهادية الأخرى؛ وتمكن الإرهاب الجهادى من خلال تجارة النفط.
وتساءلت الكاتبة الصحفية فى نهاية التقرير كيف لتركيا- حليفة الناتو، والتى ترى نفسها مرشحة قوية لعضوية الاتحاد الأوروبى- أن ترحب ترحيبًا حارًا وتساعد الإرهابيين الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية ضد الإنسانية؟ فى الوقت الذى تلاحق فيه الأكاديميين والصحفيين- غير العنيفين- الذين تختلف آراؤهم عن تلك التى يروجها النظام.!!

شارك