الدكتور باهور لبيب القبطي الذى كتب " الفن الاسلامي في مصر "

الإثنين 07/مايو/2018 - 04:23 م
طباعة الدكتور باهور لبيب
 
في 7 مايو من كل عام تمر ذكري عالم المصريات والاثار الدكتور باهور لبيب  ((1905- 1994 )  الذى يعد ايضا  واحدا من اشهر علماء القبطيات في مصر والعالم ؛ ولقد ورث عشق القبطيات والأثار عموما عن والده العالم الكبير الاستاذ أقلاديوس لبيب ( 1868-1918 ) .وفي هذه المناسبة سجل الباحث الكبير ماجد كامل باسقفية الشباب سردا عن السيرة الذاتية لباهور جاء فيه  أما باهور نفسه فلقد ولد في يوم 19 سبتمبر 1905 في ضاحية عين شمس ؛ ولقد تشرب عشق اللغة القبطية منذ طفولته ؛فلقد كان من تقاليد الأسرة منع التحدث بغير اللغة القبطية داخل المنزل حتي يتدربوا جيدا علي إتقانها ؛درس في مدرسة الأقباط الكبري التي أنشأها البابا كيرلس الرابع ؛ ثم ألتحق بالمدرسة الخديوية في المرحلة الثانوية حتي حصل علي شهادة البكالوريا عام 1925 ؛وألتحق بعدها بكلية الحقوق ؛ وكان قد قد تم أفتتاح قسم جديد لدراسة الأثار حديثا ؛فقابل باهور لبيب الاستاذ الكبير لطفي السيد والملقب بأستاذ الجيل وأبدي له رغبته في دراسة الأثار بجانب دراسته للحقوق ؛فوافق أستاذ الجيل حيث أنه كان يرغب في تشجيع الدراسة بقسم الأثار . ولكن في يوم أمتحان الليسانس تصادف أن جاء موعد الأمتحانان في نفس الوقت ؛ فأضطر باهور لطلب تأجيل أمتحان الحقوق ؛وأمتحن أمتحان الأثار حتي حصل علي الليسانس عام 1930 . وكان من بين أساتذته الذين درسوه في هذه الفترة نذكر العالم الروسي جولنشيف (1856- 1947 ) أستاذ فقه اللغة المصرية القديمة ؛ هرمان يونكر ( 1877- 1962 ) وله حفائر هامة في منطقة الأهرامات بالجيزة اكتشف خلالها مقابر ترجع إلي عصر الدولة القديمة ؛والسير بيرسي نيوبري (1868- 1949 ) أستاذ التاريخ والآثار بالجامعة المصرية ..... الخ . ثم سافر في بعثة إلي ألمانيا خلال عامي 1930- 1931 لنيل درجة الدكتوراة ؛وكانت بعثة كبيرة مكونة من مجموعة كبيرة من العلماء قدر لها قيادة الجامعة المصرية في العديد من التخصصات فيما بعد ؛نذكر منهم في مجال الآثار :- عبد المنعم يوسف أبو بكر وأحمد محمد بدوي ؛ كذلك سافر في نفس البعثة الدكتور مراد كامل لدراسة اللغات السامية ؛ كما سافرإلي فرنسا يوسف مراد لدراسة الدكتوراة في علم النفس "وهو رائد دراسات علم النفس التكاملي في مصر " ؛ وعثمان أمين لدراسة الدكتوراة في الفلسفة من فرنسا أيضا ؛ "وهو رائد الفلسفة الجوانية في مصر" ... الخ . وفي ألمانيا تتلمذ باهور لبيب علي يد مجموعة كبيرة من أساطين علم المصريات مثل هرمان جرابو أكبر عالم للغة الهيروغليفية في العالم ؛ كذلك العالم الأللماني كورت زيتة رئيس قسم الآثار الفرعونية بمتحف برلين ؛ كذلك تتلمذ علي يد عميد الأثريين الألمان أدولف إيرمان ؛ وكان موضوع رسالة الدكتوراة هو "الملك أحمس الأول طارد الهكسوس من أرض مصر ومؤسس الأسرة الثامنة عشر" وبالفعل تمكن من إنجاز رسالة الدكتوراة في ظرف أربعة سنوات ؛وكانت بتاريخ 29 نوفمبر 1934 ؛ وكان بذلك أول مصري يحصل علي درجة الدكتوراة في الآثار المصرية . ثم عاد إلي مصر وعمل أستاذا للغة القبطية وعلاقتها بالمصرية القديمة ؛ ثم قام بتدريس اللهجات القبطية المختلفة . ولكنه تعرض للظلم والغبن ففصل من الجامعة نتيجة مواجهة مع شخصية ذات نفوذ ؛ وخلال زيارة الملك فاروق للمتحف المصري في أبريل1945 ؛وكان باهور لبيب بين صفوف التشريفة التي قامت بإستقباله ؛ فعرض عليه الظلم الذي تعرض له ؛فـأصدر الملك أمرا بإرجاع باهور لبيب للعمل كأمين في المتحف المصري ؛ثم مديرا للمتاحف الأقليمية . ولكن النقلة الكبري في حياته جاءت بقرار تعيينه مديرا للمتحف القبطي خلال الفترة من( 1951- 1965 ) وهو بذلك يعتبر ثالث مدير له بعد مرقس باشا سميكة (1864- 1944 ) ؛ الدكتور توجو مينا ( 1906- 1948 ) ولقد زار المتحف خلال مدة رئاسته العديد من رؤساء الدول والشخصيات الرسمية نذكر منهم الأمبراطور هيلاسلاسي أمبراطور أثيوبيا السابق في يوم 28 يونية 1958 ؛ وزارته ولية عهد الدانمارك في نوفمبر 1962 ؛ ورئيس غانا الراحل نكروما . كما تقلد العديد من المناصب الأخري الهامة مثل "عضو بالمجلس القومي للثقافة ؛ومقرر لجنة الآثار بالمجالس القومية المتخصصة – عضو بالمجمع العلمي المصري منذ عام 1960- عضو بمعهد اللآثار الألماني ببرلين – عضو الجمعية الجغرافية الأمريكية – عضو لجنة المتاحف باليونسكو ..... الخ " . كما حصل علي العديد من النياشين والأوسمة ؛نذكر منها ميدالية ذهبية من الإمبراطور هيلاسلاسي ؛كما حصل علي وسام العالم من الدانمارك ؛ووسام الإستحقاق من درجة الصليب الكبير من ألمانيا الغربية ؛ كما حصل أيضا علي مفتاح مدينة ميونيخ ؛وشهادت تقدير متنوعة من ألمانيا وإيطاليا وتشيكوسلوفاكيا ..... الخ . كما نشرت له العديد من الكتب والأبحاث والمقالات في مجال المصريات والقبطيات والإسلاميات باللغات العربية والألمانية والفرنسية ؛نذكر منها كتيب صغير عن الفن القبطي في سلسلة كتابك التي تصدر عن دار المعارف عام 1978 (الكتاب رقم 118 ) ؛ الفن الإسلامي في مصر (باللغة الإنجليزية وصدر عام 1960) . كما كتب مقدمة العديد من الكتب نذكر منها كتاب "التربية في العصر القبطي " للدكتور سليمان نسيم ؛موسوعة تاريخ الأقباط " للأستاذ زكي شنودة الجزء الثالث وصدر عام 1966 ؛ وأخيرا كتاب "التصوير في التراث المصري القديم "للدكتور مهندس محمد حماد . كما قام بنشر وتحقيق مكتبة نجع حمادي ؛وهي عبارة عن مجموعة برديات أكتشفت في صعيد مصر وتحديدا في نجع حمادي عام 1945 ؛ بينما كان أحد الفلاحين يبحث عن السماد بمنطقة جبل الطريفي ؛فعثر علي قنية من الفخار ؛ فظن في البداية انه بداخلها كنز كبير ؛ فقام بكسرها فوجد بداخلها مجموعة من أوراق البردي ؛وأخذت تنتقل من يد إلي يد حتي وصلت إلي تاجر آثار بلجيكي يدعي " ألبرت أيد " فقام بشرائها وبيعها لأحد المعاهد السويسرية ؛ وعندما كان الدكتور توجو مينا مديرا للمتحف القبطي ؛ قام بإقناع المسئولين بضرورة شراء هذه المخطوطات التي خرجت من مصر ؛ ولكن نتيجة وفاة الدكتور توجو مينا المفاجئة في عام 1949 ؛ تعثرت الإجراءات قليلا ؛ إلي أن جاء عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ؛وكان وقتها وزيرا للمعارف ؛ فأهتم بهذا الاكتشاف كثيرا ؛فكون لجنة لإصدار قانون خاص لحماية الآثار ؛نتج عنه احتفاظ الحكومة المصرية بهذه المخطوطات ؛ فأنتقلت ملكيتها للمتحف القبطي عام 1952 ؛وكان الدكتور باهور لبيب وقتها يعمل مديرا للمتحف ؛ فقام بنشر صور لمخطوطات هذه المكتبة عام 1956 ؛ثم تأسست لجنة تحت رئاسة اليونسكو لفحص ودراسة هذه المخطوطات من مجموعة من كبار علماء القبطيات في العالم ؛ نذكر منهم مارتن كراوس ؛ بويك ؛جويسبل ؛روبنسون .... الخ . حتي خرجت ترجمتها الكاملة إلي اللغات الحية المختلفة عام 1976 خلال مؤتمر القبطيات الأول والذي عقد في مدينة القاهرة خلال فترة وزارة الدكتور جمال العطيفي للثقافة ؛ وكان رئيس هيئة الآثار وقتها الدكتور جمال الدين مختار . وفيه تأسست الجمعية الدولية للدراسات القبطية International Association for Coptic Studies ويعرف اختصارا بـــ ( IACS ) . واختير الدكتور باهور لبيب رئسا فخريا Honorary President لها .
ومن الأعمال الأخري التي قام بها الدكتور باهور لبيب أنه كان عضوا في لجنة تقصي الحقائق حول الحفريات الإسرائيلية التي قام بها الأسرائيليون في منطقة دير سانت كاترين عقب عدوان 1956 ؛ وكانت اللجنة مكونة من الدكتور باهور مندوبا عن مصلحة الآثار ؛الأستاذ فؤاد السيد مندوبا عن دار الكتب (وهو بالمناسبة والد الدكتور أيمن فؤاد سيد عالم المخطوطات الإسلامية ) والمهندس نجيب سلامة والمصور بولس فرج من موظفي المتحف القبطي . وتوجهت البعثة إلي دير سانت كاترين بتاريخ 17 يونيو 1957 . وأثبتت أن الأثريين الإسرائيلين قد قاموا بعمل حفائر خارج أسوار الدير . كما شارك في القيام بحفائر في منطقة أبو مينا الأثرية بصحراء مريوط في عام 1951 . كما كان رئيس لجنة التنقيب عن آثار كنيسة السيدة العذراء بأتريب بمدينة بنها محافظة القليلوبية وكان ذلك عام 1969 . كما كان عضو اللجنة البابوية التي شكلها قداسة البابا شنودة الثالث -– لتقصي الحقائق حول صحة نبأ إكتشاف رفات يوحنا المعمدان ( المعروف في القرآن بأسم سيدنا يحيي ) بدير القديس أبو مقار بوادي النطرون ؛وكان ذلك خلال عام 1978 . وأخيرا وبعد رحلة حافلة بالعطاء والإنجاز رحل العالم الكبير الدكتور باهور لبيب عن عالمنا يوم 7 مايو 1994 عن عمر يناهز 89 عاما تقريبا ؛ودفن في مقابر الأسرة في الجبل الأحمر . ولقد أهتم بتسجيل سيرة حياته نجله الدكتور أحمس لبيب باهور لبيب في كتاب رائع مدعم بعشرات الصور والوثائق فضلا عن الذكريات الشخصية التي سردها المؤلف عن والده ( ولقد استفدنا منه كثيرا في كتابة هذا المقال )؛رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما خدم العلم والتراث المصري من خدمة كبري .

شارك