الانتخابات البلدية التونسية بين المقاطعة والموائمة السياسية

الإثنين 07/مايو/2018 - 07:36 م
طباعة الانتخابات البلدية
 
ربما تكون لغة الأرقام هي الاصدق دائما واستنادا الى الأرقام التي أعلنها رئيس الهيئة المستقلة التونسية للانتخابات، محمد التليلي المنصري، أن نسبة التصويت في الانتخابات البلدية، التي جرت يوم الأحد 6 مايو 2018، في تونس بلغت 33 في المائة.
يؤكد على مقاطعة التونسيين للعملية الانتخابية نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية التي لم تتحسن بعد الثورة، بجانب فقدان الثقة في اللاعبين الأساسيين في العملية الانتخابية "النهضة والنداء"، وقال المنصري في مؤتمر صحفي أن "نسبة التصويت بلغت عند إغلاق مكاتب الاقتراع في كامل البلديات بلغت 33 في المائة"، مشيرا إلى أن " 1.7 مليون ناخب صوتوا في هذه الانتخابات من مجموع 5 ملايين ناخب مسجلين في اللائحة الوطنية".
وكانت نسبة التصويت قد تطورت من 5 في المائة عند العاشرة صباحا إلى 13 في المائة عند منتصف النهار، قبل أن تبلغ 21 في كامل أنحاء الجمهورية حتى عصر أمس.
الانتخابات البلدية
وشهدت هذه الانتخابات عزوفا انتخابيا لافتا مقارنة بنسبة التصويت في الانتخابات الثلاث البرلمانية التي جرت عامي 2011 و2014 ، والانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية عام 2014.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات البلدية التونسية تقدما لافتا لحركة النهضة على منافسها الأول حزب نداء تونس، وأعطت عمليات الفرز الأولية نسبة 27.5 في المائة لصالح حركة النهضة مقابل 22.5في المائة لصالح نداء تونس، و14 في المائة لباقي الأحزاب السياسية و8 في المائة للقوائم الائتلافية، وتوزعت النسبة الباقية على القوائم المستقلة.
وتنافست في هذه الانتخابات 2173 قائمة انتخابية تتنافس على استقطاب الناخبين الذين بلغ إجمالي عددهم كمسجلين في لائحة الوطنية 5.3 مليون ناخب تونسي، وتنافست هذه القوائم على مقاعد المجالس البلدية في 350 بلدية، تمثل أحزاب نداء تونس وحركة النهضة والجبهة الشعبية اليساري ومشروع تونس وحزب التيار الديمقراطي وحراك تونس الإرادة. وسيعلن عن نتائجها في التاسع من مايو الجاري ، على أن يتم الإعلان عن النتائج النهائية في بداية شهر يونيو المقبل.
وتقول الأرقام ان ما يقرب من ثلث الناخبين المسجلين هم من شاركوا في الانتخابات البلدية في تونس، رغم أنها الأولى منذ ثورة 2011، ما يمثل نسبة عزوف قياسية بدت فارقة في مسار الديمقراطية الناشئة ورسالة رفض وجهها الشباب إلى السياسيين.
وعنونت صحيفة "الشروق" اليومية الإثنين خبرها الرئيسي ب"صدمة المقاطعة"، مبينة أن الناخبين كانوا مستائين من الانتخابات بالرغم من أهميتها في المسار الديمقراطي للبلد الوحيد الذي نجا من تداعيات الربيع العربي.
وقالت صحيفة "لابراس" الناطقة بالفرنسية في مقال إن "نسبة المشاركة يوم 6 مايو ستبقى من دون شك نقطة سوداء، ولكن لن تعرقل مسار الديمقراطية".
وفي تقدير المحللة السياسية نسرين جلالية، فإن نسبة المشاركة الضعيفة هي بمثابة "عزوف عقابي ورسالة واضحة لتنبيه الطبقة السياسية".
وبعد سبع سنوات من الثورة، لا يزال التونسيون يواجهون مشاكل اقتصادية وملفات فساد وارتفاعا للأسعار أثرت على حياتهم اليومية.
وتقول جلالية "ليس فشلا للديمقراطية، الانتخابات كانت صحيحة وشفافة ودون خروقات كبيرة".
وقال رئيس هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري "المهم أننا أجرينا الانتخابات، هي لحظة تاريخية لتونس". وفي ما يتعلق بالعزوف، قال "سننجز الافضل في المرة القادمة".
وأثرت المصادقة المتأخرة على القانون الجديد للمجالس المحلية على الانتخابات، خصوصا ان البرلمان أقره مع انطلاق الحملات الحزبية.
وقدّر عدد من مسؤولي الاحزاب السياسية ان الاقتراع كان عقابا للحزبين الرئيسين المتحالفين في البلاد.
وقال رئيس حزب "الجبهة الشعبية" (تكتل أحزاب يسارية) حمة الهمامي "هذا العزوف يمثل نوعا من العقاب للائتلاف الحاكم النداء والنهضة الذي صعد الى الحكم وقدم وعودا ولم ينجز أي وعد خصوصا بالنسبة للشباب".
وبالنسبة لرئيس الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، "التونسيون غاضبون من كل السياسيين".
وعرفت تونس تداول تسع حكومات على السلطة خلال سبع سنوات، ولم تتمكن من إيجاد حلول للبطالة المقدرة في حدود 15 في المئة والتضخم الذي بلغ 7,7 في المئة.
وكان لكل هذه الصعوبات بالإضافة الى التسويات الحزبية، تأثير على الناخبين.
وأكد "حزب النهضة" أن نتائج الانتخابات تدعم استراتيجية التوافق مع حزب "نداء تونس" التي تم انتهاجها في تونس منذ انتخابات 2014.
وأكد الناطق الرسمي باسم حزب "النهضة" عماد الخميري الأحد أن "انتصار النهضة والنداء، بقطع النظر عن النتائج"، "سيظل قائما".
وقد تصدرت قائمة حركة "النهضة" في بلدية العاصمة بقيادة سعاد عبد الرحيم، اليوم الاثنين، نتائج الانتخابات البلدية بـ 33.8 بالمائة، لتصبح بذلك اول تونسية ترأس بلدية العاصمة، وفق استطلاع نشره التلفزيون الحكومي التونسي.
وفي مقابلة صحفية، الأسبوع الماضي، اعتبرت سعاد عبد الرحيم، مرشحة حركة "النهضة" لرئاسة بلدية العاصمة التونسية، أن فوزها بالانتخابات المحلية، سيحمل صورة المرأة ببلادها للعالم بأسره، مشددة على أنه لا بديل عن التوافق في تسيير البلديات عقب الاقتراع.
وعلى المستوى الوطني العام، تصدّرت حركة "النهضة" نتائج الانتخابات البلدية وبحسب نتائج الاستطلاع، التي بثها التلفزيون الرسمي، فقد حلت حركة "نداء تونس" في المرتبة الثانية بنسبة 22.5% من الأصوات.


شارك