هادي العامري.. رجل إيران الطامع في حكم العراق

السبت 19/مايو/2018 - 05:16 م
طباعة هادي العامري.. رجل
 

حكم العراق

هادي العامري؛ الذي يتولى في الوقت الحالي قيادة منظمة بدر، وأيضًا قيادة كتائب الحشد الشعبي العراقية، سبق وأن وصف نفسه بأنه «زمن العراق»، وهو الآن ينتظر هدية إيرانية تضعه على عرش رئاسة وزراء العراق.
وبالرغم من النتائج الأولية للانتخابات العراقية -التي حل فيها «ائتلاف الفتح»، الذي يتزعمه «العامري»، ثانيًا، بعد «ائتلاف سائرون»، الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر- فإنها جاءت بمثابة ضربة موجعة لمخططات إيران، التي كانت تُمني النفس بحصول «ائتلاف الفتح» على نصيب الأسد من المقاعد البرلمانية، وهو الأمر الذي يُمكن «العامري» من اقتناص منصب رئاسة الوزراء العراقية؛ إلا أنها لم تفقد الأمل، وسارع الجنرال الإيراني «قسام سليماني»، قائد «فيلق القدس» بعقد اجتماع مع القوى الشيعية العراقية الموالية لـ«طهران»؛ من أجل بحث أمر الوصول إلى مخرج يُمكّن قائد منظمة بدر، وكتائب الحشد الشعبي، من الظفر برئاسة حكومة بغداد.

ابن ولاية الفقيه

يُعد «هادي العامري»، الملقب بـ«أبو حسن العامري»، ابن نظام «ولاية الفقيه الخمينية»، وتأثر بحزب الدعوة الإسلامي في العراق، كما تمرد على نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهرب في ثمانينيات القرن الماضي من السلطات الأمنية العراقية إلى إيران.
ولد «العامري»، في العام 1954 بمحافظة ديالي، شرق العاصمة بغداد، وحصل على بكالوريوس في الإحصاء من جامعة بغداد عام 1976، وأثناء لجوئه إلى طهران؛ هربًا من السلطات الأمنية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، شارك في تأسيس «فيلق بدر» (الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، الذي شنّ عمليات عسكرية ضد الدولة العراقية إبان فترة حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين).
وأسند إلى «العامري»، مسؤولية شؤون الأمن والاستخبارات في «فيلق بدر»، ثم التحق بدورة «دافوس» العليا في كلية القيادة والأركان بجامعة الإمام الحسين التابعة لقوات الحرس الإيرانية، وتدرج في الرتب حتى وصل إلى رتبة تعادل «عميد» في «فيلق القدس»، التابع للحرس الثوري الإيراني.
وخلال دراسته في كلية القيادة والأركان بجامعة الإمام الحسين في إيران، وطد «العامري» علاقاته بالقيادات العليا في «فيلق القدس»، مثل: قاسم سليماني (قائد الفيلق)، و«إسماعيل قاآني» (نائب قائد الفيلق)، وكذلك رئيس استخبارات الفيلق، ورئيس مديرية العمليات في الفيلق، و«ايرج مسجدي» - عميد الحرس الثوري -، وقائد الحرس الثوري الحالي محمد جعفري، وبقية قادة قوات الحرس الثوري، الذين كان يجتمع معهم، ويتلقى أوامره بشكل مباشر من «سليماني»، و«مسجدي»، و«جعفري».
وبحسب المعارضة الإيرانية؛ فإن «العامري»، يتقاضى راتبه من النظام الإيراني، ورقم حسابه المصرفي هو «3014» وبرمز «38.29.597»، ويبلغ ما يتقاضاه في الشهر مليونين وستمائة ألف و783 ريالًا إيرانيًّا، وهو المبلغ الذي يُعادل راتب عميد في قوات الحرس الثوري.

جلاد بدر

عُرف «العامري»، أثناء قيادته العمليات التي شنّها «فيلق بدر» ضد الجيش العراقي، خلال الحرب «العراقية – الإيرانية»، بـ«جلاد بدر»؛ فقد اشتهر بقسوته البالغة ووحشيته وابتكاره أساليبَ فريدة في التعذيب، ومن ذلك ما قام به إبان توليه التحقيق مع الأسرى من جنود وضباط الجيش العراق، خاصة في مجزرة «البسيتين»، التي مارس فيها شتى أساليب التنكيل والعذاب ضد الأسرى، وهناك مقطع فيديو شهير يصف فيه الجيش العراقي بـ«المنافقين والأعداء».
كما أشرف على بعض المعتقلات وأماكن الحجز العلنية والسرية، التي يؤخذ إليها مقاومو الاحتلال الأمريكي؛ ليعذبوا أو يُقتلوا، وكان يشارك في عمليات التحقيق والتعذيب عناصر إيرانية.

فرق الموت

وعقب سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، جراء الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003، عاد «العامري» إلى الأراضي العراقية مرة أخرى، وأصبح زعيمًا لـ«فيلق بدر» المنشق عن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، ونجح في اختراق وزارة الداخلية العراقية، وأسس في العام 2005 الجهاز المركزي، الذي انحصرت مهمته في التخلص من معارضي الهيمنة الإيرانية على العراق.
لعب «العامري»، دورًا كبيرًا في انتشار أعمال العنف بالعراق، واتُّهم بقيادة «فرق الموت» التي كانت تخطف وتقتل على الهوية، كما نفذ «فيلق بدر» تحت قيادته مجازر وحشية ضد العراقيين السُّنة في مدن: سامراء، وديالي، والحويجة، والقائم، والفلوجة، وغيرها.
واتهمت منظمات حقوق الإنسان الدولية «فيلق بدر»؛ بارتكاب انتهاكات ممنهجة ضد السُّنة العراقيين، ومنها خطف مئات الأشخاص وإعدامهم جماعيًّا، إضافة إلى التهجير القسري للسكان المحليين من منازلهم، ثم نهبها وحرقها، وفي بعض الحالات تسوية قرى كاملة بالأرض.

خدمة إيران

تولى «العامري»، في الفترة ما بين عامي «2010 و2014»، منصب وزير النقل، في الولاية الثانية لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ويُعد توليه هذا المنصب مكافأة على جهوده الخالصة في خدمة النظام الإيراني.

وشاب فترة عمله بوزارة النقل الكثير من المشكلات المتعلقة بتعيين مقربين منه، وتحكّم أفراد من أسرته في أمور الخطوط الجوية العراقية، ومن أبرز حوادث تلك الفترة منع طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية من الهبوط في مطار بغداد الدولي عام 2014؛ بسبب رفضها نقل «نجل العامري»، الذي كان موجودًا في العاصمة بيروت.

الحشد الشعبي

مع بداية ظهور تنظيم «داعش» في العراق، وإعلان المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، فتوى «الجهاد الكفائي»، ارتدى «العامري» ثوب البطل، والمحرر للعراق، من يد عناصر التنظيم الإرهابي.

وعقب سقوط مدينة الموصل، في يد عناصر «داعش»، توجه «العامري» مع مقاتليه في «فيلق بدر» إلى محافظة «ديالي» -مسقط رأسه- وأقاموا خط جبهة لوقف زحف التنظيم الإرهابي نحو بغداد، وحقق نجاحات ملحوظة في المعارك، فكافأه رئيس الوزراء العراقي حينها نوري المالكي، بوضع كل قوات الأمن والجيش الحكومي في «ديالي» تحت إمرته.
وطمعًا في تولي منصب وزير الدفاع في حكومة رئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي، أو على الأقل الحصول على حقيبة الداخلية، خاصة عقب فوز الكتلة الإنتخابية لـ«فيلق بدر» بـ22 مقعدًا، ضمن ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، قاد «العامري»، معركة فك الحصار عن قرية «أمرلي» الشيعية بالعراق، ولكن جهوده لم تثمر عن شيء، وبقي في قيادة الحشد الشعبي.

الولاء للمرشد

يُعد «العامري»، من أكثر القادة العراقيين ولاءً للمرشد الإيراني علي خامئني، واعتاد أن ينشر صوره وهو يُقبل يد «خامنئي»، كما أنه دائم التمسك بالطقوس والتقاليد الإيرانية، وهو يرفض ارتداء «رابطة العنق»، متقلدًا في هذا بالإيرانيين، كما أنه متزوج من مواطنة إيرانية، وتؤكد تقارير للمعارضة الإيرانية أنه حاصل على الجنسية الإيرانية.
وكما أشرنا من قبل؛ فإن علاقة وطيدة تجمع «العامري»، بقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، وظهر الرجلين أكثر من مرة جنبًا إلى جنب، خاصة خلال المعارك ضد مسلحي «داعش».
ويصف «العامري»، صديقه «سليماني»، بـ«المقاتل الجيد»، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يستطيع الثاني الصعود بالأول إلى عرش رئاسة وزراء العراق؟

شارك