عبدالودود شلبي.. عالم أزهري حمل عبء المستضعفين في العالم

الإثنين 21/مايو/2018 - 04:50 م
طباعة عبدالودود شلبي..
 

كان نموذجًا للعالم المسلم الأزهري الوسطي، فحمل على عاتقه عبء وآلام المستضعفين في العالم الإسلامي، ومن قريته «ميت عفيف» الواقعة على ضفاف النيل بمركز الباجور في محافظة المنوفية، سخَّر عبدالودود شلبي، الأمين العام الأسبق للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، حياته للدفاع عن أوضاع الأقليات المسلمة، من خلال كتاباته ومقالاته.

حاول «شلبي» تنبيه العالم الإسلامي لمعاناة الأقليات الإسلامية من ضعف المستوى الثقافي، والتربية الدينية، خاصةً في «كوسوفا، ومقدونيا، وقبرص، والهند، وأفريقيا، وبورما، وكشمير، والصين».

كما دافع عن الإسلام في مواجهة الحملات الغربية التي هاجمت الدين، فيقول في هذا الصدد: «الإسلام مستقبله في ذاته؛ لأنه رسالة الله الأخيرة، وكلمته الوحيدة الباقية، وبعد سقوط كل النظريات والأيديولوجيات في العالم، وهم الذين يقولون ذلك بألسنتهم في الغرب، ومن ثم يُحاربون الإسلام بلا هوادة».

لم يكتفِ «شلبي» بالدفاع عن الإسلام خارجيًّا، بل حاول تجميع الصف الإسلامي داخليًّا، ليس على مستوى الفصائل والتيارات فحسب، بل على مستوى المذهبين الشيعي والسُّني؛ إذ عمل على التقريب بينهما، من خلال كتاباته والمؤتمرات التي حضرها، ونادى فيها بالتقريب بين المذهبين في مواجهة الهجمات الغربية.

وعن ضرورة التعاون بين السُّنَّة والشيعة، قال: «تياران عظيمان يُشكلان أغلبية المسلمين على الكرة الأرضية، وهما تيار السُّنَّة وتيار الشيعة، جميع القوى في عالم اليوم اتحدت، وجميع المذاهب اتحدت في تجمعات سياسية واقتصادية، وأحلاف عسكرية أمام تيارات الغزو والعدوان، وبقي المسلمون -للأسف- رهن الحزازات النفسية والشخصية والتاريخية، والأصل أن جميع الأئمة اتفقوا على أنّ الفرق بين المسلم وغير المسلم هو النطق بالشهادتين».

فخ الإخوان
حاولت التيارات الإسلامية استقطابه؛ لاستغلال تفتحه الفكري، ومكانته كأحد علماء الأزهر، فانضم إلى جماعة «الإخوان»، بعد أن تعرف على يوسف القرضاوي -رئيس ما يُسمى بـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» حاليًّا- فبايع «شلبي» حسن البنا (مؤسس جماعة الإخوان عام 1928)، ودخل معهم السجن عام 1948، إلا أنه بعد خروجه من محبسه، تعرَّف على الشيخ عبدالحليم محمود، الذي أدرك على يديه أن هذه الجماعات تُحاول استخدامه، فتخلى عن أفكارها.

وطالب «شلبي» بإصلاح الأزهر الذي يرى فيه صمام الأمان في التصدي لصيحات الإلحاد والتطرف، والدرع الأخيرة أمام الإرهاب المسلَّح، وجاء ذلك من معرفته بخطورة الدور الذي يقع على عاتق الأزهر الشريف باعتباره أحد أبرز علمائه؛ فحاول إصلاحه من خلال المواقع القيادية التي تولاها، سواء أثناء إدارته مكتب الإمام الأكبر عبدالحليم محمود، أو كأمين عام مساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أو في فترة رئاسته لتحرير مجلة الأزهر.

كما ترك للمكتبة العربية والإسلامية تراثًا ثريًّا، استفاد منه علماء الاعتدال والوسطية، أبرزه: «الوحدة الإسلامية في ضوء الخطبة الشامية، وقضايا إسلامية معاصرة.. هل انتشر الإسلام بالسيف؟، والإسلام وخرافة السيف، والأزهر.. الحاضر الغائب، وكلنا إخوة شيعة وسُنّة، وجنرالات تركيا لماذا يكرهون الإسلام؟ وما لا يعرفه المسلمون عن المسلمين في العالم، ولماذا يخافون الإسلام؟ والحوار بين الأديان: أسراره وخفاياه».

ونتيجة هذه الجهود الكريمة حصل «شلبي» على عدد كبير من التكريمات داخل مصر وخارجها، أشهرها تكريم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك؛ حيث منحه وسام الامتياز من الدرجة الأولى عام 1991، وتكريم مشيخة الطريقة العزمية عام 1995.

يُشار إلى أن عبدالودود إبراهيم شلبي (المولود 18 أبريل 1925)، نال الشهادة العالمية (الدكتوراه حاليًّا)، من كلية أصول الدين جامعة الأزهر عام 1952، إضافة إلى الدكتوراه في كلية الدراسات الشرقية بجامعة «بنجاب» بباكستان عام 1976، وقام بتوثيقها من جامعة كامبريدج بلندن في العام نفسه.

وعمل «شلبي» محاضرًا في العديد من الدول الإسلامية، مثل «باكستان، وقطر، والإمارات، والكويت، وماليزيا، وإندونيسيا، وبريطانيا، وأستراليا»؛ نظرًا لإجادته اللغة الإنجليزية بجانب العربية.

وأُحيل إلى التقاعد من العمل بالأزهر عام 1990، وتفرغ بعدها للكتابة، إلى أن وافته المنية في 21 مايو 2008، ودُفن بمسقط رأسه بقرية «ميت عفيف».

شارك