«داعش» تونس.. قصة «الدم» في المدينة الخضراء

الثلاثاء 29/مايو/2018 - 11:08 ص
طباعة «داعش» تونس.. قصة شيماء حفظي
 

ألقت فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بمدينة سوسة (وسط شرقي تونس) في 27 مايو 2018، القبض على 13 عنصرًا في خلية تابعة لتنظيم «داعش»، كما تمكنت من تفكيك الخلية التي تسعى لتسفير المقاتلين إلى بؤر التوتر في سوريا.



وأذنت النيابة العامة التونسية بالاحتفاظ بالمتهمين، واتهامهم في الاشتباه بالانضمام إلى تنظيم إرهابي، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، كما أدرجت 3 عناصر بحال فرار، ضمن قائمات المُفَتَّش عنهم من قبل الأمن.



ماذا تنتظر تونس من الإرهابيين؟

يُشكل العائدون من مناطق النزاع، أكبر مخاوف الحكومة التونسية، سواء من خلال تنفيذ عمليات إرهابية في تونس، أو إعادة تصدير المقاتلين مرة أخرى إلى مناطق نزاع جديدة قد يختلقها التنظيم.



ووفقًا لما نقلته صحيفة «الشرق الأوسط»، فإن تونس بها «خلايا إرهابية نائمة» يعمل عناصرها على التواصل مع إرهابيين تونسيين، التحقوا قبل سنوات ببؤر التوتر في سوريا وليبيا، وغالبًا ما تعرف الساحة التونسية أنشطة إرهابية على صلة بتلك العناصر، التي تدرب الشباب التونسي على استعمال الأسلحة وصناعة المتفجرات، وأولئك الشباب تُعيدهم الخلايا المتصلة بالتنظيم إلى تونس لتنفيذ أعمال إرهابية، على غرار الهجومين المسلحين اللذين وقعا فى 2015؛ على متحف باردو (العاصمة التونسية).



الهجومان نفذهما الإرهابيان، جابر الخشناوي، وياسين العبيدي؛ وأيضًا على الفندق السياحي في مدينة سوسة (وسط شرقي تونس)، ونفذه الإرهابي سيف الدين الرزقي، وهؤلاء الثلاثة تلقوا تدريبات في ليبيا، وكانوا على اتصال مع خلايا إرهابية نائمة في تونس.



وبحسب الصحيفة، تؤكد إحصائيات حكومية رسمية أن عدد الإرهابيين التونسيين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية خارج تونس، لا يقل عن 2929 إرهابيًّا، توجد نسبة 70 في المائة منهم فوق الأراضي السورية، وتؤكد المصادر ذاتها عودة نحو 800 إرهابي إلى تونس.



أبرز الخلايا الإرهابية في تونس

«تنظيم جند الخلافة»، ارتبط اسم «جند الخلافة» بعمليات «بشعة» في تونس، فتلك الجماعة ظهرت لأول مرة عام 2014 في الجزائر، بعدما انشقت عن تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، وبايعت تنظيم «داعش» وزعيمه أبوبكر البغدادي، واتخذت من الجبال الحدودية بين الجزائر وتونس مجالًا لنشاطها.



ووفقًا لما نقلته «فرانس 24»، بدأت الجماعة تنفيذ عملياتها في تونس، عام 2015 عندما تبنت عملية ذبح أحد أعوان الأمن بمحافظة زغوان خلال عودته إلى منزله، ونجحت هذه المجموعة في السنوات الأخيرة في استقطاب عدد من العناصر الجهادية من تونس والجزائر، معتمدة على تهريب الأسلحة من ليبيا.



وفي 27 فبراير 2018، حذرت وزارة الخارجية الأمريكية، من أنها ستتخذ إجراءات عقابية ضد المجموعات التابعة لتنظيم «داعش»، المتمركزة خارج سوريا والعراق وكل من يتعامل معها، ومنها ما يُسمى بـ«كتيبة جند الخلافة» الإرهابية المتحصنة بجبال الوسط الغربي بتونس.



وصنفت الولايات المتحدة كتيبة «جند الخلافة»، ضمن قائمة المجموعات الإرهابية المبايعة لتنظيم «داعش»، وذلك إلى جانب مجموعات «داعش مصر» و«داعش الفلبين» وتنظيم «موت» بالفلبين و«داعش بنجلاديش» و«داعش الصومال» و«داعش غرب أفريقيا».



ومن بين 3 عمليات إرهابية نفذها التنظيم في 2015، فإن الحكومة التونسية تعتبر كتيبة عقبة بن نافع -التي كانت تتبنى فكر تنظيم «القاعدة»، لكنها بايعت تنظيم «داعش»- مسؤولة عن الهجوم الإرهابي الدامي الذي استهدف متحف باردو في 18 مارس من العام نفسه، وأسفر عن مقتل 22 شخصًا.



كما تُعد كتيبة «عقبة بن نافع»، من أبرز الجماعات التابعة للتنظيم في تونس، وهي مجموعة جهادية مسلحة تتحصن منذ نهاية 2012 بجبل الشعانبي من ولاية القصرين (وسط غرب) على الحدود بين تونس والجزائر، وبحسب السلطات التونسية، هذه المجموعة التي اختارت لنفسها اسم القائد العسكري المسلم الذي فتح تونس، مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي، وخططت لإقامة أول إمارة إسلامية في شمال أفريقيا في هذا البلد



وفي سبتمبر 2014، أعلنت كتيبة عقبة بن نافع، مبايعة تنظيم «داعش» ودعته إلى التحرك خارج سوريا والعراق، وقالت في بيان لها: «الأخوة المجاهدون في كتيبة عقبة بن نافع يدعمون بقوة تنظيم «داعش»، ويدعونه إلى التقدم وتجاوز الحدود وتحطيم عروش الطغاة في كل مكان».



تونس.. الأكبر في تصدير الإرهابيين

قَدَّر خبراء في الأمم المتحدة، في يوليو 2015، عدد التونسيين الذين التحقوا بتنظيمات جهادية، خصوصًا في ليبيا وسوريا والعراق، بأكثر من 5500 شاب، داعين تونس إلى منع التحاق مزيد من مواطنيها بهذه التنظيمات.



وقالت إلزبييتا كارسكا التي ترأس فريق عمل أمميًّا حول استخدام المرتزقة في بيان: إن عدد المقاتلين الأجانب التونسيين هو من بين الأعلى ضمن من يسافرون للالتحاق بمناطق نزاع في الخارج مثل سوريا والعراق، فيوجد 4000 تونسي في سوريا، وما بين 1000 و1500 في ليبيا، و200 في العراق، و60 في مالي و50 في اليمن، وأن الـ625 العائدين من العراق إلى تونس هم موضع ملاحقات عدلية، وفق بيان للفريق.



وبحسب فريق العمل الأممي، فإن أغلب التونسيين الذين يسافرون للانضمام إلى مجموعات متطرفة في الخارج، شبان تراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، وأضاف بيان فريق العمل: «بعض هؤلاء الشبان ينحدرون من أوساط اجتماعية واقتصادية فقيرة، ولكن أيضًا من الطبقة المتوسطة وطبقات عليا من المجتمع».



ومع عودة المتطرفين المهزومين إلى الوطن، فإن دراسة عام 2016 للمكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية، نقلتها جريدة «التايم» تقول إن تونس تتصدر قائمة الدول المصدرة للإرهاب والمتطرفين في «داعش».



وتقول الصحيفة في تقرير في أبريل 2017 تحت عنوان «أفضل 5 دول تحصل فيها داعش على منتسبيها الأجانب» إنه «لسوء الحظ لا يشترك الجميع في الحماس الذي اكتسبته تونس حديثًا من أجل الديمقراطية، غادر حوالي 6000 تونسي موطنهم للانضمام إلى صفوف داعش، وهو أعلى معدل للفرد في العالم، وإن مؤيدي داعش الذين بقوا في الخارج قلقون تمامًا».



وعن أسباب ذلك، تقول تقارير صحفية، إن السلفيين المتشددين، الذين كانوا تحت سيطرة نظام «بن علي» لفترة طويلة، قد فروا في السابق إلى دول مثل أفغانستان، والعراق، وليبيا.



وتقول دراسة بعنوان ISIS Eyes Tunisia’s Cultural Heritage as Militants Return نشرها «معهد الشرق الأوسط» مقره لندن، وهو متخصص في دراسة الشرق الأوسط، إنه في بلدان مثل أفغانستان وليبيا والعراق، أصبح السلفيون التونسيون متطرّفين، ثم عادوا إلى الظهور بعد سقوط النظام ليغتنموا الفرصة لممارسة تطرفهم من دون سيطرة الحكومة والقمع.

 

شارك